الرئيس الأسد لقناة المنار: إسرائيل لاتفهم سوى لغة القوة
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن إسرائيل فشلت في ضرب فكرة المقاومة والصمود وفي استئصال المقاومة في غزة مشيرا إلى أن إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة.
وقال الرئيس الأسد في حديث مع قناة المنار اللبنانية بثته مساء أمس إن الاستثمار السياسي للمقاومة هو لاستعادة الحقوق ولو نجحوا بإلغاء المقاومة في لبنان أو غزة لكان مصير الأمة ومصير فكرة الصمود ونهج المقاومة الانهيار مؤكدا أن موقف سورية واضح بالنسبة لدعم المقاومة في كل الظروف وأي احتلال يقابله مقاومة. وأن الموازي لعملية السلام ليس بالضرورة المبادرة العربية بل هو المقاومة.
وأوضح السيد الرئيس أن لقاء الكويت كسر الجليد ومصالحة المواقف والسياسات بين الدول بحاجة لحوار طويل والأجواء هي أجواء تفاؤل، مؤكدا أن سورية تسعى دائما لتنقية الأجواء العربية وتجاوبت مع كل المبادرات بهذا الخصوص..وقال: سنحاول الاتصال المباشر مع الأطراف العربية ولسنا بحاجة لوسطاء والمستفيد الوحيد من الخلاف العربي هو إسرائيل، موضحا أن الهدف من قمة الدوحة كان اتخاذ موقف وإرسال رسالة إلى إسرائيل والخارج. كما أكد الرئيس الأسد أن القضية الفلسطينية جزء أساسي من القضايا السورية وليست مفصولة عنها ووجود الفصائل الفلسطينية في سورية يعني أن نكون قادرين على الحوار معهم بشكل مستمر ونرفض سياسة الضغط والإملاء عليهم.
وقال السيد الرئيس إن الدور التركي إيجابي في قضايانا العربية ونحن نؤيده وإن العلاقة مع إيران ليست ظرفية وإنما تتطور باستمرار وإيران بلد صديق وجار هام في المنطقة، لافتا إلى أن هناك محاولة لجعل إيران عدوا بديلا عن العدو الحقيقي الذي هو إسرائيل لكي تتشتت الجهود ويكون العدو الحقيقي مرتاحا.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة قال الرئيس الأسد: ننظر بتفاؤل إلى قدوم هذه الإدارة ولكن تعلمنا أن نكون حذرين في تفاؤلنا مضيفا أن الحوار بدا بشكل جدي مع الإدارة الأميركية الجديدة من خلال شخصيات مقربة من هذه الإدارة.
نص الحديث كاملاً
– سؤال:
سورية للمرة الثانية في محور المنتصرين. كيف تقرأ نصر غزة…
– السيد الرئيس..
للمرة الثانية لا أريد أن أربط سورية والموقف السوري بمرحلتين..مرحلة حرب تموز ومرحلة غزة. الموقف السوري هو بنفس الخط منذ أكثر من أربعة عقود.. وإذا كان هناك انتصارات حصلت الآن فليس لأنها حالة معزولة.. حالة بيروت أو الضاحية أو الجنوب وحالة غزة.. وإنما هي حالة مستمرة وصلت إلى هذه الانتصارات التي نراها الآن. القراءة اختصرتها في خطابي في الدوحة عندما تحدثت عن التغيرات التي حصلت لدى الأجيال العربية المتعاقبة خلال العقود الماضية.. أي في بداية الصراع العربي الإسرائيلي. عدد محدود من المجازر.. لا يوازي شيئاً بالمجازر التي نراها الآن.. بسبب تطور الأسلحة طبعاً.. كان يؤدي للهجرة..لترك الأرض.. وربما كان هناك بناء على آمال مختلفة هي الجيوش العربية التي ستحرر الأرض.. المنظمات الدولية التي ستعيد الحقوق.. القوانين الدولية التي لا تسمح بما يحصل. اليوم نرى أن ما حصل في غزة وما سبقه في لبنان منذ عامين هو رسالة في عدة اتجاهات بالشكل الذي نقرؤه. أولاً.. نحل مشاكلنا بأيدينا.. فأصحاب القضية هم يحلون مشاكلهم.. ثانياً.. المزيد من الصمود. ثالثاً.. المزيد من الشراسة في الدفاع عن الحقوق. هذا بالمختصر ما حصل في غزة.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. البعض يقول إن نصر تموز مثلاً كان واضحاً. بينما النصر في غزة لا يحتمل القول عنه إنه نصر. ما المعيار هنا…
العدو فشل في ضرب فكرة الصمود واستئصال المقاومة بنيوياً في غزة
– السيد الرئيس..
المعيار هو أولاً الأهداف التي وضعها العدو. إذا كان الهدف هو تدمير البيوت.. في الحرب الأولى أم الثانية.. أي في لبنان أم في غزة.. فبهذا المعيار العدو انتصر.. دمر بيوتاً. إذا كان المعيار قتل المدنيين.. فهو انتصر. أما إذا كان المعيار هو إلغاء المقاومة.. ضرب فكرة المقاومة.. ضرب فكرة الصمود..تحقيق أهداف أخرى على الأرض.. استئصال المقاومة بنيوياً.. فهو فشل فيها. إسرائيل قامت على فكرة أو مقولة تقول.. لا يهم إذا كانوا يحبونني.. المهم أن يخافوا مني. اليوم فشلت هذه المقولة.. اليوم إسرائيل أمام مقولة أخرى. هم لا يحبونني ولكن بنفس الوقت هم لا يخافون مني. فهذه المعايير نستطيع أن نضعها لكي نقيم إذا كان هناك انتصار أم لا.
-سؤال:
ربطتم في كلمتكم بقمة الدوحة.. سيادة الرئيس.. بين مصير غزة وبين مصير الأمة. لماذا….
– السيد الرئيس..
لأن القضية قضية نهج. غزة حتى اليوم الأخير بقيت صامدة. لو أنها انهارت غزة لانهار معها كل الصمود الذي نراه على مستوى العالم العربي. هناك نهضة عربية لدى الناس.. ولا أتحدث عن المستوى السياسي والرسمي..هناك نهضة على المستوى الشعبي. في التسعينيات كان هناك تكريس لفكرة أن عهد المقاومة انتهى وعهد الصمود انتهى.. ولا يوجد أمامنا سوى خيار الانبطاح.
مع بداية الانتفاضة في عام 2000 بدأت تتغير هذه المفاهيم .. فكان لابد من أن يقوموا بشيء لإلغائها وفشلوا فيه. لو نجحوا بإلغاء المقاومة في لبنان أو في غزة .. لكان مصير الأمة ومصير فكرة الصمود ونهج المقاومة مصيره الانهيار.
– سؤال:
أنت على المستوى الشخصي.. سيادة الرئيس.. هل تشعر بالفخر والاعتزاز بما حققته المقاومة..بمعنى أنه ثبتت صحة الخيارات التي أخذتها وتتخذها سورية…
– السيد الرئيس:
هذا من البديهيات.. ليس بالنسبة لي فقط.. أنا ألتقي بمسؤولين أجانب.. هم يحللون بهذه الطريقة. البعض منهم أمريكيون.. والبعض منهم كان في مواقع رسمية في الولايات المتحدة. وكان معروفاً بميوله لإسرائيل. والبعض منهم من أوروبا. كلهم يحللون هذا التحليل .. فمن البديهي أن نحلل نفس التحليل مع بعض الإضافات وخاصة الشعور بالفخر كمواطن عربي. هذا بديهي.
– سؤال:
ربما من المرات النادرة التي يحدث فيها هذا التطابق..أي كيف يرى الرسميون هذا الأمر وكيف تراه الجماهير. طبعاً ليس الجميع ولكن في سورية. ربما عندما يسمع المواطن يشعر بأنك تتحدث بالنيابة عنه. الآن عندما ترى هذا الذي تحقق وأن ما كنت تقوله يعبر عما يحبه المواطنون أو يرونه. الآن هم مرتاحون. أنت على الصعيد الشخصي كيف ترى الأمر…
– السيد الرئيس…
في أكثر من موقف أو مناسبة شرحت بأن قوة السياسة السورية هي باعتمادها على الرأي العام الشعبي تجاه قضايا مختلفة .. داخلياً وخارجياً. فهذا التطابق الذي تتحدث عنه هو حالة مستمرة بالنسبة لنا في سورية. نحن تعرضنا .. وخاصة سورية وهذا التيار.. تيار المقاومة .. تعرض لهجوم إعلامي .. كان يهدف لخلق حالة من الإحباط ولإقناعنا بالفشل. فاعتمدنا على شيء مقابل هو أن ننقل المعلومة للمواطن بقدر ما نستطيع.. وأن نتواصل مع المواطن لكي نعرف وجهة نظره. لذلك كان هناك حالة من التماهي بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي.
– سؤال:
سيادة الرئيس .. هذا يدفعني إلى التساؤل. هل الوضع الاستراتيجي الذي نشأ لقوى المقاومة والممانعة بعد النصر هو أفضل الآن… وكيف يمكن تفسيره سياسياً…
الانتصارات ستستمر وهي كدرجات السلم ستؤدي لانتصارات أخرى
– السيد الرئيس…
كل حالة من الحالات كانت تخلق نتائج معينة. حرب الـ"82"هي التي أوجدت المقاومة بشكلها الحالي .. وهي التي أنجزت التحرير في عام 2000… مجازر جنين في عام 2002 خلقت حالة من المقاومة في فلسطين.. 2006 خلقت أيضاً شيئاً مشابهاً.. والآن في غزة نرى شيئاً مشابهاً. هناك خلق لحالة من المقاومة. كل حالة من هذه الحالات كرست نهج المقاومة.. كرست مصداقية لفكر المقاومة. وهذا برأيي هو أهم إنجاز سياسي. النهج لديه تفصيلات كثيرة.. لديه قضايا مختلفة .. هذه الانتصارات التي حصلت هي انتصارات صغيرة في انتصار كبير وهي سوف تستمر ولابد أن يكون هناك معارك أخرى بشكل أو بآخر.. ليس بالضرورة أن تكون كلها عسكرية.. ولكن هذه الانتصارات هي كدرجات السلم التي ستصل لانتصارات أخرى .. لا يمكن أن نصل للانتصار الأخير دون هذه الانتصارات.
– سؤال:
سيادة الرئيس..من المعروف أنه يمكن استثمار الحرب في السياسة.. هنا.. هذه المنجزات التي حققتها المقاومة.. كيف يمكن أن تستثمر سياسياً…
إسرائيل لاتفهم سوى لغة القوة..والاستثمار السياسي للمقاومة وانتصاراتها هو لاستعادة الحقوق
– السيد الرئيس:
سياسياً هذه القضايا تعبر عن حقوق .. وهذه الحقوق لابد من التمسك بها. بالنسبة لنا سرنا في مجال السلام .. وهذا تحدثت عنه أيضاً في خطابي.. تحدثنا عن السلام. سابقاً في الماضي تحدثنا عن الحرب.. قالوا لنا إن الحرب لا تعيد الحقوق. أتت مفاوضات السلام ولم تعد الحقوق. وثبت بأن إسرائيل حتى الأسابيع الأخيرة التي مضت لم تكن جادة بالسلام.. كانت هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل نحاول أن نبحث خلالها عن طريق هو طريق السلم لاستعادة الحقوق.. اتضح تماماً بأن إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة.. والاستثمار السياسي للمقاومة ولانتصاراتها هو من أجل التمسك بالحقوق لاستعادتها.
– سؤال..
الآن هذا الانتصار الجديد الذي تحقق لهذه القوى.. قوى المقاومة والممانعة.. هل يتم التعبير عنه مثلاً في جانب متعلق بالسياسة في مجلس الأمن.. في الجامعة العربية.. في العلاقات بين القوى الدولية.. في علاقات قوى هذا المحور مع العالم…
– السيد الرئيس…
نظرياً نعم لكن عملياً لا. السبب هو أن إسرائيل لا تهتم بكل هذه البنى.. هي لا تهتم بمجلس الأمن ولا بالأمم المتحدة ولا بميثاق الأمم المتحدة.. لا تهتم بالجامعة العربية ولا بقراراتنا.. بغض النظر عن نوعية القرارات التي نأخذها. إسرائيل تفهم لغة الواقع.. وإسرائيل اعتمدت في سياستها منذ وجودها ومن قبل وجودها.. منذ بدأ المشروع الصهيوني..على فرض الأمر الواقع على العرب. وبالتالي علينا.. لكي نستفيد سياسيا.. أن نعتمد على سياسة فرض الأمر الواقع على إسرائيل. هذا هو الاستثمار السياسي. أما أن نعتمد على كل البنى الأخرى الدولية والإقليمية وغيرها.. فلن نحقق شيئاً.
– سؤال:
سيدي الرئيس..بعض الناس يعتقدون أنه كانت هناك دعوة لعقد قمة عربية مبكراً.. ثم جاءت قمة الدوحة. هل شكلت هذه القمة محوراً عربياً إسلامياً يبدأ من دمشق.. ويشمل المقاومة في لبنان وفي فلسطين ليصل إلى إيران وتركيا.. هل كان هذا جانبا من الاستثمار السياسي مثلاً لهذا المحور…
– السيد الرئيس:
لا.. لأن كلمة محور تفهم بالسياسة كأنك تواجه محوراً آخر.. أو هذا المحور موجه ضد تيار آخر. نحن لا نرى الموضوع بهذا الشكل. هناك قضية أو مجموعة قضايا.. هناك رؤى أو وجهات نظر وسياسات لدول معينة تجاه كل قضية من هذه القضايا. في موضوع غزة.. هذه الدول التي تحدثنا عنها كان لديها رؤية واحدة تجاه التصرف إزاء هذه القضية. فالتقت هذه الدول في مؤتمر الدوحة لكي تعبر عن وجهات نظرها.. وتأخذ قرارات معينة بهذا الاتجاه. هناك دول أخرى كانت تتعاطف مع هذه الدول بطريقة حلها وبرؤيتها للموضوع.. ولديها نفس وجهة النظر.. ولكنها لم تأت لأسباب مختلفة. فأنا لا أسميه محوراً.. ولكن هذه الدول اتفقت على رؤية فتحركت في هذا الاتجاه. هذا طبيعي.
– سؤال:
الآخرون قالوا انه محور.. وهذا المحور فيه سورية وإيران ثم انضمت إليه قطر وتركيا إلى حد ما.. أي إنه يوصف من قبل بأنه محور سياسي.
– السيد الرئيس..
هو وصف بكلمة محور لأنهم يريدون أن يضعوا المحور محل القضية كاسم. القضية ليست ما هو المحور الذي وجد. السؤال ما هي القضية الموجودة.. هناك قضية اسمها غزة علينا أن نقف مع شعب غزة ومع المقاومة. الحديث عن كلمة محور وكأن هناك انقساما أو انشقاقا.. هذا ما يريدون أن يوهموا به البعض.. بأن من يتحرك باتجاه محور.. أي يتحرك باتجاه شق الصف العربي.. وفي هذا الإطار.. فالموقف العربي ليس موحداً حول معظم القضايا من لبنان إلى فلسطين إلى العراق.. هناك انقسام موجود. في القمم العربية.. تحصل تسويات.. تحصل عملية تجميل لهذه الحقيقة.. ولكن هي موجودة.
– سؤال:
في القمة العربية في الدوحة.. حضرت إيران.. ولذلك ربما تم التركيز على موضوع المحور. في قمة الكويت قالوا إن إيران خرجت من هذا النسيج الذي حاولت الدخول إليه.. أي النسيج العربي…
– السيد الرئيس:
قمة الكويت قمة عربية.. من الطبيعي ألا تكون سوى الدول العربية.. والدول الأخرى تكون مدعوة كضيوف. أما في قمة الدوحة.. فلم تكن قمة عربية.. ولم تكن مرتبطة بالجامعة العربية. في البداية كنا نسعى نحن وقطر لكي تعقد قمة عربية بنصاب عربي وتكون قمة تتبع لجامعة الدول العربية. عندما لم يتم هذا الشيء.. رأينا أن البديل هو أن تلتقي كل الدول المهتمة بهذا الموضوع والتي تحمل نفس الأفكار.. فلم تعد قمة عربية.. أصبحت قمة من أجل غزة.. وكان اسمها قمة غزة.. كان من الممكن أن تكون فنزويلا حاضرة مثلاً.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. من ثمرات قمة الكويت الاقتصادية لقاء المصالحة العربية. كيف تبدو العلاقات السورية السعودية بعد اللقاء… وإلى أي حد أثر الخلاف على البيان الختامي على الأجواء الإيجابية للقاء…
لقاء الكويت كسر الجليد ومصالحة المواقف والسياسات بحاجة لحوار طويل والأجواء هي أجواء تفاؤل
– السيد الرئيس:
ذلك يعتمد على كيفية فهم كل شخص للمصالحة. إذا كان بالطريقة البسيطة هو أن نجلس مع بعضنا البعض فقط فهذا الشيء تم قبل المصالحة. نحن التقينا في قاعة الانتظار.. وكان هناك سلام بشكل طبيعي. بمعنى آخر.. الاحترام على المستوى الشخصي موجود. ولكن إذا كان المقصود هو مصالحة المواقف التي تأخذها الدول.. أو بمعنى آخر مصالحة السياسات.. فهذا بحاجة لحوار طويل. ما حصل هناك مجرد كسر للجليد في قاعة للغداء بمبادرة من أمير الكويت الشيخ صباح. نجاح هذه المصالحة يعتمد على الحوار الذي سيجري بين الدول المعنية.. وعلى نية المسؤولين الذين سيكلفون بهذا الموضوع. الآن الأجواء هي أجواء تفاؤل.. لكن على أرض الواقع لم نبدأ الحوار بعد.. لا بد من بدء الحوار قبل أن نحدد ما هي رؤيتنا للواقع.
– سؤال:
ما حصل فقط هو هذا اللقاء الذي بحسب ما تصفه سيادتك هو كسر الجليد فقط…
– السيد الرئيس:
تماماً. كسر الجليد.. لقاء على الغداء.. حديث بالعموميات.. لم نتحدث بالقضايا.. وخاصة أن الزمن لم يسمح.. والموضوع كان موضوع غزة وكلنا متعاطفون مع قضية غزة. ولكن لم نتحدث في التفاصيل المعنية بهذا الموضوع.. ربما لأنها تركت للقمة.
– سؤال:
الجميع كان موقفهم هكذا… أي كان الوضع هو فقط لكسر الجليد القائم في العلاقات العربية… السيد الرئيس.. نعم, بهذا اللقاء كان اللقاء أقل من ساعة. سؤال: ألم يتم مثلاً تحديد موعد للقاءات قريبة…
– السيد الرئيس:
لا.. حتى الآن لم يتم ذلك. سؤال: مثلاً.. هل وجهت لسيادتكم دعوة لزيارة الرياض… السيد الرئيس.. لا.. لم توجه أي دعوة.. وإنما الآن لا بد من التواصل كما قلت بين المسؤولين. سنرى الآن.. سنبحث كيف نبدأ هذه العملية بهدف الوصول إلى تحسين العلاقات العربية العربية.
– سؤال:
وفق ما قيل في وسائل الإعلام فإن الملك السعودي وجه دعوة لسيادتكم لزيارة الرياض. هكذا جاء في وسائل الإعلام على الأقل.
– السيد الرئيس:
في الجلسة أنا قلت له أتمنى أن أراك في سورية.. وهو تمنى أيضاً أن يراني في الرياض. هذا الكلام قيل.. أنا دعوته الى سورية وهو دعاني الى الرياض. فلم يكن هناك شيء رسمي.
– سؤال:
هل تتوقعون مبعوثاً سعودياً قريباً في دمشق مثلاً… هل هناك آليات وضعت… أم أننا في حالة انتظار الآن فقط…
نسعى دائما لتنقية الأجواء العربية وتجاوبنا مع كل المبادرات
– السيد الرئيس:
لا.. لن يكون هناك حالة انتظار.. نحن دائماً نسعى.. وحتى في الأشهر التي سبقت قمة الكويت.. كان هناك عدد من المبادرات العربية والبعض منها غير عربي لتحسين أو لتنقية الأجواء.. ونحن تفاعلنا وتجاوبنا مع كل هذه المبادرات. الآن لا بد من أن نبدأ مباشرة بآلية.. سنحاول الاتصال المباشر.. لسنا بحاجة لوسطاء.. وسنرى رد الفعل.
– سؤال:
بتقديرك.. سيادة الرئيس.. ما حدث في قمة الكويت عندما تحدث الملك عبد الله بن عبد العزيز عن ضرورة إنهاء الخلافات العربية وطي صفحة الماضي.. ربما كان مفاجئاً للكثيرين. بتقديرك ما هي العوامل التي أملت هذا النوع من الخطاب…
– السيد الرئيس:
لا أريد أن أتحدث نيابة عنهم.. ولكن أقول الشيء الذي تحدثنا به في الاجتماع بأن المستفيد من هذا الخلاف هو العدو الإسرائيلي. كنا متفقين على هذا الشيء. الجميع مقتنع.. وكلنا مقتنعون. وأنا قلت في خطابي إن ما حصل في غزة هو انعكاس بجانب منه للخلاف الفلسطيني الفلسطيني.. والخلاف العربي العربي الذي انعكس على الفلسطينيين. فكان هناك شعور لدينا بأننا نتحمل جزءاً من المسؤولية فيما يحصل. فربما كان هذا هو الدافع.
– سؤال:
تحدثنا عن موضوع التأييد الشعبي. عندما تحدثنا عن قمة الدوحة قلنا إن هناك تأييداً شعبيا ًعارماً لمن اجتمعوا في قمة غزة في الدوحة.. بينما كان الموقف كما تعلمون سيادتكم.. على النقيض من الطرف الآخر ومن المحور الآخر.. كما يسمى في الإعلام على كل حال.. هل كان هناك نوع من محاولة كسر حالة التأييد.. امتصاص الغضب الشعبي.. تهدئة خواطر الجماهير العربية…
– السيد الرئيس:
مرة أخرى لا أريد أن أتحدث نيابة عن الآخرين.. أنا أتحدث عن موقفي وعن موقف قمة الدوحة.. لأن الدول التي كانت في الدوحة كان لديها هدف هو إرسال رسالة للخارج.. أما في قمة الكويت فأترك التقييم للشعب العربي.. فهو الأفضل.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. أنت قلت ان لقاءً سريعاً لا يكفي لإنهاء هذه الخلافات.. إلى أي مدى هذه الخلافات عميقة ومؤثرة على مستقبل الأمة العربية.. على مستقبل قضايا أمتنا…
– السيد الرئيس:
لكي نكون موضوعيين.. هي نوعاً ما عميقة.. لا نستطيع أن نقول انها خلافات شكلية أو سطحية.. نحن في سورية موقفنا واضح بالنسبة لدعم المقاومة في كل الظروف.. تخطىء المقاومة.. تصيب المقاومة.. كلنا نخطىء ونصيب.. ولكن أن نخطىء وأن نصيب لا يعني بأن نتخلى عن المبدأ وهو دعم المقاومة. أي احتلال تقابله مقاومة.. وبشكل بديهي لا بد من الوقوف معها وإلا فأنت تقف في الصف الآخر.. هذه وجهة نظر سورية. على سبيل المثال.. كان هناك خلاف.. مثلاً .. حول موضوع العلاقة مع إيران.. يعتقدون أن العلاقة مع إيران كأنها علاقة مع عدو وهذا كلام نحن لا نقبله في سورية.. إيران بلد صديق.. بلد جار.. بلد هام في هذه المنطقة.. حتى لو اختلفنا معه.. وحتى لو أخطأت إيران فالأفضل أن نذهب لإيران ونقول لها أنت أخطأت.. نحن نختلف معك في هذا الموضوع.. كان هناك خلاف على بعض التفاصيل المتعلقة بلبنان وطريقة التعاطي معه.. وغيرها من القضايا. هناك عدد لا بأس به من القضايا الخلافية.
– سؤال:
عندما نتحدث عن هذه الخلافات.. هل هي تشمل العلاقة بين سورية والسعودية.. العلاقة بين سورية ومصر.. أم انها محصورة مع طرف عربي واحد…
– السيد الرئيس:
بشكل أساسي.. هي العلاقة السورية المصرية السعودية والتي كانت تعتبر في السابق هي المثلث. على أهمية هذا المثلث.. نحن في سورية نعتقد أن أي دولة عربية مهمة في إطار العلاقات العربية العربية وكل الدول يجب أن تشارك.. ولكن التركيز هو على هذا المثلث.. فالتركيز بشكل طبيعي على العلاقة السورية السعودية والسورية المصرية.
– سؤال:
مع مصر بالتحديد.. أين هي العلاقة.. قيل ان اللقاء الذي جرى في الكويت لم يكن حتى مريحاً للرئيس المصري…
– السيد الرئيس:
لا أعرف.. كان الإطار كما قلت.. لقاء لكسر الجليد.. أما العلاقة مع مصر فعلى المستوى المؤسساتي هي تسير بالاتجاه الطبيعي.. الخلاف السياسي لم يؤثر على العلاقات في المستويات الأخرى وخاصة في العلاقات الاقتصادية.. العلاقات الشعبية.. السياحة.. وما شابه.. الأمور تسير بالاتجاه الطبيعي.. لكن طبعاً على المستوى السياسي لا يوجد أي تعاون.. أستطيع أن أصفها بالعلاقة الباردة.
– سؤال:
هل يسيء للقاهرة أن ترى.. مثلاً.. نوعاً من التحسن في العلاقة مابين سورية والسعودية…
– السيد الرئيس:
لا أستطيع أن أحدد.. ولكن بشكل منطقي لمصر مصلحة في أن تكون العلاقة السورية السعودية جيدة بل حارة.. والعكس صحيح.
– سؤال:
كان يحكى خلال الفترة الماضية عن ثنائية سورية ايرانية في مقابل ثنائية مصرية سعودية.. هل هذا هو الواقع القائم فعلاً أم ان هذا الوضع قد انتهى…
– السيد الرئيس:
لماذا لا يتحدثون عن ثنائية سورية تركية مثلاً.. هنا تكمن المشكلة.. علاقة سورية مع تركيا لا تقل أبداً عن علاقة سورية مع إيران.. بكل بساطة لا تقل عنها.. وأنا لا أبالغ في هذا الكلام وقد سألت هذا السؤال لعدد من العرب.. تقولون إن سورية تخضع لإيران.. لماذا لا تقولون إن سورية تخضع لتركيا مثلاً.
– سؤال:
ربما هذا هو ما يطرح الأسئلة الجديدة.. هل هناك محور سوري إيراني تركي مثلاً…
– السيد الرئيس:
لا أيضاً لا يوجد محور.. هناك قضايا.. كما قلت.. نلتقي حولها.. موضوع العراق يهم سورية مباشرة.. يهم ايران مباشرة.. يهم تركيا مباشرة.. ربما هناك زوايا تختلف فيها نظرة كل دولة لبعض الأمور التي تهمها أكثر من أمور أخرى في العراق.. لكن بالمحصلة نحن نلتقي حول قضية من القضايا.. هي العراق.. نلتقي حول أننا نحن دول قادرة على أن تحسن مسار حركة الأمور السياسية في منطقتنا بشكل عام.. التقينا ورأينا أنه من الضروري أن نتعاون.. هو ليس محورا موجها ضد أحد.. ولكن هو تعاون طبيعي لدول إقليمية.
– سؤال:
نعود إلى مصر سيدي الرئيس.. قمة الكويت وضعت المصالحة الفلسطينية في يد مصر.. نحن سمعنا بيانات ومواقف صدرت عن فصائل فلسطينية ترفض أن تتفرد القاهرة بهذا الدور.. هل تستطيع مصر في الوضع القائم وفي ظل رفض هذه الفصائل أن تنجح في لم الشمل الفلسطيني…
– السيد الرئيس:
لدينا مصلحة بأن تنجح مصر.. ومصر موجودة جغرافياً على حدود مباشرة مع غزة.. وهي دولة مؤثرة في هذا الإطار. أن تنجح أو لا تنجح فهذا يعتمد على علاقة مصر بالأطراف الفلسطينية المختلفة. لكي تنجح كوسيط.. لابد من أن تكسب ثقة كل الأطراف دون استثناء.. هذا يعتمد أيضاً على أداء المسؤولين المصريين في هذا الموضوع.. ولذلك فإن السؤال هل ذلك ممكن… طبعاً ممكن.. ولكن ما هي المعطيات والمتطلبات.. هذه المتطلبات هي متطلبات فلسطينية تأتي من خلال الفصائل المختلفة والسلطة.
– سؤال:
ماهو مدى تأثير سورية على الفصائل الفلسطينية.. وخاصة أنها تمتلك مقرات أساسية في سورية.. وما هو مدى تأثيرها في المصالحة الفلسطينية…
نرفض سياسة الضغط والاملاء على الفصائل الفلسطينية
– السيد الرئيس:
اليمن قامت بمبادرة للمصالحة في العام الماضي.. واليمن ليس لديها حدود مباشرة مع غزة.. أي دولة تريد أن تلعب دوراً تستطيع ذلك وخاصة الدول العربية.. لأن الفلسطيني سيكون مسروراً بأن يكون هذا الدور عربياً قبل أن يكون أي دور غير عربي.. هذا جانب بديهي.. الجانب الآخر.. وجود الفصائل في سورية له دور من خلال التواصل اليومي مع هذه الفصائل.. نحن دائما أعلنا اننا نرفض سياسة الضغط والإملاء على الفلسطينيين وعلى غيرهم.. نحن نقوم بعملية حوار.. وجودهم في سورية بشكل دائم.. يعني أن نكون قادرين على الحوار معهم بشكل مستمر.. ولكن الجانب الأهم الذي يشكل قاعدة لكل هذه الأشياء.. ما هي الطروحات الموجودة من أجل المصالحة.. ما هي خطة العمل.. ما هي المعايير.. ما هي الأرضية.. ما هي المرجعية للمصالحة.. هذه الأمور إن لم تكن مطروحة لا قيمة لدور أي دولة من الدول إذا كانت مجاورة ولا إذا كانت بعيدة.. المهم في موضوع المصالحة ما هو المنهج الذي سيتم اتباعه وبناء على هذا المنهج وهذه المرجعية تأتي الدول لكي تلعب دورها.. مصر.. سورية.. اليمن..أي دولة أخرى.. تركيا الآن أيضاً مهتمة بهذا الأمر.
– سؤال:
هناك مبادرة يمنية جديدة تتحدث عن رعاية سورية وتركية أيضاً.. إضافة إلى الرعاية المصرية.. هل تؤيدون هذه المبادرة…
– السيد الرئيس:
بكل تأكيد.. من البديهي أن نقول نعم عندما يطلبون منا أن نلعب دوراً في المصالحة.. ونحن عبرنا عن ذلك بعد القمة العربية في آذار الماضي.. وأعتقد أن تركيا لديها نفس الحماس.. لا يمكن أن نرفض سواء من خلال موقعنا كرئاسة للقمة العربية.. أو من خلال موقعنا كسورية التي هي أيضاً دائماً مهتمة بالقضية الفلسطينية التي هي جزء أساسي من القضايا السورية.. وليست منفصلة عنها.
الدور التركي إيجابي في قضايانا العربية ونحن نؤيده، والعلاقة مع إيران ليست ظرفية وتتطور باستمرار
– سؤال:
هناك موضوع دخول تركيا على خط هذه المصالحة.. سيادة الرئيس.. يثير بعض الأسئلة.. هل سيعطي هذا الدور فعالية مميزة لكي تنجح المبادرة اليمنية…
– السيد الرئيس:
اعتقد ذلك.. لأن سياسة تركيا أثبتت مصداقيتها في الأعوام القليلة الماضية.. وأثبتت حرصها على قضايا العرب بشكل لا يقل عن حرصنا نحن.. فأعتقد أن الدور التركي دور إيجابي في هذا الإطار ونحن نؤيد الدور التركي في كل هذه القضايا.
– سؤال:
علاقتكم مع إيران.. هل هي علاقة ثابتة أم انها تخضع لمعايير المصالح السائدة في العلاقات الدولية…
– السيد الرئيس:
لو عدت لهذه العلاقة منذ عام 1979 بعد قيام الثورة.. فهي علاقة ثابتة وتتطور باستمرار.. وهي علاقة استراتيجية وأثبتت فعاليتها وأهميتها في كل القضايا التي مرت على منطقتنا منذ ذلك الوقت.. منذ ثلاثة عقود بالضبط حتى الآن.. ولذلك فهي ليست عابرة على الإطلاق.. إلا إذا كانت إيران ظرفية في وجودها.. وهي ليست ظرفية.. هي موجودة منذ آلاف السنين.. كما نحن.. فليس أمامنا خيار إلا أن نكون في علاقة مستمرة ومستقرة.
– سؤال:
دائماً يقال.. ان تحسن العلاقات العربية العربية مرهون بافتراق بين سورية وايران.. لماذا يجب أن تفترق سورية وايران كي تتحسن العلاقات العربيةالعربية…
هناك محاولة لجعل إيران عدوا بديلا عن العدو الحقيقي الذي هو إسرائيل
– السيد الرئيس:
البديهي أكثر أن نقول ان العلاقات العربية العربية مرهونة بإيقاف العلاقة مع إسرائيل وليس مع إيران.. وهذا ينقلنا للجواب.. المحاولة منذ سنوات هي خلق العدو البديل.. لكي لا نفكر بالعدو الأصلي والحقيقي وهو إسرائيل.. كان لا بد من وضع إيران في موقع العدو البديل لكي تتشتت الجهود مرة أخرى تجاه العدو الوهمي ويكون العدو الأصلي مرتاحاً.. بكل بساطة وصراحة.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. هناك من يتساءل لماذا لا تلعبون بما لكم من قوة وموقع ووزن.. دوراً حتى لا تصنف سورية كأنها في محور مع ايران.. بل تكون وسيطاً بين العرب وايران…
– السيد الرئيس:
نحن عبرنا عن استعدادنا للعب هذا الدور في أكثر من مرة وكان هناك بعض التواصل بين سورية وايران وسورية وبعض الأطراف الخليجية العربية.. في الثمانينيات خلال الحرب العراقية الايرانية.. لعبنا هذا الدور ونحن موقفنا بالنسبة للعرب واضح.. نحن مع العرب قبل أي شيء.. ولكن أن أكون مع العرب لا يعني أن أكون ضد الآخرين.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. قلت في كلمتك أيضاً في القمة بأن سلام الشجعان لا يعطى للجبناء.. ماذا قصدت بذلك…
– السيد الرئيس:
أي سلام الأقوياء لا يعطى للضعفاء .. الشجاعة والقوة مرتبطان.. الشجاعة وحدها لا تكفي.. ولكن لنقل الشجاعة لامتلاك القوة.. هم لا يريدونك أن تمتلك القوة.. فعليك أن تكون شجاعاً كفاية أو بشكل كاف لكي تمتلك القوة.. عندها تستطيع أن تأخذ السلام.
– سؤال:
ربما هذا ما يقصد دائماً بأن المبادرة العربية لم تستطع أن تكون مبادرة فعلاً لأن العرب لم يضعوا بديلاً لها.. أي.. عندما لا تنجح المبادرة فلدينا ما نقوم به…
– السيد الرئيس:
المبادرة العربية هي عبارة عن تجميع للمرجعيات.. يضاف عليها محفز لإسرائيل أن توقع المبادرة مع كل الدول العربية وليس فقط مع دول معنية.. سورية.. لبنان.. فلسطين.. هذا هو الفرق.. فهي عملية تجميع.. أي.. ليس فيها اختراع لشيء جديد.. فالبديل للمبادرة العربية يطرح سؤالاً هو.. هل لدينا بديل للمرجعيات… يجب أن ننتبه لهذه النقطة.. نحن نتحدث عن المبادرة العربية في توقيتها.. توقيتها مع شخص مجرم مثل شارون نعرف بأنه لا يريد السلام.. لم يكن موفقاً.. ومع ذلك سرنا فيها لكي نقول إننا نريد أن نصل للسلام.. أما البديل.. فهو يطرح.. كما قلت.. موضوع المرجعيات.. لكن أنا لا أتحدث دائماً عن البديل.. وإنما عن الموازي.. وقلت في كلمتي.. الموازي لعملية السلام ليس بالضرورة المبادرة.. بل هو المقاومة. في قمة الاتحاد من أجل المتوسط في باريس لم ترغب إسرائيل بوجود المبادرة العربية.. ولم يرغب معها الأوروبيون بوجود المبادرة العربية.. نحن في سورية لم نركز على مبادرة.. ركزنا على مرجعية مدريد.. المضمون نفسه هو 242 و338 وغيرها من المرجعيات.. فأهم من المبادرة هو المرجعيات.. هذا ما أريد أن أصل إليه.
– سؤال:
الملك عبد الله بن عبد العزيز اقترب من موقفكم إلى منتصف الطريق تقريباً في الخطاب تجاه المبادرة العربية.. هل تعتبر هذا مكسباً لكم.. أم ان صفحة المبادرة أصلاً قد طويت بعد حربي لبنان وغزة…
– السيد الرئيس:
ما دامت المبادرة مرتكزة على السلام.. فعدم وجود السلام يعني عدم وجود المبادرة.. المبادرة في الماضي كانت تقتل من قبل إسرائيل.. إسرائيل ترفضها.. وإسرائيل تواجهها بالمجازر.. فإذاً.. هي غير موجودة.
من الجانب العربي لا يوجد سلام.. فالمبادرة من دون سلام لا قيمة لها.. المبادرة مبنية على السلام.. إذا تم تحقيق السلام بناءً على هذه المرجعيات توقع الدول العربية.. عدا ذلك فنحن نفاوض بناءً على المرجعيات وليس بناء على المبادرة.. المبادرة ليست مرجعية.. المرجعيات موجودة.. حق العودة.. وإلى آخره.. فإذاً.. علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال.. لو أتى الآن أولمرت وقال أنا مستعد للمفاوضات.. ماذا نقول له.. بغض النظر عن المبادرة.. نقول له أنت مجرم.. نحن لا نفاوض مجرماً.. بكل بساطة.. فهنا لا يوجد سلام.. وهناك لا يوجد مبادرة عربية. إن لم نر الأمور بهذه الطريقة.. تبقى الرؤية ملتبسة حول ماهية المبادرة ودورها.
– سؤال:
هل تعتقد أن صفحة المبادرة قد طويت وأنها انتهت أم انها ستبقى في التداول…
– السيد الرئيس:
لأوضح ما هو المقصود بطويت.. وماذا قصدنا بالتعليق.. نحن كنا في كل قمة عربية نقوم بالتمسك بالمبادرة.. لاحظ في قمة دمشق لم نتحدث كثيراً بهذا الموضوع وبالتالي هي مطوية من قبل.. ولكن أعلنا كنوع من الرسالة للخارج بأنها معلقة. أي.. كما قلت.. في سورية إذا أتى أولمرت وقال أريد السلام.. نقول له نحن الآن غير مستعدين.. يعني أن كل عمليات السلام معلقة وليس فقط المبادرة.. نعم.. هي معلقة الآن.
إسرائيل غير راغبة بالسلام وغير قادرة على تحقيقه
– سؤال:
سيادة الرئيس.. أوقفت سورية المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بسبب العدوان على غزة.. هل من قواعد جديدة لاستئناف هذه المفاوضات.. كما ذكرت قبل قليل إذا جاء أولمرت ليفاوض نقول له أنت مجرم…
– السيد الرئيس:
تماماً.. تغير التوجه الإسرائيلي تجاه السلام.. أولاً ثبت بالمفاوضات غير المباشرة ان إسرائيل غير راغبة في السلام وغير قادرة على تحقيقه.. فيجب أن تتحقق الرغبة مع القدرة مع تغير التعامل الإسرائيلي مع العرب.. لا يمكن أن نقبل بمزيد من العدوان ومزيد من المجازر.
– سؤال:
هل هذه كانت فقط مشكلة أولمرت.. أم انه لم تكن هناك رغبة جدية.. وانه كان يريد فقط نوعاً من تقطيع الوقت.. أو إلى ما هنالك…
– السيد الرئيس:
في إسرائيل بشكل عام لا توجد رغبة بالسلام.. على مستوى الشخص لا أستطيع أن أحدد.. أكان يراوغ.. أم فقط لأنه ضعيف.. هو يمتلك الإرادة.. أم لا.. يمتلك القدرة.. أم لا يمتلك كليهما.. من الصعب أن نحدد.. ولكن انطباعنا عن إسرائيل ككل هي غير قادرة وغير راغبة بالسلام كمجتمع.
– سؤال:
استطلاعات الرأي تقريباً تعطي أرجحية لنتنياهو مع ائتلاف يميني وعلى الأرجح أنه يرفض العودة إلى خط الرابع من حزيران عام 1967 .. وكان قد قيل إن المفاوضات غير المباشرة كان الهدف منها شراء الوقت أو فك ما سمي العزلة التي تعرضت لها سورية منذ عام 2005 .. إن لم تكن المسألة كذلك.. ما هي غايتها النهائية وكيف سيكون الموقف مع نتنياهو ومواقفه المعروفة…
– السيد الرئيس:
عندما بدأت المفاوضات غير المباشرة الأخيرة في شهر أيار.. بدأت بناء على ما قدمه أولمرت لرئيس وزراء تركيا أردوغان عن استعداده للانسحاب الكامل.. هنا بدأت المفاوضات. بالنسبة لشراء الوقت.. فإن الوقت لصالحنا.. فلماذا نشتريه.. هو بكل الأحوال يسير لصالحنا.. وليس لصالح إسرائيل.. إذا كانوا هم يشترون الوقت.. فهذا موضوع آخر.. ربما هم يشترون الوقت وليس سورية.. نحن جديون في كل هذه القضايا. أما عن التحول داخل إسرائيل.. ومجيء نتنياهو وذهاب شخص آخر فهذا الموضوع لا يعنينا.. أي رئيس حكومة سيأتي سيتعامل معنا بناء على المرجعيات المعروفة.. إن لم يكن قادراً على تقديم التزام بهذا الإطار لا نبدأ مفاوضات السلام.. ولا يهمنا ذلك.
– سؤال:
والالتزام في الثابت السوري هو الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران…
– السيد الرئيس:
بكل تأكيد.. هذا لا تنازل عنه.. وبالتالي أي شخص يأتي في إسرائيل أو يذهب.. لا يعنينا هذا الموضوع.. بالنسبة لنا كل الإسرائيليين سواسية.. المعيار الوحيد هو حقوقنا.
– سؤال:
لو أن نتنياهو جاء ورفض مبدأ التراجع.. هل هناك من معنى للمفاوضات..سيادة الرئيس…
– السيد الرئيس:
لا.. إذا رفض.. لن نبدأ مفاوضات.. بكل بساطة.
– سؤال:
الدور التركي برز وتعزز حضور تركيا من خلال الموقف من العدوان على غزة.. سيادتكم أشرتم إلى أهمية الموقف التركي قبل قليل.. هل كانت تركيا.. مثلاً.. وسيطاً بينكم وبين العدو.. بينكم وبين أميركا.. وهذا الدور هل هو مستمر أم انه سينتهي مع وصول أوباما…
– السيد الرئيس:
في موضوع المفاوضات تحديداً.. أم بشكل عام.
– سؤال: وحتى في العلاقة مع أميركا…
– السيد الرئيس:
مع إسرائيل الموضوع مرتبط بالسلام.. وكما قلت هذا مرتبط بقدرة أي حكومة إسرائيلية مقبلة على أن تقدم التزامات بموضوع حدود 1967. بالنسبة لموضوع الإدارة الأميركية.. لا.. على الأقل الإدارة التي ذهبت. الآن هذه الإدارة عمرها أيام.. وحتى الآن لا يوجد شيء من هذا القبيل.. ولكن حتى على المستوى الغربي هناك دول أرادت أن تحسن العلاقة السورية الأميركية ولكنها كانت فاقدة للأمل بشكل مطلق من الإدارة السابقة.. ونحن كذلك. الآن.. علينا أن ننتظر إذا كان هناك من سيطرح أي نقاط تتعلق بتحسين العلاقة.. على الرغم من أننا على علاقة جيدة مع الديمقراطيين منذ أكثر من عامين.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. الآن ثمة من يرى تغييراً في المشهد الدولي.. تولي أوباما لسلطة الولايات المتحدة.. وهو تحدث برسالة إيجابية إلى العالم الإسلامي.. قال انه لا حروب جديدة.. عين مبعوثاً للشرق الأوسط.. وتحدث أيضاً عن الحوار مع الخصوم السابقين.. كيف تنظر سورية إلى هذا التغير…
– السيد الرئيس:
نريد أن نكون متفائلين.. دعنا ننظر لهذا الموضوع نظرة متفائلة من دون أن نقول لدينا توقعات أو آمال كبيرة.. نظرة تفاؤل مبنية على أنه لا يوجد حروب جديدة.. على أنه سيكون هناك حل للموضوع العراقي يتجلى بالتزام أوباما بالانسحاب من العراق.. طبعاً.. بالتوازي مع العملية السياسية.. والنقطة الثالثة هي انغماس هذه الإدارة بشكل جدي في عملية السلام. رأينا في الأسابيع الماضية وفي نهاية العام المنصرم رغبة من هذه الإدارة المنتخبة قبل أن تصبح في الموقع الحالي لاستطلاع الوضع في الشرق الأوسط فيما يتعلق بموضوع السلام بالدرجة الأولى.. وفيما يتعلق بموضوع العراق. لدينا مؤشرات إيجابية ولكن تعلمنا أن نكون حذرين.. ألا نخضع حساباتنا لهذه المؤشرات.. طالما أنه لا يوجد شيء ملموس علينا أن نفترض أن الأمور لم تتغير بعد.
– سؤال:
هل انتهت تلك الصفحة السوداء عندما جاء كولن باول ووضع شروطاً للحوار مع سورية.. هل سيبدأ حوار سوري أمريكي قريبا…
الحوار بدأ بشكل جدي مع إدارة أوباما من خلال شخصيات مقربة منها
– السيد الرئيس:
ما دامت هناك شروط لن يكون هناك حوار.. هم يعرفون هذا الشيء ولكن أعتقد أن هذا الحوار بدأ منذ أسابيع بشكل جدي من خلال شخصيات مقربة من الإدارة الأميركية أرسلت من قبلها للحوار مع سورية.
– سؤال: هل ثمة مؤشرات على زيارات.. مثلاً.. تقوم بها هيلاري كلينتون أو جورج ميتشل.. إلى سورية قريباً…
– السيد الرئيس
حتى هذه اللحظة.. لم يتم إبلاغنا بذلك.
– سؤال:
قلتم انه عندما توضع شروط مسبقة ليس هناك حوار.. ولكن أنتم أليس لديكم أيضاً شروط على هذا الحوار.. يعني هو الحوار لمجرد الحوار.. أم انه يتطلب تحسناً في الأداء الأمريكي…
– السيد الرئيس:
بالنسبة للحوار.. ليس لدي شروط.. أنت تتحاور مع الجميع.. ولكن فيما يتعلق بالتوصل إلى التقاء أو لتوافق من خلال هذا الحوار فالشرط الوحيد هو مراعاة المصالح السورية.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. هم عادة كانوا يضعون شروطاً.. أن على سورية أن توقف دعم المقاومة في لبنان .. وفلسطين.. وأن تزيل مقرات المقاومة الفلسطينية من سورية.. ماذا لو أنهم جاؤوا مرة أخرى وطرحوا مثل هذه القضايا…
– السيد الرئيس..
هل استجبنا في الماضي… لم نستجب في الماضي.. ولن نستجيب اليوم.. أي فرض شروط على سورية لا نقبل به.. لدينا قناعات واضحة ومعلنة وغير مخبأة.. في الماضي.. في أسوأ الظروف وفي أصعبها قلنا لهم لا.. وسنقول اليوم لا.. بكل بساطة.. وأعتقد أنهم يعرفون هذا الشيء.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. جرت إشارة إلى أن من اجتمعوا في شرم الشيخ مؤخراً اجتمعوا باسم حلف الناتو.. عملياًَ يدور الحديث عن وجود عسكري أطلسي في البحر المتوسط لمنع ما سمي عمليات تهريب السلاح إلى غزة.. هل يقلقكم هذا الوجود العسكري.. هل يقلق سورية هذا الوجود…
– السيد الرئيس:
لا يقلقنا الوجود العسكري.. يقلقنا عدم فهم الغرب لحقيقة الأمور وبالتالي ينتقل من خطأ إلى خطأ.. وأنا ذكرت هذه النقطة في خطابي عندما قلت إن البعض في الغرب الذي يسمي نفسه المتحضر يرى أن المشكلة هي تهريب السلاح.. ولا يرى أن المشكلة هي استخدام الأسلحة المحرمة دولياً.. بالإضافة للاحتلال.. الأمر المقلق هنا هو عدم استيعاب الغرب للدروس التي من المفترض أن يكون قد تعلمها من الأحداث التي مرت خلال السنوات القليلة الماضية.. هذا هو ما يقلق.
– سؤال:
ما دمنا تحدثنا عن التاريخ قليلاً.. هل ترى رابطاً بين الاجتماع الذي ذكرته آنفاً واجتماع شرم الشيخ عام 1996 الذي كان أيضاً ضد المقاومة وسورية في ذلك الوقت.. هل سيؤثر أيضاً هذا الانتشار العسكري على علاقاتكم الأوروبية وأنتم تربطكم علاقة مميزة مع فرنسا الآن…
بعض المسؤولين الأوروبيين بدؤوا يلتقون سرا بالمقاومة بالتنسيق معنا
– السيد الرئيس:
لا.. نحن مواقفنا واضحة.. نحن ندعم المقاومة.. كيفما أرادوا أن يذهبوا هم أحرار.. كل هذه الدول تأتي إلى سورية وتسمع كلاماً واضحاً.. بنفس الوقت الغرب بشكل عام بدأ يتعلم بأن المقاومة لديها دعم شعبي وبأنه لا يمكن استئصالها.. وبدأ بناء على ذلك يغير من فكرة عزل المقاومة.. وبعض المسؤولين الأوروبيين بدؤوا يلتقون سراً بهم في سورية.. بمعرفتنا وبالتنسيق مع سورية.. فهم الآن في حالة انتقالية ربما.. أعتقد خلال سنوات سيتعلمون كل الدروس.
– سؤال:
في لبنان كلام كثير عن المحكمة الدولية وانطلاق عملها.. البعض يتحدث عن أن المصالحات العربية.. وأنت تقريباً بينت حقيقة ما جرى.. لا تشمل المحكمة التي ستبقى سيفاً مسلطاً على سورية.. هل تخشى سورية شيئاً من هذه المحكمة…
– السيد الرئيس:
لا أعرف ما الربط بين المحكمة والعلاقات العربية.. حسب معلوماتي المتواضعة.. فإن المحكمة.. هي محكمة دولية وليست محكمة عربية.. فلا يوجد أي ربط بين العلاقات العربية العربية والمحكمة. النقطة الثانية بالنسبة للمحكمة فموقفنا معلن.. هذه المحكمة هي محكمة دولية ولكن المواطن السوري يخضع للقضاء السوري.. إذا كان هناك رغبة بأي تعاون بين القضاء السوري والمحكمة الدولية كقضاء دولي فيجب أن يكون هناك اتفاقية تحدد الحقوق والواجبات لكي يكون هناك تعاون كأي تعاون بين أي نظامين قضائيين ولا يوجد لدينا أي مشكلة في هذا الموضوع.
– سؤال:
هل ترى سورية في الوضع الدولي الجديد.. بعد فوز أوباما فضلاً عن علاقتكم الطيبة مع فرنسا.. وأيضاً مرة أخرى المصالحات أو العلاقات العربية المستجدة ضمانة لعدم تسييس هذه المحكمة…
– السيد الرئيس:
لا يوجد رابط بين علاقة سورية مع هذه الدول العربية بالنسبة للتسييس ولكن هذا مرتبط باللعبة الدولية ككل وماهية الأهداف الدولية وبالتالي حتى لو كان لدينا علاقات جيدة مع الغرب.. إذا كان يريد البعض أن يسيس فإنه سيسيس.. لن يتوقف على علاقته مع سورية.. اللعبة لعبة مصالح.. واللعبة لعبة توازن قوى.. إذا كنت قوياً فستقف في وجه لعبتهم السياسية إذا كانت القضية سياسية فأنا برأيي أن المعارك السياسية مستمرة ونحن لن نستسلم.. وإن تحسنت العلاقات مع الغرب أم لم تتحسن فنحن لن نغير مواقفنا بالنسبة للقضايا المبدئية وبالنسبة للمصالح السورية.. إذا كانوا يريدون أن يضعوا هذا الموضوع كجزء منها فهذا الموضوع يخصهم.. ولكن هم لديهم الكثير من القضايا ليضعوها وليس فقط موضوع المحكمة.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. لوحظ هذا التطور الكبير في العلاقة السورية الفرنسية وهناك من يقول ان هذا الأمر مرتبط إلى حد ما بما يحدث في لبنان.. هل طرحت العلاقة مع لبنان من ضمن العلاقات السورية الفرنسية.. بما في ذلك المحكمة وغير ذلك…
– السيد الرئيس:
لا.. موضوع المحكمة لم يطرح. هناك اهتمام فرنسي بلبنان بشكل عام.. ولكن نحن منذ البداية قلنا لهم ما قلناه لإدارة شيراك في السابق.. لا يمكن أن تمر العلاقة الفرنسية السورية عبر لبنان.. هذا الشيء مرفوض.. وهذا الشيء الآن هناك تفاهم حوله ولكن نحن نقدر العلاقة الفرنسية اللبنانية وهي ليست ضارة وليست بالضرورة أن تكون ضد مصالح سورية.. بالعكس.. إذا كان هناك تفاهم سوري فرنسي فهذا يخدم العلاقة اللبنانية السورية واللبنانية الفرنسية ولكن لا يوجد أحد مشرف على العلاقة السورية اللبنانية لا بالتفاصيل ولا بالعناوين.. ولا نقبل بهذا الكلام وهذا الكلام أيضاً سمعوه مني أنا شخصياً بشكل واضح منذ زيارتي الأولى إلى فرنسا مروراً باللقاءات المختلفة معهم.
– سؤال:
سيادة الرئيس.. بقدر ما كان قد حكي عن موضوع المصالحة التي جرت في الكويت.. هل تقديركم أن تنعكس هذه المصالحة.. فيما إذا تقدمت إلى حوار.. على علاقة سورية مع بعض القوى في لبنان.. ما يسمى قوى 14 آذار.. مثلاً…
– السيد الرئيس:
إذا كانت هذه القوى تراهن دائماً على التوازنات الإقليمية والخارجية فبكل تأكيد ستنعكس قبل كل شيء.. أو قبل أي شيء آخر.. سيكون لها انعكاسات مباشرة.. أما القوى التي تراهن على لبنان.. لبنان الوطن.. المستقل.. القوي.. فهي لا تت