صباح الخير يا عرب…
أم أنكم تفضلون الـ Good morning و الـ Bon jour على صباح الخير يا عرب؟؟لا يهم فأنا متأكدة من أنني لست مضطرة لاستخدام لغة عربية جزلى خصوصاً أن معظمكم لا يجيد العربية الفصحى مما يجعل مهمة مخاطبتي مهمة أكثر من سهلة..
صباح الخير يا عرب..
هل شربتم النيسكافيه و الكابوتشينو هذا الصباح أم ليس بعد؟؟ و هل أيقظتكم باكراً هذا الصباح أم أن هذا موعد استيقاظكم المعتاد؟؟
سامحوني يا عرب لأني لم أراعي فروق التوقيت حيث أني كنت مشغولة بمراعاة ألف التفريق التي فرضها علينا معاليكم و التي جعلت من كل فرد منا ألف فريق..
اعذروني يا عرب لأني اقتحمت حواسبكم هذا الصباح دون استئذان و لأني أتيت دون موعد مسبق و لأني طرقت أبواب حواسبكم باكراً فحبوب الأرق التي أتعاطاها نفذت مني و المهدئات التي أبتلعها ضاعت مني و اليوم نحن في الثلث الثالث من الشهر و الصيدلي في حارتنا يرفض أن يبيعني على الدفتر..
أتسألوني ما الفرق بين الثلث الأول و الثلث الثالث من الشهر؟؟ أتسألوني عن معنى عبارة "لا يبيع على الدفتر"؟؟
كيف فاتتني هذه النقطة؟؟ و كيف نسيت أنكم فوق و أني هنا تحت؟؟ و كيف نسيت أنني أعيش من راتبي و أنكم تعيشون من دمي؟؟
نعم هذي أنا.. أنظروا إلى الأسفل قليلاً و ستروني بين الملايين من الذين تدوسونهم بنعالكم..
هذي أنا.. أتروني؟؟ أتسمعون صوتي؟؟
لا تؤاخذوني نسيت أني دون صوت و نسيت أني بالنسبة لكم مجرد شبح هارب من الموت..
نعم هذي أنا..
من دمشق أكتب لكم.. من دمشق أخاطبكم و في الجو رائحة نار من غزة و دم من العراق…
من دمشق أخاطبكم و لازالت زينة عيد ميلاد المسيح تتدلى من الشرفات و لا زالت ملابس العيد الجديدة معلقة في الخزانات و لازلنا نحضر للعام الجديد ملايين الأمنيات..
من دمشق أكتب لكم و أخبركم أني بألف خير وأني فقط أريد الاطمئنان على براميل النفط و آبارها و على القواعد الأمريكية في أراضينا و ضباطها..
أريد أن اطمئن فقط على أرصدتكم التي في البنوك.. على الذهب و الفضة و المجوهرات و القصور.. على بساتينكم و أعنابكم و و يخوتكم التي تمخر البحور..
لا تخافوا مني و لا من غيري و لا تخشوا من العيون الحاسدة فقبل أن أكتب لكم رقيتكم بكل و الخرز الأزرق و أحرقت لأجل عيونكم كل أعواد البخور..
صباح الخير يا عرب..
طمنوني على أحوالكم العاطفية.. و هل زادت أعداد عشيقاتكم اللاتي تجمعونهن كالتحف الفنية؟؟ و هل تسير الأمور معكم على ما يرام في أسرتكم المغطاة بأجود أنواع الشراشف و الملاحف الحريرية و المخملية؟؟
لا تقلقوا يا عرب فالعجز حال الجميع في بلادي العربية و الحبوب الزرقاء على كثرتها ما عادت تنفع لأن مشكلتنا عصية و الأطباء يقولون أنها حالة نفسية أو أنها مشكلة عصبية و أن التخلص من أسباب التوتر يحسن الأمور و يعيد الطاقة و يجدد الشباب و يجعل الهمة قوية.. فتخلصوا منا يا عرب و استعيدوا ما نقصكم من رجولية..
نعم تخلصوا منا و لا تخافوا يا عرب.. فعلى كثرتنا لا أسهل من التخلص منا..
لا تخافوا يا عرب فمعظمنا ضمن أجهزة مخابراتكم و ما بقي منا مشغولون بالبحث عن الفتات و بمطاردة الرغيف الذي تخفونه في مستودعاتكم أو مشغولون بالبحث عن أحدث أغاني إحدى عشيقاتكم أو بمتابعة آخر أخباركم.. نعم يا عرب ما بقي منا بالكاد يجرؤ على التلفظ بأسمائكم.. ما بقي منا مشغولون بترديد شعاراتكم و عد التصفيقات التي تصدح في فضاء قاعات اجتماعاتكم.. ما بقي منا مشغولون بلعق أحذيتكم و التمسح بعباءاتكم..
لا تخافوا يا عرب فقد خدرتنا أصواتكم التي تلعلع في قممكم و أغرقتنا قراراتكم التي تمخضت عنها اجتماعاتكم..
لا تخافوا يا عرب ففي هذه اللحظة لا زلنا تحت تأثير نشوة انتصار (الصرماية) و لازلنا نناقش تبعاتها و تأثيراتها و كيف شغلت الصحافة بانتصاراتها.. تخيلوا يا عرب حتى الصرماية حققت انتصارات تفوق انتصاراتنا!!
لا تخافوا و أبيدونا يا عرب فنحن هنا لازلنا مشغولون بنقاشاتنا لتحديد اسم لخالق السماء.. لازلنا مشغولون بمعرفة مواعيد انقطاع الماء و الاختباء من فواتير الكهرباء.. لازلنا هنا عالقين في حفرة وقعنا فيها بكل غباء..
اطمئنوا يا عرب فأنا هنا أكتب لكم لأخبركم أننا متنا منذ الآن و أن كل ما نريده هو أغنية جديدة نرقص على لحنها النشاز و فيلماً جديداً نبكي على بطله الهمام و فندقاً آخر بملايين الطوابق كي نستمر بممارسة البغاء..
نعم يا عرب إن كل ما نريده هو رضاكم علينا و المزيد من الفتات.. كل ما نريده يا عرب هو المزيد من الأجانب في بلادنا نكون لهم عبيد و يكونون لنا أسياد..
اطمئنوا يا عرب فأنا هنا أكتب لكم كي أخبركم أن جيوشنا كقطعان من الحملان و بأن كل منظماتنا و أحزابنا و هيئاتنا مجرد أسراب من الببغاءات..
اطمئنوا يا عرب و طمئنوا أصدقائكم في أمريكا و إسرائيل و أخبروهم أن كل شيء سيكون على ما يرام فنحن عاجزون عن مقاطعة بضائعهم من البيبسي و صابون الغسيل و حتى سيارات الفور ويل..
اطمئنوا و طمئنوهم يا عرب فنحن اعتدنا مشاهد الموت و الدمار و ما عادت تؤثر فينا أصوات البكاء و العويل..
أتراني أطلت عليكم؟؟
لا تؤاخذوني يا عرب فحديثي معكم ذو شجون و العمر برفقتكم يمر كلحظة مهما بدا طويل..
اطمئنوا يا عرب.. فالجثث في غزة ما عادت تعنينا و دم غزة ما عاد يعنينا و ضياع بلد كان اسمه العراق ما عاد يعنينا و حصار بلادنا ما عاد يعنينا..
اطمئنوا يا عرب فالموت نفسه ما عاد يعنينا و الحياة نفسها ما عادت تعنينا و الآخرة بما فيها ما عادت تعنينا..
اطمئنوا يا عرب فجلودنا سلخناها و ما عادت تعنينا و قلوبنا ذبحناها و ما عادت تعنينا و كرامتنا دسناها و ما عادت تعنينا.. و ورقة التوت الأخيرة التي كانت تغطي عورة شرفنا مزقناها و ما عادت تعنينا..
لماذا أكتب لكم؟؟
آه معكم حق فأنتم تعرفون كل ما قلته بفضل عيونكم الساهرة و تملكون كل التقارير التي خطتها أنامل عناصركم الماهرة و لهذا سأدخل في صلب الموضوع و أقول لكم: أني أكتب لكم يا عرب كي أخبركم بأن اسرائيل تقصف غزة من جديد و أن أطفال غزة دون ماء أو دواء أو حليب و أن شباب غزة يسبحون في الدماء و أن أشلائهم منثورة في كل مكان و بأن شاشات التلفزة تعرض مشاهد دم و نار و بكاء نساء و بأنهم يخبروننا بأن رايس تدين هجمات حماس على إسرائيل بينما لازلتم مترددون بخصوص تنديد الهجمات الإسرائيلية على غزة و بأنكم –حفظكم الله و أدام عز نفطكم- قد قررتم عقد قمة طارئة عاجلة و حددتم موعدها بعد ستة أيام من الآن..
أكتب لكم يا عرب لأخبركم بأنه لا داع لعقد قمتكم الطارئة لأنه إلى أن يحين يوم الجمعة ستكون غزة قد أصبحت مجرد ذكرى أخرى من ذكرياتنا الغابرة.. و ماض مشرف آخر يضاف إلى ماضينا التليد..
أكتب لكم يا عرب كي أقول لكم أننا نقدر مشاغلكم و أنا نعلم أنه يصعب عليكم أن تجتمعوا اليوم بسبب انتهاء ساعات الدوام الرسمية و يصعب عليكم الاجتماع يوم غد لأنه يوم العطلة الرسمية بالنسبة لإخوتنا من أبناء الطائفة المسيحية و يصعب عليكم الاجتماع يوم الإثنين لأنه يوم عطلة الحلاقيين التي أقرتها نقابتهم المهنية و أنتم بالطبع بحاجة لحلاقيكم كي تظهروا أمام عدسات الكاميرا بأجمل حلة و بطلة بهية وبأنه يصعب عليكم الاجتماع يوم الثلاثاء لأنه يوم عطلة الكندرجية و أنتم بالطبع تريدون شراء المزيد من (الصرامي) على أمل تحقيق المزيد من الانتصارات (الصرماتية) و بأنه يصعب عليكم الاجتماع يوم الأربعاء لأنه عيد أخوتنا الحمصية و يصعب عليكم الاجتماع يوم الخميس لأسباب عاطفية.. مما يجعل يوم الجمعة هو الأفضل للاجتماع و لكن دعوني أعفيكم من هذا الالتزام و أوفر عليكم مصاريف السفر و مشقة السفر و عناء تحضير حقائب السفر و أخبركم أننا نعرف سلفاً نتائج قمتمكم الطارئة و نعرف سلفاً قراراتكم الحاسمة و متأكدون من أنكم في أحسن الأحوال ستنددون و تشجبون و تندبون و تدينون و بعد ذلك سيحرد بعضكم و من بقي منكم سينسحبون أو سيخرجون من الاجتماع مشمأنطون ثم ستعودون إلينا بخفي حنين و تحاولون إيهامنا بأنهما فردتي حذاء الزيدي و تطلبون منا أن نهتف لكم بطول العمر و أن نقبل لكم أيديكم و أرجلكم و أحذيتكم على طول العمر..
أكتب لكم يا عرب كي اقول لكم لا تتعبوا أنفسكم فنحن لا ننتظر منكم شيئاً فقد اعتادت خدودنا على لطمات كالجمر و بأننا سواء اجتمعتم و نددتم أو لم تفعلوا فسنظل تحت ظل أحذيتكم الكريمة طوال العمر لأنكم ببساطة تدوسون أوطاننا يا عرب..
و أخيراً يا عرب أعتذر منكم على وقتكم الذي ضاع في قراءة كلماتي و أستسمح عيونكم الغالية إن أرهقتها عباراتي و مرة أخرى أقول لكم: صباح الخير يا عرب..
نصيحة:
في حال أصريتم على عقد القمة الطارئة فأنا أنصحكم بأن تكون يوم السبت لأن يوم الجمعة هو عطلة رسمية في كافة الدول العربية!
حاسس بحرقت قلبك بس قد ما حكينا بيضل شو اسمو اعوج مقالك رائع وشكرا الك وبقلك على الطريقة العربية الجديدةgood night
المقال فعلا رائع ويعبر فيه الكاتب بطريقه ساخره عن الواقع العربي الاليم بطريقه ساحره ساخره رائعه فقط عندي سؤال …..ما الواجب علينا فعله شباب عربي؟