نصرالله: من استطاع مواجهة المسار الأمريكي وإسقاطه طوال السنوات الماضية قادر على إسقاط أي مسار مشابه
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن هناك مسارا أمريكيا جديدا يهدف الى السيطرة على المنطقة وتحويل العدو الأساسي لشعوبها إلى منقذ ومخلص وعناصره هي إسرائيل والتيار التكفيري المتمثل بـ /داعش/.
وقال نصرالله في كلمة له عبر قناة المنار بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة لانتصار تموز عام 2006 “إن الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة وحلفاؤها على العدو الإسرائيلي ومن وقف معه في حرب تموز عام 2006 دفع الولايات المتحدة إلى البحث عن مسارات جديدة لتحقيق أهدافها التي بقيت ذاتها وهي السيطرة على المنطقة ومنابع النفط فيها وتحقيق غلبة /إسرائيل/ عليها وتصفية القضية الفلسطينية وفرض الشروط الإسرائيلية على الفلسطينيين والعرب”.
وأضاف نصرالله “إن المسار القديم كان يعتمد على عنصرين الأول هو الاحتلال الأمريكي أو العمل العسكري المباشر الذي أدى إلى احتلال العراق والسيطرة على منطقة الخليج والعنصر الثاني هو إسرائيل وجيشها والحروب التي يقوم بها”.
وأوضح نصرالله أن المسار الجديد لا يعتمد على العودة العسكرية الأمريكية إلى المنطقة أو بالحد الأدنى العودة البرية بل يكتفي بالتدخل الجوي مع الحذر من ذلك وهذا المسار أصعب من السابق لأنه ليس مسار إسقاط أنظمة وإقامة بدائل لها بل مسار تدمير وتحطيم دول وجيوش وشعوب وكيانات وتفتيت وتهشيم كل شيء وبناء خريطة جديدة للمنطقة على الركام والأشلاء وعلى العقول التائهة والقلوب المرتعبة.
وبين نصرالله أن هذا المسار يهدف إلى “إيصال شعوب المنطقة إلى كارثة ومن أجل التخلص منها تكون هذه الشعوب مستعدة للقبول بأي شيء أو بأي إملاءات تحول حينها العدو الأساسي إلى المنقذ والى المخلص في نهاية المطاف”.
وقال نصرالله إن “العناصر الأساسية في هذا المسار الجديد هي إسرائيل والتيار التكفيري الذي أصبح اليوم داعش أوضح تجلياته” مشددا على انه يمكن إلحاق الهزيمة به كما تم إلحاقها بالمسار السابق ولكن ذلك لا يأتي بالتمني بل من خلال إدراك خطورة وتهديد هذا المسار وأبعاده وإمكانياته ومقدراته أولا والبحث عن وسائل حقيقية وواقعية جادة لمواجهته وإسقاطه وانهائه ثانيا من خلال وضع خطة متكاملة العناصر يشارك فيها الجميع.
وأضاف نصرالله إن “تنظيم داعش الذي بات دولة يحتل مساحة جغرافية واسعة من الأراضي السورية والعراقية وهي مساحة أكبر بكثير من دول في المنطقة والعالم كما يسيطر على منابع النفط والغاز وعلى أنهار وسدود ولديه كميات هائلة من السلاح والعتاد والذخيرة ويبيع النفط وهناك من يشتري ويتاجر ويسهل ذلك له أمام نظر المجتمع الدولي والدول الإقليمية ولديه الكثير من المقاتلين الذين جاؤوا بتسهيلات من دول معروفة كما أنه يرتكب مجازر بكل من يخالفه الرأي بغض النظر عن مذهبه ويقوم بتصويرها ونشرها كجزء من الحرب النفسية بهدف إرهاب الناس ونشر الرعب والخوف والهلع عند شعوب وحكومات وجيوش المنطقة”.
وبين نصرالله أن تنظيم /داعش/ يملك أرضية في العديد من الدول العربية ذات الفكر التكفيري الذي يكفر ويستبيح ويسبي أعراض كل من سواه وينادي بعقيدة الذبح التي لا تنتسب إلى أي دين من الأديان السماوية.
وقال نصرالله “إن كل ما قيل عن أن حزب الله أو المخابرات السورية أو العراقية هم من صنعوا داعش مجرد كلام لا يستحق التعليق عليه فهناك دول إقليمية ترعى هذا التنظيم وهي من أوصلته إلى ما هو عليه كما أن الولايات المتحدة غضت النظر عنه وسهلت انتشاره وفتحت له الأبواب لتستفيد من ظاهرة وجوده بما يخدم الهدف الأمريكي الإسرائيلي في المسار الجديد”.
وأضاف نصرالله “إن الخطر الذي يشكله تنظيم داعش هو خطر على جميع الأديان والطوائف في المنطقة التي تخوض حربا ضد فكر إلغائي إقصائي تكفيري تقتيلي تذبيحي ضد كل من عداه”.
وأوضح نصرالله أن المسيحيين في لبنان وسورية والعراق لا يعنون أي شيء للولايات المتحدة ولا للغرب فهم لم يتدخلوا في العراق ضد /داعش/ إلا بعد أن وصل خطره إلى أربيل لما لتلك المنطقة من أهمية سياسية وأمنية واقتصادية لهم مشيرا إلى أن تنظيم /داعش/ تهديد فعلي وجدي لسورية والعراق من حيث الفعل وتهديد لبقية دول المنطقة كالأردن والسعودية ودول الخليج وتركيا من حيث القوة وعلى الأتراك إعادة النظر في موقفهم.
واعتبر نصرالله أن “من يقول في لبنان إن النأي بالنفس أو القرار 1701 أو قوات اليونيفيل تحمي لبنان هو وأهم لأن إسرائيل لا تحترم هذا القرار ولأن قوات اليونيفيل بحاجة إلى من يحميها وبالتالي من يحمى لبنان والجنوب هو معادلة الجيش والشعب والمقاومة”.
ودعا نصرالله اللبنانيين جميعا إلى الإدراك بأن لبنان بمجتمعه وكيانه أمام خطر وجودي استثنائي تتطلب مواجهته الإخلاص والجدية والتضحية وإعادة النظر في الموقف السياسي وعدم الرهان على الحسابات الطائفية والمذهبية والحزبية وقال نصر الله “إن من عناصر القوة التي يجب الحفاظ عليها اليوم هي الحكومة الحالية إلى حين انتخاب رئيس جديد للبنان وتشكيل حكومة جديدة”مشددا على ضرورة وقف كل أشكال التحريض الطائفي الداخلي وتشجيع ودعم المصالحات التي يجب أن تشمل كل لبنان وهذه مسؤولية الدولة وكل المرجعيات.
وأوضح نصرالله أن مستقبل منطقة عرسال هو بعلبك والهرمل أي البقاع الشمالي وليس /جبهة النصرة/ وتنظيم /داعش/ مشددا على ضرورة التعاون والتنسيق مع سورية في ملف الحدود والمهجرين السوريين في لبنان لأن سورية لا تريد بقاءهم.
وأكد نصر الله أنه يمكن إلحاق الهزيمة بسهولة بـ /داعش/ والأمر ليس مستحيلا أبدا فالمعركة مع /إسرائيل/ أصعب من المعركة معه والتي جزء منها هو نفسي موضحا أنه يمكن مواجهة هذا الخطر وإسقاط هذا المسار لأن /داعش/ ليس له مستقبل في المنطقة إذا اجتمع العراقيون والسوريون وتحملوا المسؤولية وإذا فعل ذلك اللبنانيون وكل الدول العربية.
وقال نصر الله إن “حرب تموز ما زالت إلى الآن موضع بحث ونقاش لأنها ببساطة لم تكن معركة صغيرة ولا حادثة عابرة بل كانت حربا حقيقية ذات أبعاد وأهداف سياسية ومعنوية واقتصادية وتاريخية تتخطى لبنان وفلسطين إلى كل المنطقة والمعادلة الدولية”.
وأوضح نصر الله إن العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 كان حلقة من مسلسل ذي مراحل وأهداف نهائية حيث كان المطلوب في الحلقة الأولى منه إنهاء المقاومة في لبنان وسحقها عبر قتل قادتها وعناصرها واعتقال وأسر أكبر عدد ممكن منهم وليس فقط نزع سلاحها والحلقة الثانية هي إكمال العدو الإسرائيلي عدوانه على سورية وإسقاط النظام فيها واستبداله بنظام صديق ومتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية بحجة أن سورية وقفت إلى جانب المقاومة ودعمتها عسكريا وسياسيا والحلقة الثالثة هي ضرب المقاومة الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة ثم التحضير لضرب إيران في العام 2007 بهدف تحقيق السيطرة الأمريكية المحكمة والمطلقة على كل منابع النفط والغاز والطاقة في المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية وفرض تسوية على الفلسطينيين والعرب بالشروط الإسرائيلية.
وبين نصرالله أن “عناصر هذا المسار العدواني هي أولا الاحتلال الأمريكي المباشر للعراق وأفغانستان وثانيا تكليف إسرائيل بضرب المقاومة في لبنان وإسقاط النظام في سورية وإنهاء المقاومة في فلسطين ولكن صمود المقاومة اللبنانية الأسطوري والاحتضان الشعبي لها عام 2006 أدى إلى تعطيل هذا المسار وجعل الأمريكيين والإسرائيليين والأوروبيين ومجلس الأمن يتنازلون عن أغلب الشروط التي وضعوها في الأسابيع الثلاثة الأولى من العدوان”.
وشدد نصرالله على أن المقاومة لم تسحق ولم تضرب بنيتها ولم ينزع سلاحها بل تعاظمت في بنيتها وعديدها وعتادها وشعبيتها وزاد احترامها والثقة بها كما أن الحرب الإسرائيلية لم تصل إلى سورية وبالتالي تم تأجيل الحرب على قطاع غزة والتي كانت مقررة في عام 2006 إلى نهاية العام 2008.
وأشار نصر الله إلى أن تصاعد المقاومة في العراق ضد الاحتلال الأمريكي وصمودها السياسي والإرادة الوطنية العراقية أدت إلى خروج المحتل الأمريكي من دون أن يحتفظ لنفسه بثكنات أو أن يحصل جنوده على حصانة والى إسقاط المحافظين الجدد في الانتخابات وبالتالي إسقاط هذا المسار الأمريكي.. ولكن هذا لا يعني أن الأهداف الأمريكية في المنطقة سقطت.
وقال نصرالله “إننا جميعا قادرون على مواجهة هذه المخاطر الجديدة وقادرون على إسقاط أي مسارات تآمرية على منطقتنا وبلدنا وشعوبنا ومقدساتنا ففي حرب تموز كان المسار الأمريكي يتمتع بكامل عناصر القوة العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية ولم يكن هناك أي معسكر منافس وكانت الظروف الإقليمية والدولية مساعدة جدا له ومن استطاع مواجهة هذا المسار في ذلك الوقت هو هذا المجموع من لبنان إلى فلسطين إلى سورية إلى العراق وايران كل حسب إمكانياته وموقعه وقدراته وبالتالي من واجه هذا المسار وأسقطه قادر على ان يواجه أي مسار آخر ويسقطه”.
وأضاف نصرالله “إذا تخلى من يتخلى عن المسؤولية فنحن لن نتخلى عن مسؤوليتنا ولن نهاجر إلى أي مكان في العالم ولن نحمل جنسية أي دولة ولن نغادر هذه الأرض وسنبقى صامدين ومرفوعي الرؤوس فهنا نحيا وإذا فرض علينا القتال هنا فسنقاتل وننتصر ونستشهد وندفن وكل من لديه هذا الخيار من اللبنانيين فنحن جاهزون لتجاوز الماضي والنزاعات لأن بلدنا ومكونات شعبنا ودولتنا ووجودنا جميعا في خطر ويجب أن نتحمل المسؤولية”.
وأوضح نصرالله أن ملف انتخاب رئيس للبنان هو قرار من اللبنانيين وليس من الخارج وأن قوى 8 آذار تدعم ترشيح شخص محدد لرئاسة الجمهورية وعلى الفريق الآخر إذا أراد البت في هذا الملف أن يتصل بالمرجعية الواجب الحديث معها لأنها معروفة.