التقرير الوطني الثاني حول حالة سكان سورية 2010
أشهرت الهيئة السورية لشؤون الأسرة أمس التقرير الوطني الثاني عن حالة سكان سورية 2010 بعنوان (انفتاح النافذة الديموغرافية.. تحديات وفرص) وذلك في مركز رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق ..
ويستند (تقرير حالة سكان سورية 2010) مرجعيا الى التقرير الوطني الأول للسكان عام 2008 ويتوقف بنوع من التكثيف عند الإطار المنهجي التحليلي لموضوعه الرئيس وهو النافذة الديموغرافية وتحليل الأثر الديموغرافي الايجابي لتراجع معدل النمو السكاني رغم محدوديته نسبيا على انفتاح النافذة الديموغرافية وأثر الانفتاح الأخير على الزيادة الواضحة لنسبة السكان في سن العمل وفق آليتي العرض الديموغرافي كفرصة والطلب الاقتصادي كضرورة للانتفاع بهذه الزيادة في رفع معدلات النمو الاقتصادي.
ويركز التقرير على مسألة العرض الديموغرافي من حيث تنامي حجم السكان من جهة والتغير في التركيبة العمرية للمجتمع السكاني في سورية وانعكاسات ذلك على التركيب الوظيفي للسكان باتجاهات ايجابية من المنظور الديموغرافي كما يركز التقرير أيضا على العلاقة بين التعليم المرتبط بالعرض الديموغرافي والتشغيل المرتبط بالعرض الاقتصادي وتحديد جوهر الاستفادة من ارتفاع حجم القوة البشرية وتحويلها الى قوة عمل و(هبة ديموغرافية).
وأشار التقرير إلى أن نسبة عزوبية السكان 15 عاما فأكثر ارتفعت من 33 في المئة عام 1970 الى حوالي 43 بالمئة عام 2000 ثم عادت لتنخفض الى 2ر41 بالمئة عام 2001 والى 4ر38 عام 2009وبين التقرير أن نسبة مشاركة المرأة في القوة العاملة ارتفعت خلال الفترة من 1970 الى 1995 الى الضعـف تقريبـا من 7ر10بالمئـة الى 8ر19 بالمئـة لكنـها تراجعـت فـي الفترة الأخــيرة الى 8ر15 بالمئة عام 2010 وأوضح التقرير ان الدراسات تشير إلى ان معدل البطالة كان مستقرا ولم ينخفض عن 8 بالمئة.
ولفت التقرير إلى أن علاقة الزيادة السكانية بالتعليم تفرض حاجة سنوية لفتح شعب ومدارس جديدة إضافة إلى اعداد كوادر تعليمية وادارية جديدة للنهوض بمهمة تعليم ورعاية المواطنين الجدد والذين هم أكبر عددا من أقرانهم في العام السابق.
وبين التقرير انه وفقا للزيادات السكانية المتوقعة سيزداد الإنفاق الحكومي على الصحة سنويا بما يزيد عن 1200 مليون ليرة سورية إلى 1600 مليون ليرة سورية أي ان الموازنة الجارية لوزارة الصحة يجب ان تزداد سنويا بهذا القدر للحفاظ على مستوى الإنفاق الحالي.
الحبيب : الحكومة تبنت في إطار عملية التنمية الشاملة التي تشهدها سورية منهج الحل التنموي للمسألة السكانية
وقال الدكتور رضوان حبيب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إن إدراك واقع المسألة السكانية يمثل أحد أبرز مدركات الحكومة كشرط أساسي مسبق للتعرف على طبيعة هذه المسألة ومشكلاتها ومعرفة حدودها ومناهج وآليات مراجعتها مضيفا أن الحكومة تبنت في إطار عملية التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد منهج الحل التنموي للمسألة السكانية وانتقلت من مجال الاعتراف بضغوط هذه المسألة الى تبني اتجاهات المنهج التنموي في حلها وتشجيع العمل على وضع سياسات سكانية تتوافق وتلك التوجهات.
وأضاف إن أول لجنة عليا للسكان تشكلت عام 1985 طردا مع انكشاف مظاهر المشكلة السكانية الناتجة عن ارتفاع معدل النمو السكاني واختلال التوزع الديموغرافي واستمرت هذه القضية باهتمام الحكومة ومتابعتها حيث دعت الى عقد المؤتمر الوطني الأول للسكان عام 2001 وعملت على تعزيز الحوار الوطني حول هذه القضية ودعم الهيئة السورية لشؤون الأسرة بتولي مسؤوليات الدعم البحثي والمعلوماتي التحليلي عن هذه القضية وصولا الى اعتبارها احد أهم اللاعبين الأساسيين في هذا المضمار.
وبين وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ان ترجمة الحكومة لمبادئ التحول الى اقتصاد السوق الاجتماعي يلتقي بشكل كامل مع القضايا التي طرحها التقرير الوطني الأول للسكان في سورية والذي يمثل تقريرا مرجعيا يلتقي أيضا مع ما طرحه ومع آثاره واقترحه التقرير الوطني الثاني عن انفتاح النافذة الديموغرافية وتحويله سياساتيا الى هبة ديموغرافية.
وأشار الى ان الحكومة دعمت بكل ما تستطيع سياسات الاستفادة من الهبة الديموغرافية ووظفت برامج الصحة الإنجابية وتشريعات سوق العمل وتحفيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادره والعمل على مرونة السوق في هذا الاتجاه انطلاقا من أن الإنسان هو هدف التنمية وموضوعها وأدائها في آن واحد مبينا التقاء رؤية الحكومة بشكل كامل مع هذا التقرير للحل التنموي للمسألة السكانية السورية والربط بين البرامج الديموغرافية على مستوى العرض والبرامج التنموية على مستوى الطلب.
واكد الوزير ان الحكومة ستستمر ببرامج الإصلاح المؤسساتي والتي اعتبرها التقرير إحدى القضايا الاساسية في مجال تنامي حجم السكان في سن العمل وبين سوق قوة العمل مشيرا الى ان خطط الحكومة وبرامجها تتبنى دعم الهبة الديموغرافية المحتملة والتحضير لاستقبالها بما يجعلها نعمة والحيلولة دون ان تكون نقمة كون الحكومة تدرك ان هذا العمل الذي يقع في صلب مسؤولياتها الحكومية وانه في المحصلة مسؤولية جماعية تتصدى لها جميع أطراف العملية التنموية موضحا ان الحكومة تشجع مبدأ التشاركية والتفاعلية بين جميع مكونات المجتمع في بحث قضايا السكان والتنمية. وخلص وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الى أن الحكومة تولي خبرة ونزاهة وجدية الباحثين الوطنيين كل الاهتمام وتعتبر التقرير محطة نوعية في المناقشات الوطنية للعلاقة التكاملية بين السكان والتنمية وان مادته العلمية وما تضمنه من معلومات وإحصائيات ونتائج ومقترحات تشكل زادا غنيا للحكومة في مرحلة تطبيق الخطة الخمسية الحادية عشرة والتي تبنت مبدأ دمج العامل السكاني في عملية التنمية.
حمد: تقرير (حالة سكان سورية 2010 ) الذي أصدرته الهيئة السورية لشؤون الأسرة هو جزء من سلسلة تعمل الهيئة على إصدارها كل عامين
بدورها قالت الدكتورة أنصاف حمد رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة أن تقرير (حالة سكان سورية 2010 ) المكرس لبحث مسألة انفتاح النافذة الديموغرافية يشكل استمرارا للتقرير الوطني الأول للسكان (حالة سكان سورية 2008 ) الذي أصدرته الهيئة وهو جزء من سلسلة تقارير السكان والتنمية التي تعمل الهيئة على إصدارها كل عامين.
وأضافت أن التقرير الأول شخص المسألة السكانية بأبعادها الثلاثة من معدل النمو السكاني المرتفع وهو من أعلى المعدلات في العالم والتخلخل في التوزع الجغرافي للسكان وتدني خصائصهم النوعية ليرسي بذلك قاعدة تحليلية لحالة السكان من مختلف جوانبها موصيا بإصدار تقارير نوعية معمقة عن كل جانب من الجوانب التي تطرق لها.
وبينت الدكتورة إنصاف أن سلسلة التقارير عن حالة السكان في سورية تهدف الى توفير معرفة علمية بالعلاقة مابين التغيرات الديموغرافية الجارية وعملية التنمية وتمكين واضعي السياسات ومتخذي القرارات من وضع الاستراتيجيات والسياسات والخطط في ضوء فهم ديناميكية هذه التغيرات واتجاهاتها وماتمثله من فرص جديدة أمام عملية التنمية.
وأوضحت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة أن توفير مثل هذه القاعدة المعرفية حول السكان والتنمية وتطويرها وتحديثها دوريا هو جزء من مهام الهيئة التي أصدرت حتى الآن حجما مهما من التقارير والمسوح والدراسات المختلفة في مجال عملها لافتة إلى ان التقرير الحالي يركز على إشكاليات وقضايا بروز مؤشرات انفتاح النافذة الديموغرافية وتحفيز الاستراتيجيات والسياسات والخطط على تحويل الزيادة الكبيرة والمتنامية سنويا في حجم القوة البشرية وقوة العمل إلى هبة ديموغرافية عبر حل عناصر المسألة السكانية السورية في إطار تنموي تتكامل فيه القضايا السكانية والتنموية في آن واحد وتتبادلان التأثير فيما بينهما.
القش : من المتوقع ان يرتفع حجم سكان سورية البالغ 6ر20 مليون نسمة عام 2010 الى 2ر42 مليون نسمة عام 2050
وأكد الدكتور محمد أكرم القش عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية خلال عرضه للتقرير ان المشكلة السكانية في سورية المتمثلة في معدل نمو سكاني مرتفع واختلال في التوزع الجغرافي للسكان وضعف الخصائص النوعية لاتقبل الحل الا على مستوى علاقات التنمية البشرية بكافة أبعادها الشاملة والمتكاملة وان مظاهر اختلالها تبرز في كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وان كان ذلك بدرجات مختلفة لافتا الى ان العناصر الاساسية للمشكلة السكانية ستبقى قائمة خلال العقود الاربعة القادمة ولاسيما خلال العقدين القادمين مالم تتم معالجتها بعملية سياساتية تنموية تدخلية تقوم على التفاعل بين السياسات والناس وتحويل هذه المشكلة من مرحلة افراز الازمات والاختناقات الى مرحلة الحلول التي تسمح باندماج السكان كافة في دورة التنمية دون إقصاء او تهميش.
وبين الدكتور القش أن سورية مازالت تحتل المرتبة 23 في العالم من حيث مستوى ارتفاع معدل النمو السكاني موضحا انه على الرغم من تراجع معدل لنمو السكاني في سورية من 3ر3 بالمئة في ثمانينات القرن الماضي الى حوالي 3ر2 بالمئة حاليا فان متوسط حجم الزيادة السنوية لسكان سورية ارتفع من حوالي 250 ألف نسمة في ثمانينات القرن الماضي الى أكثر من 450 ألف نسمة سنويا وسيستمر متوسط حجم الزيادة السنوية للسكان في سورية بالتصاعد خلال العقدين القادمين ليصل الى أكثر من 560 ألف نسمة سنويا.
وأشار الى انه من المتوقع ان يرتفع حجم سكان سورية البالغ 6ر20 مليون نسمة عام 2010 الى 2ر42 مليون نسمة عام 2050 وفق الفرض المرتفع والى 3ر40 مليون نسمة وفق الفرض المتوسط والى 4ر38 مليون نسمة وفق الفرض المنخفض اي ان حجم سكان سورية سيتضاعف خلال العقود الأربعة القادمة بفعل دينامية الزخم السكاني التي تستمر في اشتغالها حتى مع التراجع السابق واللاحق المتوقع لمعدل النمو السكاني.
وبين ان الزيادة تحصل في الفئة العمرية التي تقع في سن العمل بين 15 الى 64 عاما اي ضمن فئة القوة البشرية وانه خلال العقود القادمة سيرتفع الحجم النسبي للسكان داخل القوة البشرية من 4ر59 بالمئة عام 2010 الى حوالي 3ر66 بالمئة عام 2050 أي بزيادة قدرها من 13 الى 15 مليون نسمة منبها الى ان الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التنموية يجب ان تنطلق من مبدأ تحويل القوة البشرية الى قوة عمل وتقليص الفجوات بينهما في ضوء الدمج بين مفهوم قوة العمل الاحتياطية ومفهوم القوة البشرية القابلة للتحول الى قوة عمل وادماج فئات معينة او قسم منها كان يعتبر خارج قوة العمل في عملية التنمية بالاستفادة من التقدم التقاني في استحداث الاعمال التي تساعد على هذا الادماج.
وأوضح الدكتور القش في نهاية العرض ان فرصة الاستفادة من انفتاح النافذة الديموغرافية مشروط بانتهاج سياسة سكانية تنموية تدخلية ولا ضمان منذ 2010 للوصول الى الهبة الديموغرافية الا عبر بناء قدرات القوة البشرية الوافدة إلى سوق العمل وتوفير بيئة تنموية واقتصادية قادرة على استيعابها موضحا ان ذلك يتطلب اتباع سياسات مؤسسية تحقق التكامل بين العرض الذي يقدمه افتتاح النافذة الديموغرافية وبين الطلب الذي يفترض ان تمثله حيوية الاسواق والنمو الاقتصادي والتوزيع المنصف للدخل وإشراك الشباب والنساء على الأخص في الجهود التنموية من خلال تمكينهم وضمان وصول ثمار التنمية اليهم كمساهمين وشركاء في الجهد والنتيجة معا.
حضر الإشهار والعرض وزراء التعليم العالي والتربية والصحة والثقافة ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ورئيس جامعة دمشق وعدد من أعضاء مجلس الشعب وممثلي المنظمات الدولية في سورية والمنظمات والاتحادات إضافة إلى أكاديميين وباحثين وأساتذة الجامعات.