كلمة نارية لماجدة الرومي خلال تكريمها في الجامعة الأميركية
في مبنى الأسمبلي هول في الجامعة الأميركية في بيروت أقيم حفل التكريم الذي دعا اليه د. بيتر دورمان رئيس الجامعة وحضره عدد كبير من السياسيين والوجوه العامة والفنية وطلاب الجامعة وحظي بتغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام اللبنانية والعربية.
بدأ الحفل بكلمات أشادت بدور السيدة ماجدة الرومي في دعم الجامعة التي سبق ومنحتها الدكتوراه الفخرية، والتي قدمت في السابق حفلاً راح ريعه لصندوق المنح الطلابية في الجامعة وعادت اليوم لترفد الصندوق نفسه بريع مبيعات الطبعة الأولى من البومها الجديد "غزل".
ثم إعتلت السيدة ماجدة الرومي المسرح، ورافقها خلال غنائها أغنية "بلادي أنا" كورال مؤلف من مائة طفل.
كان واضحاً كم القلق على مصير لبنان، والألم لمعاناة أهله خلال الكلمة التي ألقتها السيدة ماجدة الرومي خلال الحفل ولخصت فيها موقفها من الوضع المتأزم في المنطقة.
في بداية الكلمة أعربت عن شكرها للإستقبال الحار الذي حظي به إقتراحها بتخصيص مبيعات الطبعة الأولى من الألبوم لدعم صندوق المنح الطلابية من قبل إدارة الجامعة والعاملين فيها.
وقالت: إن هذه الخطوة الرمزية قصدت بها – في هذا الوقت العصيب الذي يمر به لبنان وبقية الدول العربية، وفي هذا المفرق الخطير الذي يتطلب من كل لبناني أن يأخذ موقفاً واضحاً مما يحدث – أن تعلن من خلالها إنضمامها "للناس الساكنين بالنور " ممن يسعون بعلمهم لتعمير البيت اللبناني وفتح أبوابه للشمس. فشبابه حجر الزاوية بهذا البناء، يعمرونه بتطلعاتهم وطاقتهم الأكيدة على التغيير. وأكملت :" لنضمهم لقلب لبنان بدلاً من إهدائهم للغربة ونتقوقع نحن بالعتمة..
وأضافت: قصدت فيها إنضمامي لمن يسعون إلى تعمير البيت اللبناني بالثقافة، بالفنون الجميلة، بالأمل، بوجه للبنان حضاري منفتح على العالم، ومستقبلاً للناس بالترحاب ، بوجه يحاكي تطلعات حياة اليوم وليس تطلعات عصور الجاهلية…
وتساءلت بحرقة: "كل الناس تتقدم الى الأمام لم نحن فقط نسعى للرجوع الى الخلف؟
وشددت على ان لبنان له حق على أبنائه بالإيمان به والإنتماء اليه أولاً وأخيراً، لا لهذا الحلف ولا ذاك، للبنان حق علينا ان نعامله كوطن هيبته فوق أي مس، وجيشه فوق أي اعتبار… "
وتساءلت: "منذ العام 1975 وليومنا هذا ماذا اجترّت علينا الحروب والإنقسامات، ماذا أضافت أو حسنت على الأرض؟ ما الذي عمرته أو قدمته لشعب لبنان سوى الويلات وخراب بيوت الناس.
من منكم يستطيع أن يقول لي بهذه الدقيقة إذا كان هذا لبنان الذي حلمنا به كلنا؟ الذي خسرنا ما خسرناه لنراه أعظم وأحلى وأغنى وأكبر بكل شيء أكبر"؟.
وأكملت بالوجع نفسه : "من 75 لليوم يمكن تعودنا على حبسنا، يمكن صادقنا جلادنا، يمكن تعبنا، وشبعنا حكي وتنظير، ويمكن بقدر ما صارت الظلمة جزءا من يومنا لم نعد ننتبه كم اكلت من اعمارنا وأيامنا هذه الظلمة الطابقة على قلوبنا، ومع ذلك لو سألت اليوم كل اللبنانيين من منهم قادر بعد على سماع طبول الحرب تدق أبوابنا ويعيش من جديد هاجس إشتعلت أو ستشتعل الحرب؟
إذا سألتهم: من يقدر بعد على سماع صوت رصاصة أو أن يلمح شكل دبابة ليست بمكانها المناسب حتى لو كنا سنفتح الأندلس من جديد؟ إذا سألتهم من يقدر منهم على العودة الى نقطة الصفر؟
ماذا تعتقدون سيكون جواب اللبنانيين جميعاً فرداً فرداً ، بيتاً بيتاً، طبعاً بإستثناء من له مصلحة بأن نبقى في كعب البئر وبصلب موضوع الإنقسامات والخيبة والخلافات والشرذمة؟ كل هذا لصالح أي لبناني فينا جميعاً؟ لصالح أي لبنان نحلم به؟
وأعلنت إنضمامها لحزب الناس الموجوعين، لحزب اللبنانيين المتألمين، ومعهم توجهت لكل من يقدر أن يبعد عن لبنان هذا الكأس المر".
ونادت بفتح أبواب لبنان للحياة ، لفتح أيامه للخير. وصرخت: "أتركونا نعيش" فلم يعد مسموحاً أن تأكل الخلافات والحروب أكثر مما أكلت من أعمارنا.
وكررت: أنا من حزب الناس الموجوعين أنا من صرختهم ، من دمعتهم، من رغيفهم المبلل بالهم، الخائف منكم ، والملتجئ بصرخته اليكم… وأنتم يفترض أنكم من الشعب وللشعب، وهدفكم كل هدفكم كما تقولون "راحة شعب لبنان وسلامة أرضه، وأنتم كباره وحراس مجده، يمكن أنتم قادرون ويمكن انتم لستم قادرين، ويمكن ان اللعبة بدأت تتخطاكم، للقادر منكم أن يخرجنا من هذه الإنقسامات أتوجه بكلامي له وبكل محبة".
"أنا من حزب اللبنانيين المؤمنين بلبنان، بسيادته، وحقه بحريته وإستقلاله، من حزب الناس المغمضين أعينهم على دموعهم، والفاتحين أبواب قلوبهم لكم، للأمل، للخير، للسلام، للحوار كـ "حل وحيد".
وناشدت "اللبنانيين قولاً وفعلاً" أن ينضموا اليها والى دعوتها للحياة والسلام، أن ينضموا اليها إحتراماً لشعب لبنان، وإنحناءً لمعاناته، وعذابه، لرزقه ولقمة عيشه، ، أن ينضموا إليها وفاء لدم الشهيد .. إجلالاً للبنان الذي يراهن اليوم – إذا كان لايزال بمقدوره أن يراهن- على "ضميركم".
وختمت كلمتها بآية من الإنجيل: "إفتح فمك واحكم بالعدل وأنصف البائس والمسكين". (سفر الحكمة 9/31).
بعدها تلقت الرومي درعاً تكريمياً من رئيس الجامعة وإنتقل الجميع للباحة الخارجية حيث أقيم حفل استقبال، تكالبت خلاله وسائل الإعلام لاقتناص تصريحات جانبية منها، سألناها إذا كانت تعتقد أن صرختها هذه المرة ستلاقي صدى في قلوب اللبنانيين وتخرجهم عن ارتهانهم الطائفي كان الرد: قلت ما عندي، وما يمليه علي ضميري، حاولت، وإن فشلت فضميري مستريح".
ولم يكن غريباً عليها أن تهدي ريع البومها للطلاب الراغبين في استكمال تعليمهم والعاجزين عن دفع تكاليف دراستهم، فماجدة الرومي عودتنا أنها لا تحمل لقباً شرفياً وأنها سيدة العطاء لوطنها مسخرة كل إمكانياتها لخدمته، وهي ضميره النابض بفنها.
عن كم الفرح والحب والتفاؤل الذي حمله عملها الجديد "غزل" وهو ما يناقض الوضع النفسي العام قالت إنها تحب الحياة ولا شيء أحلى من أن يفتح الإنسان ابوابه للحياة، للنور، للشمس ، للأمل، للحب، للمحبة، للناس لتضحك له، وليضحك للناس، هل من المعقول أن يقضي الإنسان حياته كاملة في حديث الحرب، والقتل؟ وأضافت أن هذا الموضوع بات يؤلمها كثيراً".