باسل قس نصر الله كتب لزهرة سورية : عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟
انتقل المتنبي الى مصر في زمن الأستاذ كافور الأخشيدي – وكافور كان يُصر على أن ينادونه بالأستاذ – بعد أن أخذته (المتنبي) أحلامه، أن كافوراً سيقطعه إمارة أو ولاية او شيئاً من هذا.
وعندما أيقن المتنبي أن كافور الاخشيدي لن يعطيه شيئاً، انتظر الفرصة السانحة ليهرب، فكانت صبيحة عيد الأضحى حيث هرب تاركاً قصيدته الهجائية الشهيرة التي يهجو فيها كافور ومطلعها :
عيدٌ باية حالة عدت يا عيد بما مضى ام لأمرٍ فيكَ تجديدُ؟
واليوم ونحن قد انهينا شهر رمضان الفضيل، وعيد الفطر السعيد، فهل سنردد مع المتنبي ونسأل عن الجديد الذي ينتظرنا؟
كنتُ دائماً ابتعد عن صيغ الاقلية أو الاكثرية، ومنذ فترات قريبة وصلتني رسائل متعددة تتكلم عن ضمان حرية العبادة والحركة للأقلية المسيحية، الى درجة التأكيد لا بل التشديد على عدم الرغبة ان يغادر المسيحييون أرض سورية.
وصلتني الرسائل الخاصة والعامة للتأكيد على ذلك، وكأنني صاحب القرار أو القدرة على ايقاف نزيف الهروب الجماعي وهستيريا الهجرة من مبدأ أن "هذه الارض ليست أرضنا" و "انقطعت مياهنا من هنا" و "المسيحيون لم يبق لهم دَور"، وكل ذلك ترافق مع إحراق كنائس أو العبث بمحتوياتها، أو تهديد تلقاه البعض، يُضاف الى ذلك بعض الأفلام التي يتم تداولها والتي تؤجج الخوف الدفين، فتَوَجَه المسيحييون الى هجرةٍ باعثها – للمرة الأولى في العصر الحديث – ديني، فكل الهجرات السابقة كانت لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى ولكنها اليوم أصبحت ذات سبب ديني بامتياز.
يسافر المسيحييون اليوم من سورية عموماً، ومن حلب – وأنا منها – خصوصاً، الى لبنان، والغالبية منهم يعتبر سفره مؤقتاً حتى تنقشع غمامة ما يحدث، ولكن ما يقارب الجميع – وانا حزين لذلك – من أصبح يفكر في هجرة أبنائه ويبحث في حنايا ذاكرته عن أماكن تكون مستقبلاً لهم.
الغالبية من الفئة العمرية التي تجاوزت الخمسين سيعودون ولكن هذه الأحداث الحاصلة جعلتهم يفكرون بهجرة الجيل الذي يليهم.
ويأتينا في الكنائس أيام الآحاد بعض رؤساء رجال الدين – مدفوعين – ليتحدثوا ويطلبوا من المسيحيين عدم الهجرة.
ليتفضلوا ويقولوا لنا ما هي المشاريع التي اقاموها على مدى سنوات سابقة طويلة لأجل منع المسيحيين من الهجرة؟
اين هي مشاريع الاسكان التي قاموا بها، لتمكين الطبقة الفقيرة والمتوسطة – ركيزة المسيحية – من الاستقرار في البلاد؟
توجه بعضهم لخلق مشاريع استفادت منها الشريحة الغنية فقط،وغالبيتها كان اول من غادر البلاد لدى بداية الأحداث .
سيقولون لنا عن المشاريع المدرسية التي أشادوها، فاجيب أن هذه المشاريع غير كافية لنزع فكرة الهجرة من عقول الفئات التي تشكل الغالبية المسيحية.
يا أيها البعض من رؤساء رجال الدين المسيحي.
وقفتم بلباسكم المزركش والملون، وناديتم وصرختم مطالبين بعدم الهجرة.
لا شك ان وعي الغالبية من السوريين المسيحيين لمواطنتهم هي اكبر من مجرد احلام يضعونها في حقيبة السفر، ولكن هذه الغالبية التي اهملتموها بعدم وفرة طرح المشاريع الجادة لهم، لن تهاجر وتجعلكم نواطير لمفاتيح بيوتهم.
وكفاكم بكاءً كالنساء عن المسيحيين الذين لم تقفوا معهم كالرجال.
ثم بعد مواعظكم الغراء تغادرون؟؟؟؟
اللهم اشهد اني بلغت