مصادر دبلوماسية: المؤتمر الدولي لن يضمّ أيّ طرف سوري
ذكرت مصادر دبلوماسية فضلت عدم الكشف عن هويتها بأن المؤتمر الدولي الذي دعته له موسكو بشأن الأزمة السورية ويلقى قبولاً من مختلف الأطراف، لن تتم دعوة أي طرف سوري لحضوره. وقالت المصادر
أن ما أعلنه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أخيراً عن أنّ بلاده لا تدعم حكومة الرئيس بشّار الأسد وإنمّا خطة السلام التي أعدّها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، جعل البعض يعتقد أنّ روسيا بدّلت تصوّرها بالنسبة الى حلّ الأزمة السورية، وأنّها تخلّت أخيراً عن حماية نظام الأسد التي تخطّط دول غربية عدّة لإسقاطه من دون تأمين البديل، تماماً كما فعلت في غالبية الدول العربية التي طالها «التغيير غير المدروس». وما جعل هذا البعض أيضاً يضع سيناريوهات عدّة لتسوية أو لصفقة أميركية- روسية تأتي على حساب النظام السوري الحالي، أو لوقوف روسيا ضد سوريا في مجلس الأمن الدولي وسواهما.. غير أنّ ديبلوماسي أجنبي أوضح أنّ ما أعلنه لافروف أخيراً بأنّ روسيا لا تدعم الحكومة السورية بل خطة أنان، «هو موقف روسيا المبدئي من الأزمة السورية، رغم إعلان أنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة أنّ خطته لا تطبّق وأنّها «على طريق السقوط».. فمنذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا منذ نحو 14 شهراً، وروسيا تطالب بحلّ سلمي للأزمة يؤدّي الى الحوار بين السلطة والمعارضة، كما الى قول الشعب السوري لكلمته».
ونفى المصدر أن تكون روسيا قد بدّلت موقفها من النظام السوري، وخير دليل على ذلك أنّها تحدّثت عن أن الحكومة وخصومها متورّطون في مجزرة الحولة (وكذلك مجزرة القبير)، غير أنّ البيان الصادر عن حكومتها لم يتضمّن أي إشارة لتورّط الحكومة السورية ووجّه أصابع الاتهام الى المتمرّدين ومؤيّدين أجانب لم يتمّ تحديدهم، كما تحدّث عن تسليح بعض المرتزقة للقيام بأعمال من هذا النوع. كذلك نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما اتهمته به بعض الدول الغربية بتسليح النظام السوري، مؤكّداً أنّ روسيا لا تدعم أي طرف، وقصد بذلك الدعم العسكري.
وشدّد على أنّ الحكومة الروسية لا تزال حتى اليوم تدعو الدول الغربية الى وقف جهودها لإسقاط النظام السوري، والعمل على دعم خطة أنان التي تجد فيها الحلّ الأفضل لوقف إطلاق النار، ليتسنّى لجميع الأطراف بعد ذلك الجلوس الى طاولة المفاوضات وعقد مؤتمر الحوار الوطني توصّلاً لقواسم مشتركة، قد تؤدّي للانتقال السلمي الديموقراطي للسلطة، أو لإجراء الإصلاحات السياسية التي تلبّي طموحات الشعب السوري. وفيما عدا ذلك فلا حلّ قريب ممكن للأزمة السورية مهما حاولت القوى الغربية في مجلس الأمن الدولي، أو خارجه.
أمّا اشتراط رحيل الرئيس الأسد بهدف التوصّل الى حلّ ممكن لإنهاء الأزمة السورية، فأكّد المصدر أنّ روسيا ترفضه رفضاً قاطعاً، من منطلق أنّها ضدّ وضع الشروط المسبقة قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات من أي طرف كان، فإذا كان رحيل الأسد يحلّ المشكلة فيجب أن يصدر مثل هذا الكلام عن السوريين أنفسهم، وليس عن الدول الغربية أو مجلس الأمن.
وبالنسبة الى فرض المزيد من العقوبات على النظام السوري علّ هذا الأمر يؤدّي الى تراجعه عن تمسّكه بالسلطة، رأى المصدر الديبلوماسي نفسه، أنّه سبق وأن فرضت العقوبات على النظام إضافة الى محاولة عزله، غير أنّ ذلك لم يؤدّي الى نتيجة إيجابية بل على العكس. وقد رأينا كيف أن طرد سفراء سوريا من بعض الدول الأوروبية رافقه تصرّف مماثل من قبل الحكومة السورية التي أعلنت أن سفراء هذه الدول نفسها غير مرحّب بهم في سوريا. وبرأيه أن مثل هذه الإجراءات من شأنها توتير العلاقات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية بين سوريا وهذه الدول وهذا لا يخدم مصالح أي منها، بل يتسبّب بخسائر وأضرار على جميع الدول المعنية.
ومن المتوقّع أن ينجم عن هذا المؤتمر الدولي تشكيل «مجموعة إتصال»، على ما اقترح أنان نفسه، تضمّ كلّ من روسيا وإيران باعتبارهما من الدول الحليفة للنظام السوري من جهة، ومن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من جهة ثانية، فضلاً عن دول عربية تمثّل الجامعة العربية، وتركيا بصفتها إحدى دول الجوار ومعنية بالأزمة السورية نظراً لاحتضانها على أراضيها المجلس الوطني السوري وبعض النازحين من سوريا.
ولهذا فإنّ الدول التي ستحضر هذا المؤتمر الدولي الذي لم يتمّ بعد تحديد أي موعد له، ولا مكان انعقاده في موسكو أو خارجها، عليها، بحسب رأي المصدر، التخلّي عن فكرة الشروط المسبقة مثل تنحّي الرئيس الأسد، في حين تبقى هذه الفكرة (أو اقتراح حلّ لسوريا على غرار الطريقة اليمنية)، موضوعة على الطاولة للبحث. علماً أنّ الرئيس الأسد كلّف وزير الزراعة السابق رياض فريد حجاب تشكيل حكومة جديدة في سوريا، علّها ترضي بعض الأطراف في الداخل والخارج، الأمر الذي لم يرضِ بالطبع القوى الغربية التي لا تتوقف عن اتهام النظام وانتقاد أدائه، وإن قام بتطبيق صلاحياته ضمن الأطر القانونية والدستورية للبلاد.