العلامة البوطي يؤكد أن حرية الإنسان تكمن في استجابته لنداء العقل وتساميه فوق رغباته
أكد العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي أن الحرية الحقيقية تنبع من مقدار العبودية الحقيقة لله سبحانه وتعالى كيانا واعتقادا وان من انتهى عن هذا المعين لن يعثر على هذه الحرية قط.
وقال العلامة البوطي خلال خطبة الجمعة.. إن الإنسان لا يملك حريته التي ينبغي أن يعتز بها إلا بعد أن يغرس في طوايا قلبه شجرة العبودية لله عزوجل وإلا بعد أن يصطبغ بهذه العبودية كيانه وتهيمن على شعوره عندئذ تثمر هذه الشجرة ثمار الحرية الحقيقية.
وأوضح العلامة البوطي أن الإنسان إذا علم أنه عبد مملوك لله تعالى وحقق هذه المعرفة يقينا في عقله ووجدانا في قلبه وكيانه فسيملك حرية حقيقية تامة لا يملكها أحد غيره إلا من اتصف بذات الصفة التي متعه الله عزوجل بها مشيرا إلى أن الإنسان الذي دان بالعبودية لله هيمنت هذه العبودية ثقة بالله على كيانه ويقينا بأنه وحده النافع والضار وأن منطلقه إلى الحياة ومرده بعدها هو من الله وإليه وحده.
ولفت العلامة البوطي إلى أن عبودية الإنسان لله وحده تمنعه وتصده من أن يمارس طغيانا أو بغيا في جنبات الأرض حتى وإن كانت لديه قوة تدفعه إلى العلو فهو ينزل عن مستوى الطغاة والبغاة والظالمين إلى مستوى الإنسانية أما إذا كان ابتلي بضعف في كيانه أو فقر في امتلاكه فهو يتسامى أيضا من وهدة الذل والضعة إلى مستوى الإنسانية الباسقة.
ولفت العلامة البوطي إلى النتائج الايجابية لترسيخ جذور العبودية لله في قلب الإنسان وكيانه ووجدانه مؤكدا أن الإنسان الذي اصطبغ كيانه بعبودية الله لا يمكن أن يصبح عبدا لشهواته وأهوائه بل يتحرر منها كما لا يمكن أن يصبح عبدا لنفسه الأمارة بالسوء أو التي تقوده إلى مهاوي الذل أو أن يسمح للأطماع أن تنزل به عن مستوى الإنسانية الكريمة إلى مستوى الذل والمهانة استجابة لطمعه ورغباته كما ان الإنسان الذي هيمنت مشاعر العبودية لله عز وجل على كيانه لا يمكن أن ينقاد لمعصية حرمها الله سبحانه وتعالى عليه.
وأوضح العلامة البوطي أن الحر هو من يستجيب دائما لنداء العقل ويتسامى فوق نداء الشهوات والأهواء مسترشدا بشواهد عجيبة وبليغة في القرآن الكريم يضعنا بيان الله عزوجل أمامها لنعلم أن أول ثمرة من ثمار العبودية لله عزوجل هي الحرية والكرامة.