حل السوريين بقلم: زياد غصن
في مقاربة أولية لما أفرزته الأحداث التي تشهدها سورية منذ عام تقريباً، ثمة معطيات متباينة يمكن الركون إليها، جزء منها سلبي يصنف في خانة »الخسائر«، وآخر إيجابي ينظر إليه على أنه «مكاسب» وكلاهما من منظور وطني.
وبغض النظر عن المفاضلة التي قد يجريها البعض بين الخسائر والمكاسب دون الأخذ بعين الاعتبار مكونات البيئة التي وجدت فيها الأحداث وتطوراتها، فإن سورية، التي تجد نفسها اليوم أمام مرحلة جديدة من المواجهة لإيجاد حل سياسي وطني بامتياز للأزمة التي تعيشها، تتعامل مع النتائج السلبية للأحداث بالأهمية ذاتها التي تنظر بها إلى النتائج الإيجابية، وذلك انطلاقاً من قناعتها القائمة على أن أي حل سياسي يتجاهل ما أفرزته الأزمة الحالية لا يمكن أن يكتب له النجاح أو الاستمرارية…
فالدماء البريئة التي سفكت على مدار عام كامل وأعمال التخريب والتدمير والخسائر التي لحقت بالمنشآت العامة والممتلكات الخاصة والثغرات التي ظهرت في عمل مؤسسات الدولة والمجتمع هي بأهمية المخرجات الإيجابية للأحداث، المتمثلة في الموقف الوطني والتماسك الذي أبداه الشعب السوري حيال المحافظة على وحدته واستقلال بلده ورفضه الانجرار خلف نزاعات طائفية ومذهبية، حاول الخارج ترويجها كمدخل لإشعال حرب أهلية في سورية.
أما كيف يمكن أن تتمثل الخسائر والمكاسب في هذا الحل المنشود، فذلك يتحقق بتأكيد ناحيتين رئيسيتين فيه:
الأولى أن يكون أساسه وطنياً مستقلاً بما يعنيه ذلك من إعلاء مصلحة سورية ومستقبلها على جميع الخلافات والمواقف والمصالح.
والناحية الثانية تتمثل في مقاربته للقضايا والملفات الوطنية المثارة بموضوعية ومسؤولية…
بمعنى آخر…الحل السياسي الذي يبحث عنه السوريون هو المنبثق من معاناتهم وطموحاتهم وثوابتهم الوطنية وما يخلص إليه حوارهم المستقل، لا ذلك الحل الذي ترسمه تحالفات ومصالح بعض الأطراف أو ما تضعه الدول من مشاريع أو يحاول الواقع الذي يشكله تزوير الفضائيات ووسائل الإعلام فرضه…
ولهذا يمكننا أن نفهم سبب إصرار قطر والسعودية مثلاً على الاستمرار في تسليح المعارضة والترويج للتدخل العسكري الأجنبي ورفض أي حوار لا يقوم على نتائج مسبقة ….
ولهذا أيضاً تصر الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على إطالة عمر الأزمة السورية، عبر رفضها الاعتراف بمجازر الإرهابيين ودعمهم، وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على الشعب السوري…
لا بل إن مواقف هذه الدول وعرقلتها لجهود إيجاد حل سياسي للأزمة السورية لا تتعلق فقط بخوف هذه الدول مما سيحمله الحل من قوة لسورية، وإنما من تبعاته التي قد تفضي لاحقاً إلى فضح أكبر لدورها في سفك الدم السوري وتأجيجها للأحداث، ومن ثم محاسبتها دولياً وشعبياً..