كتب محمد أحمد .. دلالات الموقف الامريكي الجديد .. من الاطاحة الى التفاوض
مؤشرات عديدة تدل على ان الادارة الأمريكية بدأت الإنتقال من مرحلة عصف القدرات إلى مرحلة تحديد الخيار والموقف في كيفية التعامل “البراغماتي” مع الأزمة السورية، وبالتالي
مجمل صراع القوى العالمي.
تأسس مجلس اسطنبول على غرار المجلس الوطني الليبي، وكان الهدف الرئيسي لمؤسسيه أن يقوم بنفس الدور في سورية، لكن الواقع والوقائع مختلفة، فشلت الفكرة، والإدارة الأمريكية لا تهمها التسميات بقدر ما يقدم لها المتعامل أو العميل من خدمات تحقق أهدافه، وبناء على ذلك فان تسريبات مدونة "كابل" الأمريكية يوم أمس حول اجتماع زعماء المعارضة السورية في الدوحة بهدف اعلان المجلس الجديد(البرلمان البدائي)، ليكون البديل لمجلس اسطنبول وبرعاية أمريكية، يعني أن مرحلة انتهت واخرى تبدأ الآن ..
المجلس المزمع تشكيله في السابع من الشهر الجاري والمتكون من 50 عضوا وهيئة تنفيذية مستقلة من 10 أعضاء، مهمته الأساسية التفاوض مع الدول وحتى النظام الحاكم.
ما هي الدلالات ؟
على صعيد الصراع عالميا:
1- الولايات المتحدة الامريكية بدأت تعترف لحلف روسيا والصين بتحقيق القدرة على الصراع والتنافس والكسب.
2- تحقق نوع من التعادل بين محورين من القوى العالمية المتصارعة على النفوذ يتمايزان الآن، بحسب الموقف من الأزمة السورية.
3- حالة تعادل القوى العالمية تفرض مرحلة قد تمتد لسنوات دون تغييرات حقيقية، فجميع القوى العالمية والإقليمية بما فيها حلفاء سورية، ترسل إشارات تفيد بعدم استعدادها لمعارك حاسمة وفي العديد من مناطق التوتر وملفات الصراع والنووي الإيراني واحد منها .
على صعيد الصراع داخل سورية:
1- بات واضحا ان امريكا وحلفاؤها قد اقتنعوا بان حجم تدخلهم في سورية لن يتعدى الحجم الحقيقي للمعتمدين عليهم، وقد حددوها ب 50 عضوا(البرلمان البدائي)، واذا ما قارنا هذا الرقم بعدد اعضاء مجلس الشعب السوري الحالي(250 عضوا)، سيتبين لنا ان اقصى تطلعهم هو السيطرة على 20 بالمائة من القرار السوري.
2- دلالة أخرى يكرسها توزيع الحصص داخل(البرلمان البدائي) وهو ان دور الإخوان المسلمين المتمثلين بمجلس اسطنبول لن يتعدى نسبة 30 % من (البرلمان الجديد)، وفي سورية تترجم بنسبة 7% ونعتقد بان هذا هو حجم الاخوان الحقيقي في سورية مع بعض الزيادة الوهمية ربما.
3- تقليص دور الاخوان يعني عمليا تقليص دور تركيا اردوغان في كيفية ادارة ملفات الصراع داخل المعارضة السورية وكذلك تقليص الاعتماد عليها في مواجهة النظام الحاكم في دمشق.
4- انعقاد المؤتمر في الدوحة تحديدا يعني اعطاء نوع من الضمان للجماعات التكفيرية على تنوعها بأنهم مازال لديهم مهمة على الاقل ليستخدموا كعصى غليظة تتطلبها مرحلة من الصراع ستمتد لسنوات.
5- نسبة ال 20 % من التواجد الامريكي الغربي في الداخل السوري مع دعم لوجستي من كافة دول الجوار لسورية كافية على منع اعلان الانتصار، الأمر الذي تنظر إليه أمريكا بحذر وحساسية شديدة لان تحقيق ذلك يعني الإسراع في حسم الصراع في الكثير من ملفات المنطقة والعالم، وحكما ليس لصالح الحلف الأمريكي.
6- يأست أمريكا من فكرة اسقاط الرئيس في سورية، لكنها تحاول ترسيخ فكرة اضعاف القيادة السورية وفرض حالة من الضعف في اتخاذ القرار وبالتالي الحفاظ قدر المستطاع على حالة الفوضى وهدر الطاقات.
7- سورية الدولة صمدت لكنها لن تتعافى بسرعة من المرض طيلة فترة التوازن الحرج بين القوى والتي يمكن ان تمتد لسنوات على الاقل بعمر فترة الرئاسة الامريكية القادمة.
8- في هذه المرحلة من توازن القوى الحرج تتقدم فكرة التفاوض على فكرة الحوار وكذلك على فكرة التغيير القسري بالتدخل العسكري التي انتهت من زمان.
9- الإبراهيمي يهيئ ليلعب دوره كمنسق للتفاوض بين مختلف انواع قوى الصراع في الداخل وفي الخارج.
ما الذي يمكن للسوريين فعله ؟
الانتقال الى مرحلة جمع القوى والتركيز على مساحات التقاطع بينها لتفرض على قوى الصراع العالمي سرعة التحرك، من اجل أن لا تطول مرحلة توازن القوى الحرج على ارض سورية فشعبها من سيدفع اكبر الضرائب…