مسيرة كالديرون القصيرة والمضطربة وصلت إلى نهايتها بفضيحة
وصلت مسيرة رامون كالديرون القصيرة والمضطربة في رئاسة نادي ريال مدريد الأسباني لكرة القدم أخيرا إلى خط النهاية بعدما تنحى كالديرون رسميا عن المنصب أمس الجمعة بعد الضغوط الشديدة التي تعرض لها نتيجة تصرف المشين في اجتماع الجمعية العمومية للنادي.
وأعلن كالديرون رسميا تنحيه عن رئاسة النادي مساء أمس الجمعة بعد اكتشاف فضيحة تصرفاته المشينة في الجمعية العمومية للنادي.
وأعلن كالديرون عن تنحيه خلال مؤتمر صحفي عقد مساء أمس في استاد "سانتياجو برنابيو" معقل فريق ريال مدريد ليؤكد بذلك ما أوردته العديد من التقارير الإعلامية على مدار الايام الماضية عن احتمال استقالته من منصبه.
ويأتي ذلك بعد أن أكدت تقارير إعلامية خلال الأيام القليلة الماضية أن كالديرون "دس" عددا من الأعضاء في اجتماع الجمعية العمومية للنادي والتي أقيمت في السابع من كانون أول/ديسمبر الماضي رغم أنهم لا يحظون بأهلية المشاركة في الاجتماع.
وأكدت وسائل الإعلام الأسبانية في الأيام الماضية أن كالديرون ارتكب هذا الخطأ الفادح للحصول على موافقة الجمعية العمومية على ميزانية النادي وكذلك إجراءات أخرى بالاضافة للصمود أمام المعارضة التي ازدادت قوتها وانتصاراتها عليه خلال عامين ونصف العام تولى فيها رئاسة النادي.
ويبدو أن كالديرون لم يجد أي خيار آخر أمامه بعد تخلي أعضاء مجلس إدارة النادي عنه في الاجتماع الذي جرى صباح أمس الجمعة.
وسيتولى فيسنتي بولودا نائب رئيس النادي المنصب مؤقتا لحين إجراء انتخابات لاختيار الرئيس الجديد للنادي.
ووجد كالديرون نفسه تحت ضغوط هائلة تدفعه للاستقالة بعدما فجرت صحيفة "ماركا" الرياضية ، أكثر الصحف مبيعا في أسبانيا ، مفاجأة من العيار الثقيل قبل أيام وكشفت النقاب عن فضيحة الجمعية العمومية للنادي.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس انهمرت الدموع من عيني كالديرون وهو يقول "انتصر الشر.. لست جبانا.. وليس لدي ما أخفيه… لم أعلم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بما حدث في الجمعية العمومية الماضية".
وأوضح كالديرون بعدها أنه سلم رئاسة النادي إلى صديقه الحميم بولودا الذي سيرتب لإجراء الانتخابات في أيار/مايو أو حزيران/يونيو المقبلين.
وقال كالديرون والدموع في عينيه "سأترك النادي.. ويدي نظيفة وضميري مرتاح. أموالي وعافيتي الآن أقل مما كانت عليه عندما توليت رئاسة النادي ولكنني أفتخر بأنني خدمت أهم نادي في العالم".
وأنهى كالديرون حديثه في المؤتمر موضحا "نجاح هؤلاء الذين سعوا لتدميري هو نجاح للظلم والشر. ارتكبت أخطاء ولكني لم أرتكب مخالفات".
وكشف وجه كالديرون عن كل التوتر والحزن الذي عاناه في هذا الأسبوع العصيب.
وكشفت "ماركا" يوم الأربعاء الماضي عن هوية عشرة من هؤلاء الأعضاء المتسللين إلى الجمعية العمومية ومنهم عدد من الأعضاء الذين لم يحصلوا على عضوية النادي للمدة الكافية اللازمة لينالوا عضوية الجمعية العمومية وبعضهم من غير الأعضاء على الاطلاق.
وما ضاعف من حجم الفضيحة ووقعها على مشجعي النادي أن أحد المتسللين العشرة من الأعضاء في نادي أتليتكو مدريد المنافس لريال.
وعقد كالديرون مؤتمرا صحفيا يوم الأربعاء أعلن فيه عن إقالة اثنين من موظفي النادي أكد أنهما المسئولان عن هذه المشكلة.
ولكن واحدا من هذين الموظفين صرح لوسائل الاعلام أنه تصرف كذلك بتعليمات من كالديرون.
وأقسم كالديرون الذي بدا عصبيا ومنزعجا خلال مؤتمر يوم الأربعاء وقال "بشرفي" لم أكن على دراية بشيء عن هذه الفضيحة. وادعى كالديرون بأنه "الضحية" وقال أنه سيكون "من الجبن" أن يستقيل من رئاسة النادي.
ولكن استطلاعا للرأي أجرته "ماركا" على موقعها بالانترنت صباح أمس الأول الخميس أظهر أن 91 بالمئة من قراء الصحيفة لا يرون أن تفسيرات وتبريرات كالديرون مقنعة.
ورغم قصر الفترة التي قضاها كالديرون في المنصب كانت فترة عاصفة وحافلة بالمشاكل.
وذكرت التقارير الاعلامية أمس أن أعضاء مجلس إدارة النادي أجبروا كالديرون على التنحي خلال الاجتماعات العاصفة التي عقدت مساء أمس الأول الخميس وصباح أمس الجمعة.
وأصبح ريال مدريد مقرا لعدم الاستقرار ومثالا للفوضى في السنوات القليلة الماضية حيث اضطر أربعة رؤساء للنادي للتنحي تحت الضغوط على مدار آخر 14 عاما.
واضطر رامون ميندوزا للتنحي في عام 1995 ثم لورنزو ساينث في عام 2000 وفلورنتينو بيريز في عام 2006 وأخيرا كالديرون هذا العام.
وفاز كالديرون برئاسة النادي في الانتخابات التي جرت في تموز/يوليو 2006 ولكن بفارق ضئيل من الاصوات وذلك بعد إلغاء جميع الأصوات التي أدلت بتصويتها في الانتخابات عبر رسائل بريدية وذلك بحكم قضائي.
واعترض العديد من المرشحين الخاسرين على فوز كالديرون أمام القضاء.
كما تعرض كالديرون لانتقادات إعلامية مستمرة لفشله في التعاقد مع أي من النجوم الكبار على عكس ما كان عليه الحال في عهد سلفه فلورنتينو بيريز الذي قد يصبح مرشحا لرئاسة النادي عبر الانتخابات المقبلة.
ووعد كالديرون بالتعاقد مع كاكا وسيسك فابريجاس وآريين روبن لكنه نجح فقط في التعاقد مع روبن.
ما تلقى كالديرون انتقادات عنيفة بسبب فشله في التعاقد مع البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم مانشستر يونايتد الانجليزي والفائز بلقب أفضل لاعب في العالم لعام 2008 في استفتاء الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) رغم وعوده الكثيرة بالتعاقد مع رونالدو.
وعلى الجانب الايجابي نجح كالديرون ومدير الكرة بيديا مياتوفيتش في تجديد شباب الفريق الذي ارتفع معدل أعمار لاعبيه بسرعة كبيرة تحت قيادة الرئيس السابق للنادي فلورنتيو بيريز حيث استغنى ريال مدريد عن نحو 20 لاعبا وتعاقد مع مثل هذا العدد تقريبا بتكلفة عالية.
وفاز الفريق المجدد لريال مدريد بلقب الدوري الاسباني في عام 2007 بفارق ضئيل وبصعوبة بالغة ثم كرر ذلك الإنجاز في الموسم الماضي ولكن بشكل مريح.
ولم يفقد الفريق كثيرا في الموسم الحالي ورغم ذلك تعاقد مياتوفيتش مع المدرب الأسباني خواندي راموس قبل خمسة أسابيع ليخلف المدرب الألماني بيرند شوستر.
والحقيقة أن كالديرون ومياتوفيتش نجح في استبدال النجوم الكبار الذين اشتهروا بلقب "جالاكتيكوس" مثل الانجليزي ديفيد بيكهام والبرازيليين رونالدو وروبرتو كارلوس بلاعبين أكثر منهم نشاطا وبذلا للجهد مثل الايطالي فابيو كانافارو والهولنديين رود فان نيستلروي وويسلي شنايدر والأرجنتينيين فيرناندو جاجو وجونزالو هيجوين.
ونال الثنائي كالديرون-مياتوفيتش بعض الشرعية والمساندة والشعبية بعدما نجح ريال مدريد بقيادة مهاجمه الخطير فان نيستلروي في إحراز لقب الدوري الأسباني عام 2007 بفضل تفوق الفريق في نتيجة المواجهات المباشرة مع برشلونة في ذلك الموسم.
ولكن كالديرون ومياتوفيتش أثارا دهشة بالغة بعدما استبدلا المدرب الايطالي فابيو كابيللو الذي قاد الفريق لإحراز اللقب بالمدرب الألماني بيرند شوستر.
ورغم ذلك كافأ شوستر الاثنين بإحراز لقب الدوري الأسباني في الموسم الماضي وبفارق مريح عن أقرب منافسيه.
ولكن شوستر لم يستطع مواصلة النجاح فقدم مع الفريق عروضا ونتائج هزيلة في بداية الموسم الحالي مما أدى لإقالته من تدريب الفريق بعد خمسة أسابيع من بداية الموسم وتعيين راموس خلفا له.
وبعدها جاءت قصة التعاقد الفوضوي الذي أبرمه مياتوفيتش مع اللاعبين الهولندي كلاس يان هونتلار والفرنسي لاسانا ديارا خلال فترة الانتقالات الحالية رغم أن أحدهما فقط يمكن تسجيله في القائمة الأوروبية للفريق ومن ثم يمكنه المشاركة مع ريال مدريد فيما تبقى له من فعاليات دوري أبطال أوروبا.
وقدم راموس بداية قوية مع الفريق ولكنه سيضطر للعمل الآن في أجواء من الشك والارتباك في الوقت الذي يرتب فيه بولودا لانتخابات النادي وكذلك تحسين صورة النادي بعد الفضيحة التي أطاحت بكالديرون.