موقف الأحزاب السياسية الوطنية السورية والعربية من “الثورة”
حتى لاتنخلط الأوراق ويضيع الصواب ، فقد أجمع معظم مفكري الأحزاب السياسية الوطنية في سورية بأن ماتشهده البلاد منذ آذار لعام 2011 من فوضى وتخريب وتدمير للدولة السورية بكل مكوناتها ،
ليس بثورة وإنما هي حرب وعدوان مرسوم الخطى ومحدد الغايات والأهداف لإضعاف وتقسيم سورية ..
وبالتالي فحديثنا ليس عما يسمى "بالثورة السورية" ولا يوجد أي علاقة أو صلة بها ، وإنما عن فكر الثورة كأداة للتطوير والإصلاح والتغيير بيد الأحزاب الوطنية السياسية ، وما أوردناه من ملاحظات في مقدمة حديثنا ما هي إلا للتوضيح عن الأفكار التي نود طرحها في بحثنا هذا ..
الثورة بفكر الأحزاب الوطنية السياسية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي ..
لقد أجمعت معظم الأفكار والدراسات والأبحاث التي أعدتها وأطلقتها الأحزاب الوطنية السياسية سواء تلك الأحزاب التي تحمل الفكر القومي وتناضل من أجله كحزب البعث العربي الاشتراكي ، أو تلك الأحزاب التي تنتهج فكر المقاومة ضد الكيان الصهيوني كحزب الله والمقاومة السورية ، أو الأحزاب والقوى السياسية التي تؤمن بنهج وأفكار بعض القادة والمفكرين العظام كالأحزاب الناصرية وحزب "انطوان سعادة" ..
حيث ترى بالثورة على أنها انقلاب ضد الواقع للتغيير الجذري بالمجتمع نحو التقدم والبناء والتطوير ، وهذا يتطلب أفكار ورؤى جديدة لعملية التغيير ..
إذا التغيير نحو "التطوير والتقدم" عامل هام وشرط أساسي لقيام "الثورة" ، والثورة بدون اصلاح لا تعد ثورة ..
ويتجلى من فكرة "الثورة" بأنها تحتاج لمفكريين وسياسيين وقادة ليضعوا استراتيجية وأهداف وخطط واضحة للثورة حتى تحقق التطور والتقدم المطلوب ..
كيف ينظر مفكروا الأحزاب "للثورة المسلحة" الغير شرعية
السلاح الشرعي من المعروف أنه يستخدم وفق قوانين وتشريعات البلد وبهدف حمايته وتحقيق أمنه واستقراره ، ولا يستخدم ضد مؤسسات الدولة أو مواطنيها وموظفيها سواء أكانوا عسكريين أم مدنيين فيكون بذلك سلاح غير شرعي ، أما "الثورة" تعتمد على الفكر والعقيدة ولا تكون باستخدام السلاح الغير شرعي ضد البلد ومؤسساته ، أو التآمر مع أعداء البلد للمساس بأمنه ووحدة ترابه وشعبه لأن "الثورة" لا تكون سببا بالانحطاط والتخلف والتبعية لأعداء الشعب ..
إن التعامل مع الأعداء ليس من نهج أي نوع من أنواع "الثورات" لأن ذلك يعتبر خيانة للوطن ، والثورة تكون لخدمة الوطن لا لخدمة أعدائه ..
ماذا يعني التدخل الأجنبي بالثورة ؟ !!
دخول العنصر الأجنبي أو الخارجي على "الثورة" أو على أي شكل من أشكال الحرك الذي يهدف للتغيير والاصلاح بالدولة يجعلها أداة للخارج وبالتالي يسقط تسميتها على أنها "ثورة" أو "حركة وطنية" وتصبح تدخل أجنبي يهدد أمن واستقرار البلاد بهدف تقسيم البلد أو زرع الخلاف بين أفراده ..
"الثورة" لاتقوم على أساس ديني !!
أي "ثورة" تقوم بأي دولة لا تنطلق من منطلق ديني أو طائفي أو عرقي لأن ذلك يعتبر فتنة للتخريب ولتجزأة نسيج المجتمع داخل أي دولة ..
وباعتبار أن "الثورة" أداة وطنية للتغيير والاصلاح والتطوير فهي تقوم على أساس احترام وتكافل جميع الديانات والطوائف وترفض سياسة الإقصاء والإلغاء وتسعى لتوحيد الرؤيا والطوائف والأديان حول المصالح الوطنية العليا لتعزيز قوتها وتقدمها ..
"الثورة" أداة الجماهير في الاصلاح والتطوير
عندما تقرر الجماهير بقيادة أحزابها السياسية ومفكريها أن تنطلق ضد الواقع الذي يعيشه المجتمع ، فإنها تعبر عن ذلك بطرق حضارية وتعبر عن حراك الجماهير بأدوات تحفظ أمن البلد ولا تقوم بتخريب المؤسسات ولا تقتل الأفراد أو ترهبهم ، فالثورة حركة شعبية للتغيير ولا يمكن لها أن تكون وسيلة لإستهداف لقمة عيش المواطن أو حياته ..
"الثورة" لا يمكن لها أن تقوم على أساس الإرهاب والعنف
عندما نتحدث عن شيء اسمه "ثورة" فنحن نتحدث عن حراك شعبي يهدف لتحسين معيشة المواطن ويرتقي به إلى مستوى التطور المجتمعي ، عندما يكون الإرهاب وسيلة للتعبير عن الحراك الشعبي فهذا لا يسمى بالثورة وإنما توصف بأنها أحد أشكال أحداث الشغب والفوضى ويعبر عن من يقوم أو يشارك بهده الأعمال على أنه "مجرم " ارتكب جناية شائكة ، وعادة بأي دولة من دول العالم ووفق القانون الدولي تقوم سلطات البلد التي تشهد أعمال عنف وإرهاب بسبب وجود سلاح غير شرعي بقمع هذه الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها .
إن أي "ثورة" أو حراك شعبي لا يكون باستخدام العنف أو القتل أو عبر قطع الرؤوس أو "عض" الأيادي والأرجل أو بالرجم والجلد والتعذيب ضد شعب البلد المدنيين والعسكريين لأن ذلك يعتبر "جريمة" وإرهاب.