مكتشفات أثرية في حلب تعود لأكثر من 350 ألف سنة
واصلت شعبة التنقيب في مديرية آثار ومتاحف حلب أعمالها في مختلف المواقع وقد سجلت اكتشافات بالغة الأهمية كما سجلت بعض الاعتداءات
وعمليات التخريب في بعض المواقع.
ويقول الدكتور يوسف كنجو مدير آثار ومتاحف حلب: إن هناك بعض عمليات التنقيب أظهرت مواقع تعود لفترة ما قبل التاريخ حيث اكتشفت البعثة السورية البولونية العاملة في تل القرامل 25كم شمال حلب على ضفة نهر قويق بيوتاً دائرية محفورة في الأرض أقطارها بين 2-3 أمتار والأمر الذي يدل على وجود قرية يعود تاريخها إلى منتصف الألف الحادي عشر قبل الميلاد واكتشفت آثار أخرى أسفل تلك البيوت تعود إلى حوالى الألف الرابع عشر قبل الميلاد واشتملت المكتشفات في الموقع على أدوات صوانية ودمى مصنوعة من الطين المجفف، وهذه النتائج تتويج لأعمال البعثة المنهجية والتي بدأت عام 1999 وهي تقدم معلومات مهمة عن مرحلة بدايات الاستقرار والانتقال من مرحلة الصيد إلى مرحلة سكن القرى والبيوت الأولى أي إن تل القرامل من أقدم القرى في سورية والعالم وكذلك دلت الأسبار التي نفذت في تل برنه جنوب حلب على أن الموقع يعود تاريخ الاستيطان فيه إلى مرحلة ما قبل التاريخ (العصر الحجري النحاسي) وعثر في الموقع على الكثير من اللقى والأدوات الأثرية كالكسر الصوانية والعظمية والفخارية.
وواصلت البعثة السورية- اليابانية العاملة في كهف الديدرية قرب عفرين أعمالها بموسم دراسي لدراسة اللقى والقطع المكتشفة في الكهف المذكور والتي تم كشفها عبر السنوات العشرين التي عملت بها البعثة في الموقع والتي كشفت عن فترة استيطان تعود إلى أكثر من 350 ألف سنة.
بينما استكملت البعثة الأثرية الاسبانية عملها في تل حالولة قرب سد تشرين حيث كشفت عمليات التنقيب عن أن استيطان المنطقة يعود إلى الألف السابع قبل الميلاد.
ويضيف الدكتور كنجو بأن هناك مكتشفات أثرية مهمة أخرى في مناطق مختلفة من ريف المحافظة إلا أنها تعود لفترات زمنية أحدث كأعمال التنقيب التي أجريت في قرية المربع جنوب شرق عين العرب وتم فيها توثيق عدد من المدافن المهمة التي تعود إلى العصور الكلاسيكية وتبين وجود سبعة مدافن أثرية منحوتة في الصخر إضافة إلى تمثال جنائزي لامرأة تجلس على كرسي وهو بارتفاع 185سم من الحجر الحواري الأبيض ويعود للعصر الروماني وكان في هذه المنطقة مدرسة فنية في النحت توازي المدرسة التدمرية.
وقامت البعثة الأثرية السورية- اللبنانية بدراسة جيوفيزيائية في موقع النبي هوري «سيروس» شمالي حلب للتوصل إلى فكرة عن مخطط المدينة لتوجيه أعمال التنقيب المستقبلية وركزت أعمال التنقيب للموسم الإضافي على أعمال الكشف عن الطريق الرئيسية للمدينة الأثرية ويقول السيد محمد فخرو رئيس شعبة التنقيب: إن الشعبة أنهت الكشف عن لوحة فسيفساء في قرية زمكا شمال مدينة الباب وتضم اللوحة مجموعة مشاهد, وتشير النتائج الأولية إلى أن المبنى الذي رصفت أرضيته بهذه اللوحة هو عبارة عن كنيسة أبعادها 19×6 أمتار واكتشفت كنيسة أثرية أخرى في قرية تل باجر جنوب حلب بين قرية العيسى وجزرايا وتضم الكنيسة ثلاثة أروقة وفيها بقايا أساسات لسبعة أعمدة في كل جانب وقد زينت الأرضيات بلوحات الفسيفساء بشكل أقل وقد نفذت بطريقة هندسية ممتازة وتعود الكنيسة إلى الفترة ما بين القرنين الخامس والسادس الميلاديين.
وأسفرت أعمال بعثة التنقيب في الثلث الأخير من العام الماضي عن العثور على مدفن أثري مهم في قرية باصوفان إلى الشرق من قلعة سمعان وهو منحوت في الحجر الكلسي الأبيض ويتألف من عدة قبور وعثر فيه على مجموعة من الأسرجة الفخارية ولقى متنوعة أخرى ويعود المدفن إلى العهد البيزنطي أي القرن الخامس الميلادي, وتم العثور أيضاً على مدفن في قرية سوسان إلى الغرب من عين العرب وعثر فيه على بقايا 8 هياكل عظمية من أعمار مختلفة إضافة إلى أعداد كبيرة من الأواني الفخارية وكثير من الأدوات البرونزية وتدل تلك اللقى على أن المدفن يعود إلى العصر البرونزي القديم.
يشار إلى أن كنوزنا الأثرية تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والحماية خصوصاً أن البعض يمكن أن يستغلوا الظروف التي تمر بها البلاد ويعبثوا بهذه المواقع التي تضم أسرار الحضارة السورية التي تكونت عبر العصور.