“خلع ضرس مصر” فن جديد في الكتابة الروائية المصرية
طرق الأستاذ بكلية الطب بجامعة أسيوط الدكتور أحمد يوسف شاهين
إلى فن كتابي جديد بالإسقاط الطبي على الواقع السياسي، وذلك من خلال كتاب عنوانه "خلع ضرس مصر – تأملات في مقدمات وتفاعلات الثورة"، حيث ينتمي الكتاب إلى المصادر والمدونات التي تسجل الأحداث زمن وقوعها، حرصا على حماية الوقائع التاريخية من التزوير. وتحليل هذه اللحظة التاريخية وأحداثها من جميع المناحي المتنافرة من أدب ورياضة وأعمال فنية وأحاديث مجتمعية ورصد للصحف والإعلام والحوادث وردود أفعال المصريين عليها، رغبة في إثبات انصهار هذه العوامل لتسهم في تشكيل وجدان شعب تعلم الاعتراض لأول مرة منذ زمن طويل على أوضاعه، وخرج في رقي شديد ليفرض التغيير. تأريخ مجتمعي يتناول الكاتب رصدا للثورة المصرية من زاوية التأريخ المجتمعي علي مستوي الفتنة الطائفية وتعاملات الأفراد والمجموعات مع بعضها وإبراز أوجه التناقض بين الصدام الظاهري على خلفية البؤر الملتهبة الشهيرة مثل مدينة أسيوط وإمبابة وأطفيح، مع التطرق إلى الاتحاد بين الطوائف المختلفة دينيا خلال ثورة يناير، ويخلص الكاتب الي نقد التعامل الإعلامي المصري بشأن الفتنة الطائفية. مفاجأة يعتبر شاهين أن توقيت قيام الثورة كان مفاجأة لأن علامات استسلام المصريين كانت تشي بوصول أرواحهم لقاع الحضيض مع أن هذا وفق رأيه كان مكمن الخطورة ودليل قرب الانفجار، ويستنبط الكاتب درسين مهمين من ثورة يناير تتمثلان في ملكية المصريين قوة نفسية قادرة على إنجاز كل شيء مهما كانت صعوبته ، وأن فوات إدراك ذلك كان جريمة اقترفها النظام السابق عندما تعامل بصلف وغباء سياسي واجتماعي مع وعي جماهيري شديد الحساسية وقد ظهر ذلك في كتابات وأحاديث وأعمال فنية ومناسبات عامة كثيرة حتى في روح الفكاهة والسخرية وألوانها ، والنكتة ودلالتها وتطورها ، رغم أن النكتة تمثل سلاح المصريين منذ زمن طويل في مواجهة الأزمات وفساد الحكام. أهمية النكتة ستدل شاهين على أهمية النكتة كمقياس للرأي العام بما اصدره أمير الشعراء أحمد شوقي في عهد الملك فاروق بإصدار ديوان للأطفال صاغ فيه شعرا هزليا للسخرية من الاحتلال تارة، ومن القصر وممارساته تارة أخرى. وامتدت النكتة عبر العصور الحديثة ، من عهد "جمال عبد الناصر" مرورا "بأنور السادات" حتى عصر مبارك، ،وإن كان "عبد الناصر" و"السادات" لم يوليا اهتماما بهذه النكت التي صارت في عصر "مبارك" استخفافا جماهيري بالنظام ، رغم كونها نكتا لاذعة ، تحمل قدرا لا تخطئه العين من المرارة ، والإهانة المقصودة للحاكم من حيث فساده ، وسوء نيته وتنكيله بشعبه، وفساد حاشيته وأولاده، وشعور الناس بالفساد وإحساسهم باليأس. فساد سياسي يوضح شاهين أنه ركز في كتابه "خلع ضرس مصر علي جانب توغل الفساد السياسي والمالي، وانتشار الظلم وإحكام قبضته على البلاد أكثر فأكثر وانفصال النظام السابق عن الواقع وإظهاره الود الزائف وانخفاض الذكاء الشخصي واللامبالاة بمصلحة المواطن رافضا الانسياق وراء دعاوي النظام السابق بتزييف حقائق علاقة المصريين بالعرب. مبينا أن العرب دعموا المصريين في جميع المواقف التي ارتفعت فيها رأس مصر بدافع الكرامة والوطنية، والأمثلة علي ذلك كثيرة، وكلها حملت اعتزازا بموقف الشقيقة الكبرى واحتراما للمصريين وإحساسا بأن موقفهم يعبر عن الوجدان العربي كله وليس الوجدان المصري فقط ويشبِع رغبات وآمال كل العرب من المحيط إلي الخليج.