باحثون اقتصاديون: خفض الأسعار يحتاج إلى التدخل في الأسواق وتفعيل قانون منع الاحتكار
فاق الارتفاع الذي شهدته أسعار مختلف المواد والسلع الاستهلاكية بالأسواق جميع التوقعات وتحليلات الباحثين
الاقتصاديين وتجاوز الجشع والطمع كل الحدود الأخلاقية في السلوكيات التجارية المتعارف عليها ما دفع وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد نضال الشعار لوصف الحالة السلبية التي طغت على الأسواق من قبل فئة من التجار استغلت الأزمة الراهنة التي تمر بها سورية بأنها استباحة لحقوق المواطن.
وانطلاقاً من سياستها التي درجت عليها وزارة الاقتصاد منذ قرابة العام في اعتماد مبدأ التشاركية في اتخاذ قراراتها مع مختلف الفعاليات التجارية والصناعية أصدر الوزير قراراً بعد اجتماع مستفيض مع هذه الفعاليات بتشكيل فريق عمل يمثل مجمل الفعاليات لوضع آلية لضبط الأسعار من خلال إعداد قائمة تأشيرية ملزمة أسبوعياً أو كلما اقتضت الحاجة لأسعار بعض المواد والسلع الضرورية للمواطن.
ويرى عدد من الباحثين أن هناك أسباب موضوعية ساهمت في ارتفاع الأسعار أبرزها العقوبات الاقتصادية الجائرة على الشعب السوري من قبل دول غربية وإقليمية وعربية إضافة إلى عوامل اخرى تم استغلالها من قبل مجموعة من التجار افرزت مشكلات اجتماعية واقتصادية مؤكدين ضرورة التشاركية بين مختلف الجهات المعنية بالأسعار للوصول إلى حلول منطقية والحد من ارتفاعها.
وبين الباحث الاقتصادي عبد القادر حصرية في لقاء مع وكالة سانا أن الأسباب الموضوعية لإرتفاع الأسعار هو الإنخفاض في سعر صرف الليرة السورية تجاه العملات الأخرى ما ادى إلى ارتفاع في قيمة السلع المستوردة أو تلك التي تدخل في صناعتها مواد مستوردة كذلك ارتفاع الرسوم الجمركية على عدد من السلع المستوردة وأخيراً العقوبات الإقتصادية التي جعلت الدورة الإقتصادية للتجارة الداخلية والخارجية أبطأ وصعوبة التحويل من وإلى سورية ما يؤدي إلى زيادة الكلفة على مستوردي السلع والصناعيين على السواء.
وأشار حصرية الى الثغرات الأساسية لدى الجهات الرقابية وقال لم يتم استكمال مرحلة التحول من اقتصاد التخطيط إلى اقتصاد السوق و في اقتصاد التخطيط المركزي هناك التسعير الإداري للسلع والخدمات لكن هذا التسعير له مشاكل كبيرة وكثيرة أهمها اختفاء السلع من الأسواق وتوسع السوق السوداء أما في اقتصاد السوق فهناك المنافسة ومنع الإحتكار الذي تتولاه عادة هيئة مستقلة وهذه الهيئة بالإضافة إلى كوادر وزارة الإقتصاد والتجارة وجمعيات حماية السمتهلك بحاجة لبناء قدرات مؤسساتية ليست موجودة وبالتالي هناك نظام اقتصادي هجرناه وآخر لم تستكمل عملية بناء مؤسساته.
ورأى حصرية أن هناك حاجة للتوعية و الحوار مع غرف التجارة والصناعة ولابد من اصدار نشرات تسعير تأشيرية يتم توزيعها ونشرها بين الناس لتعرف الأسعار التي تستطيع الإسترشاد بها.
بدوره أكد الدكتور مدين الضابط الاستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين على ضرورة تدخل الدولة وتفعيل ادواتها من آليات مباشرة وغير مباشرة وهو ما تقوم به الحكومات في ظل الأزمات باعتبار أن الأزمة وطبيعتها ومتغيراتها لاتنتظر والتاخر يؤدي إلى تفاقم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح أن التدخل المباشر يمكن ان يصل الى دخول الدولة كتاجر في السوق لإعادة التوازنات المطلوبة وتصحيح ما امكن من تشوهات في بنية الأسواق وخاصة لجهة الارتفاع بالأسعار الناتج عن تلاعب وليس انخفاض بالعرض بشكل جوهري مشيراً إلى أن الأمر يتطلب موظفين للمراقبة والمتابعة ودور جمعيات حماية المستهلك والتركيز على تفعيل منافذ البيع الحكومية لدى المؤسسات الاستهلاكية والخزن والتسويق وزيادتها وتحميل هذه المنافذ ببرامج التشغيل الالكترونية وربطها بشبكات على مستوى محلي وتنظيم عمليات استهلاك السلع الأساسية من خلال البطاقات التموينية.
وأشار الضابط إلى أن الفريق الذي شكلته وزارة الاقتصاد في دمشق يجب دعمه بفرق على مستوى المحافظات يمثل كل الفعاليات والتنسيق مع الفريق المركزي اضافة الى تفعيل اجهزة في وزارة المالية والجمارك وغيرها في أداء عمليات الرقابة والمتابعة المطلوبة مشيراً إلى ضرورة تفعيل قانون منع الاحتكار وحماية المستهلك وتشكيل قاعدة بيانات لدى الوزارات المختصة تضم المنتجين والمستوردين الذين يشكلون مادة العرض في الأسواق والمطالبة ببيانات دورية تتضمن قوائم بالتكاليف وهوامش الأرباح والأسعار.
ودعا الضابط إلى الإسراع في الإصلاح المالي والضريبي والأدوات التدخلية الأخرى علماً أن هذا الأمر سيكون له منعكسات على مستوى الأسواق وضبط الأسعار ومنع الاحتكار وحماية المستهلك والوقوف على حقيقة الانشطة وأرباحها ضريبياً والحد من التهرب الضريبي.
وسجل الباحث الاقتصادي ربيع نصر ملاحظات تتعلق بجدوى عمل الفريق والتدخل في الاسعار خاصة ان الامر يحتاج إلى عدد كبير من الموظفين لمراقبة مدى تقيد التجار بالأسعار التأشيرية التي سيضعها الفريق مشيراً إلى وجود حل جزئي له علاقة بالقطاع الصناعي لتوفير كافة المواد بالأسواق.
ورأى نصر أن الحل لوضع حد لارتفاع الأسعار والتشوهات الحاصلة في الأسواق هو في وضع سياسات تتعلق بالجانب الاقتصادي أو بالسياسة النقدية للمصرف المركزي ومحاربة الاحتكار وتوفير المواد الأساسية مؤكداً ضرورة فتح الباب أمام منح التراخيص للجميع ممن لديه القدرة والرغبة وزيادة الاستيراد وتطبيق القانون في حق الذي يلجؤون إلى الاحتكار وتخزين المواد.