تصبحون على حريّة !!
تحت سماء الشرق اللاهبة وفي دروبه المتشعبة والمتداخلة لدرجة التعقيد .. يبدو العمل السياسي أشد تعقيداً وصعوبة ومشقة .
ففي الشرق تختلط السياسة بكل كبيرة وصغيرة .. وتبدو أشبه بالمقيدة أو الأسيرة لواقع متجذر … حيث يمكن أن تذبح على قارعة الطريق من غير أن يعرف الجاني أي شيء عنك حتى اسمك أو اسم أبيك ؟ وتحت أي شعار كان قديم أو جديد ..!؟
وعند العرب بمختلف دولهم عاشت السياسة وترعرعت في كنف أحزاب دينية وأخرى علمانية , طبعاً باستثناء دول الخليج التي استعاضت عن أي فكر سياسي أو حزبي بالنفط والقنوات التلفزيونية ! فغدا النفط " تنظيم " بحد ذاته دائم التدفق والتجدد من غير أي منافس سوى عدد من القنوات التلفزيونية " المندفعة بقوة الغاز وحده " لتقود وتطرح حراك سياسي لا يسمح لأي من أبناء الدول المتواجدة على أراضيها تلك المحطات حتى تخيلها // يمنع اللمس أو للعرض فقط // كما يكتب التجار على بعض منتجاتهم المعروضة للبيع ! بينما تصدّر وتسوّق // الحرية والتعددية والتداول السلمي للسلطة … // بذات الآلية المعتمدة مع براميل النفط وهي العرض والطلب !؟ وبما يحقق لتلك الدول حضوراً ودوراً و ثقلاً في المعادلة الإقليمية والعربية // مرتبط طبعاً بعدم انقطاع البث // !؟ تستعيض به عن غياب الدور والحضور الحقيقي.
على كل حال فالأحزاب الدينية لا تحتاج لجهد كبير لاستقطاب المؤيدين والمناصرين لصفوفها لأنها تقوم على أسس ومبادئ معروفة وموجودة ومعاشة ولها قدسيتها عند الناس .. لكنها تعاني من عدم قدرتها على استيعاب الجميع
// خاصة في الدول ذات التشكيل المتعدد الديانات والمذاهب والقوميات // ما يجعل معارضوا هذه الأحزاب يتخوفون من آثار تفتيتية يمكن أن تقع في مجتمعاتهم .. إضافة إلى المخاوف من عدم القدرة على رفض أو انتقاد الأداء الفردي أو الجماعي لهذه الأحزاب لاستحالة الفصل بين العمل السياسي العام والدين كمقدس .. وما يمكن أن ينجم عن مثل هكذا اختلاف أو خلاف ؟
كما حصل مع الدكتور فرج فوده في مصر حين دفع حياته ثمناً لكتابه الشهير
/ الحقيقة الغائبة / رغم منع نشره بكل الدول العربية .. حيث كان من المفترض أن يرد عليه بالحبر والورق وقليل من الفكر !؟ لكن الرد جاء بقتله على رصيف منزله وأمام أعين عائلته ؟
في حين أن الأحزاب العلمانية // والتي تقوم على الفصل بين الدين والعمل السياسي // تعاني وتجاهد لاستقطاب المؤيدين وللاستمرار بالوجود .. فما من سند أو داعم لها إلا جهدها وعملها ونشاطها المتواصل لتنفيذ ما ترفعه من شعارات وما تطرحه من قيم ومُثُل … وإلا ستغدو أثراً بعد عين .
منتقدوا هذه الأحزاب // وهم في الغالب من الشرائح المتشددة دينياً // يتهمون العلمانية بالكفر والإلحاد وأنها نقيض للدين بل عدوة حقيقية له .
لكن وكما هو معروف الفكر العلماني جاء من أوروبا بنهاية العصور الوسطى وبعد حروب واقتتال ديني وطائفي أكل الأخضر واليابس أثناء سيطرة الكنيسة
" الدين " على مفاصل العمل بتلك البلاد .. وتم منذ ذلك الحين الفصل التام بين الدين والدولة .. من غير أن يعني ذلك إطلاقاً التقليل من مكانة الأديان السامية والنبيلة وحضورها الأزلي .
لكن لا بد من القول أن الأحزاب العربية سواءً العلمانية منها أو الدينية
// باستثناء حزبين أو ثلاثة // وضعت رجل بالبور ورجل بالفلاحة
" كما يقال بالعامية " في أدائها المعاش على الأرض ما جعلها أشبه بما يمكن تسميته اصطلاحا " الدينوعلمانية " !؟ وعلى العكس تماماً مما حصل في الغرب. والسبب حسب اعتقادي يعود للبيئة الحاضنة والتي تركت تتنفس وتشرب من النبع القديم ذاته ناهيك عن التموضعات الدينية والمذهبية التي بقيت تحت السطح.
وتكيّفت تلك الأحزاب مع الوضع بدلاً من أن تعمل وتتحرك لوضع الخطط والأفكار لنقل الناس تدريجياً لبيئة حاضنة جديدة أنقى وأوسع وأرحب تضجّ بالحياة تقبل الآخر كما هو .. وبما لا يمس خصوصية أي من مكونات المجتمع المتعددة .
هيلاري كلينتون أعلنت مؤخراً عن إنهاء الخصومة العتيقة بين البيت الأبيض الأميركي والأحزاب الدينية .. !؟ المؤكد أنها تعلم ما تقول وتريده بشدة ؟؟؟
أريد القول أنني لست من المشتغلين بالإعلام ولكني كالكثيرين دخلت دروبها مع بدء الأحداث بالبلد وأقصد سورية .. للمشاركة بالحوار بشكل أو بآخر … البعض نصحني بأن أكتب باسم مستعار؟
وآخرون أبدوا عدم رضاهم عن هذه المغامرة المجنونة من باب
" أعطي الخبز للخباز .. " وغير ذلك .. ولكنّي فعلت لاعتبارات لست بوارد ذكرها .. المفاجئ بالنسبة لي أن لا أحد يقرأ ليعرف أو ليضيف أو ليفهم .. بل ليُصَنِّف المقال وبسرعة فائقة .. مع أو ضد .. فقط !؟ وليباشر السباب والشتائم لهذا أو لذاك !!
// لي بينغ // القيادي بالحزب الشيوعي الصيني قال : ليس مهماً أن يكون القط أبيضاً أم رمادياً .. المهم أن يصطاد الفئران .. أي العبرة بالنتيجة الفعلية .. وهذا يكون بتوفر الوعي من غير أدنى شك .
..// .. بالأمس قالت لي الريح والنجوم لا قيمة للعقل حين تتكاثر العتمة والتيه والجنون … ولا قيمة للمحبة في فضاءات الحقد والكراهية والبغضاء والضغينة ..! بل لا قيمة للسياسة من غير الوطن … ولا قيمة للوطن من غير الناس … ولا قيمة للناس من غير حريّة …
ولا قيمة للحريّة عندما لا تنشد ذاتها .. ؟
وحدها شمس الحوار .. وفي مناخات المحبة والتسامح وقبول الآخر .. توصل للمدى المراد.
… وداعاً دروب الجنون سأعود أدراجي ..// ..