أحلام اليقظة ودورها في حياة المراهق
تبدو أحلام اليقظة للمراهق غير واقعية ومحاولة للتهرب من الوضع الراهن إلا أنها تحقق وظيفة أساسية في تكيف المراهق مع ظروف حياته وشروطها القاسية فقد لا يكون في وسع المراهق احتمال حياته القاسية
القاسية إن لم يجد لنفسه ولو عبر تخيلاته مخرجا من تعقيدات اللحظة الراهنة وثمة وقت يشعر فيه كل منا وخاصة المراهق أنه اضطهد وعوقب ورفض وهنا لايجدي سوى التخيل في رسم صورة مشرقة للغد تحول بين المرء والسقوط في درك اليأس والكأبه .
إن التخيل وحده قادر على أن يبني لمن وجد نفسه في الهاوية ملجأ يستطيع الانطلاق منه ليستأنف حياته من جديد .إن أحلام اليقظة تمكن المراهق من معاناة الانفعالات والتطرق إلى الاهتمامات التي يعجز عن مجرد الإشارة إليها في حياته الواقعية فتظهر في تخيلاته نزوات عدوانية كانت عرضة لكبت مطلق يمنعها من الانطلاق فقد يحس المراهق مثلا بتعنت معلمه فيكرهه ويتمنى ضربه بيده إلا أن كل محرمات المجتمع وأعرافه تعترض النزوات المدمرة وتكبت فكرة الانتقام التي لاتموت بل تبقى تتأرجح في الداخل بحثا عن مخرج ويأتي العون أو المخرج بأحلام نهارية قد تصور المعلم مصاب في حادث سيارة فالتخيل إذا يجنب المراهق مشاعر الغبن ويساعده على التحرر من الانفعالات والعواطف المكبوتة في سلوك يمكن أن يتخذ صيغة حل المشكلات والتفكير ووسم التجربة الإنسانية بالتكامل الزمني أي بإسقاطها في مستقبلها عبر ما فيها ولا تقتصر فائدة تخيلات المراهق على توقع المستقبل بل تمتد إلى مساعدة المراهق على مواجهة اللحظة الراهنة ويجد بعضهم صعوبة في رؤية الفائدة العملية المذكورة على اعتبار أن جانبا كبيرا من الأحلام النهارية لا يبعث على الرضا النفسي وقد يثير الضيق والألم في صاحبه فإن واجهت المراهق مشكلة ضاغطة تتطلب حلا حاسما عملت مخيلته على إثارة مخاوف الفشل المرتبطة بتلك المشكلة وذلك عبر التجربة الخيالية لمختلف أوجه حلول المشكلة المذكورة
وتبقى مخيلة المراهق تدور بين حل يثير المخاوف وأخر يقضي على تلك المخاوف إلى أن تتكشف أمامه طريقة جديدة تحل مشكلته الراهنة بقدر ضئيل من الخوف والقلق والألم وبقدر أكبر من المتعة والنفع .