احتفالات الميلاد المجيد تقتصر على الصلوات
اقتصرت الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد عيد ميلاد السيد المسيح رسول المحبة والسلام على الصلوات دون معايدات نظرا لما تمر به سورية من أحداث وإكراما للشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم تراب الوطن حيث أقامت الطوائف المسيحية في سورية اليوم القداديس والصلوات بهذه
المناسبة في الكنائس وأماكن العبادة.
ففي كاتدرائية مار جرجس للسريان الأرثوذكس بدمشق اقيم قداس كبير ترأسه نيافة المطران جان قواق مدير الديوان البطريركي بدمشق والمطران متى الخوري السكرتير البطريريكي يعاونهم الربان برصوم كندو ولفيف من الكهنة في حين خدم القداس الإلهي جوقة مار أفرام السرياني البطريركية بدمشق.
وألقى المطران متى الخوري رسالة قداسة مار أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع بمناسبة عيد الميلاد المجيد أكد فيها أن رسالة عيد الميلاد هي رسالة المحبة والعطاء ويسوع الطفل الذي ولد في مزود نراه اليوم في ملايين الأطفال الذين لا مأوى لهم وهم مع أمهاتهم يتضورون جوعا ونحن نتنعم في خيرات كثيرة معتبرا أن كل محتاج وكل فقير وكل يتيم وكل أرملة هم أخوة يسوع الصغار.
ولفت البطريرك عيواص في رسالته إلى أن استقبال عيد الميلاد لهذا العام يأتي وفي هواجسنا "سورية الموطن الأزلي للسريان هذا البلد الغالي على قلوبنا جميعا وإن ما يجري على أرضها من قتل وتدمير وتشريد يؤلمنا جميعا" مجددا الدعوة إلى "حل الأزمة بالحوار والحل السلمي البعيد عن القتل والعنف والسلاح الذي تحول إلى إرهاب تحت اسم الدين" بغية ترويع المواطنين المتجذرين في أرضهم مسلمين أو مسيحيين على حد سواء وأنه "لا يمكن توصيف ما يجري في بعض المناطق بأنه فتنة طائفية بل هو أعمال اجرامية ضد الانسانية مباشرة".
وأوضح البطريرك عيواص في رسالته أن "المسيحيين لهم تاريخ مشترك مع المسلمين في سورية وأنه كما امتزج الدم المسيحي والمسلم معا في العهود السابقة ذودا عن حياض تراب الوطن الغالي سيشتركون معا أيضا في وحدة المصير ووحدة المستقبل".
وقال البطريرك عيواص "نتطلع بعين الأمل والرجاء إلى مؤتمر جنيف الثاني ولا نقول الذي سيقرر مصير سورية.. فسورية العظيمة لا يتم تقرير مصيرها في دولة أوروبية وانما في دمشق أقدم المدن في التاريخ.. ولكن محبة بالسلام نناشد جميع الدول المشاركة في جنيف الثاني أن يتركوا سورية للسوريين فهم أعلم بمستقبلهم.. واذا كنتم تحبون سورية لهذه الدرجة فقاطعوا امداداتكم ودعمكم للإرهابيين والمسلحين لأنكم لن تسلموا مستقبلا من بطش هؤلاء الإرهابيين والتكفيريين في عقر داركم".
وخاطب البطريرك عيواص أبناء الكنيسة السريان في سورية بالقول.. "لقد سرتم على منوال ابائكم وأجدادكم وأثبتم للعالم أجمع بأنكم مواطنون صالحون ومخلصون لسوريتكم وعلمتم الناس كيف تدافعون بالدم عن أرضكم وعن كنائسكم.. فاصمدوا إلى جانب اخوتكم السوريين الشرفاء.. فالمستقبل لكم ولأبنائكم في سورية فقط وليس في أي دولة أخرى واننا نرفع أكف الدعاء إلى الله تعالى ليرحم شهداء الوطن جميعا ويبلسم قلوب أهلهم ببركاته السماوية".
وطالب البطريرك عيواص مجددا الجهة الخاطفة للمطرانين يوحنا ابراهيم متروبوليت حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس وبولس يازجي متروبوليت حلب والاسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس اللذين وقعا ضحية الإرهاب وقد انضمت إليهما راهبات دير القديسة تقلا في معلولا بإطلاق سراح سائر المخطوفين مؤكدا أنه "لن توفر أية وسيلة ممكنة لإطلاق سراحهم وعودتهم سالمين إلى كنائسهم التي اشتاقت إليهم".
وأكد البطريرك عيواص "أن كل المعطيات التي بين ايدينا تشير إلى عملية ممنهجة ومدروسة لتهجير مسيحيي الشرق الأوسط وكلنا يعلم بأنه.. لا مسيحية بدون الشرق ولا شرق بدون المسيحية ولن يكون الكرسي الأنطاكي في يوم من الأيام في استوكهولم أو في فرانكفورت او لوس انجلوس" مبينا أن الحضور المسيحي في الشرق "حاجة اسلامية أكثر مما هو حاجة مسيحية.. ولا يمكن لوطني حقا ولا لمسلم حقا ولا لعربي حقا أن يعمل على تهجير المسيحيين من الشرق الأوسط لأن وجود المسيحيين في شرقهم ضرورة قومية ووطنية وايمانية وحضارية وهو وجود شرعي بكل المقاييس بل هو رسالة اراد الله تعالى أن نكون نحن شهودا لها".
وطالب البطريرك عيواص جميع القادة السياسيين في الشرق والعالم "بوضع حد للفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط" وتكثيف الجهود المبذولة سعيا لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف من شأنه أن يضع "حدا للعنف وحظر دخول الأسلحة بطريقة غير مشروعة ويرجع السكينة والسلام إلى قلوب الناس ويعيد المهجرين واللاجئين إلى بلدانهم بعد ما أصابهم من تشرد ومعاناة".
وختم البطريرك عيواص رسالته بالقول.. ننتهز فرصة حلول عيد الميلاد المجيد لنتقدم باسمنا الشخصي وباسم أبناء كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم بالتهاني إلى السيد الرئيس بشار الأسد ولأبناء الشعب السوري متضرعين إلى الله أن يتغمد برحمته الواسعة شهداء الوطن وأن يحفظ سورية الحبيبة وأبناءها الأعزاء من كل خطر وشدة وضيق مضيفا.. "من هذا المكان المقدس نرفع تحية إكبار وإجلال إلى بواسل جيشنا السوري المقدام وإلى كل من يعمل بتضحية ونكران الذات لما فيه مصلحة البلاد والعباد".
كما أقيم في الكنيسة الإنجيلية الوطنية بدمشق قداس كبير ترأسه القس بطرس زاعور الرئيس الروحي للكنيسة وعاونه القس صاموئيل حنا رئيس السينودس الانجيلي الوطني في سورية ولبنان وجوقة تراتيل الكنيسة.
ولفت القس زاعور إلى أننا نحتفل بميلاد طفل مغارة بيت لحم رسول المحبة الذي جاء "ليزيل التفرقة بين البشر ويحقق المساواة بين الجميع ويحطم كل الجدران التي تفصل بينهم ويمحو التمييز بين الرجل والمرأة" مبينا أن البشرية انتظرت طويلا بعد أن اكتنفتها دياجير الظلام الفكري والأدبي والروحي حتى جاء "هذا الطفل المجيد الذي له سجد حكماء الشرق وبذلك تحرروا من العبادة المزيفة والذي منحهم خلاصا أكيدا وسلاما داخليا وحياة أبدية".
وقال القس زاعور "لقد طال انتظار البشرية كما طال انتظارنا لنعيش كما كنا في الماضي في هدوء واستقرار وأمان ولوقف نزيف الدم السوري على الأرض المباركة الطيبة وما زلنا نصلي ونرجو الله بهذه المناسبة المباركة أن يستجيب لنداءات وتضرعات المؤمنين في كل زاوية من بقاع سورية ويعيد الأمن والسلام ويزيل الخصام ويزرع المحبة والوئام".
ودعا القس زاعور أبناء سورية "للثبات أمام هذه المؤامرة التي حيكت ضد شعبنا وارضنا والتمسك بتراب هذا الوطن الغالي المقدس الطاهر الذي باركه المسيح" مضيفا "ضعوا ثقتكم في الإله الحي الواحد الأحد واستمروا بالصلاة والتضرع إلى الله ومن أجل المخطوفين ولا سيما المطرانين المخطوفين والأخوات الراهبات ورجال الدين المسيحي والإسلامي" مطالبا الذين قاموا بمثل هذا العمل بأن "يراجعوا أنفسهم ويعرفوا أن الإنسان أقدس بكثير من الكنيسة أو المسجد أو الجامع وأنه لا مكان للمقايضة والمفاوضة بالبشر وأن يحذروا غضب الله عليهم لأنهم يدوسون المقدسات ويحرمون ويقتلون ويخطفون خلق الله".
ودعا القس زاعور الله أن "يبارك السيد الرئيس بشار الأسد ويكلله بالحكمة والدراية ليقود الشعب في طريق الحرية والحق والكمال ويمنحه الصحة ليرعى الشعب بمشورته الصالحة وليتمكن من حل قيود الشر وطرح الأعمال الثقيلة وتحرير المظلومين وشد أزر المستضعفين".
وجدد القس زاعور التأكيد أنه مهما حاولوا تدمير سورية وتفتيتها وتشريد أهلها وهدم منازلها ومؤسساتها ومهما حاولوا ضخ الإرهاب والهمجية "لن يستطيعوا الوصول إلى مبتغاهم المشؤوم الذي خططت له دول داعمة للإرهاب والممول من دول وأنظمة لم يعرف التاريخ أسوأ من سجلها في انتهاك حقوق الإنسان والطغيان في الأحكام والفساد".
وشدد القس زاعور على أن المتآمرين على سورية من غرب وشرق لم يطلقوا خلال 3 سنوات دعوة واحدة إلى إجراء انتخابات حرة لأن "الانتخابات الحرة ستبرهن أن الشعب السوري بغالبيته الساحقة سيتبرأ من كل المجالس والائتلافات المفبركة والتي لا لون سوريا لها على الأرض.. وإنما ألوانها أجنبية خالصة معادية".
وفي كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس بالدويلعة أقيم قداس ترأسه المطران لوقا الخوري الوكيل البطريركي لبطريركية الروم الأرثوذكس شدد فيه على ضرورة التمسك بفضيلة التواضع والمحبة وأن يكون هذا العيد ميلادا يشرق نور المسيح في كل مكان من العالم لإنارة النفوس قائلا "نوجه قلوبنا إلى الله تعالى ليعيد الاستقرار إلى سورية وأن يديم الصحة والعافية على السيد الرئيس بشار الأسد وأن يباركه وينزل عليه نعمته كي يبقى صامدا أمام كل القوى الشريرة وخصوصا أنه يحمل في قلبه وعلى أكتافه همومنا جميعا في سورية الحبيبة بإيمانه الصادق ومبدئه القويم.. وكل ما يقوله ويعمله يصب حقا في مصلحة وخير كل واحد من أبناء هذا الشعب".
وأضاف.. "ما نتمناه في هذه الأيام المباركة أن تستفيد سورية من هذه المحنة التي تمر بها وتعود إلى آفاقها البعيدة في المحبة والحرية وطموحها وإخائها وتقهر معسكرات الأجانب بسيف الحق والإيمان بالله والعروبة".
وفي السويداء أقامت مطرانية بصرى وحوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذوكس قداسا وصلاة بهذه المناسبة وألقى المطران سابا إسبر عظة العيد تحدث فيها عن المعاني السامية لميلاد السيد المسيح رسول المحبة والسلام مشيراً إلى أن عيد الميلاد يمر في هذا العام والقلوب يعتصرها الألم على ما يتعرض له وطننا من شرور ومآس نتيجة المجازر والجرائم التي يرتكبها الإرهابيون الدخلاء ومن يقف خلفهم من أعداء الوطن بحق أبناء الشعب العربي السوري.
وتضرع المطران اسبر إلى الله أن "يحمي سورية وأن يعيد إليها الأمن والاستقرار وأن يهدي كل من ضل طريق الخير والمحبة والسلام لتعود سورية كما كانت بلد التآخي والتسامح والقيم الدينية السمحاء".
كما أقامت أبرشية بصرى وحوران وجبل العرب للروم الملكيين الكاثوليك قداساً وصلاة بهذه المناسبة حيث ألقى المطران بولس برخش راعي أبرشية بصرى وحوران وجب العرب للروم الملكيين الكاثوليك عظة العيد تحدث فيها عن المعاني السامية لهذه المناسبة العظيمة موءكداً أن قيامة المسيح هي قيامة السلام والرحمة والمحبة والعطاء من الخالق للخليقة.
وأشار المطرن برخش إلى أننا "أحوج ما نكون اليوم لتعزيز وتعميق أواصر المحبة بين أبناء الوطن بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم ونبذ العنف والتعصب واستنهاض قيم المجتمع الأخلاقية والإنسانية والروحية" وترجمتها على أرض الواقع وتكريس المودة والتسامح الديني والتعايش بين شرائح المجتمع ورفض الطائفية والتطرف والتمسك بالوحدة الوطنية بين أبناء الوطن ونشر الفكر التنويري والإصلاحي من أجل أن يعم الأمن والسلام ربوع وطننا.
من جانب آخر أقامت كنيسة الراعي الصالح بالسويداء قداساً بمناسبة عيد الميلاد دعا فيها القس سميح الصدي راعي الكنيسة المسيحية الإنجيلية في السويداء ودرعا إلى "الصلاة من أجل حماية سورية من جميع الشرور والمؤامرات التي تحاك ضدها" متضرعاً إلى الله تعالى أن يحفظ السيد الرئيس بشار الأسد "من كل مكروه وأن تزول هذه المحنة عن وطننا وأن تخرج سورية من هذه الأزمة قوية منتصرة على كل قوى الشر وأن ينعم السوريون على اختلاف انتماءاتهم وأطيافهم بالسلام والفرح والطمأنينة".
وفي إدلب أقيم قداس في كنيسة السيدة العذراء للروم الأرثوذكس دعا خلاله الأب ابراهيم فرح راعي الكنيسة الله أن يحل السلام والأمن على ربوع أرض سورية مهد الحضارات ومنطلق الديانات السماوية وان تبقى سورية واحة من المحبة والتسامح والعيش المشترك والتاخي وتجسيد قيم الخير والعطاء.
وأكد الاب فرح ان سورية بفعل تماسك ابناء شعبها ظلت عبر سنوات طويلة رمزا للوحدة الوطنية وان معاني وقيم الميلاد تقوم على ترسيخ المحبة والتعاون والالفة بين القلوب وان سورية رسمت طريق النصر بفضل محبة ابنائها.