التأمين الصحي تأمين ولكن غير صحي؟
شركات التأمين حددت سقف أعلى لدى مراكزها المنتشرة في سورية؟ لماذا لا يقوم المركز المشترك بالشركة بمعالجة المريض قبل أن يأخذ الموافقة على العلاج؟
التأمين الصحي على حافة الهاوية، بعد أن أضحى يكلف الدولة ما يقارب 900000000 ل.س شهرياً، يدفع ثلثها المواطنون المشتركون.
لماذا فصلت شركة التأمين الصحي عقد عمال مطابع وزارة التربية، بعد أن عام ونيف من العقد، وهل العقد الموقع بينها وبين التربية والمالية يسمح لها أن تفسخ العقد متى تشاء
كل هذه الأسئلة سوف نجيب عليها أصدقائي الأعزاء من خلال هذه الحكاية؟
زارنا أحد الزملاء، لتبدو عليه علامات التأفف والانزعاج، على غير عادته المرحة..
فطلبنا منه أن يجلس، فقال: أريد فنجان قهوة سادة، كي أشربه على قهر وانزعاج.. فتعجبت منه سائلاً: ما الذي حصل؟! فقال: شركة التأمين الصحي.
وقلنا له ان موقعنا كان حاضراً للمؤتمر الصحفي الذي انعقد أثناء توقيع اتفاقية التأمين الصحي الإلزامي.
فقال لي أي تأمين صحي يا رجل، نحن ندفع لشركة التأمين، وشركة التأمين تطنش العلاج.
وكذلك اذا كانوا يأخذون منك كل شهر 300 ليرة سورية، والدولة تغطي ضعفي هذا المبلغ، والمشتركين سيصل عددهم في سورية إلى مليون مشترك، إذا لم يتجاوز هذا المبلغ، أي ان شركة التأمين تأخذ كل شهر ما يقارب 900000000 ل.س، عن التأمين، علماً أن شبكات التأمين تغطي جميع أنحاء القطر..
فأخبرته، ضيعتني معك، فما الحكاية:
نهاية القصة
منذ شهرين أخذت زوجتي إلى احد الأطباء المتعاقدين مع شركة التأمين، لشكوى صغيرة من ألم في ظهرها، علماً أنها تعمل في سلك التعليم، وعندما فحصها الطبيب، وضع شكوكاً صغيرة حول بدايات ديسك لا سمح الله، فقال الآن هي تحتاج إلى بعض العلاج، ثم كتب أدوية وقال تستعمل لمدة شهر تقريباً، وبالفعل أحضرنا الأدوية، طبعاً للأمانة دفعنا 10% من قيمة الادوية.
وبعد انتهاء العلاج زرنا الطبيب مرة أخرى، ثم كتب لنا طلب صورة شعاعية، علماً أن الألم كان شديداً في المنطقة القطنية، وبالفعل ذهبنا إلى المستشفى وقمنا بتصوير صورة شعاعية، ثم تبين في الصورة ان الفقرات الخمس الأخيرة طبيعية، والحمد لله.
وبعد أيام زرنا الطبيب مرة أخرى، ثم قال يجب أن نقوم بتصوير صورة رنينية، للتأكد من حالة الجهاز العصبي، حسب الآلام التي تتعرض لها هذه المعلمة.
وذهبنا أولاً إلى أحد المراكز الملكية في شارع بغداد، وقالوا لنا: أهلاً وسهلاً، وعندما أشهرت لهم بطاقة التأمين، قالوا إن جهاز الرنين المغناطيسي في المركز معطل، وهو يحتاج إلى بعد أول السنة لكي يعمل.
قلنا الحمد لله..
سنذهب إلى مركز آخر، وبالفعل قمت بالاتصال بالشركة على هاتف المساعدة، الذي كتب عنوانه على ظهر البطاقة التأمينية، مسبوقاً بالعبارة التالية: (عند الحاجة إلى أي مساعدة الرجاء الاتصال بشركة (؟؟؟ سورية) على الرقم: (؟؟؟؟؟)، والكتابة طبعاً باللغتين، العربية والانكليزية.
وأعطوني عنوان مركز آخر في شارع بغداد، وذهبت إلى المركز، وعندما أعطيتهم البطاقة قاموا بمراسلة الشركة، وقالوا لي: إن الشركة ترفض طلب الصورة الذي قدمه الطبيب من أجل صورة الرنين المغناطيسي، إلا إذا أحضرنا لهم صورة عن التقرير الشعاعي، علماً أنها عندما تم تصوير الصورة الشعاعية، في المشفى قاموا بأخذ صورة عن التقرير وأرسلوها بالفاكس للشركة مباشرة.
وبعد يومين ذهبت للمركز مصطحباً معي الصورة الإشعاعية، والتقرير، وكل ما يلزم من أجل طلب صورة الرنين المغناطيسي، وبعد انتظار ساعة في المركز جاء الرد من شركة التأمين بعدم الموافقة على صورة الرنين المغناطيسي، وتعللوا بذلك بأنه لا يوجد تقرير عملية علاجية يفيد باستخدام المريضة أي أدوية؟
وهنا سألت نفسي: كيف يكون تقرير الصورة الإشعاعية الذي تم تصويره منذ أيام موجود عندهم، بينما تقرير الأدوية التي تم أخذها منذ شهرين تقريباً ليس موجود، علماً أن شركة التأمين اشترطت على كل صيدلية متعاقدة معها أن تقوم بأخذ غلاف وجه لأي دواء يتم صرفه، من باب الاحتياط لكي لا يقوم الموظف بعملية تمارض ويحصل على الدواء ثم يبعيه بعد ذلك.
ثم اتصلت مرة أخرى بالشركة، وقامت بالرد علي إحدى الموظفات، لتؤكد لي ان سبب الرفض ليس لأن صورة الرنين تكلف(5000) ل.س، وإنما السبب يعود إلى عدم اتخاذ المريضة العلاج اللازم قبل طلب هذه الصورة.
انتهت قصة صديقي الحزين، والتي حصلت معه بعد عصر أمس الواقع في يوم الأربعاء بتاريخ 7/12/2011م. في إحدى ضواحي دمشق.
الطامة الأكبر
فسخ شركة التأمين الصحي العقد
مع مديرية المطابع بوزارة التربية
أرجو أن يقرأ كل مسؤول عن هذا الحدث الضخم، شركة تأمين صحي وخاصة، تستطيع بجرة قلم فسخ عقد التأمين الصحي مع آلاف العمال، علماً أنهم ينتمون لوزارة من أكبر وزارات الدولة، (التربية)، والقرار يعود لها وحدها، دون اللجوء إلى الوزارة المعنية نفسها، بل دون اللجوء حتى إلى وزارة التربية.. علل ذلك أيها الصديق المسؤول، وأنتِ كذلك يا أيتها الشركة التي تبحث عن الصحة كما هو مبين في البروشور الداعم لها على الطرقات..
لنا كلمة
يا أعزائي القراء
نحن لا نقول ان التأمين الصحي مذموم، لا بل على العكس، فهو أمر مطلوب، ومتوافق مع متطلبات العصر، ولكن التأمين الصحي، إذا ما جاء ليخدم المواطنين، فلماذا نقول عنه أنه تأمين أولاً، وصحي ثانياً.
والأمر الأهم هو أن التأمين الصحي يجب أن يدار من قبل شركة التأمين العامة، لكي لا تقوم الشركات التأمينية الخاصة بالتحكم بمواطنينا الأعزاء، ولاسيما في أهم شيء بحياتهم، وهو مرضهم.
وما أستغربه من السادة وزيري التربية من جهة، ووزير المالية من جهة، والمدير العام للشركة السورية للتأمين من جهة أخرى كيف يسمحون لمثل هذه الشركات التحكم بالمرضى الذين يخدمون هذا الوطن، في كل نواحيه، لتأتي شركة مثل هذه الشركة وتقول للمركز الطبي، هذا نوافق على طلب الصورة الاشعاعية، لديه، وذلك لا نوافق على طلب صورة الرنين لديه.
لا بل على العكس فهي تقدم لوائح بأنواع المرض، وتضع التسعيرة التي تريدها، هي وليست التسعيرة التي وضعتها وزارة الصحة، مثال: الصورة الاشعاعية تسعيرتها تتراوح بين 200- 500 ل.س، فهي عندها لا تقل عن 600 ل.س.
أما صورة الرنين، فتتراوح في المشافي الخاصة الكبيرة بين 4000 ل.س، وتفوق هذا أضعافاً، وعند المستشفيات المتعاقدة مع التأمين، نضيف لا يقل عن 10% على التسعيرة الاصلية.
أي ان شركة التأمين تقوم بتسعيرة الأمراض، وليس هذا فقط، بل تحدد للمراكز المشتركة بالتأمين وكذلك الأطباء، سقوف التكلفة الاجمالية، فمثلاً تعمم على الشركات انه لا يتم علاج أي حالة مهما كانت خطورتها تفوق مبلغ 2000 ل.س إلا بعد الحصول على موافقة شركة التأمين..
هذه هي حال شركات التأمين الخاصة عزيزي القارئ، وهذه المادة نضعها برسم السادة وزراء المالية، والتربية، والصحة، والمدير العام للشركة السورية للتأمين، وكذلك مدراء الشركات التأمينية في سورية جميعاً، ومدراء شركات التأمين الصحي أيضاً.
نرجو أن تأخذوا هذا الكلام بمحمل الجد، فالتأمين الصحي دخلت فيه الوزارات المعنية من أوسع أبوابه، ولكن يلزمه ادارة صارمة من قبل وزارة المالية، وتعين لجنة مثل لجان تعقب الضرائب، لدراسة كل حالة مستلزمة مثل هتين الحالتين اللتين ذكرهما زميلنا.