الجزائريون يشيعون أحد قادة رموز الاستقلال الرئيس الأسبق أحمد بن بلة إلى مثواه الأخير
ودع الجزائريون أمس في مراسم مهيبة ووسط حضور رسمي وشعبي واسع أحد قادة رموز الاستقلال الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة الذي وافته المنية الأربعاء الماضي عن عمر ناهز 96 عاما إثر صراع طويل مع المرض .
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن التشييع جرى بعد صلاة الجمعة بمربع الشهداء بمقبرة العالية في العاصمة الجزائر بحضور الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن حدادا وطنيا لمدة ثمانية أيام في جميع أرجاء البلاد ابتداء من الأربعاء الماضي حيث عرض جثمان الفقيد أمس الأول بقصر الشعب لإلقاء النظرة الأخيرة عليه.
ولد الفقيد في 25 تشرين الثاني 1916 من أسرة مزارعة في مدينة مغنية غرب مدينة وهران وواصل تعليمه الثانوي بمدينة تلمسان وادى الخدمة العسكرية سنة 1937 وانضم إلى الحركة الوطنية الجزائرية واشترك في حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية حيث كان يتمتع بشخصية قيادية في حرب التحرير الجزائرية من أجل استقلال بلده عن فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية وقد قضى عدة سنوات في السجون الفرنسية ويعرف عن بن بلة نزعته القومية العربية حيث كان أحد المؤسسين البارزين لحزب جبهة التحرير الوطني وارتبطت حياته بالنضال السياسي الجزائري خلال الاستعمار الفرنسي وتأثر كثيرا بأحداث 8 أيار 1945 التي قضى خلالها مئات الجزائريين بمدن سطيف وقالمة وخراطة شرق البلاد على يد الجيش الفرنسي ما دفعه إلى دخول النضال السياسي ضد الاستعمار الفرنسي لينضم إلى حزب الشعب الجزائري ثم بعد ذلك إلى حركة انتصار الديمقراطية التي أسسها مسالي حاج قبل أن ينتخب مستشارا لبلدية مغنية مسقط رأسه في عام 1974 .
وأصبح بن بلة في عام 1949 رئيس المنظمة الخاصة وهي الذراع العسكرية لحركة انتصار الديمقراطية أسسها محمد بلوزداد في 1944 ومهمتها جمع المساعدات المالية والأسلحة للمناضلين الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي وكانت هذه العملية هي الأولى في مهاجمة مركز بريد وهران في 1949 مع حسين أيت أحمد ورابح بيطاط وهما شخصيتان وطنيتان لعبتا دورا محوريا خلال الثورة الجزائرية.
وألقت سلطات الاحتلال الفرنسي القبض على بن بلة في 1950 وسجنته لمدة سنتين في العاصمة الجزائرية قبل أن تحكم عليه مجددا بالسجن سبع سنوات لكنه نجح في الفرار من السجن في 1952 والتحق بالقاهرة حيث كان يوجد زعيمان جزائريان آخران هما حسين أيت أحمد ومحمد خيضر وفي عام 1956 سجن بن بلة مرة ثانية بعد عملية قرصنة جوية نفذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تنقله من المغرب إلى تونس برفقة قادة آخرين لجبهة التحرير الوطني حيث مكث في السجن حتى استقلال الجزائر 1962 وبعد مغادرته السجن شارك في مؤتمر طرابلس بليبيا حول الجزائر وانتخب أول رئيس للجمهورية الجزائرية في 1963 وحكم البلاد لغاية 19 حزيران 1965 ليعين مجلس الثورة بدلا منه هواري بومدين.
وكانت هذه السنة بمثابة بداية لحياة مظلمة دامت 15 سنة قضاها في السجن وبعد وفاة هواري بومدين في 1978 ووصول الشاذلي بن جديد إلى سدة الحكم أطلق سراح بن بلة وهاجر إلى فرنسا حيث أنشأ حزبا سياسيا يدعى الحركة الديمقراطية الجزائرية وعاد إلى الجزائر عام 1988 حيث كان في استقباله في ميناء الجزائر حشود غفيرة .
وتقلد بن بلة عدة مناصب هامة إبان الثورة الجزائرية وبعد الاستقلال حيث تولى منصب رئيس الوزراء في 27 ايلول عام 1962 ليتم انتخابه بعد ذلك رئيسا للجمهورية كما ترأس منذ عام 2007 مجلس الحكماء الذي يقدم استشارات لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بشأن منع النزاعات وحلها .