“السفير”: حلب واستعدادات متبادلة لمعركة طاحنة.. وطويلة
تستقدم قوات الجيش السوري و”الجيش السوري الحر” مزيدا من التعزيزات الى مدينة حلب، تمهيدا لـ”معركة طويلة الامد” بحسب مصدر امني سوري،
في وقت نفذ المقاتلون المعارضون هجمات على مواقع امنية وادارية وتمكنوا من السيطرة على اثنين منها.
وافاد مصدر امني في دمشق بان الطرفين المتقاتلين يقومان بحشد المزيد من "التعزيزات من اجل معركة حاسمة في حلب قد تستمر اسابيع عدة". وقال ان "الجيش النظامي يحاصر الاحياء التي يسيطر عليها الارهابيون ويقوم بقصفها، لكنه لا يستعجل شن هجوم على كل منها" لاسترجاعه، موضحا ان المقاتلين المعارضين يستقدمون تعزيزات من تركيا الى حلب بعدما تمكنوا من السيطرة على حاجز عسكري استراتيجي في عندان التي تبعد نحو خمسة كيلومترات شمال غرب المدينة الاثنين.
وتمكن المقاتلون المعارضون من السيطرة على قسمين للشرطة في حلب بعد ساعات من المعارك، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد "هاجم مئات الثوار مخفرين للشرطة في حي الصالحين (في جنوب المدينة) وباب النيرب (جنوب شرق)، فقتل اربعون عنصرا من الشرطة على الاقل في معارك استمرت ساعات وانتهت بسيطرة المقاتلين على القسمين".
وكان المرصد افاد سابقا عن اشتباكات في حي الزهراء (في غرب المدينة) قرب فرع الاستخبارات الجوية وعن هجمات للمقاتلين المعارضين على مقر المحكمة العسكرية وفرع حزب البعث العربي الاشتراكي.
في الوقت نفسه، تستمر الاشتباكات في اطراف حي صلاح الدين (جنوب غرب) واحياء اخرى. وسمعت أصوت أسلحة ثقيلة في صلاح الدين، كما تصاعدت سحب الدخان الأسود بعد هجوم مروحيات الجيش السوري على أحياء شرقي حلب، للمرة الاولى منذ اندلاع المواجهات في حلب، وقامت طائرة "ميغ" حربية مقاتلة بقصف المنطقة ذاتها.
وقال الجيش السوري قبل يومين إنه استرجع السيطرة على صلاح الدين، لكن التلفزيون الرسمي السوري قال إن الجنود ما زالوا يلاحقون "فلول الإرهابيين" هناك.
من جهته، قال القيادي في المعارضة المسلحة في حلب عبد الجبار العكيدي إن المقاتلين يهدفون إلى السيطرة على المدينة، حياً تلو الآخر، عبر التوجه نحو وسط المدينة، معربا عن اعتقاده بأن هذا الهدف قد يتحقق "خلال أيام لا أشهر". وأضاف "النظام يحاول منذ 3 أيام استعادة صلاح الدين، لكن محاولاته فشلت وقد منيت قواته بخسائر كبيرة بين الجنود والأسلحة والدبابات، وأجبرت على الانسحاب".
وقال العكيدي إن أكثر من 3000 مقاتل يحاربون في حلب، لكنه رفض اعطاء عدد دقيق. وفي حين يرحب بعض سكان حلب بقدوم مقاتلي المعارضة يبدو البعض متوجسا من المقاتلين الذين سيطروا على أجزاء من هذه المدينة.
البعض متحمس لسيطرة المعارضة لكنهم يقرون بأن الحرية لم تجلب الراحة التي كانوا ينشدونها. ويقول جمعة وهو عامل بناء تكسو التجاعيد وجهه ويبلغ من العمر 45 عاما "يمكنني أن أقول أن 99.9 في المئة من الناس لا يصومون. كيف نصوم ونحن نسمع دوي المورتر والمدفعية وهي تضرب مناطق مجاورة ونسأل إن كان الدور القادم علينا؟". وأضاف "يكاد لا يكون لدينا أي كهرباء أو ماء وزوجاتنا وأبناؤنا تركونا هنا لحراسة البيت وذهبوا إلى مكان أكثر أمنا. إنه رمضان حزين".
وبالرغم من ذلك يشعر جمعة بالحماسة وهو يرى مقاتلي المعارضة في شوارع ثاني أكبر المدن السورية. قال "معنوياتي مرتفعة. عندما أراهم من عتبة منزلي أشعر بأن النظام بدأ يسقط أخيرا". لكن جاره عمرو يرى الوضع بشكل مختلف. قال متذمرا "كل ما لدينا الآن هو الفوضى". واعترض بعض الرجال بشدة على ذلك الرأي وقال أحدهم "لكنهم يقاتلون ليخلصونا من القمع".
وهز عمرو رأسه قائلا "ما زلت مقموعا.. فأنا بين خيارين. أريد فقط أن أعيش حياتي". ويقول مقاتل اسمه مصطفى جاء من قرية مجاورة للقتال في حلب "أعتقد أن الكثير من الحلبيين يريدون التخلص من النظام لكنهم يريدون منا نحن أبناء الريف أن نقوم بهذا نيابة عنهم.. أن نفقد أقاربنا ووظائفنا. إنهم يريدون هذا دون أن يعانوا هم أنفسهم".
وفي السوق الواقع في حي على مشارف المدينة كانت أغلب المتاجر مغلقة والمفتوح منها لا يعرض أكثر من البضائع المعلبة. وتتكدس أكوام من القمامة بعضها مرتفع لدرجة أن بعض مقاتلي المعارضة يستخدمونها كحواجز طرق. وحين يوقف المقاتلون شاحناتهم في الشوارع يخرج سكان ويطلبون منهم المساعدة في الحصول على البنزين. ويلح البعض عليهم لفتح المزيد من المخابز حتى تقل طوابير المنتظرين لشراء الخبز. وتقول أم خالد "لا يسمحون لأحد بتجاوز دوره. ما من أحد أفضل من أحد الآن… لأول مرة أشعر أننا سواسية في هذه المدينة".
وتسببت العمليات العسكرية خلال اليومين الماضيين بنزوح حوالى مئتي الف شخص من حلب، بحسب الامم المتحدة. وذكرت المتحدثة باسم اللجنة العليا للاجئين ميليسا فليمينغ ان بعض المدنيين يفضلون عدم مغادرة المدينة ويسعون الى ايجاد ملجأ في المدارس والسكن الجامعي، لانهم يعتبرون ان الخروج من المدينة تترتب عليه اخطار كبيرة.