استاد الفجيرة
أنا وأصدقائي الثلاثة المتواجدين بسيارة واحدة بسبب الضغط المروري وصلنا، ستاد الفجيرة، وأننا صرنا على مرمى دقائق قليلة لنقطع الشك باليقن.. فهل وطني على حق.. أم أنّ العالم كله من كان على حق..!!
ما بداخله من شك.. ولكننا كنا أمام سؤال كبير، هل سيتواجد الجمهور السوري لتشجيع فريق بلدهم..
إنه فريق النظام..
إنهم الإدرايين الذين اختارهم النظام..
إنهم بلا شك، وحسب الشاشات العالمية.. شبيحة النظام..
فهل سنكون "نحن الأربعة" فقط من سيكون من الداعمين للشبيحة.. القتلة، المرتزقة..!!
هلق نحن فقط من سيدعم هذا الفريق الناشيء؟؟ المجرم الذي سيقتل السعوديين والقطريين.. في أرض ستاد الفجيرة بالمدفعية، والطيران الحربي؟؟
دخلنا الاستاذ من جهة المنصة الرئيسية.. كنت مصدوماً.. نعم صدمت.. بمدرجات ممتلئة عن آخرها.. ملونة بلون واحد فقط.. الأحمر.. أعلام بلدي تنوف عن الألف علم.. ومشجعوا فريق بلدي بالآلاف..
كان عليّ أن أقف برهة مع ذاتي أؤكد إيماني بالقضية التي أؤمن.. لم يترك لي المشهد أي مجال للشك، بأنَّ بلدي على حق، والعالم كله على خطأ..
رميتُ أرض الملعب بنظرة خاطفة لأرى لاعبين بلباسهم الأحمر.. ويال المفارقة.. كل من كان في المدرجات يهتف هتافات نارية.. الله محيي الجيش.. الله محيي الجيش.. تهز أركان مدينة الفجيرة.. وكأننا في حرب، موت أو حياة،
لا علاقة لجيشنا الباسل، بكل هذا، ولكنه موقف اتُخذ من قِبل كل هؤلاء السوريين، سجلوه بحناجرهم.. أمام الدنيا قاطبة.
إنَّ أحداً من الجمهور لم يكترث للمباراة، ولكنهم كانوا يكترثون للون الأحمر الذي صبغ الملعب.. واللاعبون "الصغار" كانوا "بصدق" أرقى من عليها.. والله لتدمع العيون عندما تجد الروح الرائعة، الأخلاق التي يلعبون بها، وما بين هتافاتنا التي "أكررها" تهز أركان مدينة الفجيرة، وما بين أدائهم الراقي، فارق شاسع.
هذه هي المقارنة تماماً، ما بين الجمهور الذي يقطن وطني سوريا، وما بين القيادة، والجيش.. الجمهور يريد موتاً لكل من خان وطنه، لكل من بث الفرقة، وشوه الياسمين، والجيش البطل وقياداته يتعاملون بحلم ودراية ودقة، ما بعدهم، ما قبلهم..
نساء، أطفال، شباب، كبار السن.. كلهم دون استثناء، بُحّت حناجرهم من الهتاف.. واحمرت أكفهم من التصفيق.. كانت كافية لتوتير فريقنا الشاب.. ولكنهم بثبات كانون يتابعون، ويتابعون، مخافة العقوبات الاتحادية.. ومخافة حذف النقاط، وحققو ما صَبوا إليه.. وفي نهاية المطاف.. تأهلوا.. وأقصوا الغريمين العربيين، والجمهور كله سعد بتأهل الفريق الأسترالي، الذي لا يربطنا به أي شيء..
"مراد" أحد أصدقائي، وبعد أن ركبنا سيارتنا عائدين، في مسيرة أكثر من "400" كيلومتر، حتى عرف ما كانت النتيجة النهائية للمباراة.
أحد رجال الأمن قال حرفياً.. أنتم مكروهون من كل العرب، سأل صديقي علي، لماذا؟ قال رجل الأمن: لأنكم الوحيدون بين العرب قاطبة، ما زلتم تحتفظون بالكرامة.. واتبع.. الله ينصركم.
بجوارنا، شاب من درعا، حمل معنا العلم الكبير، الذي حملناه، وهتف باسم الرئيس بشار، في حين أني لم أهتف باسمه..
شاب فلسطيني، صرخ على الملأ، ثقب صوته أذني.. الله محييكم يا رجال، بدي بوس أرض الشام كرامتكون، الله يحمي الرئيس بشار الأسد.
أنا وأصدقائي الثلاثة، الذين كلنا رمنا المعلب، كنا من طوائف ثلاث، المسيحي، والسني، والاسماعيلي..
أكيد أن دولة الإمارات وقياداتها وصلتها رسالة واضحة جداً، من هو الشعب السوري، هل هو مع دولته أم أنه ضدها..
الإعلام كان كاذباً كعادته.. لم يُظِهر لا العدد الحقيقي، ولا الهتافات التي سُمعت في أرجاء مدينة الفجيرة، ولا كثافة الأعلام السورية الوطنية..
عند خروجنا وجدنا شخص واحد فقط يقف على قارعة الطريق مقابل مداخل الاستاد، يحمل العلم الأخضر وهو ذو لحية طويلة، وحاف الشاربين، أقسم بالله، أنه نال من سُباب وبصاق، أكثر مما ناله فريقنا من تشجيع..
في أقل من ساعات ثلاث، عرفت وأدركت تماماً العملية التي تحصل في وطني الغالي، وأريد الآن أن أؤكد لكم، إنّ قضيتي على حق، إنَّ وطني على حق، إن جيشي يتبعة آلاف مؤلفة.. مشاهد المباراة ليل أمس كانت دليل قاطعاً.. أننا منتصرون.. بإذن الله.. وأننا سنصل غايتنا، وسيعود الياسمين.. ياسمين.. بإذن الجيش العربي السوري، وسنتأهل إلى الأدوار النهائية