الجولان السوري

تلة الصمود المشرفة على مجدل شمس المحتلة..معاناة إنسانية تختزل سنوات الاحتلال وإرهابه المنظم

يعاني أبناء قرى الجولان المحتل مجدل شمس وبقعاتا وعين قنية والغجر ومسعدة مرارة فراق الأهل سواء من بقي في الوطن الأم أم من دخل سجون الاحتلال الاسرائيلي
أو من تزوج إلى الطرف الآخر من الجولان المحرر الأمر الذي أدى إلى تمزيق وتفريق الأسرة الواحدة وتفكيكها نتيجة ظروف الاحتلال حيث تبقى وسيلة اللقاء الوحيدة النداء بمكبرات الصوت والتلويح بالمناديل قرب بلدة مجدل شمس عبر واد مملوء بالألغام والأسلاك الشائكة وتلة أطلق عليه أبناء الجولان "تلة الصمود".
وتصف الأم الجولانية هنية برجاس التي زوجت ابنتيها وليدة ورويدة إلى مسعدة المحتلة عام 2001 الوادي وتلة الصمود ببرمودا الشرق لأنه لا يبتلع الناس فحسب بل يفوقه قوة بابتلاعه للعواطف والمآسي الإنسانية وبإشراف مباشر من دوريات الاحتلال الاسرائيلي التي تجوب خط وقف إطلاق النار .
وتشير برجاس إلى معاناتها والمئات من الأمهات السوريات اللواتي زوجن أولادهن إلى الجولان وتواصلهن مع الأبناء والأحفاد عند التلة المذكورة ومن خلال التلويح بالمناديل وتحت مرأى ومسمع دوريات الاحتلال التي تشوش على عملية المناداة عبر مكبرات الصوت قائلة كلما توجهت إلى التلة التي ترمز إلى الصبر والصمود وتحدي المحتل للقاء بناتي وحفيداتي أعود مريضة إلى المنزل لأن الاحتلال يلعب بمشاعرنا ويمنعنا حتى من مناداتهم بمكبرات الصوت وبالكاد أراهم فانا محرومة من ضمهم إلى صدري منذ سنوات عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة القنيطرة حسن حسون يقول إن الوادي يفصل بلدة مجدل شمس المرتفعة عن سطح البحر 1600 م عن موقع عين التينة المحررة المرتفعة إلى 1350 بينما يصل ارتفاع التلة إلى 1550 أما الوادي الذي يفصل الجزء المحرر عن المحتل منه يرتفع إلى 900 م تقريباً وبعرض 200م شمالاً و400 م جنوباً وقد بنت قوات الاحتلال جدار فصل عنصري وسط الوادي بحيث فصلت التلة عن مجدل شمس .
ويشير حسون الى الاجراءت التي قامت بها قوات الاحتلال من خلال زرع نصف مليون لغم بين فردي وثقيل وضع شريط كهربائي شائك وبالرغم من صغره جغرافياً إلا أنه أغرب وأصعب واد على وجه الأرض لما شهده من مآس إنسانية مؤلمة وعلى جانبيه المحرر والمحتل.
ويضيف حسون انه لم يكن للجولان المحتل مطلع سبعينيات القرن الماضي أي نافذة دولية تربطه بوطنه الأم سورية سوى نقطة عبور واحدة وسط تلة الصمود والوادي وتشرف عليه قوات الأمم المتحدة وهدفها فتح المجال لتنفس أبناء الجولان ولقاء ذويهم من الطرف الآخر عبر خيمة كبيرة تحيطها الألغام من كل جانب عدا طريق ترابي يصل بطرفي الوادي يسمح للقادمين من مجدل شمس بالعبور مشياً إلى النقطة المذكورة لكن سرعان ما ألغت سلطات الاحتلال وعن عمد هذه النقطة متجاهلة المواثيق والأعراف الدولية واتفاقية جنيف الرابعة.
وتروي زوج الأسير الشهيد وليد محمود أم ثائر من مجدل شمس أن سلطات الاحتلال أطلقت النار على أبناء قريتها الذين وقفوا في وجه ممارساتها بعد تعرضهم للتنكيل والملاحقة حيث سقط العديد من الشهداء عند التلة والوادي المذكورين وهم يؤدون مهمات وطنية ومنهم شقيقها الأكبر الشهيد نزيه أبو زيد والشهيد عزت شكيب أبو جبل الذي حكم على والده بالسجن لمدة 300 عام إثر هذه العملية البطولية.
وعن الحوادث المأساوية التي وقعت عند الموقع المذكور ذكرت أم ثائر بعضاً منها فقالت سنة 1974 توفيت منوى أبو صالح عندما كانت تلوح لابنتها المتزوجة إلى مجدل شمس نتيجة للانفعال والضغط النفسي والشوق لملاقاة ابنتها التي تفصلها عنها عشرات الأمتار المزروعة بالألغام والأسلاك الكهربائية كما توفيت رحمة كبول بعدها باعوام عندما كانت تصرخ لابنتها خلف الشريط الشائك والمصطنع.
وأضافت هناك نساء كثيرات أصبن بعاهات دائمة ومميتة كالشلل والسرطان نتيجة هذه المواقف الإنسانية ووفاة والدة العروس غالية محمد رومية التي فارقت الحياة بعد عبور ابنتها بعام واحد نتيجة إصابتها بسرطان مفاجئ ناتج عن ظروف قاهرة وضغط نفسي كبير.
وذكر مختار الجولان عصام شعلان أن المختار السابق الشيخ قاسم عماشة أغمض عينيه على منظر لطالما أحبه منذ نزوحه عن الجولان عام 1967 في موقع عين التينة عند تلة الصمود عندما كان يردد النشيد الوطني في الذكرى 21 للإضراب الوطني الكبير ومعركة الهوية مضيفا ..انه مات إثر نوبة قلبية نتيجة تأثره بفراق الأهل والأحبة والوطن المحتل على مدى سنوات طوال.
وأشار شعلان إلى وجود حوادث إنسانية كثيرة للأسر الممزقة على طرفي الوادي سواء في عيد الأم أو في الأعياد والمناسبات الأخرى واللقاءات التي تتم ما بين العائلات الجولانية المشتتة مضيفا.. مع ذلك ورغم الممارسات القمعية والاستفزاز الصهيوني المتعمد للأهل فان أبناء الجولان يلملمون جراحهم ويشاركون بعضهم المناسبات الوطنية والقومية عند الوادي المذكور ويلوحون بالأعلام الوطنية وينشدون معاً نشيد الوطن الذي يملأ أصداء التلة ووادي الدموع.. وادي الحنين.. والألم.. والغضب.

بواسطة
علي الأعور
المصدر
سانا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى