الدكتور محمود تسابحجي مدير مشفى الجامعة بحلب يؤكد بأن زراعة الحلزون مجاناً
هل بدأنا فعلاً بالقضاء على مشكلة الصم , وكيف تتحمل الأسر الفقيرة كلفة زراعة الحلزون ؟؟ .. الدكتور “محمود تسابحجي” مدير مشفى حلب الجامعي والاختصاصي في أمراض الأذن والأنف والحنجرة يتحدث عن زراعة الحلزون في حلب
في البداية ما هي الفكرة من زراعة الحلزون ؟
الفكرة هي إن عنصر الاستقبال في الإذن الداخلية عند الطفل لا تقوم بوظيفتها فنقوم بوضع مسرى يوصل الصوت من الهواء الخارجي حيث يأتي الصوت من المحيط يستقبله مستقبل يرسله عبر وشيعة خارج الجلد إلى وشيعة مزروعة داخلاً توصله إلى الإذن الباطنية عبر المسرى وهذا المسرى كلما كان عليه شرائح أكثر تكون قدرة الطفل على التمييز أعلى لأنه يحلل الصوت ولا يعطيه ككل وإنما يعطيه بجزئياته لذالك يصبح الطفل أقدر على تمييز الأصوات عن بعضها بالتالي تمييز الأحرف وتمييز الطبقة والتردد عن بعضها .
ما هي الصعوبة في زرع الحلزون ؟
المشكلة عندنا هي الكلفة فقمنا بمساعدة الأطفال بإجراء هذه العمليات بمركز جامعي وتكاليف كل الإجراءات التشخيصية من تخاطيط سمع مختلفة إلى تصوير وغير ذالك مجاني إضافة إلى العملية الجراحية وتكاليف العملية مجانا فاختصرنا بذاك كلفة العملية إلى ثمن الغريسة ( الحلزون) فقط وحتى الغريسة تم التعاون مع جمعيات خيرية بحيث تساعد الأسر المنكوبة لأنهم دائما من قطاع اجتماعي ضعيف مالياً وعندما يأتي الطفل يكون فعلاً نكبة لأن الأهل غير قادرين على دفع مبلغ كبير كمليون وأكثر حيث لا يستطيعون على جمعه إلا بعد مدة طويلة يكون الوقت قد فات على تركيب الحلزون لأن السن المثالي هو سنتين لتركيب الحلزون فكلما كبر الطفل تصبح نسبة الإفادة من الحلزون المزروع أقل من حيث تطوير الكلام فكلما تأخر كان هناك صعوبة في تدريب الطفل بعد العملية وغير قادر على إنتاج كلام طبيعي لذالك كانت أهمية الكشف المبكر وألا ننتظر حتى يصبح عمر الطفل خمس سنوات لنعرف أن لديه نقص سمع .
ما هي الجمعيات التي تدعم عملية زرع الحلزون وكيف يكون هذا الدعم ؟
الجمعيات التي تدعم العمليات ذات الكلف العالية مثل ( جمعية صندوق العافية( في حلب وهم يساعدون بتأمين جزء من ثمن الغريسة ونطمح أن يكون المشروع مستقبلاً معمق أكثر بحيث لا يدفع المريض أي مبلغ لأن المريض يدفع جزء من ثمن الغريسة مثلا إذا كان وسطيا ثمن الغريسة ( 700 ألف ) ممكن أن نؤمن جزء وهناك محسنين يدعمون هذه المشاريع بشكل شخصي كالدكتور عبد القادر سنكري حيث شارك بالمشروع فكان يغطي مبالغ إضافة لما تغطّيه الجمعية من خلال بروتوكول تعاون مع الجمعية بحيث لو أن الطفل دفع مبلغ قليل( 100 ألف) يتم تغطيته ونحن كمشفى جامعي لا نتدخل في الأمور المالية هذا يتم عن طريق الجمعية ولكن عندما نفحص الطفل من الناحية الطبية ليكون لائق لزرع الحلزون نخبر الجمعية وهي تقوم بمسح اجتماعي وتقرر أن تدعمه أو لا وعندما يكون الدعم جاهز يتم شراء الغريسة ونقوم بالعملية .
كيف يتم الكشف المبكر عن السمع ؟
الكشف المبكر موضوع جدا مهم لأننا في زرع الحلزون نتكلم عن نسبة ضئيلة من ناقصي السمع فقط لأن الغالبية يحتاجون إلى سماعات عادية قادرين على التطور بها ويدخلون مدارس عادية ويطورون اللغة بالتعليم الطبيعي فالكشف المبكر ضروري ليس فقط لحالات زرع الحلزون وإنما للحالات التي عندها إعاقة سمعية بشكل عام .
الكشف المبكر في البلدان الأوربية له نظام خاص لكل ولادة لكن أتصور أن هذا النظام صعب تطبيقه عندنا لأنه يوجد لدينا ولادات في المنزل وعند القابلة في عيادة غير نظامية فيجب أخذ خصوصية المجتمع ربما يكون من الأفضل أن نوجه اهتمامنا للتشخيص الباكر لمسح حالات نقص السمع لدى الأطفال عالي الخطورة كالأطفال الخدّج ( الولادة قبل موعدها ) والأطفال ناقصي الوزن والأطفال المصابين باليرقان الولادي كذالك الأطفال الذين يحتاجون للنوم بالمنفسة والمحتاجين لنقل دم والأطفال المولودون من أبوين مصابين بنقص سمع لأن الوراثة تلعب دور أكثر من( 50 % ) هؤلاء الأطفال عالي الخطورة هم عرضة أكثر من غيرهم لنقص السمع فيجب إجراء إختبار ماسح وهو اختبار بسيط يكون بوضع جهاز في الإذن لمدة 30 ثانية يظهر إذا كان الطفل لديه نقص سمع أو لا إذا كان لديه نقص فوق( 30% ) فهو يحتاج إلى مساعدة فيدخل إلى دراسات معقدة أكثر .
واختبار الماسح بسيط غير مكلف لا يحتاج إلى طبيب لإجراء الفحص ويمكن أن يجريه ممرض أو فني مدرّب .
هل يتوفر هذا الفحص في مشفى الجامعة ؟
بمشفى الجامعة متوفر هذا الجهاز وخصصنا يوم الخميس من كل أسبوع لاستقبال هذه الحالات بحيث يمكن مراجعتنا بقسم الأذنية في مشفى حلب الجامعي حيث نقوم بالاختبار للتأكد من وجود نقص سمع أو لا وفي حال وجود نقص نقوم بإدخاله في دراسة بتحديد درجة نقص السمع ودرجة الحاجة إلى معين سمعي سواء سماعة أو زرع حلزون .
أناشد أهل الأطفال الذين لديهم المشاكل السابقة مراجعتنا ليتأكدوا إذا كان طفلهم لديه نقص سمع أو لا .
ما هي الكلفة التقديرية لثمن الغريسة ؟
مختلفة لأن هناك أجهزة كثيرة في هذا المجال والجهاز الذي نعمل عليه فيه( 24 قناة) جيد ويعطي نتائج جيدة لكن الصناعة تتطور وهناك أنواع أكثر تعقيدا طبعا تكون أغلى لذالك نأخذ النوع الوسط الذي ثبتت فائدته ولكن إذا كان الشخص مرتاح ماليا فلا مانع لدينا ويوجد هناك أجهزة أخرى وحيدة القناة ينصح بها لفاقدي السمع من الكبار الذين تجاوزوا مرحلة تعلّم اللغة .
لماذا لا يزرع للكبار حلزون /24 قناة / ؟
الشخص الذي يولد أصم ولم يجد فرصة لزراعة الحلزون فولد أصم وتربى أصم وكبر ولا يعرف الكلام فحتى لو زرع له حلزون ب 24 قناة صعب أن يتعلم الكلام أو ينتجه لأن الفترة الزمنية لتعلم الكلام هي أول سنتين إلى خمس سنين أما الكبار فيزرع لهم حلزون ولكن لا يفيده في تعلم اللغة وإنما يفيده في الأمور البدائية كسماع صوت سيارة أو معرفة صوت أمه ولكن لا يعرف ماذا تتكلم فلا يقدر تمييز الكلام فلا داعي لسماعة معقّدة لأنه يكفي سماعة وحيدة القناة الهدف منها حماية العضوية والتنبيه في حال سماع صوت سيارة للابتعاد عنها مثلاً .
هناك أشخاص كبار يفقدون السمع بسبب مرض أو حادث فهل يزرع لهم حلزون ؟
ممكن حتى لو كان كبير إذا لظرف ما فقد السمع وهو تعلم اللغة ويتكلم وفقد السمع بأذنين وليس بإذن واحدة وتحول إلى إنسان أصم بعد تعلم اللغة هنا وبشكل سريع يجري له زرع حلزون (بالقنوات 24 ), لأن الإنسان عندما يتكلم تصبح عنده ظاهرة التغذية الراجعة أي يسمع ما يقول ولكن عندما لا يسمع الإنسان ما يتكلم ينحرف الكلام لديه فمع الزمن لا يستطيع أن يضبط صوته من حيث الشدّة مرتفع أو منخفض أو تنحرف اللأحرف فبدل لفظ الخاء يلفظ حاء دون أن يشعر بذالك لأنه لا يسمع ما يتكلم ( لا يوجد تغذية راجعة ) فيجب هنا تدخل بشكل سريع حتى نحافظ على القدرة الكلامية باستعادة الجزء السمعي لأن المركبة السمعية ضرورية جدا في إنشاء الكلام .
ما هي أسباب تضرر الحلزون ؟
يمكن أن يكون ضرر الحلزون بشكل ولادي خلقي وراثي أو غير وراثي فنصف الحالات سببها وراثي جيني حيث الأم عندها مورثة نقص سمع والأب عنده مورثة نقص سمع يلتقون عند الطفل فيلد لا يسمع لان مشكلة نقص السمع أن هناك 250 مورثة مسؤلة عن نقص السمع أما العين مثلا فلها مورثة واحدة أي مورث فيه نقص سمع يلد الطفل عنده نقص سمع وهذا يفسر الخوف الاجتماعي من موضوع السماعات فنجد أن المريض يعارض بشكل كبير وضع سماعة لأنه يشعر أنه معيب أو ينزع اسم الأسرة فلا تتزوج البنات .
وهناك أسباب ولادية مثلا الأم أصيبت بأحد أمراض الحصبة الألمانية وغيرها فتؤدي إلى إصابة الجنين بنقص سمع أو تعرض الأم لأدوية لها تأثير سام على الخلايا العصبية السمعية مثل أدوية( اللجنتمايسين ) لذالك يجب استبعاد إعطائهم للأم في فترة الحمل وهناك أمراض مكتسبة يمكن أن تؤدي إلى نقص السمع كاليرقان الولادي ( أبو صفار ) أنتان أو التهاب السحايا أو النكاف .
كيف يمكن أن نمنع نقص السمع المكتسب أثناء الحياة ؟
نقص السمع المكتسب أثناء الحياة له عدة أنواع حسي , عصبي ونقص توصيلي وهنا الكلام عن نقص السمع عموماً وليس زرع الحلزون فقط لأن نقص السمع التوصيلي غالباً ما يحدث نقص سمع حتى( 40 دسي بل ) مثلاً إذا الطفل التهبت الأذن لديه من كلا الطرفين وثقبت وحدث التهاب مزمن أدى إلى نقص سمع حتى 40 – 50 دسي بل وهو نقص متوسط يعيق دخوله للمدرسة لأنه لا يستطيع أن يفهم ماذا يتكلم المدّرس فهو يحتاج إلى سماعة أو معالجة الأذن بحيث نحسّن السمع حتى يقدر أن يفهم الكلام فهذا النقص لا يعيقه من حيث إنتاج الكلام وكن يعيقه من ناحية تلقي المعلومات فيصبح الطفل متخلف علمياً عن أقرانه في الصف حيث يظهر أنه أبله وهو ليس كذالك بل لديه ضعف سمع فلا يسمع صوت المدرّس على بعد أمتار .
أما النقص الحسي العصبي فأسبابه الأدوية السامة للخلايا العصبية السمعية وعلى رأسها ( الجنتاميسين ) .
هل هناك نقص في الأجهزة ؟
هناك نقص في التمويل لأن مشكلة زرع الحلزون ليس الأجهزة أو الخبرة نحن بدأنا وكان يمكن أن نبدأ قبل خمس سنين لو كان هناك تمويل أن التمويل يساعد المريض في تحمّل ثمن الغريسة نحن بدأنا منذ فترة مع جمعية العافية ولكن لم يكن هناك متبرعين للمرضى أما حاليا فقد تيسرت الأمور من خلال زيادة الوعي فأصبح الاهتمام أكبر .
ما أهمية زيادة الوعي في زراعة الحلزون ؟
من خلال زيادة الوعي أصبح الاهتمام أكبر بهذه الأشياء منذ عام بدأنا وكان هناك اهتمام كبير من قبل السيد الرئيس بشار الأسد وعقيلته بذوي الاحتياجات الخاصة والذي يشكل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة السمعية نسبة كبيرة منهم هذا ولّد ثقافة عامة واهتمام من الناس كذالك يوجد اهتمام من قبل وزارة التعليم العالي لإنشاء نقاط تمييز بالمشافي الجامعية ومؤخراً دخنا في تفاهم مع جمعية البستان حيث قامت بورشتي عمل واحدة في دمشق وأخرى في اللاذقية ونسعى أن تكون الورشة الثالثة في حلب .
ما هي نسبة نجاح عملية زرع الحلزون ؟
نحن نتبع سياسة انتقائية عالية بحيث نختار المريض أن تنجح معه العملية فدورنا هو دور فني فنحدد إما يستفيد أو لا يستفيد ونحدد نسبة الإفادة المتوقعة للمريض مثلاً مريض نتوقع نسبة الإفادة متوسطة بحيث لا ينتج اللغة بشكل جيد أو يتكلم مع بعض اللإنحرافات الكلامية أو لا يستطيع أن يطوّر الكلام ولكن يستطيع أن يحمي نفسه من سيارة فنحن نكتب نسبة الإفادة على التقرير والجهة المالية إن وافقت نجري له العملية لأنه يوجد كسب وهذا يحدده أولاً: عمر المريض فكلما كان أصغر من سنتين فهذا عمر مثالي فنتوقع أن يميز وينتج الكلام بشك أفضل, ثانياً : خلوّه من الأمراض حيث يتم تقييم المريض من الناحية العقلية والنفسية له وللأهل فيظن الأهل أحياناً أن الطفل بعد العملية يتكلم مباشرة أو أن الحلزون لا يظهر فزرع الحلزون يوجد جزء داخلي مزروع داخل العظم وجزء خارجي واضح لا يخفى.
هل هناك حلزون لا يظهر ؟
حاليا لا يوجد ولكن العلم في مجال السمعيات يتطور بشكل كبير جدا وربما يكون البديل الخلايا الجزعية بحيث يمكن استبدال الحلزون المصاب عند الطفل بالخلايا الجزعية بدون أي جهاز وهذا للمستقبل .
هل هناك معالجة بعد زرع الحلزون ؟
طبعاً الطفل بعد عملية الزرع لا ينتج الكلام مباشرة وإنما يحتاج إلى تأهيل وتدريب في مراكز مخصصة لذالك وقد يستمر التدريب للعدة سنوات .
كم عدد المرضى اللذين تم زرع الحلزون لهم ؟
مشروع زرع الحلزون بدأ في حلب من حوالي العام ووصل عدد الحالات إلى( 16 حالة ) بمشفى الجامعة ونجهّز حاليا حالتين أي بمعدل أكثر من حالة شهرياً ونحن الوحيدين في حلب مجاناً .
لو كانت العملية مأجورة كم تبلغ كلفة العملية ؟
مثل هذه العملية كانت تجرى تقريباً( بمليون وثلاثمائة ألف) تختصر الآن إلى ثمن الغريسة فقط والذي يقدر( بسبعمائة ألف ) تقريباً .
ما هي طرق الوقاية بالأذن ؟
الاهتمام بالأذن وأي أمر طارئ مراجعة الطبيب الاختصاصي لمعرفة السبب بشكل عام لا يوجد كشف دوري إلا بظهور بعض الأعراض التي توحي أنه يوجد مشكة سمعيّة كالتأخر في التعليم أو الأطفال المصابين بالتهاب أذن وسطى مصلي فالأهل لا يقولون أن الطفل لا يسمع بل يظنون أن الطفل عنيد ( بطنّش ) والحقيقة أنه لا يسمع , وننصح الكبار عدم التعرض للضجيج والصخب والصوت العالي لأنه مصدر أذى للسمع .
ما هي خططكم المستقبلية في مجال السمع ؟
جميع العمليات في نقص السمع التوصيلي متوفرة باستثناء عملية واحدة لا تمارس على مدى كبير نسعى لإدخالها إلى هذا المشروع وهو موضوع ( الباها ) وهي المعينة السمعية المربوطة على العظم وهي تفيد إذا كان هناك نقص سمع توصيلي وخصوصاً عند الأطفال المصابين بالتهاب أذن وسطى مزمن بالطرفين .
كما أقترح إيجاد مركز وطني للعناية بناقصي السمع من الأطفال والبالغين وهذا المركز هو الذي يرسم السياسات التثقيفية والعلاجية والجراحية والتأهيلية للمرضى .