18 ألف جزائري ينظمون جنازة فيسبوكية لمجنون مشهور
استطاع مجنون جزائري أن يكسب قلوب آلاف الشباب، حيا وميّتا، بفعل عبارة “سحرية” كان يرددها على مسامع الجميع تقول: “يا جان راك زعفان” وتعني “هل أن غاضب يا شباب؟”، وهي عبارة كان يرفّه بها عن الشباب المهمومين من البطالين ومن اليائسين الذين ضاقت عليهم الدنيا.
يدعى هذا الشاب الذي يبدو في الأربعين من العمر "فارس"، لا أحد يعرف قصته بالضبط، لكن الأكيد هو أن هذا المغبون فاز بقلوب شباب العاصمة، ما جعلهم ينظّمون له جنازة كبيرة وتأبينية على "فايس بوك" في صفحة باسم "يا جان راك زعفان"، وقد أعلنت الصفحة الحداد فور تناهي خبر وفاة "فارس".
وكتب الشباب، الحزين لرحيل فارس، على صفحة حملت عبارة "يا جان راك زعفان"، تعريفا بالمجنون الراحل يقول "إنه شخص يزرع البسمة بمجرد أن تلقاه في الشارع.. إنه شخص ليس معروفا لدى الإعلام ولا عبر برنامج في التلفزيون.. إنه مجرد متشرد أطلق عليه اسم راك زعفان".
تقول الكلمة التعريفية، في الصفحة التي تضم 18569 معجبا: "ينحدر فارس من منطقة بوزريعة بأعالي العاصمة الجزائرية، طارده إخوته وحرموه من حقوقه.. هناك أخبار تقول إنه شرطي سابق رأى بعينيه ما حصل في مجزرة بن طلحة خلال العشرية الحمراء، التي عانت فيها الجزائر الإرهاب، وهي المجزرة التي قتل فيها أكثر من 400 جزائري ذبحا وضربا بالفؤوس والسواطير وكانت في العام 1997، ويريد أصحاب هذا الكلام أن يقولوا بأن فارس صدم نفسيا لهول ما رأى فارتمى في عالم الجنون".
وتواصل الصفحة قائلة: "منذ وقت غير معلوم يجول هذا الشاب أحياء البريد المركزي وديدوش مراد والجامعة المركزية وحي بلكور الشعبي وشارع حسين داي، يوجه عبارته القصيرة للناس (يا جان راك زعفان؟).. (هل أنت غاضب يا شباب؟) ومرات يتحدث عن نفسه فيقول (راني زعفان).. أنا غاضب".
وأشارت إلى أن ".. عندما يحتاج فارس لبعض الأموال فإنه لا يطلب كثيرا، إنه يخاطب الناس قائلا، أعطوني 10 دنانير".
وختمت الكلمة التعريفية تقول: “يقول فارس في بعض الأحيان إنه ليس مريضا ولكنه غاضب.. وعندما يكون غاضبا غضبا شديدا، تجده يضرب بيده على السيارات المركونة أو المارة.. لقد توفي في يوم ما.. في تاريخ مجهول".
وفي ردّ فعل على رحيل فارس، كتب الصحفي كمال زايت في يومية "وقت الجزائر" إن فارس قد يكون قتل من أجل سرقة كليتيه، وكتب متسائلا: "إذا صدق ما يروج هنا وهناك، فإن فارس قتل وسرقت منه كليتاه بطريقة وحشية، ورميت جثته في الطريق، وهي جريمة تقشعر لها الأبدان، وتنذر بضرورة دق ناقوس الخطر، حول وضعية المختلين عقليا، الذين أصبحوا في خطر حقيقي، فالكثير منهم يعانون التشرد في الشوارع، والآن فإن خطر الذئاب البشرية من لصوص الأعضاء البشرية يتهددهم، ولا بد من اتخاذ إجراءات من أجل حماية هذه الفئة، التي فقدت أعز ما يملك الإنسان، نعمة العقل والرشد".
واتخذ زايت من قصة نهاية فارس المأساوية عبرة، وطالب السلطات بالتحرك والقيام باللازم لمعاقبة تجار الأعضاء البشرية: "لا أدري إن كان لفارس عائلة ستطلب تحقيقا في مقتله، لكن إذا لم يحدث هذا الأمر، فإن السلطات نفسها يجب أن تتحرك من أجل تشريح الجثة، وتحديد ملابسات جريمة قتله، والبحث عن القتلة وتقديمهم للعدالة، حتى ينالوا العقاب الذي يستحقونه، لأنه إذا لم يكن لفارس عائلة، فالمجتمع هو الذي يجب أن يكون عائلة له ولأمثاله من هذه الفئة الضعيفة والمحقورة في هذا المجتمع".