نصر الله: موقفنا من سورية ثابت ونحن مع الحوار السياسي لإنهاء الأزمة فيها
أكد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أن المخطوفين اللبنانيين أصبحوا بأمان وقد دخلوا الأراضي التركية ويتحضرون للانطلاق باتجاه لبنان وأن قضيتهم تشهد خواتيمها الطيبة بالإفراج عنهم
وقال نصر الله في كلمة له بمناسبة عيد المقاومة والتحرير أمس: "إنه منذ اللحظات الأولى لخبر الاختطاف كنا على تواصل مع القيادة السورية التي اهتمت منذ البداية بالنساء والرجال الكبار في السن الذين أطلق سراحهم وأمنت لهم الرعاية والحماية الأمنية وبتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد حيث تم تهيئة طائرة لإيصال النساء ومن معهن بشكل سريع وكان لذلك مساهمة كبيرة في تهدئة النفوس وتطييب الخواطر وأبدأ من هنا الشكر للقيادة السورية والرئيس الأسد على هذه اللفتة والعناية" كما قدم الشكر لكل الذين ساهموا وساعدوا واهتموا واوصلوا الأمور إلى هذه الخواتيم الطيبة.
موقفنا السياسي من الأحداث التي تجري في سورية منطلق من ثوابت ورؤية استراتيجية ومن تقييم للوضع في المنطقة
وتوجه نصر الله للخاطفين بالقول "إن عملكم هذا مدان وإن خطف الأبرياء والاعتداء على الناس هو أمر يسيء لكم ولكل ما تدعون أو تقولون إنكم تعملون من أجله، وهنا من الممكن وجود فرضيتين اثنتين فإذا كان الغرض هو الضغط على موقفنا السياسي كالتعابير التي سمعها الزوار من الخاطفين فهذا لن يقدم أو يؤخر لأن موقفنا السياسي من الأحداث التي تجري في سورية منطلق من ثوابت ورؤية استراتيجية ومن تقييم للوضع في المنطقة ومن قراءة دقيقة وهادئة وعاقلة للتهديدات والأحداث والمشاريع ولذلك نحن في سورية مع الحوار ومع الإصلاح والوحدة الوطنية ومع انتهاء أي شكل من أشكال المواجهة المسلحة ومع المعالجة السياسية من أجل سورية ومستقبلها وموقعها وشعبها وأهلها وسلامتها وقوتها".
وتابع نصر الله "بالتالي إذا كان المقصود من خطف اللبنانيين هو التأثير على موقفنا السياسي أو موقف حلفائنا من هذه الزاوية فهذا أمر غير مجد ولا داعي له لأننا حين نأخذ موقفنا فإننا مستعدون لأن نضحي من أجله لأننا نكون منطلقين فيه من ثوابتنا ونحن بهذا الموقف نضحي من أجل ما هو أهم وأولى".
وأشار نصر الله إلى أنه إذا كانت الفرضية الثانية من وراء الخطف هي الضغط على لبنان للضغط على القيادة السورية من أجل إطلاق سراح معتقلين مقابل مختطفين لبنانيين فهذا لم يجد سابقا ولن يجدي مستقبلا ولا طائل منه لا سياسيا ولا أمنيا ولا تبادليا وأن السلطات السورية ليست في وارد فتح هذا الباب ونحن أيضا لسنا في وارد الدخول في مشكلة.
ودعا نصر الله إلى حماية الرعايا والعمال السوريين في لبنان وعدم التعرض لهم مشيرا إلى أن الاعتداء عليهم حرام من الناحية الدينية والأخلاقية والإنسانية لأن هؤلاء يعيشون بين اللبنانيين ولا علاقة لهم بحادث الاختطاف في حلب ولا يتحملون أي مسؤولية أو ذنب.
وأوضح نصر الله أن حادثة الخطف هذه تذكرنا ببداية احتلال العدو الصهيوني لفلسطين حين كان العدو الإسرائيلي يقوم بالخطف والاعتداء على اللبنانيين على الحدود من فلسطين المحتلة وقال "إن التجربة التي حصلت اليوم طيبة جدا ومن اللحظة الأولى قلنا إن المسؤولية تقع على عاتق الدولة والحكومة والقيادة والقوى السياسية اللبنانية.. يجب أن تتحملوا المسؤولية فكلنا نساند مسعى الحكومة والدولة وهذا أمر جيد وهذه ليست بداية بل خط قديم ومن هنا أدخل إلى جنوب لبنان والمواجهة مع العدو الإسرائيلي".
وأوضح نصر الله إنه منذ انشاء الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية عام 1948 كان يباشر الاعتداء على الأراضي اللبنانية ويدخل الحدود والقرى ومخافر قوى الأمن ويعتدي على الجيش المتواجد ويخطف العسكر والمدنيين ويرتكب المجازر وكانت السلطة السياسية اللبنانية في عالم آخر فهي لم تتبن استراتيجية الدفاع عن الجنوب وأهله أو عن لبنان وشعبه إنما تبنت نظرية قوة لبنان في ضعفه والحياد ما حدا بالناس الى تشكيل لجان المقاومة الشعبية للدفاع عن أرضهم وكرامتهم واملاكهم.
وقال نصر الله "عندما نتحدث اليوم عن المقاومة الشعبية يجب أن نذكر ونسجل أن الشعب اللبناني وخصوصا أهل الجنوب والقرى الأمامية في الجنوب والبقاع الغربي أصروا أن يشتروا السلاح ويحموه وان يقوموا بهذا الواجب الوطني في ظل غياب السلطة السياسية اللبنانية بالكامل وأكثر من غياب وإن الدولة لم تحم الأرض والبلد والناس لذلك انطلقت المقاومة في لبنان في شكلها الشعبي وعبرت عن حالها بأحزاب وتنظيمات وحركات ومنظمات وكان للأخوة الفلسطينيين دور أساسي في هذه المقاومة من خلال الفصائل الفلسطينية المجاهدة والمناضلة والاحتضان الشعبي وكانت هذه المقاومة التي تصعدت وتراكمت جهودها وإنجازاتها إلى أن كان الانتصار الكبير في 25 أيار عام 2000 والذي أصبح عيدا وطنيا عيدا للمقاومة والتحرير والانتصار".
المقاومة أسقطت المشروع الأميركي الإسرائيلي على مستوى المنطقة
ودعا نصر الله الى تكريس هذا اليوم عيدا وطنيا لكل اللبنانيين وقال "إن المقاومة التي انطلقت سريعا في لبنان وواجهت الاحتلال 1982 أسقطت هذا المشروع الأميركي الإسرائيلي على مستوى المنطقة وأدخلت المنطقة في عصر جديد وفي مرحلة جديدة.. فهذه الأرض التي تقفون عليها الآن كانت أرضا محتلة وقد عادت إلى أهلها.. والإسرائيلي لم يدخل إلى لبنان ليخرج منه فهو لديه أطماع في لبنان بأرضه ومياهه لكن مسارعة اللبنانيين إلى مقاومة الاحتلال حيث كانت الضربة النوعية العظيمة جدا في /11/ تشرين الثاني عام /1982/ من خلال استشهاد أحمد قصير في مدينة صور والوجه المكتئب والكالح لشارون على أنقاض ذلك المكان ما أعطى انطباعاً واضحاً للإسرائيليين أن الجنوب ولبنان لن يكون أرضاً آمنة لقوات الاحتلال ولا لمشاريعه".
وتابع نصر الله "إن هذه الأرض عادت إلينا بكرامة ودون شروط ودون ضمانات أمنية ودون اتفاقيات إذلال ودون مكاسب للعدو والأهم أن هذه الأرض عادت إلى أصحابها من البيوت والمزارع والحقول وغيرها، وعادت إلى سلطة وسيادة الدولة، وكلنا نعلم في كامب ديفيد كيف عادت سيناء إلى مصر حيث عادت بشروط إسرائيلية .. إننا موجودون اليوم في أرضنا وقرانا والناس تعيش بأمن وسلام وطمأنينة والفتنة التي أرادها الإسرائيلي وحضر لها عام 2000 سقطت بسرعة".
25 أيار 2000 دق المسامير الأخيرة في نعش ما يسمى بإسرائيل الكبرى
وأكد نصر الله أن العدو الإسرائيلي ومنذ 25 أيار عام 2000 باستثناء عدوان تموز عام 2006 لا يجرؤ على الاعتداء على لبنان واللبنانيين فزمن الاعتداء وخطف وتهجير اللبنانيين قد انتهى منذ اثني عشر عاما وقال "الإسرائيلي المعتدي بطبعه والطماع بأرضنا ومياهنا لا يجرؤ أن يعتدي على أهلنا وسيادة بلدنا الذي تحميه معادلة الشعب والجيش والمقاومة لا معادلة الأمم المتحدة أو الجامعة العربية ولا منظمة التعاون الإسلامي ولا أحد.. من يحمي ذلك كله معادلة الجيش والشعب والمقاومة.. والإسرائيلي الذي كان يرمينا بالرصاص أصبح خائفا أن يرمى عليه الرصاص وأن 25 أيار 2000 دق المسامير الأخيرة في نعش ما يسمى بإسرائيل الكبرى التي كان يقال لها من النيل إلى الفرات هذا المشروع انتهى بفضل بطولات وتضحيات المقاومين".
وأشار نصر الله إلى وجود ترابط قوي بين انجاز المقاومة في لبنان وانجاز المقاومة في فلسطين وأنه بعد التحرير في 25 أيار 2000 بأشهر قليلة كانت انتفاضة الأقصى التي كانت لها تداعيات كبيرة جدا والتي وضعت إسرائيل أمام معركة وجود ولولا المجتمع الدولي والدول العربية والخذلان الذي لحق بالفلسطينيين لكانت هذه الانتفاضة حققت انجازات تاريخية واستراتيجية عظيمة جدا ولكن من إنجازاتها أنها فرضت على الصهاينة بناء جدار في الضفة الغربية بدأت إسرائيل تنسحب من غزة وانسحبت من جنوب لبنان وفي الضفة الغربية بدأت تبني جدارا والآن هناك كلام عن بناء جدار مع الحدود المصرية وبناء جدار على الحدود الأردنية إذا إسرائيل الكبرى انتهت وانتهت حدود الأنهار ولجؤوا إلى حدود الجدران التي لن تحميهم ولن تحفظ وجودهم القائم على الاغتصاب والمجازر والعدوان والإرهاب والأطماع.
وميز نصر الله بين معادلة حماية البلد في مواجهة العدو الإسرائيلي وبين معادلة حماية السلم الأهلي والأمن والاستقرار الوطني في الداخل ففي الداخل المسؤول عن الأمن والاستقرار وحماية اللبنانيين وسلمهم الأهلي هو الدولة فقط من خلال الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الرسمية ولا أحد لديه مسؤولية في هذا الموضوع لافتا إلى الأحداث والاضطرابات الأخيرة التي وقعت في لبنان.
المقاومة جاهزة وأبطالها مستعدون لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل ضد لبنان
وبشأن الحوار الوطني أعلن نصر الله باسم حزب الله موافقته على العودة إلى طاولة الحوار وقال "سنشارك فيها وبلا شروط وإذا كان قلب قوى 14 آذار على البلد بالفعل وتخاف عليه فلتتفضل إلى الحوار بلا شروط ولكن أن يخرج أحد ويقول يجب أن تستقيل حكومة وغيرها ثم نتجه لطاولة الحوار فهذا لا يريد حوارا بل السلطة بأي ثمن وإنني أدعو أيضا أطراف طاولة الحوار للاستجابة إلى طلب رئيس الجمهورية والمشاركة بالحوار وأن نجلس ونتحادث ونحاول أن نلم الاحتقان من البلد بالطريقة التي تجعل التنافس أو الصراع السياسي محكوما بأسقف وطنية سليمة".
وأكد نصر الله أن الشعب اللبناني الذي حمى وحرر بلده واستعاد أسراه وكرامته بتضحيات شهدائه سيحمي عيشه المشترك وسلمه الأهلي مؤكدا أن المقاومة جاهزة وأبطالها مستعدون لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل ضد لبنان، وقال "سنحمي أيضا الجنوب الذي هو الجبهة المتقدمة لحماية لبنان والذي كان أيضا في 2006 الجبهة المتقدمة لحماية المنطقة كلها من مشروع شرق أوسط جديد ومعكم وبحضوركم وبصبركم وبإيمانكم وبشجاعتكم وبحكمتكم لن يكون هناك إلا أعياد وإنجازات وانتصارات".