فريد ميليش كتب لزهرة سورية القيصر الروسي
مع عودة فلاديمير بوتين الرئيس القوي – كما يحلو للبعض توصيفه – إلى سدّة الرئاسة تكون روسيا قد بدأت تدشين مرحلة جديدة في حياتها السياسية، في حدث يمتد حضوره وتأثيراته ليس
على الاتحاد الروسي فحسب بل يترك بصماته على مشهد العلاقات الدولية على مستوى العالم كله خصوصاً بعد الإضافات السياسية المؤثرة التي عبّر عنها بوتين في حملته الانتخابية.
فوز الرئيس بوتين ليس مجرّد حدث سياسي يخصّ روسيا، فصحيح أن نتائج الانتخابات الروسية عكست رغبة كبيرة لدى الروس عموماً في إعادة بلادهم إلى وضعها السليم كلاعب أساسي على المستوى الدولي بعد فترة من الأحادية القطبية التي فرضت على العالم وعاثت فيه خراباً، وموافقة أغلبية الشعب الروسي على مشروع بوتين الهادف إلى تدعيم قوة روسيا الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية وتطويرها وفق برنامج زمني واضح المعالم، ودعم استقلالية القرار الروسي وحماية مصالح البلاد الداخلية والخارجية، وهذا ما عبر عنه بوتين قبل يومين تقريباً من الانتخابات بشكل صريح، عندما أكد أمام مواطنيه أنه لن يترك أحداً يتدخل في شؤون روسيا.
كل ذلك صحيح ولكن الحدث الروسي يجد له أصداء واسعة على امتداد الساحة العالمية وخصوصاً من قبل الشعوب التي وجدت في روسيا نصيراً لها في قضاياها العادلة، ولا تخفي تلك الشعوب تطلّعاتها وتأمّلاتها في أن تكون السياسة الروسية في العهد الجديد، إعادة إطلاق لنظام عالمي متعدّد الأقطاب يوقف هيمنة القطب الواحد ويحدّ من سطوته على القرار الدولي.
نجاح الرئيس بوتين في الانتخابات الرئاسية سيجعل من روسيا دولة أكثر نفوذاً وأهمية على الساحة الدولية وخاصة أنها تمتلك رصيداً طيباً لدى شعوب العالم من خلال تاريخها المشرف، وهو ما يدعم عودة موسكو بقوة إلى الساحتين الإقليمية والدولية، وما يشكله ذلك من عامل توازن وكابح للسياسات الغربية التي استباحت خلال السنوات السابقة الشرعية الدولية وجرّت بحروبها وتدخلاتها الويلات إلى أنحاء متفرقة من العالم,انه حدث سيترك ولا شك أصداء طيبة لدى كثير من شعوب العالم بالنظر إلى ما تنتظره هذه الشعوب من دور لروسيا الجديدة والقوية القادرة على فرملة نزعات الغرب الاستعمارية وإعادة تصحيح البوصلة السياسية والعسكرية على مستوى العالم، بعد سنوات من هيمنة القطب الواحد والاستفراد بالقرارات الدولية، وشرعنة الحروب وتهديد مصالح الدول.
