جرحٌ عميق بقلم بيانكا ماضيّة
كانت البندقية معلّقة على كتفه… وكانت بزّته بلون الأرض.. جرحه الذي حفر عميقاً في ساقه كان ينزّ ألماً… يسير هو بتؤدة في طريق كان يشعر أن لا نهاية له..
استوقفته امرأة في سنّ أمه بعد أن رأت تلكؤه في المسير.. استوقفته وطلبت منه أن تضمد الجرح.. جلس على حافة الطريق المؤدي إلى العلاج.. اقتربت منه المرأة.. مزّقت من تلابيب ثوبها قطعةً لتلفّ بها ساقه.. تسرّبت إليه منها رائحة أرضٍ.. اقترب أكثر منها ليعبئ أنفاسه بتلك الرائحة.. وضع يده على كتفها.. أحسّت هي بقشعريرة تلفّ جسدها.. تسللت يده خلف رأسها ليقرّبه من فمه.. رسم قبلةً بلون الحنان على جبينها… ربطت المرأة قطعة القماش بقوة ليتوقف سيل الدماء والألم..ضمّته إلى صدرها داعية له بالشفاء.. اتكأ على كتفها فيما تسللت يدُها إلى خصره.. وراحا يسيران في تلك الطريق.. في كل خطوة كانت تقول له: سنصل وستشفى جراحك يابنيّ.. بدأت خطوته تلتئم شيئاً فشيئاً.. شعر بقوة تسري في كل جسده.. رغب في أن يطمئن على جرحه العميق.. نزع الرباط.. رماه على الطريق.. لم يعد يشعر بألم.. لم يعد يرى جرحاً….واستدار نحو المرأة ليحملها على كتفيه ويسير بها حتى نهاية الطريق..