المصرف التجاري السوري اللبناني يقاضي الاتحاد الأوروبي
يخوض المصرف التجاري السوري اللبناني معركة قضائية وقانونية بوجه العقوبات الأوروبية عليه،
المعركة مفتوحة على جبهتين الأولى بوجه مجلس الاتحاد الأوروبي، والثانية في لبنان حيث حقق هدفاً أساسياً بعدما قرّرت المصارف اللبنانية إعادة التعامل معه.
أما في أوروبا فالقرار سيكون للمحكمة بعدما استمهل الاتحاد الأوروبي شهرين لتحضير ردّه على الدعوى المقامة ضدّه.
في مطلع السنة الجارية، أضاف الاتحاد الأوروبي إلى لائحة العقوبات على سورية اسم المصرف التجاري السوري اللبناني الذي يدير فرعين له في لبنان.
وقد جاءت هذه الخطوة بحسب أعضاء في جمعية مصارف لبنان، بعدما مارس الأميركيون ضغطاً كبيراً على الاتحاد الأوروبي لإصدار مثل هذه العقوبات بذريعة أن هناك عمليات تمويل إرهاب تجري من خلال المصرف.
كما تم توجيه جزء من الضغط إلى القطاع المصرفي اللبناني بشكل عام، سواء بواسطة الإعلام الغربي أو من خلال زيارات المسؤولين الأميركيين لحاكم مصرف لبنان ولقاءاتهم مع مجلس إدارة جمعية المصارف، بهدف زيادة الضغط على سورية.
وبحسب أعضاء في مجلس إدارة الجمعية، إن هذا النوع من الضغط كان يهدف دائماً إلى ممارسة "الإرهاب" على المصارف اللبنانية نظراً إلى حجم انخراطها مع السوريين، سواء الشركات السورية أو الأفراد.
وفي الزيارة الأخيرة لنائب وزيرة الخزانة الأميركية لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية دايفيد كوهين، كان الطلب الأميركي واضحاً من جمعية المصارف وسلامة بضرورة تطبيق العقوبات على كل من المصرف التجاري السوري اللبناني، وبنك صادرات إيران.
يومها أجابه سلامة بأن حجم المصرفين المذكورين لا يمكن أن يؤمن تمويلاً لأي نظام، فالأول يبلغ 100 مليون دولار والثاني 400 مليون، وبحسب النتائج المالية للمصرف التجاري فإن حجم أصوله ارتفع في عام 2010 إلى 545 مليون دولار وبلغت قروضه 106 ملايين دولار وودائعه 84 مليوناً وأمواله الخاصة 118 مليوناً.
على أي حال، كانت مفاعيل الزيارة سلبية على «المصرف التجاري» فقد قرّرت المصارف اللبنانية وقف التعامل معه بسبب خوفها من التهديدات الأميركية التي ساقها كوهين في زيارته الأخيرة، فتوقفت، تلقائياً، عن التعامل بالشيكات الصادرة عنه خوفاً من اتهامها بتمويل النظام السوري، وخوفاً من أن تلقى مصير البنك اللبناني الكندي.
إلا أن المصرف التجاري السوري اللبناني، كان يعدّ لمواجهة العقوبات من خلال معركة بوجه العقوبات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي في اتجاهين، ففي شباط الماضي وجّه المصرف إنذارين إلى مجلس الاتحاد الاوروبي، يحذّره من عدم قانونية هذه العقوبات ويطالبه بإبراز الأدلة التي تشير إلى أنه يموّل العمليات الإرهابية.
لكن الاتحاد الأوروبي لم يتجاوب مع الإنذارين ولم يبرز أي وثيقة بهذا الخصوص، فقرّر رئيس مجلس إدارة المصرف انطوان فرنجية، رفع دعوى قضائية على الاتحاد وعيّن 3 محامين أوروبيين لرفع نصّ الدعوى.
وفي 17 نيسان تقدّم وكلاء المصرف بالدعوى، ما اضطر الاتحاد الأوروبي إلى مراسلة المصرف يستمهله مدّة شهرين للردّ، ويؤكد ضرورة التشدّد في القوانين المرعية والإجراءات المعتمدة.
وضمّ فرنجية إلى نص الدعوى إفادة يفهم من مضمونها أنها تشبه إفادة «حسن سلوك» صادرة عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تفيد بأن المصرف التجاري السوري اللبناني هو مصرف برأس مال لبناني ويلتزم بالقوانين المرعية ويراقب من السلطات المالية ومن هيئة مكافحة تبييض الأموال.
ومحلياً عادت المصارف اللبنانية إلى التعامل مع المصرف التجاري السوري اللبناني بعدما تلقّت إنذارات قانونية تحذّرها من مقاطعته ورفض شيكاته
. وتشير كتب الإنذار إلى أن بعض المصارف المحليّة عمدت، منفردة، من دون أي تعليمات أو تعاميم صادرة عن مصرف لبنان ومن دون وجه حق أو سند قانوني، إلى وقف التعامل مع هذا المصرف.
وتشدّد الكتب على أن هذه الإجراءات سبّبت أضراراً كبيرة للمتعاملين والمودعين لأموالهم لدى المصرف واشاعت أجواء من الهلع والخوف والارتباك، ما عرّض ويعرّض المصرف إلى اهتزاز السمعة، بالإضافة إلى احتمال حصول ضياع لحقوق الأفراد أو الشركات أو الأشخاص الاعتبارية التي تعاملت وتتعامل بشيكات المصرف. «وقد يؤدي الأمر إلى عدم تحصيل أو عدم إيفاء المتعاملين لالتزاماتهم وتعهداتهم خارجاً عن إرادتهم». فبحسب الكتب، إن مثل هذه الخطوات التي تقوم بها المصارف، تعرّض «مصالح المصرف والمتعاملين معه لخسائر مادية كبيرة ولمساءلات قانونية وأضرار متنوعة»، وتلفت إلى أن هذا الأمر «يحملنا على اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة رفعاً للضرر اللاحق بالمصرف وبالمتعاملين معه».
وفي الكتب أيضاً، يستنكر المصرف التجاري «هذه الإجراءات غير المبرّرة»، ويدين الحملة التي «ألحقت اضراراً مادية ومعنوية به وبعملائه، ما قد يرتدّ سلباً على سائر المصارف العاملة في لبنان ويمثّل سابقة ليست في مصلحة المصارف اللبنانية كافة، ولا القطاع المصرفي عموماً، علماً بأن المصرف التزم ولا يزال يلتزم بتطبيق كافة القوانين والأنظمة والتعاميم الصادرة عن الجهات الوصائية اللبنانية المختصة». ولم تقتصر الكتب على التحذير، بل كانت بمثابة إبلاغ عن الخطوة السابقة المتمثلة برفع دعويين قضائيتين أمام مجلس الاتحاد الأوروبي وأمام المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي.