تطهير ذاتي حلبي بقلم المحامي علاء السيد
بمعزل عن سياسة الفساد و الإفساد الممنهجة لكافة نواحي الحياة في سورية عبر السنوات الطويلة السابقة ، و التي صارت من البديهيات في المواضيع لتي طرحت سابقاً ..
نحن أيضا مسئولون ، و يجب علينا قبل أن نصل لجنتنا الموعودة سوريا أن نمر بالمطهر، و نسير على الصراط المستقيم إلى الجنة لترتفع ألسنة الجحيم لتأكل ما نبت من مال السحت.
كلنا ساهمنا و انزلقنا في لعبة الفساد و الإفساد القذرة ، و علينا جميعا يتوجب دفع الثمن.
أخص حلب و أهلها الغاليين على قلبي بما أقول، مع علمي بشمول الحال على كافة الأرجاء.
نحن المحامين انحصر عملنا بالسمسرة و غاب الدور القانوني غيابا شبه تام، و صار المحامي الشاطر هو من يستطيع أن يكون مفتاحا لأكبر عدد من القضاة و بأي ثمن.
أخوتنا القضاة انحصر عملهم بحسم الدعوى بأي طريقة، و بأي ثمن، تحت ذرائع عدة من تراكم الدعاوي ، ووجود مراجع قضائية أعلى يمكنها مراجعة ما ظلم به القاضي، و التقيد بنص القانون حتى لو كان جائرا ، طبعا مع الشللية و التذرع باللجوء للتحكيم .
إخوتنا رجال الدين على مختلف أديانهم الذين ابتعدوا عن الدين كرسالة، و حولوه لمهنة يتكسبون بها عبر إرضاء من يدفع أكثر و يحافظ على مواقعهم.
إخوتنا الأطباء الذين اعتادوا السمسرة بين بعضهم البعض ، من أطباء تحليل و أشعة و مشافي خاصة و غيرها ، و مص دم المريض لجمع اكبر مبلغ ممكن خلال ممكنة، بعيدا عن أي تطور علمي طبي فعلي و دون أي اكتراث لإنسانية مهنتهم .
إخوتنا المهندسين الذين انحصر دورهم في هندسة و إشراف وهمي، دون أي تطور علمي، عبر نقابة انحصر همها في عرقلة البناء لتقاضي أكبر رسوم غير محقة ممكنة .
أخوتنا الصناعيين كان همهم الأكبر الحصول على القروض و الامتيازات مع نيتهم بعدم سدادها ، و الحرص على إنتاج أسوأ المنتجات بأغلى الأسعار، و أهملوا شؤون عمالهم و رعايتهم، و كانوا يرمون بالعامل بالشارع لأوهى الأسباب دون أي ضمانات صحية أو اجتماعية .
أخوتنا التجار همهم تحصيل أكبر ربح ممكن من عمليات تجارة و مضاربة وهمية، و تقاضي الفوائد المحرمة تحت ظل فتاوى و تحايل على الشرائع بمسميات مختلفة ،و استيراد أسوأ البضائع بأعلى الأسعار .
أخوتنا أساتذة الجامعات همهم الأكبر الحصول على شهادة من أي مصدر كان، دون تحصيل علمي يذكر، و التعاطي مع الطلاب من منظور قمعي هدفه الأول ابتزاز الطلاب ماديا و الطالبات جسديا ..
أخوتنا معلمي المدارس همهم الأكبر جبي الأموال من الدروس و الدورات الخاصة ، مع إهمال التعليم كتعليم و القبول بمنهاج تعليمي عقيم لا يسمن و لا يغني من جوع..
أخوتنا الموظفين في مختلف الدوائر همهم الأكبر عرقلة المعاملات و زيادة الروتين، لجبر المراجعين على إخراج أكثر ما يمكن من جيوبهم لتحل جميع هذه التعقيدات بعصا سحرية .
أخوتنا المثقفين الذين تعالوا عن العامة ، و جلسوا في بروج تنظيرية عاجية،و في حلقات مغلقة لا يحضرها إلا القلة .
أخوتنا الفنانين بمختلف أنواعهم الذين انحصر عملهم في إرضاء الجمهور لتحصيل المال بعيدا عن رسالة فنية سامية فانحدروا بدل أن يرقوا بمن حولهم .
أخوتنا العمال والحرفيين الذين تكاسلوا و تهربوا من العمل المتقن، فهبط الإنتاج إلى أدنى مستوى .
أخواتنا السيدات اللواتي انقسمن بين سيدات صالون همهن جمعيات النساء لتعاطي نميمة و الكلام الفارغ، و سيدات بسيطات لم يؤدين دورهن في تربية أولادهم و تعليمهم و انحصرت أدوارهم في إنجاب المزيد و رميهن ليتربوا في الشوارع .
إخوتنا أهل الريف الذين تركوا أرضهم و تكاسلوا عنها، و ضاعوا في مجاهل المدينة، و سهوا عن التعليم بكافة أشكاله .
إخوتنا أهل المدن الذين تعالوا على أهل الريف و أهملوهم، و عندما كانوا يبنون مزارعهم هناك كانوا يعلون أسوارها قدر الإمكان .
القائمة تطول و تطول .. و لتذكروني بما نسيت ..
كلنا هدرنا الخبز و الماء الكهرباء. …كلنا رمينا بقايا الطعام في الخواء …
أستثني ممن سبقوا القلة القليلة ممن رحم ربي و أنا لست منهم ، ممن لم ينغمسوا بما سبق، و حافظوا على أخلاقهم في زمن اللاأخلاق .
أعرف أن هذا الكلام ثقيل الوطأة على البعض، و الرد عادة يكون بهجوم شخصي، و لكنني أقول هذا من منطلق محبة و أنصح نفسي و إياكم ( على قولة المشايخ ) .
و لهؤلاء أقول حتى أوفر عليهم تهجمهم الشخصي : نعم إنني شاركت و اقترفت يداي جميع الموبقات السابقة ( عدا موضوع السيدات لصعوبته الفيزيولوجية ) و مستعد لدفع الثمن ، و أقول أيضاً " اللي فيه شوكة بتنخزوا " .
و أكرر ما بدأت به، نعم كانت هناك سياسة ممنهجة لإيصالنا إلى هذه الحال عبر أجهزة الحكم المختلفة و مسؤوليه و عليها المسؤولية الأكبر ، و لكن هذا الأمر لا يعفينا من المسؤولية.
للأسف فعلياً جميعنا تورطنا و شاركنا ،و لا بد من دفع الثمن لكي نتطهر و ندخل الجنة القادمة إن شاء الله " سوريا " .