فصول من يوميات المواطن الحلبي والامبيرات وما خفي أعظم
رغم كل الشقاء والمآسي، يستمر المواطن الحلبي بتحدي الصعوبات متفائلا حالما بغد يأمل ان يكون مشرق ، إلا انه بالواقع يعيش في معاناة يومية دائمة لمشكلة قائمة عجزت الحكومة عن حلها فيما يبدو
او ربما ان المشكلة تفوق مقدرتها ، وجميع المؤشرات تدل إلى عجز الجهات المختصة عن الوصول إلى الحلول المناسبة لهذه المشكلة رغم الوعود الرسمية والتصريحات والتسريبات الإعلامية عن بوادر حل في الأفق والتي على ما يبدو قد تحولت الى أحلام وخاصة بعد تفاقم المشكلة ، وأضحى المواطن لا يتحدث عن ساعات الانقطاع بل عن ساعات وصول التيار، في مدينة أصبح اسمها مدينة الامبيرات .
والمواطن الحلبي الذي أدمن الأزمات وأصبح يرضى بأي حل انطلاقا من مقولة (الرمد أحسن من العمى ) استسلم إلى تجار الأزمات وأصبح زبون دائم عند مشغلي المولدات التي تغذي المنازل بالكهرباء كبديل عن خطوط الكهرباء الأساسية لان خياره الأخر كان أن يعيش في ظلام دامس طوال الليل وهكذا دخل الى حياته مصطلح (الأمبيرات ) الذي وضع قوانينه ونظام التعامل فيه تجار الأزمات أنفسهم في ظل غياب كامل للحكومة والجهات المختصة عن حالة الزواج القصري هذه التي فرضتها الأزمة ونشأت بين المواطن والتجار فالمواطن واقع بين سندان الانقطاع الكهربائي الطويل و مطرقة مستغلي الأزمة ،فوجد نفسه ملزم بدفع ما يسمى رسم اشتراك بالمولدة يدفعه لمرة واحدة بداية اشتراكه و يتراوح ما بين 1500 ل س و 3000 ل س و بواسطة هذا الرسم التعسفي يحصل بائع الامبيرات على قسم من ثمن مولدته قبل ان يبدأ عملية البيع إضافة الى مبالغ إضافية يدفعها المواطن كقيمة للشريط والقاطع وتتراوح قيمة الامبير الواحد بين 500 و700 ليرة للامبير الواحد أسبوعيا، هذا ناهيك عن انتشار شبكات عشوائية مخالفة للأسلاك الكهربائية شكلت خطورة ما بين المولدات و بيوت المشتركين أدت في بعض الأحيان الى اندلاع الحرائق وصدمات للبعض بالتيار الكهربائي
وإضافة للخلافات التي نشأت بين المواطن وتجار الأزمة والتي استسلم فيها المواطن رافعا الراية البيضاء كالعادة ،ظهرت خلافات أخرى نتيجة الإرباح في هذا القطاع بين أصحاب المولدات أنفسهم وبداء الصراع ينتشر على مناطق النفوذ والبيع وأصبح لكل مولدة كهربائية (بودي كارد ) او أكثر وأخذت النزاعات تطفو على السطح وكان أخرها ما حدث يوم الأربعاء الماضي في منطقة السريان القديمة من خلافات في هذا القطاع أصيب على أثرها شخص وفارق الحياة فيما تمكن القاتل من الفرار من بين الجموع البشرية التي اجتمعت للاطلاع على المشكلة ،وقد علمنا ان القضية ربما ستقيد ضد مجهول .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بشدة ويقرع ناقوس الخطر لماذا هذا التأخير في ضبط موضوع مولدات الامبيرات ؟ ألا توجد طريقة للرقابة على عملها و تحديد أسعارها و ضمان سلامة توصيلاتها دون إدخال هذا القطاع في متاهة الروتين القاتل وبإجراءات ودوامة التراخيص والموافقات الرسمية ؟