فنجان قهوتي السياسي
وتمضي الأيام ..
عندما أرتشف فنجان قهوتي الصباحي عبر الأيام كانت تجمعني بالعديد من السوريين المحبة والعمل ، ومنهم من جمعتنا بهم علاقات حب امتددت لسنوات ..
تترأى أمام عيني صور لذاكرتي المنسية ، فشربنا فنجاننا مرة في صلنفا ومن حولنا قصص العاشقين ، ومرة في خالدية حلب ووسط ازدحام المواطنيين ، ومرة أخرى في مقصف نقابة المحامين وأخر في مقصف نقابة المعلمين ومرات عدة في الشهباروز ..
كنت أرتشف القهوة العربية مع بشر تجمعنا الإنسانية لم أفكر يومنا ما انتمائهم الديني أو العرقي أو حتى السياسي ، وتمضي الأيام لأرتشف ذات القهوة وحيدا ووسط العاصمة دمشق ولم تعد صور الذكريات اللطيفة الإنسانية تعبر أمامي لأن فنجان قهوتي أصبح يفهم بالسياسة كباقي فئات الشعب وأصبح يسألني إياك أن تجلس مع فلان أو فلان وإياك أن تجلس مع أحد عناصر التيار الثامن أو مع أحد مجموعة الوطن الثالث ..
لم تعد ذاكرتي تبث مشاهد لعلاقاتنا الإنسانية فقد أصبح ارتشافي لفنجاني الصباحي كنشرة الأخبار السياسية ، فيها صور لشهداء الوطن ومشاهد من مجازر لن ينساها التاريخ .. صور الدم تتلاشى أمامي فالفنجان الذي كان صلة وصلي بإنسانيتي أصبح مسيسا مثله مثل الكثيرون من أبناء شعبي التي سرقت السياسة إنسانيتهم ..