صلاة من أجل السلام في سورية
أقام رؤساء وممثلو الطوائف المسيحية في سورية في الكاتدرائية المريمية للروم الأرثوذكس بدمشق أمس صلاة من أجل السلام في سورية ترأسها غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
ودعا المفتي العام للجمهورية سماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون في كلمة بعد الصلاة إلى "نشر نور المحبة والسلام وتعاليم الرحمة التي جاء بها السيد المسيح عليه السلام وإطفاء نيران البغض والقتال التي تقتل الأطفال والأبرياء في سورية المحبة للسلام والرحمة".
وقال المفتي حسون.. "أقول للعالم كله أطفئوا نيرانكم التي جئتم بها لأرضنا ودعونا نشعل النور لكم ونضيء بالسلام لكم وبالحب ولا تجعلوا هذه النيران في أرضنا تقتل الأطفال" متسائلا.. "لم تغرسون في قلوب أبنائكم الحقد علينا.. ونحن نغرس في قلوب أبنائنا الحب لبني الإنسان ونقول لهم كما قال نبي الرحمة.. الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله".
وأشار حسون إلى أنه في الوقت الذي يرسل فيه السوريون المحبة ونور السلام إلى بقاع الأرض فإن الدول الغربية ترسل لهم السلاح المدمر والقاتل للأبرياء مخاطبا السيد المسيح.. "ما لمن ينتسبون إليك في الغرب اليوم يرسلون السلاح إلى أرضك وإلى بيت لحم وفلسطين ودمشق وبيروت وعمان وبغداد.. أما تقول لمن يحتفلون بك اليوم في أمريكا وباريس وروما.. أهديناكم روح السلام فلماذا تهدوننا سلاحا يقتل الإنسان ويدمر الأكوان".
ولفت حسون إلى أن بابا الفاتيكان فرانسيس الأول طلب في صلاته من العالم أن يصلي من أجل السلام في سورية "لأنه يعلم أنها أرض النور وأرض المسيح والإيمان والإسلام ومن أشعل بها نارا وصلت النار إليه فهو لا يريد أن تصل النار إلى أوروبا لأنه يعرف أن السوريين أرسلوا النور من أرضهم".
وأكد حسون أن سورية ستبقى رغم ما فعله أعداوءها ورغم جراحها وما بذلته من دماء "تقول للبنان ابق صافيا ونقيا كبياض الثلج في قممك فكم جلس فيها رهبان وعلماء ذكروا الله.. فقولوا لمن يريد أن يشعل حربا في لبنان وسورية لن تستطيعوا أن تطفئوا نور الله في أرضنا وسيبقى يغلب ناركم".
وقال حسون.. "رسالة السلام اليوم في ذكرى ميلاد عيسى عليه السلام ودمعة مريم التي كان بها الابن البار الطاهر إلى العالم وإلى أبناء سورية .. كفاكم يا من عارضتم وطنكم ودمرتموه واستدعيتم الأعداء ليقصفوا وطنكم.. انظروا إلى الفارق بين رجل جاء من أمريكا ويقف في الفاتيكان ليدعو الناس أن يصلوا من أجل السلام في سورية بينما نسمع في قنواتكم الفضائية من يقف ليدعو أمريكا إلى قصف سورية".
وتساءل حسون إن كان الجيش العربي السوري من دمر المساجد كما يدعي أعداء سورية فلم لم يدمرها قبلا ولم بنيت المساجد والكنائس والمدارس والمشافي بعدد يضاهي كل ما هو موجود في العالم داعيا من يريد التعبير عن اختلاف رأيه مع الحكومة إلى اعتماد الحوار كأسلوب للتعبير عنه وترك الكلمة للشعب ليقرر مصيره لا أن يسمح لمن في الخارج فرض رأيه والتقرير نيابة عن الشعب لتكون النتيجة كما في العراق وليبيا وغيرها من البلدان التي تعاني الدمار بسبب الغرب.
وتضرع حسون إلى الله كي "يحمي سورية وأبناءها وجيشها وقائدها الذي ثبت وصبر وصمد ولم يتنازل عن موقف فيه عز وكرامة.. وأن يعيد كل المخطوفين والمفقودين والمأسورين وكل من تدمع عين اشتياق لعودته إلى أهله وأن يفرج عن السوريين في عدرا ومعلولا وحلب والرقة وفي أي مكان دخل إليه تتار هذا الزمان ليدمروه".
وقال حسون.. "ستبقى سورية بكل أبنائها وأطيافها ترتل إن كان عيسى عليه السلام هو السلام للعالم ومحمد هو الرحمة للعالمين فنحن من حملنا رسالة السلام والرحمة للعالم أجمعين.. وأقول لمن جاء الى بلادنا عودوا فما أرسلوكم إلا لتموتوا على أرضنا ولأنهم يكرهونكم.. عودوا إلى أوطانكم فقد سحبوا منكم الجنسيات ولم يعودوا يعترفون بكم أما نحن فأرضنا تستقبلكم للصلاة والسلام والرحمة والنقاء فقط".
وحذر حسون أبناء الوطن من مسيحيين ومسلمين من فكرة الهجرة داعيا إلى استثمار العلوم والأموال في أرض الوطن ونبذ فكرة الخوف من دمار الوطن لأن السوريين هم من بنوه وهم من سيعيدون بناءه.
وفي كلمة مماثلة بعد الصلاة أكد البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس أن "الحوار والحل السلمي هما السبيل الوحيد للوصول بسورية إلى ميناء الخلاص من أزمتها "مشيرا إلى أن الحوار مع الاخر خير من قرع طبول الحرب ضده.
وأوضح البطريرك يازجي أن هذه الصلاة واللقاء في هذه الكنيسة المقدسة هي "رسالة سلام باسمنا جميعا نحن المجتمعين هنا في يوم ميلاد السيد المسيح وهي رسالة لا يعبر عنها بكلام .. هذا هو بلدنا نجتمع اليوم يوم الميلاد ونحن نغني ترانيم الميلاد قائلين انه يواسينا في هذه الأيام سلام الخليقة السيد المسيح وهو سلامنا وبلسم جراح إنسان هذا المشرق يواسينا لندفن بميلاده أحزان السنة الماضية ولنفتح برجائه مسيرة السنة القادمة".
وقال البطريرك يازجي.. أرفع صلاتي وإياكم إلى رب السماوات والأرض وأقول "ربي أعطنا نحن السوريين من سلامك الإلهي جذوة تبرد وتطفئ قلوبا مستعرة وتمسح دموعا حارة وازرع في قلوبنا نسيمك العليل واغرس في صدورنا رحيق محبتك لنتذكر دوما أن الدين لله وأن الوطن للجميع "متضرعا إلى الله بأن "يسمو منطق المحبة والتلاقي وأن يعزي القلوب التي اكتوت بفقدان أحبتها" وأن يعود المطرانان بولص يازجي متروبوليت حلب والاسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس ويوحنا ابراهيم متروبوليت حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس وراهبات ويتامى معلولا وكل المخطوفين سالمين.
وأضاف البطريرك .. "أيها الرب وحد قلوبنا في هذا البلد العزيز لنحفظ وحدة ترابه الطاهر من طبرية جولانه إلى رأس عين شماله ومن خابوره وفراته إلى حلب الجريحة درة تاج مجده .. كما ألهم القاصي والداني التعلم من شموخ قاسيون أن أبناء هذا البلد لا يعرفون إلى المذلة طريقا وأن جبينهم سيبقى أشم مرفوعا كجبين قاسيون الذي يلثم الطمأنينة ويعانق الأمل بالغد المشرق".
وجدد البطريرك يازجي التأكيد على "أننا سفراء سلام ومحبة لكننا في الوقت نفسه جذر ضارب في عمق تاريخ وجغرافية هذه الأرض سلاحنا وربيعنا هو لقيا الآخر وقبوله والنهوض معه بأعباء هذه الدنيا .. نحن سفراء سلام لكننا لسنا مكسر عصا في الوقت نفسه نحن سفراء سلام ومحبة وتلاق.. سلاحنا سلامنا ورجاؤنا ورسالتنا أخوة حق مع من أسلمنا وإياهم".
وقال البطريرك يازجي .. "نحن كمسيحيين مع سائر أطياف هذا البلد عجينة انجبلت بحب الخالق تعالى واختمرت بالعيش المشترك والأخوة فنضجت قربانا مقبولا على مذبح حب الله والوطن" معتبرا أن "رب العالمين نفحنا نحن مسيحيي هذه البلاد واخوتنا المسلمين بنفحة من روحه الإلهية وارتضانا هنا من غابر الأيام" وأنه من قلب بلاد الشام ومن أنطاكيا تحديدا خرج مصطلح مسيحيين ليغزوا المعمورة كلها.
وختم البطريرك يوحنا العاشر بقوله.. "اخوتنا وإياكم يا أحبتي المسلمين لا تصفها صفحات الكتب فحسب بل واقع ملموس معاش" متوجها بالشكر لكل من وقف وقفة تضامن مع إنسان هذا المشرق المعذب وفي مقدمتهم قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان.
حضر الصلاة الأمين العام لحركة الاشتراكيين العرب أحمد الأحمد ووزراء الثقافة الدكتورة لبانة مشوح والاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور خضر أورفلي والشؤون الاجتماعية الدكتورة كندة الشماط والسياحة المهندس بشر يازجي والدولة لشؤون الهلال الأحمر جوزيف سويد ورئيس هيئة التخطيط الإقليمي وعدد من أعضاء مجلس الشعب ورئيس اتحاد غرف السياحة والسفير البابوي بدمشق ووفود أجنبية وعربية من روسيا وفرنسا وأستراليا ولبنان.