رد سوري متوقع على الورقة العربية اليوم
قدمت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالملف السوري ورقة عمل إلى دمشق تسلمها وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم عقب اجتماع للجنة في العاصمة القطرية الدوحة أمس، على أن ترد عليها سوريا اليوم الاثنين.
ما تردد عن اجتماع الأمس لايقدم الكثير من المعطيات الجديدة، فأمام المرونة التي تبديها سوريا في التعاطي مع الموقف العربي الذي يتضمن الكثير من محاولات التعمية على الجهات التي تقف وراء المشهد السوري، خاصة فيما ترتكبه مجموعات مسلحة من أعمال إرهابية ترتبط بمخطط يتنوع القائمين عليه في مرجعياتهم لأكثر من عاصمة إقليمية وغربية، وتمتد بعض خيوطه إلى العاصمة القطرية ذاتها.
وبعد اجتماع أمس، رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني الذي اعتمد مفردات لطالما كررتها قناة "الجزيرة" على امتداد الأشهر الثماني الماضية، حول "العنف" وتحميل مسؤوليته لقوات الأمن في سوريا، متجاهلا الأعداد الكبيرة من المسلحين الذين باتوا في قبضة الجيش والقوى الأمنية بعد مجازر ارتكبوها بحق المدنيين والعسكريين وعناصر الأمن.
عند السؤال عن اجتماع اللجنة العربية بالوفد السوري، بدا الشيخ القطري بن جاسم مستفَزا جدا، وربما يرتبط الأمر بشكل مباشر مع ما تسرب من تقارير عن "اغتياظه" شخصيا من عدم حدوث شروخات كان يمني النفس بحدوثها بين الجيش والشعب في سوريا.
وتجاهل بن جاسم مجددا حقيقة الأوضاع على الأرض، وأشار إلى أن اللجنة طرحت ورقة عمل تتعامل مع كل القضايا في سوريا، دون أن تهمل تصريحاته حقيقة أن أي تصعيد ضد دمشق سيدخل كامل المنطقة في جحيم.
تسريبات إعلامية كشفت عن أن "الورقة" العربية تضمنت أربع نقاط: وقف أعمال العنف، وإنهاء المظاهر المسلحة، وإطلاق المعتقلين، والسماح للإعلام بالدخول إلى سوريا.
وفي سياق التعليق على تصريحات بن جاسم وكذلك "الشروط" العربية المتسربة، رأى مراقبون أن استخدام عبارات مثل "دعوة دمشق لوقف العنف" و"اتخاذ خطوات ملموسة بسرعة لتجنب ما أسماه بعاصفة كبيرة في المنطقة" وغيرها، جميعها تحاول تكريس صورة أن اللجنة العربية تمسك بزمام الموقف العربي، لافتين إلى أنه في واقع الحال، الجميع يدرك أن الحكومة السورية لاتتحمل وحدها مسؤولية "وقف العنف" أو "تجنيب المنطقة العاصفة" أو "إنهاء المظاهر المسلحة"، لأن الجهات التي تمول وتسلح الجماعات الإرهابية في سوريا هي أيضا مسؤولة عن وقف العنف، وبالتالي مسؤولة أيضا عن تجنيب المنطقة "العاصفة" التي تحدث عنها الوزير القطري.
وأضف المراقبون أن هذه التصريحات، بما فيها "الشروط العربية" لا تنطلي على الخبراء في الشأن السياسي، إذ من المعروف أنه في جلسات كالتي عقدت بين الوفد السوري واللجنة العربية يوضع كل شيء على الطاولة، وتناقش جميع المعطيات خاصة السياسية والأمنية منها، مشيرين إلى أن الوفد السوري لابد وأن لديه الكثير في هذا الشأن ليواجه به بقية العرب.
ولفت المراقبون إلى ارتباط التصريحات السياسية بالجانب الإقتصادي، حيث لفتوا إلى أن التصعيد العربي في هذه الأيام بالذات يهدف إلى التأثير على حركة السوق السورية مع اقتراب موسم عيد الأضحى، وهي لا تعدو سوى محاولة لخلق حالة "إحجام استهلاكي" لدى المواطن السوري، مشيرين إلى أن محاولات كثيرة من هذا القبيل مورست خلال الأشهر الماضية إلا أنها لم تمر على المواطن السوري على الإطلاق، ولم تترك سوى آثار طفيفة جدا على حركة الأسواق.
من ناحية أخرى، ربط المراقبون بين اجتماع الدوحة وبين تصريحات الرئيس الأسد خلال اليومين الماضيين وتحذيراته من الأبعاد الإقليمية لأي اعتداء على سوريا، مشيرين إلى أن "العاصفة" التي تحدث عنها بن جاسم كان السوريون قد استبقوا عليها بالتحذير من "الزلزال" الذي سيصيب المنطقة في حال استهدفت سوريا.
وشددوا على أن المرونة التي تبديها سوريا تجاه التضليل الذي تواصل جهات عربية، بما فيها قطر، ممارسته بما يخص الوضع السوري، يعود إلى القوة التي تتمتع بها سوريا وتعدد الأوراق التي تمتلكها وليس العكس، مؤكدين أن سوريا قد حسمت أمرها لجهة عدم القبول بأي طرح أو سلوك يمس السيادة السورية، وكل ما عدا ذلك قابل للحوار.
وخلص المراقبون إلى أنه من خلال الرد السوري اليوم على الورقة العربية، وكذلك الاجتماع المزمع يوم الأربعاء في مقر الجامعة العربية، ستتوضح ملامح المرحلة المقبلة ليس لسوريا وحدها بل للمنطقة عموما.