الأردن انتقل إلى “المنطقة الرمادية” بعد قناعته أن النظام السوري تجاوز خطر السقوط
مع تصاعد حدة المواقف التركية الخليجية ضد دمشق، تبدو عمان وكأنها تبتعد “بهدوء” عن معسكر الصقور المطالبين برأس النظام السوري وتنتقل لتصبح في
المنطقة الرمادية من اللعبة تمهيداً لخروجها نهائياً من المجموعة المطالبة "بتغيير النظام السوري". وفي وقت أكد الأردن وتركيا مؤخراً ضرورة تكثيف الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، وخاصة تقديم الدعم المطلوب لإنجاح مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان وتنفيذ خطته ببنودها الستة وبما يضمن وقف العنف وحقن الدماء والبدء في حوار سياسي جاد وذلك خلال لقاء وزير الخارجية ناصر جوده في اسطنبول مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو. تدفع معلومات من مطبخ القرار الأردني من جهة، ووقائع يرصدها مراقبون على الأرض من جهة أخرى، للتساؤل عمّا إذا كان الأردن بدأ فعلاً ينحاز لبقاء النظام الحالي في سورية!!.
ولا يخفي وزير بارز بالحكومة في أحاديثه السياسية أن عمّان لا تفضل سقوط النظام في سورية، وإن كان يغلف موقفه هذا بمبررات رفض المملكة التدخل في الشأن السوري، وتداخل المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية بين عمّان ودمشق كما يلحظ سياسيون تغييراً بلهجة السياسيين الأردنيين التي وصلت في مرحلة ما حدّ دعوة الملك عبد الله الثاني إلى الرئيس بشار الأسد للتنحي "بطريقة غير مباشر" قبل أشهر، لتنتقل تصريحاته مؤخراً للدعوة "لحل سياسي في سورية" يضاف لها غياب التصريحات الحكومية ومنها تصريحات وزير الخارجية.
والوقائع على الأرض تبدو أكثر وضوحاً، فالأردن كثّف مؤخراً من تضييقه على المعارضة والنشطاء السوريين في عمان، واعتقل أكثر من ناشط لا يزال أربعة منهم على الأقل معتقلين بتهم محاولات تهريب سلاح أو معدات طبية إلى سورية ولم يتردّد الأمن الأردني في تسريب خبر قبل أيام باعتقال ثلاثة سوريين كانوا يحاولون تهريب جهاز بث تلفزيوني وأكياس لحفظ وحدات الدم عبر الحدود مع سورية.
ويتحدث معارضون سوريون إسلاميون وعلمانيون عن أن جهاز المخابرات استدعاهم، وحذّر بعضهم من أي نشاط انطلاقاً من الأردن، وهو ما أدى لمغادرة العديد منهم عمان. وكشفت مصادر سياسية عن أن مطبخ القرار الأردني بات مقتنعاً أن النظام في سورية تجاوز خطر السقوط، وأنه من المجازفة الانخراط في خطط لإسقاطه.
وتتحدث المصادر عن أن سقوط النظام في سورية أكثر المستفيدين منه هم جماعة الإخوان المسلمين مما سيقوي الجماعة بالأردن التي تعيش حالة صراع وتوتر مع السلطة الرسمية، بل إن سياسياً أردنياً قال إن قانون الانتخاب الذي أعلن قبل أيام ورفضه الإخوان جاء نتيجة للتحول الأردني من سورية، ولمنع سيطرة الإخوان على البرلمان المقبل.
لكن هذه التحولات دفعت سياسيين بارزين للتساؤل إن كانت عمان باتت تنحاز للموقف الإيراني العراقي المتحالف مع النظام في سورية بمواجهة المعسكر الخليجي انطلاقاً من قراءات النظام التي تنطلق من هواجس وصول حكم الإخوان المسلمين لحدوده مما سيغيّر معادلة تعامل الإخوان معه هنا في عمان.
ومن جهة أخرى تلقى الأردن قبل أيام رسائل نقد سعودية جاءت في مقال لرئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" طارق الحميد أخذها المسؤولون ولاسيما الملك عبد الله الثاني على محمل الجد على أنها تعبّر عن عدم رضا سعودي عن الموقف الأردني من سورية. حيث طالب المقال الذي نُشر قبل أيام الأردن بأن يحسم أمره، ويخرج من المنطقة الرمادية أو الضبابية؟!.