الشيخ محمود الحوت خطيب جامع الكلتاوية بحلب يصدر بيانا حول الأوضاع في سوريا
أصدر الشيخ محمود الحوت شيخ جامع الكلتاوية النبهانية و مدير دار نهضة العلوم الشرعية بياناً حول الأوضاع في سوريا، رفض من خلاله التدخل الخارجي ودعا إلى مشروع تحكيم بين الحكومة والمعارضة.
وقال الشيخ الحوت في بيان تلاه في خطبة الجمعة ونشره على موقعه " السيد النبهان" على الانترنت : " بسم الله الرحمن الرحيم، بمناسبة ذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، الشيخ الدكتور محمود ناصر حوت مدير دار نهضة العلوم الشرعية وخطيب جامع الكلتاوية النبهانية بحلب
يدعو بهذه المناسبة علماء سوريا إلى إقامة مشروع تحكيم بين الحكومة السورية والمعارضة السورية".
وتابع " إنني أدعوكم يا عقلاء هذه الأمة ويا علماءها ويا حكماءها إلى الاجتماع في أيّ مكانٍ تريدون للتداول والحوار ولا نريد وصاية من أحد علينا فيما نختاره ونقرره حماية لبلدنا وأمتنا وأطفالنا ونسائنا".
وأضاف " أنا لا أقول كما قال الشعراء:
وهل أنا إلا من غَزيَّةَ إن غزتْ غزوْتُ وإن ترشدْ غزيةُ أرشد
إنما أقول كما قال الله تعالى:
( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )".
وأكد قائلاً " إنني أنادي جميع الفئات من الحكومة والشعب والمعارضة أن يستمعوا إلى صوت العقل ونداء العقل، إننا من فوق هذا المنبر ندين القتل والعنف والاعتداء على الأبرياء وكل أنواع العدوان مهما كان مصدره ونؤيد جميع خطوات الإصلاح السياسي والدستوري، الإصلاح الجاد الذي يحظى بموافقة الأمة ونرفض أيّ تدخل خارجي عسكرياً كان أم سياسياً ".
وشدد على أن " الاستعانة بالأجنبي محرمة في نظر الإسلام وهي جريمة بحق الوطن والأمة".
ودعا إلى " الاعتراف بحق الشعب السوري في مطالبه العادلة والمشروعة، وندعو إلى إيجاد ثقة متبادلة بين السلطة والشعب وإيجاد مؤسسات تشريعية وقضائية نزيهة تعبر عن إرادة الأمة".
وحذر من " خطورة الانزلاق في حرب أهلية طاحنة سيدفع الجميع ثمنها فكل الذين استشهدوا هم أبناؤنا وأخوتنا من المدنيين والعسكريين وكلّ أطياف المعارضة الوطنية".
وقال "إنّ سوريا اليوم تنتحر بيد أبنائها وشعبها وتذبح من الوريد إلى الوريد بين أبناءها وفلذات أكبادها".
وتابع "إننا بأمس الحاجة اليوم إلى وقفة عاقلة شجاعة وحكيمة، إنني من فوق هذا المنبر أخاطب علماء هذه الأمة وعقلاءها وحكماءها ومثقفيها أن يتقدموا الصفوف ويأخذوا مواقعهم بشجاعة لإنقاذ هذا البلد من الفوضى والعنف فبلادنا تحترق، سوريا تحترق بنيران أبنائها وأهلها".
وأضاف " هل عقمت سوريا علماء وحكماء يرأبون الصدع ويوقفون سيل الدماء، كنا نود أن تسيل هذه الدماء على أرض فلسطين أو ربوع فلسطين أو على ربوع يافا وحيفا والقدس والجولان وغزة كنّا نود أن توجه هذه البنادق إلى صدور إسرائيل لا أن توجه إلى صدور أبناءنا ونسائنا وأطفالنا ".
واستشهد بالقول " إنّ النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع يقول:
( أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا إلى يوم القيامة فلا ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض )".
وتابع " قال الفيلسوف البريطاني المعاصر برناردشو ( لو كان محمد الآن بيننا لحل مشاكل العالم كلّه وهو يتناول كوباً من الشاي أو فنجاناً من القهوة )، أنا أقول إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودٌ لا بجسده وجسمه إنما بروحه وتعاليمه وشريعته. قال تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ )".
ودعا علماء الأمة وحكمائها إلى " أيّ مكان للحوار وتداول الآراء " وقال "إن شئتم فلنطرح مشروع تحكيم عادل بين الطرفين المتنازعين".
وقال " أدعو من هذا المكان من أرض الكلتاوية الشرعية النبهانية باسم علمائها وباسم علماء حلب: أدعو علماء سوريا إلى الاجتماع والقيام بمشروع تحكيم بين الأطراف المتنازعة لحل هذه الأزمة على أن يُختار من كل مدينة ومحافظة علماء لا ينتمون لأيّ حزب سياسي ولا إلى أيّ طرف من الأطراف محكَّمين أدلاء ناصحين والهدف هو إيقاف القتل وحقن الدماء ".
وأكد قائلاً "إنني لست أقول هذا الكلام إلا بدافع دينيٍّ وعقائدي ووطني لا بتأثير أيّ جهة من الجهات فلست متحيزاً إلى أيّ طرف من الأطراف فالكل إخوتنا وأشقاؤنا وأبناؤنا ولست ناشطاً سياسياً ولا صحفياً ولا حزبياً ولا محللاً سياسياً ".
وتابع " نحن نتقبل في هذا المكان أيّ اقتراح لهذا المشروع ونلبي أيّ دعوة للقيام بهذا التحكيم ونجيب أيّ طرف يدعونا إلى الاجتماع والحوار ونرضى بأيّ عالم ومفكر وحكيم يقود هذا المشروع وبأيّة مؤسسة علمية في حلب أو دمشق أو حمص أو حماه أو ادلب أو اللاذقية في أيّ بلد من بلدان سوريا في شرقها وغربها وشمالها وجنوبها ".
وأضاف "لتكن ذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مناسبة للمصالحة ومناسبة لئن يرفرف في سماءنا علم الحرية ولا نريد للحرية أن تسجن ولا نريد للعدالة أن تكبل بالأغلال ولا للكرامة أن تعتقل ولا للقانون أن يغيب فالقانون فوق الجميع".
وقال "إن قبلت سوريا هذا المشروع حكومةً وشعباً ومعارضةً فهذا كلّ ما نتمناه وإن رُفِضَ هذا المشروع فقد أعذرْنا إلى ربنا وإلى أمتنا وحكومتنا ".
وختم بيانه بالآيات الكريمة "( قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )، ( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )،( رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا )، ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ )، ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )، ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ".
يذكر أن الشيخ محمود الحوت يعتبر أحد أكبر شيوخ الطريقة الصوفية بحلب، وهو شيخ جامع الكلتاوية النبهانية و مدير دار نهضة العلوم الشرعية الشهيرة .