اليوم الأول لاختبار “صمود” وقف إطلاق النار.. هل تصمت البنادق ليتحدث السوريين؟!
دخلت سوريا لأول مرة اليوم الخميس وقفاً رسمياً لإطلاق النار على كافة الجبهات “الميدانية” وتم الإعلان عن “صمت”
لغة البنادق عل الحوار يجد سبيلاً إلى آذان تصغي بعد أن صمها صوت المدافع والأعيرة النارية. لكن وقف إطلاق النار يبدو غير مبشر مع تشكيك المعارضة بجدية النظام في تطبيقه والالتزام به، مقابل تشكيك النظام بالمسلحين واعتباره أنهم سيستغلون الوضع لإعادة السيطرة على المناطق التي أخرجهم منها الجيش، وبالتالي "احتفظ النظام لنفسه بحق الرد على أي اعتداء" وهذا قد يشمل أي شيء تقريباً. إذن الموضوع يعتمد بشكل كبير على حسن نوايا الطرفين في التنفيذ فإذا نظرنا إلى النصف المليء من الكأس، يمكن لنا أن نقول"بحذر" بأن وقف العمليات العسكرية، الخطوة الأولى والأهم التي يجب المحافظة عليها ودعم "صمود" وقف إطلاق النار لتمهيد الطريق إلى لغة الحوار كي تكون الفصيل الذي يحكم العلاقة بين الجميع معارضة ونظام وقوى إقليمية ودولية دخلت على خط الأزمة السورية منذ بدايتها ولها حصتها في دعم صمود وقف صوت البنادق مع صم آذان السوريين ومنعهم من سماع بعضهم البعض.
وسواء أكان هدوء ما قبل العاصفة أو إيذاناً بوجوب الشروع عملياً في "التسوية"، فإنّ الساحة السورية شهدت منذ السادسة فجراً نوعاً من "الهدوء" الذي افتقدته منذ زهاء عام. هو "هدوء حذر" لا أكثر، حذر يختصره "رهان" المعارضة على أنّ النظام لن يلتزم بوقف إطلاق النار كما أكّد ممثلوها، ويختصره في المقابل رهان مضاد للنظام الذي حفظ لنفسه حق "الدفاع عن النفس" إذا ما تعرّض لأي اعتداء من المجموعات المسلّحة المنتشرة على الأرض السورية.
هكذا، يبدو هذا "الهدوء" أقرب إلى "الهدنة" التي يتمنى البعض أن لا تكون "هشّة" وهي التي يبدو "صمودها" قيد الاختبار خلال الساعات القليلة المقبلة.
هدأت الجبهات.. والآتي أعظم!
"بعد أن نفذت قواتنا المسلحة مهامها الناجحة في مكافحة الأعمال الإجرامية للمجموعات الإرهابية المسلحة وبسط سلطة الدولة على أراضيها تقرر وقف هذه المهام بدءاً من صباح اليوم الخميس الموافق لـ 12-4-2012". بهذ العبارات، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع السورية التزام الحكومة السورية بخطة المبعوث العربي الدولي كوفي أنان القاضية بوقف النار بدءاً من الثاني عشر من نيسان، رغم كلّ الرهانات بأنّ النظام لن يلتزم خصوصاً أنّ عملية "تنظيف" الشوارع من "المسلّحين"، كما يقول مؤيدوه، لم تنته بعد. ولكنّ النظام حرص على أن لا يكون الالتزام أحادياً، فحفظ لنفسه هامش تحرّك في حال حصول أيّ "خرق" للهدنة، وذلك من خلال تأكيد المصدر المسؤول نفسه متأهبة للرد على أي اعتداء تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة ضد المدنيين وعناصر حفظ النظام والقوات المسلحة والممتلكات الخاصة والعامة ولحماية أمن الوطن والمواطن.
وفي وقت كان المبعوث العربي الدولي كوفي أنان يقول من طهران التي زارها بالأمس أنه كان على اتصال بالمعارضة السورية التي وافقت على إطلاق النار، كانت الأخيرة تشكّك بـ"حسن نوايا" النظام مثلها مثل بعض الدول الغربية التي شكّكت بإعلان الحكومة السورية عن وقف النار وفي مقّدمها الولايات المتحدة الأميركية التي أوضحت مندوبتها في الأمم المتحدة سوزان رايس أنّ التزامات النظام السوري تفتقر الى المصداقية لانه عاد سابقا عن وعوده.
ومن المقرر أن يطلع أنان مجلس الأمن الدولي اليوم عبر دائرة فيديو مغلقة من جنيف على مدى التزام سوريا بخطته السداسية التي وافق عليها النظام السوري، فيما أعلنت الجامعة العربية ان لجنتها الوزارية المعنية بسوريا ستجتمع الاربعاء المقبل في الدوحة، في مؤشر على تحريك عجلات "التسوية المنتظرة"، في وقت عاد الرئيس السوري بشار الأسد ليتحدّث عن "انتصار على المؤامرة التي أصبحت في نهايتها"، وفق ما نقله عنه الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الوزير الأسبق فايز شكر.