لا تخرجني من قلبك أبداً إلى روح الشهيد الكبير العماد داوود راجحة وزير الدفاع السوري وجميع الشهداء
لأن الشهادةَ فِعلُ عِشقٍ ما بعدهُ كلام “.. كوليت خوري .. الأديبة والكاتبة الشهيرة .. منذ أيامٍ قليلة ألقت في بيروت كلمة في حفل تكريم الشاعر الكبير سعيد عقل بثته العديد من الأقنية التلفزيونية .
أنا ممن تابعوا هذه الكلمة … وأعترف أنني فرحتُ وحزنتُ في آنٍ معاً !؟
الفرح تسلل مع كل تلك الحروف الساحرة والتي كانت تتحدث عن دمشق الشام … قلبها وسماؤها .. ماؤها وسيفها العريق …
فابنة الشام " كوليت " لم تترك باباً لعشق دمشق لم تطرقه بكل عزم الياسمين وعطره …
أما الحزن فكان سببه .. صوت الدمع المكبوت في صوتها المتعب .. وهي تتألم بصمتٍ وحسرة ٍ وصبرٍ … كلما تلفظت باسم الوطن …
فهو كل الحكاية من الألف إلى الياء …
لست أدري لماذا تخيلت الوطن على هيئة إنسان … يرى ويسمع .. يعلم ويتابع كل شيءٍ يجري حوله … لكنه لا يتكلم أبداً … رغم أن ذاكرته لا تعرف النسيان …
وقلت لنفسي ما الذي يمكنني قوله لو جلست في حضرته المهيبة …
وطني … أحبكَ حباً غير قابلٍ إلا لذاته …
وطني … لا أعرف أن أُسمّي ما أشعر به عندما ألفظُ أو أسمع حروف اسمكَ … فأزهو وتمتلئ شراييني وروحي بنبضٍ عجيبٍ … كأنه الحياة ..
وطني … سماؤكَ وترابكَ .. ماؤكَ وخبزكَ .. ملحكَ وناسُكَ .. شمالكَ وشرقكَ .. غربكَ وجنوبكَ .. كلها لكَ ومنكَ .. كلها أنتَ .. وأنتَ كل شيء …
وطني … الأولادُ يكتبون اسمك بالأزرق والأخضر والأبيض على أول صفحةٍ في دفاترهم … ولا ينسوا إحاطته بدوائر حمراء قانية …
وطني … كلما تقدمَ بيَ العمرُ و طغى الأبيض على الأسود … أتذكرُ طفولتي الدافئة على ضفاف نهر الفرات الجميل … وأتأكدُ أكثر .. أنكَ دائمُ التجددِ والعطاء والمحبة … وبغير حساب …
وطني … سامحني .. فقد أكون كالكثيرين أسأت فهم صمتكَ الأزلي .. وقلتُ ما لا يقال … وفعلتُ ما لا يفعل … وأدرتُ لكَ ظهري عن غير قصد … في زحمة وتناقض وتصارع … كل القيم والأفكار و الرؤى ..
وطني … المشكلة أن الناس لا تتعلم من التجارب … فلا يذهبوا إلى طاولة واحدة يجلسون عليها … ليستمعوا لبعضهم البعض … إلا بعد أن يتأكد كل واحدٍ منهم … من حقيقة عدم قدرته على إلغاء الآخرين … ومهما كانت الظروف والحسابات …
وطني … المشكلة أن البعض يقول … لا قيمة للسياسة من غير الوطن … ولا قيمة للوطن من غير الناس … ولا قيمة للناس من غير حريّة … ولا قيمة للحريّة عندما لا تنشد ذاتها .. ؟ .. لكن أفعالهم تبقى في مكانٍ آخر بعيد تماماً …
وطني … البعض يعتقد أن الذئب الأميركي … لا ينامُ ولا يأكلُ ولا يشربُ بسبب تفكيره الدائم … بحريتهم و راحتهم و سعادتهم !! .. وبدون أي مقابل .. كرمى لعيون الحرية …
وطني … المؤلم أن الغرباء لا ينفكّوا يخططون في السر والعلن ليحكموا قبضتهم عليك … بينما البعض منا فقد القدرة على التمييز بين الأخ ونقيضه … لكنك تبقى عصياً على الدخلاء والغرباء …
وطني ….. سليمان الحلبي و الشيخ عز الدين القسام و يوسف العظمة و داوود راجحة و سلطان باشا الأطرش و إبراهيم هنانو والشيخ صالح العلي و جول جمّال ونزار قباني ومحمد الماغوط و أدونيس وألفت إدلبي وسعد الله ونوس و كوليت خوري و صباح فخري و رفيق سبيعي ودريد لحام ونجدت أنزور وأيمن زيدان وميادة الحناوي … وغيرهم و غيرهم وغيرهم … كلٌ على طريقته … كتب قصة محبتك ومجدك الأبدي …
وطني … حتى العصافير والأشجار والأنهار … تكتب رسائل عشقكَ على جبين صباحات دمشق الحالمة … ويحملها صوت فيروز المُطعّم بنكهة النور والحب والندى وفكر سعيد عقل الساحر …
وطني … لأنك أنتَ …
يكون الجود بالروح … فِعلُ عشقٍ ما بعدهُ كلام …
وطني … لأنك أنتَ …
لا تخرجني من قلبك أبداً …