نفط ودين .. وأوطان زائفة
لا يزال العرب ومنذ العام 1916 مندهشون يفكرون ويمحّصون كيف نجح السيد ” سايكس ” وزميله ” بيكو ” بتقسيم وطنهم الكبير إلى عشرات الدول والأوطان وصار لكل منها علم ونشيد وطني وعملة وجيش .. أما اللغة فقد بقيت بعون الله وحده تجمع بين من كانوا بالأمس القريب ينتمون
لدولة واحدة .
ومنذ ذلك الحين والعرب يلعنون ويشتمون المدعوين " سايكس وبيكو " ومن وقف ورائهما .. بسبب ما ألحقه هذين الماكرين الخبيثين بوطنهم الكبير بالاتفاق السيئ الذكر الذي حمل اسميهما.
ولكن كل ذلك الذهول والاندهاش والتفكير واللعنات لم تدفع العرب وخلال كل تلك السنين التي تلت التقسيم // خاصة بعد اكتشاف النفط // من كسر قيود وقدسية ذلك الاتفاق .. بل على العكس فقد عملوا كل ما بوسعهم لتكريسه بكل الوسائل والإمكانات .. وأكثر من ذلك فقد بذلوا الغالي والنفيس للقضاء تماماً على أي صوت يدعو للم الشمل ووصل ما انقطع ومحاربة دعاته بشراسة وضراوة
نادرتين …؟!
ولم تتوقف الحكاية عند هذه النهايات المؤلمة .. فلا زالت شهية العرب مفتوحة على المزيد والمزيد من رايات التقسيم أو ما باتوا يطلقون عليه " الحرية و الاستقلال " كما حصل مؤخراً في السودان المنسي الذي ودّع جنوبه بحضور الأهل والأصدقاء و الغرباء أيضاً … بحفل بهيج نقلته مئات محطات التلفزة !!؟؟ بينما العرب لا زالوا يجمعون ويطرحون .. يقسّمون ويضربون .. ليعرفوا كيف نجح ذلك اللصان بتقطيع أوصال ماكانوا يسمونه الوطن العربي منذ حوالي المائة عام …؟؟؟
الشيخ حمد بن خليفة آل ثان أمير قطر
" عرّاب هذا الانفصال ومهمازه " قال وهو يضرب كفّاً بكف :
إن الدين هو السبب ..! وأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان !؟ ..وأن آخر العلاج الكيّ .. من غير أن يسمّي المرض !!؟؟.
المؤكد أن // سايكس وبيكو // صارت عظامهم مكاحل … لكن اللافت أن قطار التفكيك والتقطيع .. يسير وبسرعة متزايدة ..!!؟؟ ويسلك دروباً مختصرة لتوفير الوقت والجهد وكذلك النفقات …
فما لم يقله أبو تميم " أمير قطر " كمية النفط الهائلة التي ضخها ويضخها في شرايين التعصّب والتمذّهب والتكفير والتقوقع ومنذ مدة لابأس بها ليصل القطار للأمكنة التي خطط لها سمو الأمير باجتماعاته السرية بالقدس المحتلة وإسطنبول ..!!
عرب الخليج يكررون اللعبة ذاتها فهم يحكمون قبضتهم على الفكر الديني ومنابره ودعاته وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد وبكل الوسائل والإمكانيات .. مما يؤمن لملوك وأمراء تلك الدول
" الخليجية " غطاء الحكم باسم الدين من جهة .. وتجعل مجرد التفكير بانتقاد أعمالهم مشابهاً للكفر والإلحاد من جهة أخرى !؟ وتعطيهم النفوذ والسطوة بالإضافة للثروات الهائلة التي تكدست لديهم من عائدات النفط والغاز وخلافه .. ضمن هذه التركيبة ومفاعيلها وقدراتها .. استطاع الشيخ حمد أمير قطر " خلال الأعوام العشرة الأخيرة وبدعم وقوة العم سام " أن يحمل شعلة الحراك بالمنطقة وتسويق نفسه كقائد نوراني مُخَلّص من خلال " جزيرة " الحرية والثوار ..!! وقلعة الرأي والرأي الآخر ..!!
إذاً.. " الاتفاق " القديم الجديد … هو تحويل بقايا الشرق العربي المتخم بالهموم والمتاعب والآلام .. إلى نفط مُقيّد يُضَخ في شرايين تعصّب وتمذّهب الأديان لتذبح بعضها بعضاً تحت جنح العتمة والظلام والتكفير … بحثاً عن أوطان زائفة ..!!؟ // لا حول ولا قوة لها // تقبل القسمة والتكاثر بشكل دائم حسب الحاجة والطلب !! وكلما شاءت " أنياب حمد السامّة " كما كتب أحد المعارضين القطريين على صفحته في الفيسبوك .
ولكن السؤال المرّ .. كم سيمضي العرب من السنين وهم يلعنون ويشتمون ورثة سايكس وبيكو وشركائهم الجدد…؟
مادام جزاء مرتكبي مثل هكذا آثام … لا يتجاوز الصراخ والشتائم واللعنات … ؟
وربما البكاء والنحيب على أبعد تقدير … ؟
..//.. من لا يقرأ التاريخ محكوم عليه بتكراره ..//..