احمد مصطو كتب لزهرة سورية : غطرسة إمبراطورة
الامبراطورة جوزفين زوجة نابليون الأول
يورى عنها أنها كانت امرأة مفتونة تهتم بالمظهر دون الجوهر , وتتعلق بالتقاليد ولا تتورع عن القيام بأي عمل مهما عظم شأنه من أجل إرضاء كبريائها وغرورها .
حدث يوم أن أقامت الامبراطورة حفلاً ساهراً كبيراً في قصرها بالعاصمة الفرنسية ودعت إلهي العديد من أصحاب الألقاب الضخمة والمناصب المرموقة في الدولة وفجأة تذكرت أنها نسيت أن تدعو أحد كبار قادة الجيش الفرنسي وكان من الأصدقاء المقربين إلى زوجها الامبراطور , فما كان منها إلا أن بعثت إليه برسول خاص يحمل إليه بطاقة الدعوة في بيته الريفي حيث كان يقضي عطلة نهاية الأسبوع في الصيد والاستجمام .
وما كاد القائد الكبير يتلقى الدعوة حتى سارع يستقل عربته , ويلهب ظهور جيادها بسوطه , حرصاً منه على الوصول إلى الحفل في الموعد حتى لا يثير غضب الامبراطورة . وما كاد يصل إلى باب القصر حتى وجد الامبراطورة تقف في استقباله مع زوجها , وقد استشاطت غضباً …؟؟
فقال على الفور محاولاً تهدئتها : (( ولكنني لم أتأخر يا مولاتي ..؟؟ )) .
وقالت وقد تملكها الغيظ : (( هل كلفت نفسك عناء التطلع في المرآة قبل مجيئك ..؟ عد فوراً إلى بيتك ,. وحاول أن تضع هذا الجسم البدين المترهل في ثوب لائق .. انها حفلة ساهرة كما ترى , وليست رحلة صيد !!
وتصبب وجه القائد الكبير عرقاً , فقد آلمه ما لقي من إذلال على يدي الامبراطورة أمام ضيوفها , الذين كانوا يقفون معه أمام الباب الخارجي استعداداً للدخول .
وعاد يستقل عربته وينطلق بها إلى بيته في المدينة ليغير ملابسه , ولكنه أقسم بينه وبين نفسه على أن يرد على الإهانة مهما كلفه الثمن .
ولم تكد تمضي فترة حتى عاد القائد إلى الحفل وقد ارتدى بدلة السهرة الأنيقة , وأعلن الحاجب عن وصوله , وسارعت الامبراطورة لاستقباله وتقديمه إلى المدعوين , وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة ارتياح شديد . حان موعد العشاء أخيراً , وجلس الجميع حول مائدة الطعام الضخمة التي تصدرتها الامبراطورة , وما كادت الأطباق تمتلئ بالحساء حتى فوجئ المدعوون بالقائد الكبير يقف في وسطهم , وهو يحمل طبق الحساء بين يديه ثم يسكبه في هدوء على ملابسه الأنيقة وهو يطلق ضحكة هستيرية ؟.. وذهل الضيوف وراحوا يتهامسون . لابد أن الرجل قد جن ؟
وأخيراً تكلم القائد , فقال : (( تصرف غريب , أنا أعرف ذلك . ولكن قد تزول دهشتكم أيها الأصدقاء إذا اكتشفتم مثلما اكتشفت أنا الليلة أنني لم أدع إلى هذه المأدبة الكبرى , وإنما هي ملابسي الأنيقة التي أصرت الامبراطورة على أن تعيدني إلى بيتي لكي أرتديها … وقد كان المفروض أن أتناول أنا الحساء , ولكن ما دامت الدعوة للملابس وليست لصاحبها , فهي إذن صاحبة الحق في هذا الطعام ! )) .
ثم انحنى القائد أمام الامبراطورة في احترام وغادر القاعة .
رجل واحد كان يقف في وداع القائد العسكري الكبير وهو يغادر القصر .. إنه الامبراطور نابليون الأول الذي ما لبث أن ضاق ذرعاً بغطرسة زوجته وتعاليها على الناس , فطلقها ليتزوج صديقتها وغريمتها في آن واحد ماري لويز .