الجعفري :قانون الغاب قد يكون أرحم من الغاب الذي نعيش فيه الآن
أكد بشار الجعفري مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة أن بيان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بخصوص تطبيق قرار الجمعية العامة الذي اعتمد قبل نحو أسبوعين يدفع باتجاه تأزيم الوضع في سورية أكثر من الدفع باتجاه إيجاد حلول له.
وقال الجعفري في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس إن مضمون البيان المقدم لا يبعث أبدا على الارتياح بالنسبة لسورية وقد فوجئت مع الكثيرين بطريقة التعامل مع الحالة في سورية بلغة نارية تكاد تقترب من حدود التشهير بحكومة دولة مؤسسة لهذه المنظمة الدولية استنادا إلى مجرد تقارير وآراء تصدر عن أوساط سورية معارضة في الخارج تقيم في عواصم دول تناصب سورية العداء وكذلك استنادا إلى تقارير استخباراتية لدول أخرى تعمل ليس فقط على تغيير النظام في سورية كما يقولون وإنما على تغيير الدولة الآن بمعنى أنهم انتقلوا إلى مرحلة أخطر وأشرس هي تغيير الدولة في سورية وهم يقومون بذلك بعقلية تذكرنا بعقلية سادت في الخمسينيات والستينيات في التعامل مع دول أعضاء في هذه المنظمة الدولية ودول ذات سيادة لكنهم كانوا يعتبرونها كما اعتادوا على القول هم أنفسهم بجمهوريات الموز.
وأضاف الجعفري انني أحترم الأمين العام شخصياً وأعتز بصداقة قديمة ومميزة معه وأعتقد أنه في الدبلوماسية هناك مثل يقول لا يفسد الاختلاف في الرأي للود قضية وأنا أعرف تماماً أن اهتمامه بالحالة في سورية هو اهتمام ينطلق من حرص شخصي من جانبه وانشغال عميق بمسائل حقوق الإنسان بشكل عام.
وأوضح الجعفري أن التداخل والتشابك والإزدواجية في جهود الأمم المتحدة الرامية إلى مساعدة السوريين حكومة وشعبا ومعارضة على إيجاد أفضل السبل من أجل التفاهم سوية لإيقاف الأزمة لا تفسير له على الإطلاق إذ كيف يعقل أن نسمع مضمون بيان الأمين العام وفي نفس الوقت نفهم أن هناك شخصية رفيعة المستوى والاعتبار هي كوفي عنان يريد الأمين العام والأمم المتحدة إرساله بمهمة هامة جدا إلى المنطقة ومن بينها سورية.. وكيف تستقيم لغة نارية عدائية تشهيرية من ناحية مع رغبة لدى العديد من الدول الأعضاء بإرسال شخصية هامة مثل عنان إلى سورية للقيام بمساع حميدة بالتعاون مع السلطات السورية من أجل وقف الأحداث المؤلمة.
وتساءل الجعفري.. كيف يستقيم هذا وذاك مع إدعاء وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري أموس بأن الحكومة السورية لم توافق على أن تقوم بزيارة إلى سورية علما بأنني وافقت باسم حكومتي على الزيارة وأبلغت شخصيا ممثلي الأمانة العامة بذلك وطلبت منها تحديد تاريخ لها بالطرق الدبلوماسية.
واستغرب الجعفري كيف تم التوصل إلى القول أو الإدعاء بأن الحكومة السورية لن تستقبل أموس ولم توافق على زيارتها ومن أين أتت هذه الخلاصة غير الدقيقة والتي دفعت بأعضاء مجلس الأمن إلى تبني بيان صحفي يتبنى بالكامل هذا الطرح الخاطئ الذي يقول بأن الحكومة السورية لم توافق على زيارة وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية.
وأضاف الجعفري إن الأمين العام قال في بيانه إن الحكومة السورية قد تخاذلت في حماية شعبها.. وأنا أجد أن هذا ظلم مضاعف فمن ناحية ووفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة نفسه على كل حكومة في هذه المنظمة الدولية أن تحمي شعبها من الفوضى والإرهاب والإجرام والإخلال بالأمن وهو ما قامت به الحكومة السورية لكن الجانب الآخر في الموضوع هو أن الادعاء بأن الحكومة السورية قد تخاذلت في حماية شعبها إنما يغفل إغفالا لا يغتفر الكثير من المعطيات التي لو كانت تتعلق بدولة أخرى غير سورية لكانت أثارت حفيظة الكثير من العاملين في الأمانة العامة وفي هذه المنظمة الدولية.
وأشار الجعفري إلى أن رؤساء دول ووزراء خارجية في دول أعضاء في المنظمة الدولية يتحدثون علنا عن تزويدهم للمجموعات المسلحة في سورية بالسلاح ودولة أخرى عضو في الأمم المتحدة تعلن صراحة أنها قد تبرعت بمئة مليون دولار لتسليح المعارضة السورية ودول أخرى تفرض عقوبات اقتصادية خانقة على الاقتصاد السوري يعاني منها الشعب السوري أولا وأخيرا ولكن هذه العقوبات لا تظهر على شاشة الأحداث بالنسبة لمن يدعي أنه حريص على مساعدة سورية.
وأكد الجعفري أن عناصر من القاعدة قتلت في أحداث مدينة حمص وعثر على مقاتلين مسلحين يحملون جنسيات غير سورية داخل سورية كما تسلل صحفيون خلسة إلى سورية وماتوا في الأحداث للأسف وبعضهم عاد وتسلل خارج سورية بشكل غير قانوني أيضا ورغم ذلك لا أحد يتحدث عن هذا الأمر أبدا.
وتابع الجعفري.. أين احترام القانون في ذلك ولماذا يغض البعض النظر عن دخول عناصر من القاعدة وصحفيين غير شرعيين ومقاتلين أجانب ومئات ملايين الدولارات وأسلحة إسرائيلية إلى داخل سورية وهل يمكن لأحد أن يعطي سببا وجيها واحدا لكل ذلك.
وقال الجعفري إن هناك من يضلل الأمين العام بالمعلومات فهو قال إن الطاقة النارية أو القدرة النارية للمعارضة المسلحة هي أضعف من القدرة النارية لقوات الحكومة.. فهل هذا أمر طبيعي وهل يفترض بالمعارضة في أي بلد أن يكون لديها قدرة نارية أضعف من القدرة النارية للحكومة وهل هذه دعوة لأن تكون المعارضة في كل دول المنظمة مسلحة أم أنه يجب أن تكون المعارضة مسلحة ونرفع سوية تسليحها إلى مستوى القدرة النارية للحكومات.. فهل هذا هو ما نريده؟. وأضاف الجعفري إن الأمين العام قال إن زيادة عسكرة المعارضة السورية ليس هو الحل.. وأنا أشكره على ذلك لكن عندما يقول إن زيادة عسكرة المعارضة فهذا يعني أن الاعتراض هو على الزيادة وليس على عسكرة المعارضة فهل هذا هو موقف الأمانة العامة؟ وأنا آمل ألا يكون كذلك وإلا فإن مجرد هذه العبارات التي صدرت عن الأمين العام عن حسن نية ستفسر من قبل المجموعات المسلحة على أنها غطاء قانوني دولي شرعي كي تقوم بعمليات إجرامية داخل سورية وكي تتسلح بالسلاح الذي يأتيها من خارج الحدود من دول ساهمت في تبني مشروع القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة.
وتساءل الجعفري أين موقف الأمانة العامة من اجتماع تونس ولماذا كانت حاضرة فيه ولم تنأ بنفسها عنه وهو اجتماع ضم ثلث عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وكيف لها أن تحضر نشاطا موازيا لعمل الأمم المتحدة حدث خارج إطار الشرعية الدولية وهل يعقل أن تكون المنظمة الدولية شريكا في نشاط عدائي معلن صريح ضد دولة عضو فيها؟.
وأكد الجعفري أن سورية تعتبر اعتماد قرار الجمعية العامة رقم 253/66 والمعنون الحالة في الجمهورية العربية السورية تحركا خاطئا لأن القاعدة القانونية المعروفة تقول ما بني على خطأ فهو خطأ والقرار المذكور لم تتوفر فيه أدنى مقومات العمل الدبلوماسي المتعارف عليه في الأمم المتحدة حيث لم يتم استشارة الحكومة السورية بشأنه ورفضت الحلقة الضيقة من وفود الدول التي رعت الترويج للقرار إدخال أي تعديلات عليه وهي التعديلات الروسية وتعديلات أتت من دول أخرى ورفضت إجراء مفاوضات بشأن مضمونه بل انطلقت من مواقف أنانية ضيقة لا تنسجم مع أحكام الميثاق وتخالف أبسط مبادئ القانون الدولي.
وأوضح الجعفري أنه ولهذه الأسباب كان القرار متحيزا بامتياز يعكس وجهة نظر أحادية غير موضوعية لا تمت بصلة إلى ما يجري على الأرض في سورية سواء من جهة تجاهله للإصلاحات الجدية الجارية في سورية وللأعمال الإجرامية التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة أو لجهة تقديمه الدعم لقرارات غير متوازنة صادرة عن الجامعة العربية في غياب سورية نفسها ودون التشاور المسبق معها وقرارات تنتهك السيادة السورية وتساهم في تأزيم الوضع بدلا من حله وتحمل في طياتها دعما علنيا غير مسؤول للمجموعات المسلحة تحت عنوان تقديم كافة أشكال الدعم المادي للمعارضة وتفرض عقوبات ظالمة على سورية تؤثر مباشرة على حياة الشعب السوري اليومية.
وقال الجعفري من الملاحظ للجميع أن هناك تخبطا وتداخلا غير موضوعي وغير مألوف في تحركات أجهزة الأمم المتحدة بشأن سورية وأذكر منها بعض النقاط.
أولا.. إصرار على عقد اجتماعات متسرعة متتالية عن سورية تحت بنود مختلفة تماما عن بعضها البعض فالانتقال من بند الحالة في الشرق الأوسط إلى بند منع نشوء النزاعات المسلحة إلى بند حقوق الإنسان إنما يشير بطبيعة الحال إلى وجود مشكلة قانونية إجرائية في تعامل هذه المنظمة الدولية مع الحالة في سورية.
وأضاف الجعفري أن النقطة الثانية هي عقد جلسات للجمعية العامة في غير موعدها الصحيح وبشكل يخالف قرارات الجمعية نفسها والنقطة الثالثة اتخاذ قرارات بشأن سورية دون إعلام الحكومة السورية أو التشاور معها مسبقا ورابعها مخالفات إجرائية متكررة من قبل الأمانة العامة.
وأكد الجعفري أن جملة هذه التجاوزات بشقيها الشكلي والجوهري تدل بوضوح على حجم التحامل والاستهداف السياسيين المعلنين على سورية تحت قبة الشرعية الدولية في ظل صمت مريب من قبل البعض وصمم أكثر ريبة لدى البعض الآخر كما تدل على عدم الموضوعية والانحياز الكبيرين في التعامل مع ما يحدث في سورية.
وقال الجعفري من غير المفهوم أن يتم تقديم تقرير شفهي عن تنفيذ القرار المذكور قبل صدور التقرير المكتوب وانتظار الملاحظات السورية على رسالة الأمين العام الموجهة إلى الحكومة السورية في هذا الشأن.. وقد قال الأمين العام في بيانه إن الأمانة العامة قد أبلغت الحكومة السورية بتاريخ /16/ من الشهر الماضي.. والحقيقة وللدقة إننا استلمنا الرسالة بتاريخ 29 من الشهر الماضي وأحلناها إلى دمشق التي زودتنا بالرد أمس أي بعد 24 ساعة فقط وأحلنا هذا الرد إلى الأمانة العامة.
وأشار الجعفري إلى أن كل ذلك يؤكد أن الهدف من الضغط على سورية هو سياسي بامتياز ولخدمة أجندات دول بعينها تناصب سورية حكومة وشعبا العداء وهي أجندات تستخدم الأمم المتحدة كمنصة للعدوان على حقوق سورية في هذه المنظمة الدولية.
وقال الجعفري إن سورية خطت خطوات كبيرة ونوعية وسريعة خلال الفترة القصيرة الماضية نحو تنفيذ برنامج وطني للإصلاح يلبي مطالب شعبية مشروعة فالإصلاح ليس وصفة طبية تأخذها الشعوب مرة واحدة عندما تكون مريضة بل هو مسار لا يتوقف ولذلك فإن المطالب الإصلاحية هي مطالب مشروعة في أي وقت وأي مكان والاعتراض ليس على المطالب المشروعة المحقة بل الاعتراض على من يركب موجة الإصلاح من أجل تقويض الدولة وتدميرها خدمة لأجندات خارجية وتصفية لحسابات قديمة جديدة مع البعض.
وأضاف الجعفري إن البرنامج الوطني الشامل للإصلاح توج باعتماد دستور جديد للبلاد يضمن إقامة الدولة السورية الديمقراطية ويقوم على أسس التعددية السياسية وحماية الحقوق العامة والحريات الأساسية وسيادة القانون ويحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية معربا عن الاسف لأن الأمين العام قد أغفل الإشارة إلى هذا التطور الهام في سورية بعد أن كان وكيل الأمين العام للشؤون السياسية قد أغفله قبل يومين أيضا في إحاطته لمجلس الأمن على الرغم من أننا قد زودنا الأمانة العامة وكبار موظفيها بعشرات الرسائل الخطية التي تضمنت جملة لكل الأنشطة التي تقوم بها الدولة السورية من أجل تعزيز مسيرة الإصلاح.
وتابع الجعفري إنني لا أقول بأنه ليست لدينا مشاكل في سورية أو لا توجد لدينا معارضة أو لا يجب إصلاح البلاد لكن ما أقوله هو أن لا يسيء البعض للمعارضة الوطنية الشريفة الداخلية عبر استخدامها لخدمة أجندات تعادي سورية من ناحية المبدأ فمن يتلاعب بالمعارضة الوطنية يسيء لها لحظوظها في دفع عملية الإصلاح قدما نحو الأمام داخل البلاد.
وأوضح الجعفري أن الحكومة السورية استمرت بالتوازي مع هذا البرنامج الإصلاحي بالدعوة إلى الانخراط في الحوار الوطني الشامل بمشاركة كل السوريين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية بما في ذلك المعارضة الوطنية الداخلية الشريفة وذلك كسبيل وحيد لتخطي الأحداث المؤلمة الحالية في سورية وتحقيق تطلعات الشعب السوري إلا أن بعض الدول العربية والإقليمية والدولية المعروفة قد عملت جاهدة على تحريض المعارضة على عدم الانخراط في الحوار الوطني وحثت الجماعات المسلحة على عدم إلقاء سلاحها وهنا نتذكر الموقف العلني الذي صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية على لسان الناطق الرسمي باسم الوزارة قبل فترة .. لا بل إن هذه الدول قامت باستضافة قادة هذه المجموعات المعارضة المسلحة على أراضيها وعقدت لهم المؤتمرات وزودتهم بالمال والسلاح وكل أشكال المساعدة التقنية واللوجستية اللازمة لتنفيذ هجماتهم الإرهابية ضد البنية التحتية في سورية وضد أبناء الوطن الواحد.
وتساءل الجعفري.. كيف يمكن أن نربط المعارضة الوطنية الشريفة بتفجير خطوط نقل النفط والغاز وتفجير القطارات المحملة بالمؤن ومادة التدفئة المنزلية المعدة لمناطق بعيدة في سورية وما هي علاقة المعارضة الوطنية الشريفة التي تريد أن تكون شريكا في إدارة شؤون البلاد وهذا أمر محق وكيف يمكن أن يستقيم هذا كله مع عمليات تدمير البنية التحتية وما هي الفائدة من تفجير محطة تكرير النفط في حمص وما هي الفائدة في الاستيلاء على مادة الفيول على الطرقات السريعة بين المدن وهي المادة الرئيسية في توليد الطاقة في سورية.
وقال الجعفري إن سورية لم تفاجأ بالتصريحات العلنية التي أطلقها وزيرا خارجية السعودية وقطر قبل أيام عندما أكدا على ضرورة تسليح المعارضة والإعراب عن استعداد بلديهما للقيام بذلك ناهيك عن إعلان ليبيا تقديم مبلغ 100 مليون دولار للمعارضة السورية المسلحة.
وأكد الجعفري أن عملية تسليح المعارضة من قبل هذه الدول ليس جديدا وإنما بدأ منذ وقت ولكنه أصبح الآن رسميا وعلنيا وعواصم دول الأمم المتحدة تسمعه وقد عثرت قوات حفظ النظام على هذا السلاح ومعظمه إسرائيلي في بعض أحياء مدينة حمص بعد تحريرها من قبضة المجموعات المسلحة.
ولفت الجعفري إلى أن بعض الأطراف تعمل جاهدة على تشويه ما يجري في سورية إعلاميا واستغلاله سياسيا مستخدمة العامل الإنساني كذريعة لتدمير سورية وكواجهة لتمرير أجندات سياسية خارجية لا تمت بصلة لما يدعونه من حرص زائف على الأوضاع الإنسانية في سورية وذلك عبر رسمهم صورة غير حقيقية للوضع الإنساني تظهر الحكومة السورية بمظهر المتسبب بأزمة إنسانية لشعبها وهذا ما يبتعد كل البعد عن الحقيقة لأن الغالبية العظمى من مناطق سورية تشهد حياة طبيعية جدا كما أن الحكومة لم تدخر جهدا في تقديم كل الخدمات الضرورية لكل المواطنين وتأمين متطلباتهم المعيشية والغذائية والدوائية في كل المناطق وخاصة تلك التي شهدت أعمال عنف نتيجة تواجد مجموعات مسلحة استخدمت المدنيين دروعا بشرية.
وقال الجعفري إننا لا ندعي هنا أن الوضع الإنساني قد بلغ صفة الكمال في هذه المناطق ولا ننكر تراجع نوعية الخدمات التي طالما قدمتها الحكومة لمواطنيها في تلك المناطق إلا أن ذلك سببه الأول والأخير هو الهجمات المسلحة والأعمال التخريبية التي تشهدها بعض المناطق وكذلك العقوبات الاقتصادية الأحادية غير الشرعية التي فرضتها بعض الدول متبنية القرار رقم 253/66 على الشعب السوري وهي عقوبات تركت آثارا سلبية على حياته اليومية حيث أعاقت وصول الأدوية واللقاحات والأغذية والوقود بكل أنواعه وتأمين الكهرباء كما أعاقت التحويلات المصرفية المخصصة لشراء هذه المواد.
وأضاف الجعفري إن سورية استقبلت وفدا من منظمة الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية /اوتشا/ كما وافقت مؤخرا على زيارة اموس وتعاونت بشكل ايجابي مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر الموجودة حاليا مع الهلال الأحمر السوري في حمص وهي تعمل بكل حرية وقد حاولت هذه الطواقم قبل ثلاثة أيام إخلاء جثتي الصحافيين الأمريكية والفرنسي لكن المجموعات المسلحة رفضت ذلك واحتفظت بالجثتين ثلاثة أيام.
وقال الجعفري إننا نتهم بعض الدول متبنية مشروع القرار رقم 253/66 بالتورط مباشرة في سفك دم الشعب السوري والتآمر على استقرار وأمن سورية ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي وندعو من هذا المنبر إلى تحميل هذه الدول المسؤولية كاملة عن أعمالها غير المسؤولة والتي تنتهك أبسط الأحكام القانونية التي قام عليها الميثاق وندعو الأمين العام للأمم المتحدة شخصيا إلى أن يولي هذا الموضوع الأهمية القصوى في أنشطته واتصالاته وخاصة أن قادة ووزراء خارجية هذه الدول ممن يعرفهم الأمين العام جيدا واستقبلهم في مكتبه عدة مرات مؤخرا قد أعلنوا صراحة عن دعمهم وتقديهم السلاح للمعارضة السورية الداخلية والخارجية وذلك كي يساهم الأمين العام فعلا في حماية السلم والأمن الدوليين في منطقة تغلي ومهددة بالانفجار في أي لحظة وعندها ستطال المساءلة كل من شارك في تأزيم الوضع ونشر العنف وعدم الاستقرار وكل من قصر في الاضطلاع بمسؤولياته في هذا الصدد.
وأشار الجعفري إلى أن المجتمع الدولي انتظر أربع سنوات كاملة كي تتمكن الأمم المتحدة من إعادة بناء مدارسها التابعة للأونروا في غزة وهي مدارس دمرها العدوان الإسرائيلي نهاية عام 2008 ولم نر هرولة مماثلة لما يحصل الآن للضغط على إسرائيل وحماتها لإنقاذ الشعب الفلسطيني.
وقال الجعفري أنا هنا لا أقارن لكن المقارنة تفرض نفسها لأننا لا نرى حماساً منقطع النظير لدى بعض الوفود ولدى بعض كبار موظفي الأمانة العامة فقط لإعادة بناء مدارس الأونروا …ثم إن هناك من يقرع طبول الحرب الآن على مدار الساعة في إسرائيل وخارج إسرائيل وقد اطلعتم جميعاً على سيناريوهات تتعلق بكيفية تنفيذ العدوان /كذا/ على هذه الدولة أو تلك في منطقتنا لكن ذلك لم يثر حفيظة أحد ولم يدفع أحدا للتعليق أو للقول بأن هذا مخالف لأحكام الميثاق ولمبادئ القانون الدولي وكأن البعض قد استمرأ تحويل شعوبنا إلى حقل تجارب وإلى مخبر سياسي وعسكري وأمني واستخباراتي.
وتابع الجعفري.. لا توجد مساءلة للمسؤولين الإسرائيليين وتصريحاتهم ولا توجد مساءلة لغيرهم ولا أريد أن أسمي فكلكم تعرفون من أقصد كما أن هناك سيناريوهات للحرب والعدوان على دول أعضاء في هذه المنظمة الدولية ولا أحد يبالي أو يعلق أو يستنكر أو يدين.
وأضاف الجعفري إنني أكاد أقول إن قانون الغاب قد يكون أرحم من الغاب الذي نعيش فيه الآن لأن في الغاب على الأقل هناك قانون أما الآن فيبدو أن كلمة قانون قد غابت حتى عن الغاب.
وقال الجعفري أوجه حديثي في المقام الأول إلى الأمين العام وأقول له ومن خلاله أقول لكم جميعاً… ساعدوا سورية حكومة وشعبا على مواجهة المشكلة الإنسانية التي تعاني منها بعض المناطق .. ساعدوها وفقا لأحكام الميثاق ووفقا لمبادئ القانون الدولي .. ساعدوها بعدم التشجيع على سفك دماء السوريين بما في ذلك دماء المعارضة فهي سورية وكثير منها وطني وشريف ولكن وسائل الإعلام المغرضة تقوم بتحريضه وبالاتجار به ودفعه إلى سفك دمائه.
وأضاف الجعفري إن كل هذه الأمور خطأ ولو حدثت في أي بلد آخر عضو في هذه المنظمة الدولية لكان الأمر يستدعي أن نقول نفس الكلام فالمعارضة بحاجة إلى من ينصحها بالانخراط في الحوار الوطني الشامل وإصلاح ذات البين والدخول في شراكة حقيقية مع بقية أبناء الشعب السوري لبناء وطن للجميع لا يستثني أحداً.
وختم الجعفري كلمته بالقول إن كل ضحية تسقط في سورية هي ملك للوطن وهي أمر مؤسف يزعجنا ويحزننا كثيراً ولذلك نقول .. ساعدونا على وقف سفك الدماء من خلال وقف التحريض الإعلامي ووقف شلال الكذب ووقف تهريب السلاح ومن خلال تشجيع العناصر المتطرفة في المعارضة الخارجية على الانخراط في حوار حقيقي مع الحكومة كي يجدوا مكانا ودورا لهم في بناء الوطن الذي ينشدون والذي ننشده.
وفي رد على كلمة مندوب السعودية أمام الجمعية العامة قال الجعفري إن مندوب السعودية قال أشياء خطيرة لا تليق بمستوى عقول الحاضرين وبحجم معارفهم التاريخية والسياسية والدبلوماسية ولذلك لن أستخدم العبارة التي وصف فيها الحكومة السورية بكلمة نظام وانا اربأ بنفسي عن استخدام نفس الكلمة لوصف حكومة المملكة العربية السعودية بل سأتركها له ولضميره مستقبلا لعله يكف عن استخدام هذا المصطلح غير اللائق باللغة الدبلوماسية حتى عندما يختلف المرء مع بعضه البعض.
وأضاف الجعفري إن مندوب السعودية دعا باسم بلاده وباسم دول مجلس تعاون الخليج إلى إرسال قوات أممية عربية مشتركة لحفظ الأمن في سورية وكأنه لا توجد دولة في سورية أو لا يوجد أمن وكانها ليست عضوا مؤسسا في الامم المتحدة وتحتاج إلى قوات من السعودية ودول مجلس التعاون كي تضمن الأمن والسلام فيها.
وقال الجعفري إنني اقترحت في بياني السابق قبل أسبوعين أن نعتمد جميعا وبإشراف الأمم المتحدة خطة محكمة لنشر الديمقراطية وتعزيز وحماية حقوق الإنسان في كل دول المنطقة بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي لأن أولئك الذين يتحدثون عن سورية بحزن شديد انطلاقا من قناعتهم بأن هناك مأساة وحربا أهلية فيها هم أنفسهم ليسوا قدوة لأحد في معرض الحديث عن نشر الديمقراطية وحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
وأضاف الجعفري إذا كان الأمر كذلك فإنني أيضا أقترح باسم بلادي وباسم العديد من الدول الأعضاء أن نرسل قوات أممية وعربية وإسلامية إلى المملكة العربية السعودية لحماية السكان السعوديين المضطهدين في منطقة القطيف وهذا تبرع مجاني ولا نريد أن يموله أحد كما أنه ينبغي على الرياض أن تسحب قواتها من البحرين التي تعتدي على مطالب شعبية محقة للشعب فيها.
وقال الجعفري كنت أتمنى ألا يتحول هذا الاجتماع إلى حديث عربي عربي ولكن البعض يسعى جاهدا إلى الوقوع في هذا الفخ وأنا أنصح من هنا ألا يستفزنا أحد لأن لدينا الكثير مما يمكن أن نقوله من أشياء تفضح عمق بعض أنظمة الحكم سواء في الدول العربية أو خارجها.
وأضاف الجعفري إن من المعيب لعربي في هذه المنظمة الدولية أن يشبه التمرد المسلح المحدود في حي صغير في حمص اسمه بابا عمرو وهو حي عزيز على قلوبنا جميعا في سورية بمذبحة سربرنيتشا ورواندا وكوسوفو وغزة لأن ذلك خلط للأوراق غير جدير بالاحترام كما أنه خلط لا يخدم إلا إسرائيل وأعداء العرب جميعا.
وختم الجعفري بالقول إن بلادي تسمى رسميا الجمهورية العربية السورية ولا تسمى الجمهورية العربية الأسدية لكن المملكة العربية السعودية تنسب لحكامها أي أن اسم البلاد مرتبط باسم العائلة الحاكمة ولذلك تسمى المملكة العربية السعودية وأرجو ألا أستفز أكثر من ذلك كي لا أقول كلاما أكثر تجريحا.