حيدر: العملية السياسية بدأت تتبلور وستظهر نتائجها خلال الأيام القادمة
أكد وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية الدكتور علي حيدر أن العملية السياسية بدأت تتبلور وستظهر نتائجها خلال الأيام القادمة معتبرا مشروع المصالحة الوطنية أوسع وأبعد بكثير من هذه العملية حيث قطعت الوزارة شوطاً كبيراً في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي
للمواطنين.
وأوضح حيدر في مؤتمر صحفي عقده اليوم في فندق داما روز بدمشق أن هناك خطة عملية بالإمكانيات المتاحة لإعادة الحياة إلى المناطق المطهرة من خلال تكثيف الجهود والعمل على تحسين البنى التحتية وترميمها وتقديم المساعدات المالية والسلل الغذائية للمواطنين العائدين إلى مناطقهم مبيناً أن المبلغ المالي الذي يحصل عليه هؤلاء يأتي كمساعدة أولية لتأمين الحاجات المعاشية الأساسية وليس له علاقة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن المجموعات الإرهابية المسلحة التي ستحدد وتقرر لاحقا.
ولفت إلى تشكيل لجان أهلية محلية تم اختيارها برضى أهالي تلك المناطق تقوم بإيصال صوت هؤلاء المواطنين وشكاويهم ومشاكلهم للعمل على حلها وعلاجها بالسرعة القصوى مقدماً عدة أمثلة عن مناطق في أرياف دمشق وحمص واللاذقية وادلب وحماة عاد لها سكانها وهم يمارسون أعمالهم الطبيعية بشكل جيد بعد أن تم تحقيق نسب إنجاز عالية في ترميم البنى التحتية.
وأشار حيدر الى أن سورية ورغم ما تعانيه من حصار حتى الآن قدمت للعالم نموذجاً رائداً على صعيد تأمين احتياجات مواطنيها ومعالجة أوضاع من أجبرتهم المجموعات الإرهابية المسلحة على ترك منازلهم مشدداً على أن الوزارة ستقوم بمعالجة أي ملاحظات تأتيها حول تقديم المساعدات للمواطنين.
وأكد أن العمل العسكري في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي اجتازت الحدود وأصبحت تؤرق حياة المواطنين والدولة يتقدم بشكل مرض حيث يمكن لمس تقدم في ذلك خلال أقل من شهر معتبراً أن إعادة الأمن والأمان هي المدخل الأساس نحو تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين في المناطق التي شهدت أعمال عنف من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة.
وأوضح حيدر أن وزارة المصالحة الوطنية قامت بتسوية أوضاع الكثير ممن حملوا السلاح ولم تتلطخ أيديهم بالدماء ومستعدة لتسوية أوضاع كل مواطن تورط بالأحداث الأخيرة من خلال استلام قوائم أسماء الراغبين بتسوية أوضاعهم من داخل سورية أو خارجها لإعادتهم إلى الحياة الطبيعية مبيناً أن الوزارة أوجدت آلية متكاملة لمعالجة هذا الملف تشمل كل حملة السلاح بمن فيهم العسكريون الذين فروا من الجيش والخدمة الالزامية وستعلن خلال الأسبوع القادم عن ارقام فاكس وهاتف لهذا الغرض.
ودعا حاملي السلاح وجميع من غرر بهم إلى تسوية أوضاعهم والتحول إلى العمل السياسي الذي بات متاحاً لكل السوريين مؤكداً أن تسوية اوضاع المتورطين ممن يسلمون أنفسهم لا تتم على قاعدة هزيمتهم أو انكسارهم بل من خلال حفظ كرامة الجميع والنظر إلى أهمية دورهم في ورشة إعمار سورية القادمة.
وفيما يخص ملف الموقوفين واستغلاله من قبل بعض الأطراف أشار حيدر إلى أن الوزارة قطعت شوطاً كبيراً في هذا الإطار من خلال العمل على صياغة آلية تستطيع عبرها التعرف على مبررات التوقيف بشكل واضح والجهة التي اعتقلت الموقوف ومعالجة ملف كل شخص على حدة انتهاء بإصدار قرار واضح وسريع بحق الموقوف إما بتحويله إلى القضاء أو بإطلاق سراحه مؤكداً استعداد الوزارة لتلقي أي رسالة في هذا الشأن ومعالجتها منعاً لاستغلال ملف الموقوفين أو ابتزاز ذويهم من أجل إطلاق سراحهم.
وحول ملف المخطوفين أكد حيدر أنه الملف الأكثر مرارة لأنه يعمل على ابتزاز المشاعر الإنسانية لذوي المخطوف من قبل مجموعات تختطف من أجل المال فقط وليس لأي سبب آخر وهو عمل مدان ويتحمل أصحابه مسؤوليته مشيراً إلى أن الوزارة لا تتدخل في مسألة المساومات التي تحصل عادة بين الخاطفين وأهالي المخطوف كي لا يتهم أي شخص يعمل في الوزارة بأنه مستفيد من هذه الحالات.
ورأى أن اللجان المختصة بالمصالحة الاجتماعية في بعض المناطق والاحياء أنجزت بعض النجاحات الكفيلة بإيجاد شبكة أمان اجتماعية تربط مختلف المناطق والمحافظات داعياً إلى التمييز بين الحل العسكري والعمل العسكري المطلوب للحفاظ على أمن الوطن.
وأشار وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية إلى أن المشروع السياسي في سورية قطع أشواطاً لا بأس بها وأن مواقف الدول الداعمة لسورية أصبحت الآن أكثر تشدداً وصلابة باتجاه رفض التدخل الخارجي وإيجاد حل سياسي يقرره السوريون بأنفسهم لافتاً إلى أن هناك تحولاً في مواقف بعض الدول في الجانب الآخر في محاولة للتكيف مع الواقع السوري وإنجاز تسوية يتم تحديد شكلها النهائي بعد الانتخابات الأمريكية.
وفيما يتعلق بمهمة مبعوث الأمم المتحدة الى سورية الأخضر الابراهيمي رأى حيدر أنه ما زال يحاول تبين النوايا الصادقة للدول الكبرى وتحويل خطة المبعوث السابق كوفي عنان إلى واقع عملي حقيقي على الأرض وإعلان الخطوط العامة لمشروعه الخاص معتبراً أن نجاح مهمة الابراهيمي تتوقف على مصداقية الدول الكبرى المعطلة للحل في سورية ومواقف الدول التي تريد الحفاظ على ماء وجهها بعد فشل محاولات التدخل وفرض الإرادات.
وأكد أن الحكومة السورية حسمت أمرها بشكل نهائي وبإرادة سياسية واضحة للذهاب إلى الحوار وإنجاح العملية السياسية وتقديم جميع الضمانات والتسهيلات لكل من يرغب بالانخراط في الحوار والعملية السياسية مبيناً أن هذا الأمر يحتاج إلى فترة تحضيرية تشمل لقاءات واجتماعات وعقد مؤتمرات نظراً لوجود الكثير من الظروف الموضوعية التي تحتاج إلى معالجة وعلى رأسها معرفة من هي أطراف المعارضة التي ستمثل الشعب السوري.
وجدد حيدر تأكيده على أن أي حراك سياسي وطني سلمي مطلوب لجميع السوريين لتأطير بنى وقيادات تمثل شرائح الشعب السوري وأن الباب مفتوح للجميع لإطلاق حراكهم ونشاطاتهم وفق الأصول والقوانين داعياً إلى حوارات بين المعارضة السورية بعيداً عن الأطراف التي ترفض الحوار وتتمسك بأجندات التدخل الخارجي الموضوعة منذ اليوم الأول لبدء الأزمة في سورية.
وأكد أن الوزارة مستعدة لتأمين كل التسهيلات والموافقات المطلوبة وتقديم الضمانات لأي حراك سياسي سلمي ضمن الأنظمة المرعية بما يوصل كل الاطراف إلى طاولة الحوار مبيناً أن أهم ما يجب إنجازه اليوم هو القبول بمبدأ الحوار دون شروط بعيداً عن الإقصاء الذي تمارسه بعض أطراف المعارضة حتى فيما بينها إضافة إلى رفض التدخل الخارجي والعنف أو تبريره كمحددات أساسية للعمل الوطني.
وفي رده على سؤال عن تواصل الوزارة مع بعض من يحمل السلاح أكد الوزير حيدر أن هذا الأمر يحصل وقال "نعم هناك من يتواصل معنا ونتواصل معه ومنذ فترة ذهبت إلى لبنان للقاء بعضهم وقدمت لهم التسهيلات والضمانات للعودة إلى سورية بعد ترك السلاح وهناك نتائج إيجابية في هذا الشأن لكن بعض من يقتنع يخضع لضغوط أخرى تمنعه من تسليم سلاحه".
واعتبر حيدر أن قدسيا هي نموذج من النماذج التي تعمل الوزارة على تعميمها في باقي المناطق موضحاً أن ما تم ليس هدنة بالمعنى العسكري وان الدولة من واجبها أن تكون أي منطقة خالية من السلاح وآمنة ولا تقبل بإيجاد هدنة مع إبقاء السلاح ولذلك فإن ما حصل يعد مرحلة أولى لتسليم السلاح وتسوية الأوضاع.
وعن مؤتمر الإنقاذ الوطني الذي دعت له بعض قوى المعارضة وإذا ما كان هناك تنسيق مع الوزارة في ذلك أكد حيدر أن أحداً لم يطلب مساعدات أو ضمانات لعقد هذا المؤتمر وأن الوزارة ستعمل على تأمين الضمانات اللازمة رغم عدم طلبها لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هناك أنظمة مرعية مطلوب من الجميع التقيد بها والحصول على الموافقات المطلوبة.
وحول مجلس اسطنبول وامكانية الحوار معه أشار حيدر إلى أن مجلس اسطنبول اقصى نفسه عندما رفض الحوار ونصب من شخصياته قادة على الشعب السوري معتبراً أن أعضاء هذا المجلس ليسوا إلا أدوات لم يلتزموا بالمحددات الأساسية للعمل الوطني المتمثلة برفض التدخل الأجنبي.
وفي رده على سؤال حول الظروف في بعض المناطق السورية رأى حيدر أن ما حصل في الرقة هو تضاعف عدد سكان المدينة بيوم واحد وهو ما يشكل عبئاً على أي دولة في العالم مؤكداً أن عمل الحكومة الأساسي في كل جلسة هو بحث كيفية تأمين كامل الخدمات لجميع المناطق السورية رغم أعمال العنف التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة.
وعن الاستثمار السياسي للسوريين ممن خرجوا إلى دول الجوار أجاب حيدر: أن الحكومة السورية أعدت مشروعاً لهذا الملف ومستعدة لإيواء العائدين وتقديم المساعدات لهم داعياً كل سوري موجود خارج حدود الوطن نتيجة الأحداث التي تمر بها البلاد إلى العودة وسيتم فوراً معالجة بعض التجاوزات الإدارية فيما يخص طريقة خروجهم غير الشرعية.