أثرياء حلب يواجهون أزمة الغاز بالوجبات السريعة والفقراء بالكاز وسرقة الكهرباء
واجه سكان مدينة حلب من الأثرياء أزمة الغاز بالاعتماد على الوجبات السريعة الجاهزة، التي زاد الطلب عليها بمقدار الضعف، في حين اعتمد الفقراء على الكاز والتيار الكهربائي «المسروق» للحد
من اتكالهم على المادة في المطبخ المنزلي لقناعتهم بأن الأزمة آخذة بالتصاعد مستشهدين بقول أحد المسؤولين المعنيين «دبروا راسكم».
واتكل ذوو الدخل المحدود على مؤونة المنزل و«الحواضر» لتحمل أعباء فقدان وارتفاع سعر اسطوانات الغاز بما لا يتناسب إطلاقاً مع دخولهم ومدخراتهم التي تكاد تنعدم في ظل الكساد وغياب فرص العمل «ولا طاقة لنا بتحمل فواتير الكهرباء في حال استخدام السخانات الكهربائية للطبخ، التي زاد سعرها من ضعف إلى ضعفي سعرها قبل أزمة الغاز»، حسب قول أحدهم لـ«الوطن» إلا أنه أشار إلى أن الكثير من الفقراء يعتمدون على التيار الكهربائي في المطبخ «لأنهم يستجرون الكهرباء بطريقة غير مشروعة في الأحياء الشعبية التي تغيب فيها الرقابة بشكل شبه كلي»
ونحا بعضهم باتجاه استخدام «بابور الكاز» كبديل عن اسطوانات الغاز بيد أن فقدان المادة من محطات الوقود وارتفاع سعرها في السوق السوداء بدد آمالهم في التغلب على الأزمة التي أوصلت سعر تبديل اسطوانة الغاز إلى 2000 ليرة سورية في حال توفرها لدى السماسرة والمتحكمين بأسعارها. وعلى الرغم من إعلان دائرة حماية المستهلك في مديرية الاقتصاد والتجارة بحلب عن تنظيم 150 ضبطاً بسبب الاتجار والتلاعب بمادة الغاز وحجز 30 سيارة ومصادرة 300 اسطوانة غاز وتوقيف 180 متلاعباً بالمادة، ما زال السماسرة يسرحون ويمرحون في مراكز التوزيع الخاصة بسادكوب. وبإمكان زائر مركز البلليرمون لتوزيع الغاز التعرف بسهولة على السماسرة، ومنهم من أقسام الشرطة المفروزين لتنظيم الدور نتيجة للازدحام الكبير، للحصول على إيصالات لتبديل اسطوانات الغاز بربح مقداره 900 ليرة للاسطوانة الواحدة «وهذا يعني أن السمسار يحقق أرقاماً خيالية لا تقل عن 30 ألفاً يومياً يتقاسمها مع وساطته وأصحاب النفوذ…» وفق قول أحد الموظفين الحكوميين الذي حاول عبثاً الحصول على اسطوانة بسعرها الرسمي.
ولفت أحد سكان حي السبيل المجاور لمركز البلليرمون أنه لا بد من حجز الدور منذ الساعة الثانية ليلاً وحتى وقت توزيع الاسطوانات صباحاً «كي نقدر على تبديل أسطوانة واحدة دون اللجوء للسماسرة، ولا يمكن في ظل المشاكل الأمنية إرسال الأطفال لحجز الدور…».
ولجأ بعض العاطلين عن العمل إلى مراكز توزيع الغاز لتحقيق ربح مادي يصل إلى 2000 ليرة يومياً عبر الانتظام بالدور وتبديل اسطوانتين يومياً ثم بيعهما إلى الزبائن غير القادرين على الانتظار لفترات طويلة أمام المركز.
ولا يختلف الحال في مركز توزيع الراموسة لكن المستفيدين من السماسرة هم المعتمدون النظاميون لتبديل أسطوانات الغاز «والذين يبيعون حمولة سياراتهم أمام المركز بسعر 1300 ليرة للأسطوانة الواحدة دون الوصول إلى محالهم التجارية المعتمدة للتوزيع بسعر نظامي ومعظم زبائنهم من أصحاب المحال التجارية الذين يزيدون السعر ليصل إلى 1800 ليرة، وليحققوا أرباحاً خيالية كلما استمرت الأزمة أكثر على حساب قوت المواطنين الفقراء»، كما يقول أحد المتذمرين من العملية لـ«الوطن»، والذي يؤكد أن الرقابة شبه غائبة على عمل هؤلاء الانتهازيين. وراح المعتمدون يبيعون الغاز إلى المطاعم بسعر مرتفع يبلغ 1500 ليرة للاسطوانة الواحدة «إذ تضطرنا ظروف عملنا لشراء الغاز بسعره الرائج في السوق السوداء وإلا فستغلق مطاعمنا لأنني احتاج يومياً إلى 5 اسطوانات خاصة بشوايات الفروج، ما يزيد تكلفة الفروج المشوي الواحد بمقدار 25 ليرة يتحمل المستهلك فارق السعر»، وفق قول صاحب محل لبيع الفروج في حي الخالدية.