سورية وفرنسا توقعان إعلانين مشتركين في مجالي الصناعة والاقتصاد.
وقعت سورية وفرنسا أمس الأحد إعلانين مشتركين أحدهما للتعاون المستقبلي في مجال المنافسة ومنع الاحتكار وحماية الملكية وحماية المستهلك والآخر في مجال الابتكار وزيادة القدرات التنافسية والتقييس والتعاون في مجال المقاييس وهيئة المواصفات السورية والفرنسية.
ونص الإعلانان على الاستفادة من الخبرات الفرنسية في المجالات المنصوص عليها في الإعلانين ومتابعة قرارات مؤتمر وزراء الصناعة الأورومتوسطي إضافة إلى إمكانية التعاون في إقامة العناقيد الصناعية في سورية والحدائق التكنولوجية بشكل أساسي واستخدام تكنولوجية المعلومات في تسهيل التعاون الصناعي وتبادل المعلومات الصناعية بين البلدين.
وكان عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية بحث مع لوك شاتيل وزير الصناعة والمنافسة الفرنسي علاقات التعاون والصداقة المتنامية بين البلدين والسبل الكفيلة تطويرها.
واستعرض الجانبان السياسات والبرامج والخطط الإستراتيجية الاقتصادية التي تقوم الحكومة بتنفيذها ودورها في تعزيز قدرات ومناعة الاقتصاد الوطني والمناخ الاستثماري المشجع في سورية وفرص الاستثمار الكبيرة.
ودعا الدردري رجال الأعمال و الشركات الفرنسية للاستثمار في سورية في ظل المناخ الاستثماري والاقتصادي والمالي المناسب مشيراً إلى أهمية تنفيذ الاتفاقيات الموقعة وتوقيع اتفاقيات جديدة تساعد على تعزيز فرص ومجالات التعاون.
من جهته عبر شاتيل عن رغبة الحكومة الفرنسية بتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتنموية مع سورية. كما عبر رجال الأعمال وممثلو الشركات الفرنسية عن رغبتهم بإقامة مشاريع مشتركة لهم في سورية باعتبارها تشكل سوقا واعدة للاستثمار.
ويرافق شاتيل وفد يمثل كبرى المجموعات الصناعية والشركات الفرنسية وممثلون عن الوكالة الفرنسية للتنمية والوكالة الفرنسية للاستثمار الدولية.
وقال الدردري في مؤتمر صحفي عقب التوقيع: تأتي أهمية الزيارة والاتفاقيات الموقعة من كونها استكمالا للاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخراً في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين لافتاً إلى أن العلاقات الاقتصادية بين المؤسسات الحكومية السورية والفرنسية تسير بشكل ممتاز ولاسيما العلاقة مع وكالة التنمية الفرنسية المختصة بتمويل وتطوير مشاريع البنى التحتية والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية في سورية.
ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية إلى التطور الكبير الذي شهدته العلاقات مع الوكالة الفرنسية للتنمية بعد توقيع مذكرة تفاهم في أيلول الماضي والتي تضمنت قضايا التمويل الصغير والمتوسط والتنمية الريفية والبنية التحتية والطرق والمطارات والاتصالات والطاقة مؤكداً أن الاتفاقية الأساسية المتضمنة تأسيس مكتب للوكالة واليات التمويل التي ستقوم بها في سورية أصبحت جاهزة.
وقال الدردري: تم إجراء مباحثات مع رئيس الوكالة الفرنسية للاستثمار الدولي حول تطوير التعاون الاستثماري بين البلدين وفي الاتجاهين وسيتم وضع اتفاقية تعاون مع هيئة الاستثمار السورية في هذا المجال في المستقبل، مضيفاً أنه تم الاتفاق مع شركة مان الفرنسية على إعداد الدراسات النهائية الفنية والاقتصادية لإقامة محطة توليد كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية خلال شهرين، وهناك حوار جدي مع شركة ألستوم الفرنسية من أجل تجاوز العقبات لتتحول الشركة إلى جهة فعالة في عمليات بناء محطات الطاقة الكهربائية في سورية.
وأشار الدردري إلى الزيارة التي قام بها وفد الشركة الفرنسية لتمويل وضمان الصادرات إلى سورية مؤخراً لإجراء مسح كامل للمخاطر الائتمانية في الاقتصاد السوري بهدف توفير التمويل وضمان الاستثمار والصادرات للمنتجات والشركات الفرنسية التي ترغب بالعمل في سورية، إضافة إلى زيارة وفد الوكالة الفرنسية للتعاون الفني التابعة لوزارة المالية الفرنسية والتي تم خلالها الاتفاق على مجالات التعاون الفني والمالي مع هيئة تخطيط الدولة ووزارتي المالية والاقتصاد.
وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أهمية الزيارات المتبادلة بين رجال الأعمال من البلدين لجهة تطوير العلاقات والارتقاء بها مشيراً إلى الزيارة التي قام بها وفد جمعية أرباب العمل الفرنسية والتي أعلن خلالها تأسيس مجلس رجال الأعمال السوري الفرنسي. من جانبه أكد الوزير الفرنسي أن زيارته إلى سورية تأتي في إطار التقارب الكبير بين البلدين وتطوير علاقاتهما الاقتصادية على أساس التشاركية لافتاً إلى المواضيع التي تم بحثها خلال الزيارة ولاسيما مواضيع تقانة المعلومات والاتصالات والمقاييس والمواصفات وحماية الملكية والمستهلك. وقال شاتيل إن التطورات الحاصلة في مجال حماية المستهلك في سورية مهمة جداً وتدعو إلى التفاؤل وتساعد في دفع علاقات التعاون بين الجانبين في المجال، مضيفاً إن الاتفاقيات الموقعة تجسد فعلياً إرادة التعاون بين البلدين على مستوى الحكومة والشركات الخاصة في إطار التنمية الشاملة التي تعد نقطة مهمة في حوض البحر المتوسط الأمر الذي من شأنه توجيه رسالة مهمة لجميع بلدان المتوسط.
وقع الإعلانين المشتركين الدكتور عامر لطفي وزير الاقتصاد والتجارة والدكتور فؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة ولوك شاتيل وزير الصناعة والاستهلاك الفرنسي. كما بحث أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام للفلاحين مع اكزافييه بيلان نائب رئيس اتحاد المزارعين الفرنسيين سبل تعزيز علاقات التعاون في المجال الزراعي وتبادل الخبرات والوفود بين البلدين.
وعرض خالد خزعل عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الخطوات التي اتخذتها سورية لتطوير الزراعة والاهتمام الذي توليه الحكومة لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني إضافة إلى ما تشهده سورية من تحول سريع باتجاه اقتصاد السوق الاجتماعي.
كما تحدث عن موضوع إقامة معمل مشترك للأعلاف بين الجانب السوري والفرنسي الذي سيقام في محافظة ديرالزور مؤكدا ضرورة زيادة التعاون بين الجانبين لما فيه المصلحة المشتركة.
وأوضح علي عبد العلي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد أن سورية تعمل دائماً من أجل دعم الإنتاج الزراعي حيث يصل مقدار الدعم حاليا الى 140 مليار ليرة سورية بحيث تؤمن تسويق المنتجات وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمواطن مشيراً إلى أن الحكومة أقامت المشروع الوطني للتحول نحو الري الحديث للحفاظ على المياه وترشيد استخدامها بهدف التوسع بالمشاريع الزراعية.
من جانبه أكد بيلان أهمية التعاون مع الجانب السوري في مجال المبادلات الزراعية وخاصة الزيوت النباتية ومشاريع ترشيد المياه والوقود الحيوي والطاقة داعياً إلى ضرورة إقامة المشاريع المشتركة وعقد اتفاقيات التعاون وتبادل الخبرات للدفع بعلاقات التعاون بين البلدين.
وبحث الجانبان مسألة دعم قطاع غزة الذي تعرض لعدوان إسرائيلي وحشي وإمكانية دعم أهالي القطاع في المجالات كافة ولاسيما إعادة إعماره حيث أعرب الوفد عن استعداد الاتحادات في فرنسا للمساهمة بهذا الصدد.
من جهته بحث وزير الصناعة فؤاد عيسى الجوني ووزير الصناعة والاستهلاك الفرنسي علاقات التعاون الاقتصادية والصناعية بين البلدين.
وناقش الجانبان سبل إقامة شراكات في مجال الصناعات الغذائية والاسمنت والسيارات والتعاون في مجال مراقبة مطابقة مواصفات المنتجات المستوردة وفى مجال المقاييس والجودة.
وأكد الجوني أهمية تعزيز التعاون الصناعي بين البلدين بمايخدم تطلعاتهما الى مزيد من الاستثمارات المشتركة فى القطاعات الصناعية المختلفة, مشيرا الى الدور البارز والمهم لاشراك القطاع الخاص من الجانبين في المشاريع المشتركة.
وأوضح ان هذا الاجتماع يأتى متابعة لما تم الاتفاق عليه فى اجتماعات وزراء الصناعة فى منطقة الاورومتوسطية خصوصا في مجال الابتكار وتعزيز القدرات التنافسية ودعم البنية التحتية للجودة.
وعرض وزير الصناعة عددا من مشاريع التعاون المقترحة على الجانب الفرنسى خصوصا ما يتعلق بإقامة مشاريع في مجال الصناعات الغذائية والطاقة الكهربائية والاسمنت مع شركة لافارج الفرنسية واقامة خط لتجميع السيارات بالتعاون مع شركة بيجو الفرنسية اضافة الى مشاريع التعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس السورية لتعزيز البنية التحتية للجودة فى سورية ومنح شهادات الايزو ومطابقة مواصفات المنتجات المستوردة الى سورية مع المواصفات السورية او العالمية المعتمدة من خلال شركة فرنسية تقوم بهذا الامر.
في سياق متصل، رحب الجوني باقامة اى استثمارات فرنسية فى سورية فى مختلف المجالات الصناعية, مؤكدا استعداد سورية لازالة كل المعوقات التى قد تعترض تنفيذ المشاريع الفرنسية.
كما اعرب عن امله بالتوصل الى توقيع اتفاقية مع شركة/سافران ايداس/الفرنسية فى مجال مراقبة مواصفات المنتجات خلال الاسابيع القادمة.
بدوره, قال الوزير الفرنسي ان زيارته الى سورية تأتي في إطار التقارب السوري الفرنسي وبهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والصناعية بين البلدين, مشيرا الى الانفتاح الاقتصادي الذى تشهده سورية ما يفسح المجال واسعا لاقامة مشاريع صناعية فرنسية في سورية.
واعرب عن استعداد بلاده لتقديم الخبرات فى مجال الرقابة على المنتجات وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات السورية ما يفتح المجال امامها لدخول الاسواق الاوروبية, مشيرا الى ان اقامة شركة بيل معملا لها لانتاج الاجبان فى سورية ليس الا بداية لتطوير وتعزيز التعاون الصناعى بين البلدين.
ولفت الوزير شاتيل إلى وجود ممثلى شركات بين الوفد المرافق مهتمة بتصنيع الاغذية الزراعية اضافة الى القطاعات الصناعية الاخرى.
وكشف الوزير الفرنسي عن تراجع في انتاج السيارات فى فرنسا فى الاونة الاخيرة بنسبة 20 بالمئة وأن باريس تنظر الى الاسواق السورية بانها واعدة, موضحا انه سينقل لشركة بيجو لصناعة السيارات رغبة الحكومة السورية فى اقامة خط لتجميع السيارات فى سورية.
من جهته, قال رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية عماد غريواتى ان الصناعيين السوريين حريصون على زيادة وتعزيز التعاون مع الجانب الفرنسى من خلال شراكات جديدة, مبينا انه ستتم مناقشة العديد من مشاريع التعاون فى الفترة القادمة.
وقدم ممثلو شركات/سافران ايداس/وافنيور/ولافارج/الفرنسية عروضا لمشاريع التعاون القائمة او المستقبلية مع سورية مبدين استعدادهم لتوطيد هذا التعاون وتعزيزه فى مجال التوسع فى صناعة الاسمنت والطاقة الكهربائية وجر المياه الى معمل الكهرباء ومطابقة مواصفات المنتجات والبنية التحتية للجودة.
في سياق متصل استعرض الدكتور عامر حسني لطفي وزير الاقتصاد والتجارة مع وفد الشركات التجارية الفرنسية علاقات التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وسبل تطويرها وتعزيزها.
وأكد الوزير لطفي وجود مجالات كثيرة للتعاون بين الجانبين خصوصا في المجال الإداري نظرا للخبرات الكبيرة لدى الجانب الفرنسي في المجالات الاقتصادية والصناعية معربا عن الرغبة بتوقيع اتفاقيات للتعاون في هذه المجالات.
وأشار وزير الاقتصاد والتجارة إلى ضرورة توظيف كل الإمكانيات لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين نظرا للإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها سورية وفرنسا في هذا المجال لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي كان الشريك التجاري الأول لسورية.
ودعا الوزير لطفي المستثمرين الفرنسيين إلى الاستثمار في سورية نظرا للفرص الاستثمارية الجيدة فيها والتي تحقق قيما مضافة عالية ولأن الاستثمار في سورية يوفر للسلع سوقا واسعة في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى منوها بالاستثمار في مجال الصناعات الغذائية لان سورية تمتلك المواد الأولية لنجاح هذه الصناعة.
من جهته أشار رئيس الوفد لوك روسو مدير عام المديرية العامة للتنافسية والصناعة والخدمات الفرنسية الى الرغبة في تعزيز التعاون مع سورية في مجالات الأسعار وحماية المستهلك والملكية التجارية والفكرية والصناعية والمنافسة.
وأعرب لوك عن أمله بزيادة الاستثمارات الفرنسية في سورية بعد التجارب الناجحة لبعض الشركات الفرنسية مؤكدا دعم بلاده للتوقيع النهائي على اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية وانضمام سورية لمنظمة التجارة العالمية.
يذكر أن سورية وفرنسا ترتبطان بعلاقات اقتصادية تعود الى الفترة بين عامى 1962 و1987 اذ تم التوقيع انذاك على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات المالية التى تهدف الى تطوير التعاون بين البلدين وخلال الفترة بين عامى 1970 و1985 تم توقيع عدد كبير من العقود لتنفيذ مشاريع انمائية متعددة قدم لها تمويل مصرفى اضافة الى مشاريع عدة نفذت بتمويل محلى أهمها فنادق الميريديان ومعملا زجاج دمشق حلب ومعمل الخزف فى دمشق ومعامل للرخام ومشفى تشرين العسكرى ويشمل التعاون أيضا مجال النفط كشركتى موريل وبروم وبتروكوبست العالمية المحدودة ومشاريع أخرى فى مجال الثروة المعدنية والنقل والمواصلات والاتصالات والخدمة البريدية والتعاون الصناعى خاصة فى المجال الهندسى وفى مجال الصرف الصحى والصناعات الزراعية وفى مجالات النفط والغاز والكهرباء والسكك الحديدية وشهد التبادل التجارى بين البلدين تطورا كبيرا فى مستوى وتنوع الصادرات السورية الى فرنسا فى السنوات الخمس الاخيرة مثل الصادرات النسيجية والغذائية والكيميائية والتنمية الريفية وصدرت سورية الى فرنسا فى عام 2007 ما قيمته 700 مليون دولار بينما استوردت منها بما قيمته 500 مليون.