فنجانان من القهوة لا يكفيان لشارب واحد
إعتدت في السابق أن لا أشرب قهوة الصباح إلا مع زملاء العمل الذين تربطني بهم مصير مشترك ورؤية واحدة في العمل ..
نجلس لنتجاذب أطراف الحديث الصباحي الهادئ مع أغنيات فيروز الصباحية ورائحة البن البرازيلي الممزوجة بنكهة الوطن المشرق "سورية" .. عادات تربينا عليها فأخذت من أيامنا ساعات وساعات من الود وعبق المحبة الخالصة والنقية ، وربما حديثي هذه الأيام عن "فنجان القهوة" أصبح يتردد كثير في مقالاتي وكتاباتي ليس لأنني من عشاق شرب "القهوة" ، لكن لأنني فعلا "عاشق" ؟؟ .. عاشق لأن تعود أحاديث الصباح الهادئة مع فريق العمل بعيدا عن أصوات التفجيرات الصباحية ودوي الرصاص التي باتت بديلا عن أغنيات فيروز وتقاسيم الرحابنة .. عاشق لرائحة البن البرازيلي بنكهة ورائحة تراب الوطن بدلا من رائحة الدم السوري الذي أصبح ممزوجا بهواء البلاد .. عاشق لصوت حبيبتي وهي تسمعني أبيات من الشعر المملوءة بقبلات الحب الصادق بدلا من نشرة الأخبار السياسية والجوية التي صرت أسمعها من فمها في الصباح والمساء .. عاشق لحديث الأحبة والأصدقاء وهم يحدثونني حول مغامراتهم في الحب أو جولاتهم في ربوع سورية بدلا من أحاديثهم حول مكالمات التهديد والوعيد بالقتل التي أضحت لغة الحوار اليومي مع مجهولي الهوية .. عاشق وعاشق ولكن العشق بدون الأخر لايكفي .. في صباح هذا اليوم وقد غابت عني جلسات الهدوء الصباحية ، جلست لوحدي هذه المرة بغرفتي على غير العادة لأحتسي "قهوتي" ، فوضعت فنجان قهوتي فنتابني شعور لا أعرف "ماهو" دفعني لإحضار فنجان آخر وضعته على الطاولة ، أحسست حينها بأنه يتوجب علي إنتظار الآخر .. الآخر الذي قد يأتي أو لايأتي .. الذي غاب ولم يغيب .. الآخر الذي سكن قلبي وعقلي .. الآخر الذي لا أعرف عنه شيء سواء أنه ملىء حياتي وتفكيري .. جلست طويلا أنظر إلى الفنجان الآخر وبدأت أفكاري تحدثني لمن هذا "الآخر" هل هو للوطن ، للأم ، للأخ ، للصديق ، للزميل ، للحبيبة .. ماذا لو جاءوا جميعهم الآن ؟؟ إذا فنجانان من القهوة لا يكفيان ، علي أن أحضر المزيد ، ربما يلزمني واحد أخر ثالث ورابع وخامس وو .. وضعت كل فناجيني ومازلت أنتظر لكن لا أعرف إلى متى ..