هولاند يلوح بالحرب على دمشق ووزير خارجيته يشرح “لماذا لا تستطيع فرنسا شن تلك الحرب”!!
في أول ظهور إعلامي له، بدا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مصراً على أنه يستطيع حل جميع “المشاكل” التي فشل سلفه نيكولا ساركوزي في حلها. ورأى
هولاند أن الحرب ممكنة على سوريا إذا كانت بغطاء أممي ليعود وزير خارجيته فابيوس بعد ساعات ويشرح "وجهة" نظر رئيسه بطريقة مختلفة موضحاً أنه لا يوجد أحد الآن "يفكر" مجرد تفكير بخيار "التدخل البري" في سوريا لكنه لم يخبرنا شيئاً عن "الخيار الجوي" أو "البحري".. فهل هناك من يفكر بهما وهل فرنسا هولاند ستذهب إلى الحماقة التي تورع الأرعن ساركوزي عن التورط بها.. هذا ما ستخبرنا به الأيام القادمة غم أن خيبة أمل القيادة السورية من هولاند ووزير خارجيته أصبحت واضحة تماماً لأن هولاند يبدو ذاهباً إلى ما لم يصل إليه ساركوزي. وقد تحركت السلطات الفرنسية الجديدة على ثلاثة خطوط في ما يتعلق بالأزمة السورية، وجاء عدم استبعاد الرئيس فرنسوا هولاند مشاركة بلاده في حرب لقلب النظام السوري شرط موافقة مجلس الأمن، وتوضيح وزير خارجيته لوران فابيوس لِما يمكن وصفها العقبات الخمس، ليظهر الصورة الرسمية الفرنسية.
ثلاثة إجراءات كانت محل تشاور وتنسيق بين باريس ولندن وبروكسيل وسواها لمؤازرة المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان اثناء زيارته إلى دمشق:
ـ أولاً، الاجراء الديبلوماسي الذي اتخذته بعض العواصم الغربية لإبعاد السفراء وبعض الديبلوماسيين السوريين وكان متوقعاً منذ اشهر عدة، لكن توقيته بقي محل نقاش بين المعنيين في انتظار اللحظة المناسبة. وكان للمجزرة التي حدثت في الحولة، قبيل وصول أنان بيومين، وقعها الكبير على الرأي العام وأصحاب القرار في هذه العواصم. ما استدعى مشاورات حثيثة بينهم، والاتفاق على توقيت إعلانها قبيل لقاء الرئيس السوري بشار الأسد وأنان.
ـ ثانياً، هذا الإجراء لم يكن يتيماً، بل واكبه قرار للتحرك في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، بغية الاستمرار في محاصرة النظام في هذا المحفل من خلال الدعوة إلى إيفاد فريق أممي مكلف التحقيق في الانتهاكات المرتكبة وفاعليها.
– ثالثاً، أما الإجراء الثالث المكمّل فكان مزدوجاً، حيث ترافق مع الإطلالة الأولى للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مقابلة مع القناة التلفزيونية الفرنسية الثانية، ولوزير خارجيته لوران فابيوس في مقابلة نشرتها صحيفة "لوموند". إذ استحوذ الحدث السوري على اهتمامهما، حيث رسما معالم "تعاطيهما الحذر" مع هذا الملف وتداعياته الداخلية والإقليمية، إذا صح التعبير. فما لم يفسره هولاند لضيق الوقت، شَرحه فابيوس بدقة، الأمر الذي كشف صورة الموقف الفعلي لباريس، والامكانات المتاحة أمامها. وقال الرئيس الفرنسي إنه لا يمكنه أن يبقى مكتوفاً حيال مجزرة الحولة، وكان لا بد من الطلب من السفراء السوريين مغادرة الأراضي الفرنسية، وانه سيتحدث عن تشديد العقوبات ضد النظام السوري في مجلس الأمن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيلتقيه في عشاء العمل في قصر الإيليزيه غداً الجمعة. "فروسيا والصين تعارضان ذلك، وعلينا إقناع بوتين بأنه ليس من المقبول أن يواصل نظام الأسد قتل شعبه".
ولئن كرّر هولاند ما قاله سابقاً عن "عدم استبعاده المشاركة في حرب لقلب النظام السوري شرط توافقها مع القانون الدولي، أي مع وجود تفويض من مجلس الأمن"، إلّا أنه أضاف: "من الواجب إيجاد تسوية ليست عسكرية بالضرورة،
بل علينا العمل للضغط في سبيل طرد نظام بشار الأسد". ولهذا سيدعو "أصدقاء الشعب السوري" إلى مؤتمر في باريس في مطلع تموز المقبل، "أي جميع الذين لديهم هذا الهدف، لأنه لا يجوز وضع أيّ كان مكانه، ولهذا يجب تنظيم المعارضة لكي تكون بديلاً عن هذا النظام".
وإذا كان هولاند قد اعلن عن نيته "طرد النظام السوري"، إلّا أن سبيل الوصول إلى تحقيق "الانقلاب" ليس سهلاً، على ما أقرّ به وزير خارجيته لوران فابيوس قبل ساعات، وذلك لوجود خمس عقبات كأداء:
ـ الأولى، غياب التوافق في مجلس الأمن بسبب معارضة روسيا والصين.
– الثانية، عسكرية نظراً "لقوة الجيش السوري" لكن من دون أن يتبحّر بالتفاصيل.
– الثالثة، "ما من دولة مستعدة للتفكير اليوم في عملية عسكرية برية. إن مخاطر الامتداد الاقليمي للأزمة قد تكون رهيبة، خصوصاً في لبنان"، على حد قوله، معتبراً "أن قضية التسليح تطرح خياراً مخيفاً، أو أن الأسلحة ستزيد من عسكرة النزاع وينزلق البلد نهائياً الى الحرب الأهلية؛ أو إذا لم يتم تسليح المعارضة فقد تتعرض الى مخاطر السحق، في هذه الحال. والواقع أن الحدود سهلة الاختراق، وهناك أسلحة تدخل إلى سوريا".
– الرابعة، يقرّ فابيوس بـ"وجود قضية مطروحة أمام الجميع: إذا سقط الأسد فمَن يحلّ مكانه؟ ما يجب البحث عنه هو عملية انتقال سياسية ذات صدقية، ما يعني رحيل بشار الأسد مع تحاشي "عرقنة" البلد".
– الخامسة، استبعد فابيوس السيناريو اليمني على خلفية ما نشرته صحيفة "الواشنطن بوست" قبل أيام، قائلاً: "إن سيناريو سقوط الطاغية الذي يعقبه حلول أحد ورثته مكانه هو فكرة تطورت هنا وهناك. لكن الأوضاع ليست نفسها بالتمام، فالنظام القائم في اليمن كان مدعوماً سعودياً، فيما يحتفظ النظام السوري بمساندة روسيا وإيران. إضافة الى أنّ الإقليم الجغرافي المعني بالأزمة ومخاطر العدوى ليست مماثلة أبداً، ولا المسألة العسكرية. إذاً تصطدم المقارنات بمحدوديتها".
بالطبع إن هذه العقبات الخمس لا تمنع السلطات العسكرية من وضع خطط لكلّ الاحتمالات، لكن الأزمة المالية والإعداد للانسحاب من أفغانستان، فضلاً عن التداعيات الخطيرة لأيّ حرب محتملة في هذه المنطقة، تُضيّق هامش الحركة الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية، فيما يؤدي طرد الديبلوماسيين السوريين إلى إغلاق الباب كلياً أمام أي محاولة للتواصل المباشر.