حيرة في إسرائيل: بقاء الأسد أم رحيله؟
عمدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى محاولة استجلاء الموقف الإسرائيلي من بقاء الرئيس السوري بشار الأسد أو غيابه، في ظل تضارب المواقف على ألسنة المسؤولين.
وراجعت الصحيفة في هذا الصدد مواقف عسكريين وسياسيين، بينهم وزير الدفاع السابق إيهود باراك ممن قالوا قبل حوالي عامين إن وجوده مسألة أسابيع. ولكن السؤال الأهم لم يعد ما إذا كان سيبقى وكم سيبقى، وإنما ما مدى مصلحة إسرائيل في بقائه أو رحيله.
ويقول رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق الجنرال أوري ساغي إنه كان بين من رأوا أن الحديث عن رحيل الأسد أمر متسرع، ما دام الجيش والاستخبارات معه، وأيضا ما دامت روسيا والصين إلى جانبه.
وحول مصلحة إسرائيل في بقائه أو غيابه، يرى ساغي أن الفوضى لا تخدم الدولة العبرية، ومن المهم لمصلحة إسرائيل «وجود عنوان واضح». ويؤمن بأنه خلافا للتكهنات السوداء فإن «إسرائيل ليست ما يقض اليوم مضاجع الحاكم السوري».
ويبيّن الجنرال غيورا آيلاند، الذي خدم بين العامين 2003 و2005 في منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، أن إسرائيل حتى في تلك السنوات كانت تبحث في أمر بقائه ورحيله وأن «مسؤولا رفيع المستوى جدا لن أذكر اسمه قال: إن هدفنا هو إسقاط الأسد، لأنه يؤيد إيران ويتعاون مع حزب الله وهو جزء من محور الشر، وإذا أردنا أن نُلخص بكلمتين قلنا إنه سيئ لليهود». ويقول آيلاند إن أرييل شارون سأل في حينه وما هو البديل، مقدماً بنفسه الجواب «إما يتولى الحكم هناك نظام إسلاميين متطرفين من القاعدة، وهذا ما لا نريده على حدودنا، أو ينشأ هناك نظام ديموقراطي معتدل يكون طلبه الأول أن نعيد هضبة الجولان».
عموماً يرى آيلاند أن سقوط الأسد ينطوي على احتمال تفكيك محور طهران – دمشق – «حزب الله» من غير أن تضطر إسرائيل إلى التخلي عن الهضبة: فسقوط الأسد هو الذي سيُسبب ذلك. ولا يرى آيلاند في وجود «جهاديين» على الحدود أكثر من «مضايقة تكتيكية، وليس تهديدا استراتيجيا».
ويجري رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق عاموس يادلين حسابا مع الأسد بسبب حرب لبنان الثانية، ويشدد على أن الغرب لن يتدخل لأن سوريا ليست ليبيا، والأسد رغم خسارته مناطق لا يزال يسيطر على المدن الكبيرة.
ويشير إلى أن بقاء الأسد ومحور طهران – دمشق – «حزب الله» يهدد إسرائيل، وهو ليس على يقين بأن الأسد على وشك السقوط، ولكن يادلين يشدد على أنه ليس «خائفاً كثيراً من تهديد القاعدة أو من سيطرة المتطرفين على سوريا، فنحن نعرف كيف نواجه إرهابا يأتي من وراء الأسلاك الشائكة، ومن المؤكد أن تهديده لنا أقل من تهديد الجيش السوري كله بقيادة الأسد مع مخزون السلاح الذي يملكه».
ويقول يادلين إن «تجربتنا مع حزب الله وحماس تبرهن على أنه حينما تسيطر منظمات إرهابية على دولة – وما زلت آمل ألا يحدث هذا – هناك سُبل لردعها. إن حزب الله يحافظ اليوم على الهدوء على الحدود الشمالية لأنه مشارك في الحكومة اللبنانية ويتحمل مسؤولية عما قد يحدث عقب تسخين الجبهة. وكذلك حال حماس أيضا». وعموما يبدي يادلين استغرابه من أي قول يرى في استمرار حكم الأسد مصلحة لإسرائيل.
ويعتبر رئيس الموساد السابق افرايم هليفي أن تحسنا طرأ على وضع الرئيس السوري. ويقول «هناك تراجع في قوة المتمردين. فالتوتر الداخلي بين القوات المختلفة المتمردة على الأسد أخذ يزداد. وزاد من جهة ثانية تدخل حزب الله، مثل الدعم الإيراني للرئيس أيضا». ويقول إن انتصار القوات السورية في المواجهة العسكرية الشديدة في القصير يبرهن على تحسن وضعه.
ويذكر هليفي أيضا الدعم الروسي المستمر للرئيس السوري وحقيقة أن «الولايات المتحدة لم يستقر رأيها بعد على ما تفعله». وهو يرى أن «كل ذلك يقوي الحاكم السوري. وحتى لو كان من السابق لأوانه تقدير أن يستطيع الأسد القضاء على التمرد تماما، فمن الواضح أن النضال للقضاء عليه قد تم كبحه».
وعموما يرى هليفي أن الأسد متحالف مع طهران، وأن بقاءه يعني وجود إيران على «الحدود» مع إسرائيل، ولذلك يعتبر أن «من المهم الموازنة بين المصالح. وستتم الموازنة بين المصالح بحسب ما يحدث على الأرض. وسيكون هذا متصلا بمواجهة المشروع النووي الإيراني والعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا وتطورات إقليمية لا نستطيع التنبؤ بها دائما».