مقالات وآراء

من اجل كرسي في مجلس الشعب

كان من اجمل الافلام التي الهبت مخيلتي كطفل صغير، هو فيلم “من اجل حفنة من الدولارات” وبطله جوليانو جيمّا، الذي وضعت له صوراً عديدة في غرفتي، تشابه تلك الصور لمرشحي الانتخابات في مجلس الشعب.
توقفت مطولاً أمام بعض الصور، فالألوان الزاهية للخلفية، إضافة الى نظرات المرشحين التي تتغير من واحد الى آخر، فمن نظرة التحدي للمستقبل، الى نظرة الواثق بأمره، ومن أصحاب العيون المُسبلة، الى الشعر "المظبط"، ومن الأطقم الرجالية المودرن مع ربطات العنق، الى المشالح والجمدانات العربية، وكلها لكي تُعطي الناطر اليها، أن المرشح هذا، هو الذي سـ"يشحط الديب من ديلو".
لم اجد إلا عبارات قليلة مكتوبة تحت اسم برنامج انتخابي، وهي تندرج بين الاصلاح ومحاربة الفساد، وكأنهم لم يتذكروا أن الكثير منهم كانوا أعضاء سابقين في المجلس، وكأنهم حاربوا الفساد حرب شعواء ، او انهم نادوا الى الاصلاح في السابق، ولم يتذكر الكثير منهم أنهم عندما كانوا اعضاء في السابق، ما كانوا إلا مثل دون كيشوت، حاربوا بسيوف من الورق، طواحين الهواء التي تخيلوها.
والكثير منهم يبدأون معنا بلهجة الأمر "انتخبوا" وكأننا ما انتخبناهم في السابق، وما جربناهم في السابق واكتشفناهم.
الكثير منهم يطلّون علينا بنظرات من الوقار، وكأننا لا نعرف أنهم "يخفّقون" في دهاليز متعددة وهم على استعداد لمسح الأحذية إن لزم الأمر.
الكثير منهم يتكلمون عن النزاهة، وكأننا لا نعرف ان منهم من صُرف لأسباب تمس النزاهة، ومنهم مَن نزاهته اكثر بياضاً من الشاش الأبيض نفسه.
الكثير منهم يتكلمون انهم من الشعب وأنهم سيكونون صوت المواطن، ونسوا أنهم كانوا سوطاً عليه.
الكثير منهم حمل الألقاب العلمية والكثير منهم اشتراها، ولكنهم نسوا ان هذا العقل المريض (حامل اللافتات العلمية) لم يقتن العلم ليصيره ضميرا فعالا، بل ليجعله آلة للعيش، وسلما يصعد به الى منصة المجلس.
الكثير منهم اعتبروا ان كرسي مجلس الشعب هو تكريم لهم في آخر حياتهم، لأننا عشنا سنوات طويلة باقتناع ان المجلس هو نوع من انواع الكرنفال السياسي .
وبعد ذلك ينادون بالاصلاح…
وينادون بمحاربة الفساد….
ويُسبلون عيونهم الجميلة، وهم يلتحفون لباسهم، ويطلون على العباد من الشرق، والناس في الغرب.
أهداني السيد بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كتاباً له اسمه "بانتظار بدر البدور"، قرأت فيه أن " الفرق بين السياسي ورجل الدولة, هو ان الأول يفكر في الانتخابات المقبلة, بينما الثاني يفكر في الجيل القادم"
اليس الكثير من المرشحين يصلحون أن يكونوا ممثلين في افلام الكابوي الاميركي؟؟؟
اه يا بلدي كم نحن نفتقد الى رجال دولة.

بواسطة
باسل قس نصر الله
المصدر
عالم بلا حدود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى