لافروف: روسيا تعارض أي تدخل خارجي في شؤون سورية ولا تقوم بأي مشاورات مع أحد بشأن تغيير الأنظمة
جدد وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف رفض بلاده قيام بعض الأطراف بتأجيج الوضع في سورية وقال “من المهم ألا نصب الزيت على النار من خلال الأعمال والخطوات أحادية الجانب وأي
تصريحات انفعالية بالإضافة إلى التحريض المباشر على استخدام القوة من قبل المعارضة ورفض الحوار مع الحكومة".
وأضاف لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في موسكو أمس: "لدى روسيا والعراق اهتمام متبادل لبحث قضايا إقليمية ودولية ملحة وللعراق دور مهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيزداد وفق نجاح نهج الحكومة العراقية وإننا نتشارك الموقف الواحد لأجل التوصل إلى استقرار الوضع في المنطقة وعلى جميع الأطراف إبداء ضبط النفس وإجراء حوار شامل دون أي تدخل من الخارج.. وإنني على يقين بأنه يمكن الاستفادة من كل هذه المبادئ لأجل تسوية الوضع في سورية وخطة عنان هي الأساس المناسب لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو الأحسن والتطور الديمقراطي المستدام".
وقال لافروف: "لأجل ذلك بحثنا المبادرة الروسية الخاصة بعقد مؤتمر دولي بشأن سورية وبمشاركة العراق وهدفه جمع كل الأطراف في المنطقة لتنسيق خطوات عملية موحدة وتشجيع جميع الأطراف السورية على الجلوس إلى طاولة الحوار" لافتا إلى الدور المهم الذي يمكن أن يساهم به العراق في استقرار الوضع بسورية.
وردا على أسئلة الصحفيين أكد لافروف ضرورة مشاركة العراق والدول المجاورة في أي جهود دولية خاصة بسورية وقال: "بما يخص الضربات الأمريكية ضد الدول التي لا تحب أمريكا أنظمتها فإنني لم أسمع شيئاً حول إرادة أمريكية جدية لاستخدام القوة ضد سورية والأمريكيون يقولون إن كل الخيارات مفتوحة وموجودة على الطاولة.. وأعرف أنه لا توجد إرادة لمثل ذلك عند السلطات الأمريكية لاستخدام القوة خارج نطاق مجلس الأمن الدولي إضافة إلى أن مجلس الأمن لن يوافق على تغيير الأنظمة في أي دولة من العالم ونحن لن نسمح بذلك".
وقال لافروف: "نحن مستمرون في مشاوراتنا مع جميع الدول التي نعتبر أنه من المهم المشاركة معها في المؤتمر الدولي الخاص بسورية إضافة إلى مبادرة عنان حول إنشاء ما يسمى بمجموعة اتصالات حول سورية وهي تنسجم مع المبادرة الروسية وبعثنا لجميع الدول المعنية المقترحات حول المؤتمر وتم بحثها مع نظيري العراقي الذي أوافقه الرأي حول المشاركة الدولية بهذا المؤتمر".
وأكد لافروف أن الأوضاع في المنطقة صعبة وسيكون من الصعب ترتيب وتنسيق كل النواحي لإجراء هذا المؤتمر وقال "ما يهمنا مبدان الأول هو قضية المشاركة في هذا المؤتمر التي يجب أن تكون متمثلة بمشاركة جميع الأطراف الخارجية المعنية بما في ذلك الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي وجميع الدول المجاورة لسورية بما في ذلك العراق وتركيا والأردن ولبنان إضافة إلى السعودية وقطر وإيران والاتحاد الأوروبي ونود أن نحول الأوضاع في سورية إلى المسار السياسي ونحل المشكلة بطريقة سياسية بأسرع وقت ممكن بدلاً من التحريض على الصدام فمن المهم دعم جميع الدول المجاورة والمعنية بالأوضاع السورية بما فيها إيران".
وأضاف لافروف: "إن المبدأ الثاني هو أن المهم بالنسبة لنا مضمون هذا المؤتمر وأنا على يقين بوجوب مشاركة جميع الأطراف الخارجية المعنية في إطار هذا المؤتمر لبحث الطرق المشتركة من أجل تشجيع الأطراف السورية على الجلوس إلى طاولة الحوار وبحث جميع القضايا الملحة في سورية بين المعارضة والحكومة وفقاً لخطة عنان".
وأوضح لافروف أن البعض يقرؤون دور الأطراف الخارجية بطريقة أخرى وروسيا تعتبر أن السوريين فقط هم القادرون على تقرير مصيرهم بأنفسهم دون أي املاءات أو تدخلات من الخارج.
وقال لافروف: "وفي هذا الصدد قرأت اليوم في الصحافة أن الممثلة الرسمية للخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند صرحت أن الولايات المتحدة وروسيا تجريان مباحثات حول التحولات السياسية في سورية بعد تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة وإذا كانت هذه التصريحات حقيقية فهي عارية عن الصحة ونحن نرفض إجراء مثل هذه المشاورات إضافة إلى أننا ضد أي تدخلات وإملاءات في الشؤون السورية الداخلية ونحن لا نفرض على السوريين الحلول لمشاكلهم الداخلية".
ورداً على سؤال حول تصريحات الخارجية الفرنسية بوجود مشاورات مع روسيا حول التحولات السياسية المقبلة في سورية قال لافروف: "حول موضوع القضاء على الأنظمة في دولة ما فنحن لا نقوم بمثل هذه المشاورات ولا نشارك في عملية تغيير الأنظمة مهما كان الأمر من خلال خطوات أحادية الجانب أو مشاركة في أي مغامرات من هذا النوع".
وبشأن المبادرة لعقد مؤتمر حول سورية نهاية الشهر الجاري في جنيف قال لافروف: "إن هذا المقترح كان من قبل عنان والبحث جار فيه وفي حال بدأت المشاورات بشأنه في سياق السياسة فنحن جاهزون لها شريطة الالتزام بمبدأين الأول ترتيب المشاركة المناسبة فيه والثاني استخدام جميع قدرات الاطراف الخارجية المعنية في سورية من أجل تشجيع الأطراف السورية على عقد الحوار وإطلاق العملية السياسية داخل سورية وليس لطرح الحلول فهذا ليس المبدأ الروسي الأناني فالمبدأ الروسي يرمي إلى النجاح وتطبيق تطلعات الشعب السوري".
بدوره أكد وزير الخارجية العراقي أن أي اجتماع دولي حول سورية يجب أن تشارك فيه الدول المعنية بالشأن السوري ولاسيما دول الجوار ولن تقبل العراق بتهميش هذه الدول.
ولفت زيباري إلى أن "العراق يقف مع حرية الشعوب في تقرير مصيرها وخياراتها السياسية ودعم التحول السياسي ولكن بشكل منضبط يؤدي إلى الازدهار والاستقرار للشعب والدولة السورية".
وقال: "لقد بحثنا الوضع في سورية فالعراق معني بالدرجة الأولى بما يحصل في سورية باعتباره جارا لها وهناك علاقات وثيقة على المستوى الاجتماعي القبلي الاقتصادي التاريخي الحضاري معها ولنا حدود مشتركة بأكثر من600 كيلومتر مع الجارة سورية ولدينا آلاف العراقيين فيها لذلك ما يحصل من تداعيات يؤثر على الوضع في العراق وبقية دول الجوار أيضا".
وأشار زيباري إلى أن لافروف أطلعه خلال المباحثات أيضا على المبادرة الروسية بشأن الدعوة لعقد مؤتمر دولي أو مجموعة اتصال دولية لبحث الأوضاع في سورية في سبيل دعم خطة كوفي عنان مؤكدا أن أي تجمع دولي يحصل حول سورية يجب أن تكون الدول المعنية بالشأن السوري ولا سيما دول الجوار طرفا في هكذا اجتماع ولن نقبل بتهميش هذه الدول المعنية بسورية تحت أي ذريعة كانت.
وشدد زيباري ردا على أسئلة الصحفيين على أهمية التواصل والتشاور مع روسيا بخصوص أي مبادرة لأن الدور الروسي مهم جدا في الشأن الدولي والإقليمي والسوري مؤكدا أنه ليست هناك مبادرة مستقلة حاليا والجهد الدولي موحد لدعم خطة عنان وعمل المراقبين الدوليين.
ودعا زيباري إلى ممارسة الضغوط على جميع الأطراف للالتزام بخطة عنان لتحقق نتائجها مشيرا إلى أن المؤتمر الدولي الذي طرحته روسيا ربما يساعد في هذا الموضوع.
لافروف و أموس يؤكدان ضرورة تنفيذ خطة الأعمال الإنسانية في سورية
كما بحث لافروف مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري أموس في موسكو الجوانب الانسانية للوضع في سورية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية أن الجانبين أكدا ضرورة تنفيذ خطة الأعمال الإنسانية التي تم تنسيقها مع دمشق بهدف حل قضايا السكان في سورية. من جهته أبلغ الجانب الروسي أموس بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها روسيا لسورية عبر القنوات الثنائية.
من ناحية أخرى بحث لافروف مع نظيره الكندي جون بيرد عبر اتصال هاتفي أمس الأزمة في سورية و الوضع المحيط بملف إيران النووي.
لافروف: روسيا قلقة حيال خطط بعض الأطراف الهادفة لإفشال خطة عنان
وأعرب لافروف في مقالة بعنوان (الوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ) نشرتها صحيفة (هافينغتون بوست) الأمريكية أمس عن قلق روسيا إزاء ممارسات بعض الأطراف الهادفة لإفشال خطة المبعوث الدولي إلى سورية كوفي عنان لافتا إلى أن موسكو تعمل وبشكل يومي مع دمشق بهدف تنفيذ الخطة الأممية.
وأشار لافروف إلى انه تندرج ضمن هذا السياق الدعوات التي يطلقها مجلس اسطنبول والتي تنادى بالتدخل العسكري الخارجي.
وأضاف "نحن نؤيد توحيد صفوف المعارضة السورية على أساس الاستعداد للحوار السياسي مع الحكومة حصرا وبشكل يتطابق تماما مع ما نصت عليه خطة عنان" معربا عن ثقته بأنه في حال تم العمل على غرار التعاطي الروسي مع الأزمة السورية من قبل كل شركاء روسيا الاتحادية وبشكل مركز وبمعزل عن أي معان ضمنية وبالابتعاد عن المعايير المزدوجة فان فرصة تحقيق التسوية السلمية للازمة ستكون قائمة.
ورأى الوزير الروسي أنه لا بد من الضغط بكامل الثقل على كل أطراف الأزمة في سورية لوقف العنف والجلوس إلى طاولة الحوار وقال "نرى انه من المهم بذل الجهود الجماعية من أجل تحقيق ذلك وعقد مؤتمر دولي يضم الدول المعنية بشكل مباشر بالأزمة في سورية" مؤكدا انه من خلال ذلك فقط يمكن تجنيب منطقة الشرق الاوسط الانجرار إلى الحروب والوقوف على الجانب الصحيح للعملية التاريخية.
وقال لافروف إن "الخطط الاخرى التي تتضمن التدخل الخارجي بسورية بدءا من حجب القنوات التي لا ترضى هذا الجانب او ذاك وصولا إلى تفعيل وتيرة تزويد المجموعات المعارضة بالسلاح وتوجيه الضربات الجوية لن تجلب السلام لا لهذا البلد ولا للمنطقة برمتها ما يعنى ان التاريخ لن يرحم مثل هذه الخطط".
وأشار الوزير الروسي إلى أنه يجب أن ينحصر دور اللاعبين الخارجيين في مساعدة السوريين وضمان إصلاح نظام السلطة السياسية في سورية عن طريق التطور واتخاذ خطوات تدريجية ومن خلال إجراء الحوار الوطني وليس من خلال الإرغام الخارجي.
وأكد لافروف أن السعي إلى الدعم الأحادي الجانب للمعارضة لا يؤدي إلى إحلال السلام السريع في سورية ويتعارض مع مهمة حماية السكان المسالمين.
ونبه لافروف إلى ان أي تخويل صادر عن الأمم المتحدة يجب أن يكون واضحا تماما ولا يترك مجالا لازدواجية التفسير مشيرا إلى ان هناك أكثر من مبرر لاتخاذ موقف متوازن من الأزمة السورية وإلى استحالة السير على طريق اتخاذ قرارات غير دقيقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي من شأنها أن تقدم حرية التصرف لمنفذيها كما هو الحال في ليبيا.
وأضاف الوزير الروسي أن "من المهم إدراك ما يحدث في سورية في حقيقة الأمر وكيف يمكن مساعدة هذا البلد في تجاوز المرحلة الصعبة في تاريخه لان الوضع في سورية يفتقر إلى التحليل الموضوعي والمحترف والنزيه لما يحدث وما يمكن أن يتمخض عنه من عواقب وتحل كليشيهات وصور دعائية سوداء وبيضاء محل هذا التحليل".
واقترح لافروف الإشارة المباشرة إلى الخصوم الحقيقيين للعملية السلمية في سورية مؤكدا أنه من الضروري المساعدة في إعداد وتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بتسوية النزاع دون الوقوف إلى جانب أي طرف وتشجيع من ينفذها وذلك عبر توفر آلية غير متحيزة للرقابة.
ولفت لافروف إلى أن عمليات الناتو التي جاءت تنفيذا للقرارات الأممية الخاصة بليبيا تمخضت عن خروقات فادحة وألحقت ضررا بسمعة مجلس الأمن الدولي مؤكدا أن استخدام القوة بغية تجاوز النزاعات لا مستقبل له ومثال ذلك الوضع غير البسيط في العراق والنزاع الافغاني البعيد عن الحلول وثمة شهادات كثيرة تدل على تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا وموجة العنف التي عمت منطقة الصحراء والساحل وتفاقم الوضع في مالي.