سورية تطالب الأمم المتحدة بالحيادية إيذاء مكافحة الإرهاب !!
أكد المستشار «عمار العرسان» عضو الوفد الدائم لسورية في الأمم المتحدة أن الاستقلالية والفاعلية الحقيقية لمكتب مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة تتطلب إبعاده عن الضغوط السياسية ..
ولفت «العرسان» في كلمة خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان “إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب” على أن «الفاعلية والنجاح في محاربة الإرهاب ضمن إطار العمل الجماعي الدولي يتطلبان قبل كل شيء توفر الإرادة السياسية والتزام جميع الدول الأعضاء بهذا الهدف , والامتناع عن القيام بكل ما يخرق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والنأي عن استخدام الإرهاب كأداة سياسية وعسكرية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء واستهداف أمنها واستقرارها وحكوماتها الشرعية» , منوهاً لمحاولات الاستقطاب المالي التي تمارسها حكومات بعض الدول الأعضاء بغرض تحقيق مصالح وأجندات خاصة بها تتعارض مع تحقيق الأهداف المناطة بالمكتب الجديد.
وقال «العرسان» : «إن وفد سورية يستمر في تحفظه المطلق على الفقرة العاملة الثالثة من القرار الذي تبنته الجمعية العامة برقم 71-291 تاريخ 15 حزيران 2017 , ويؤكد تصميمه على السعي لإعادة النظر في هذه الفقرة عند إجراء المراجعة الدورية لتنفيذ القرار باعتبارها تشكل سابقة خطيرة غير مبررة تمنح حكومة دولة بعينها وأعني السعودية وضعاً وامتيازات خاصة في إطار عمل مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب , في الوقت الذي يدرك فيه الجميع المساهمة الفعالة للسعودية في نشر الإرهاب العالمي وفي خرق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمكافحة الإرهاب من خلال تمويلها للجماعات الإرهابية المسلحة في سورية وفي غيرها من الدول بمليارات الدولارات».
وأضاف العرسان «إن التبرع بمائة مليون دولار لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب أو شراء أسلحة بأكثر من خمسمائة مليار دولار تكفي لدمار العالم بأسره , لن يمنحا النظام السعودي صك غفران عن دعمه للإرهاب الذي هدر دماء آلاف الأبرياء في سورية وأودى وما زال يودي بحياة الآلاف في أنحاء العالم» , وطالب العرسان بـ «ضرورة إيلاء مسألة الجدية والشفافية في تنفيذ إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب الأهمية اللازمة , وبما يشمل المراجعة الشاملة لعمل وتقارير مختلف المديريات والفرق والهيئات العاملة في مجال مكافحة الإرهاب , وضمان وضعها توصيات واستنتاجات واقعية ومحددة بعيدة عن الإغراق في الأمور الفنية وكذلك تنظيم مسألة تنوع وتشعب الاختصاصات والمديريات والفرق العاملة في هذا الإطار وضبط النفقات غير المبررة وغير المجدية في هذه المجال».
وقال العرسان : «إن تجربة سورية المريرة في مواجهة الإرهاب المفروض عليها منذ سبع سنين حتى الآن , تدفعها إلى الإيمان بأن المسؤولية الأساسية عن فشل المجتمع الدولي حتى اليوم في التصدي للإرهاب وللمجموعات الإرهابية المسلحة التي اجتاحت سورية , إنما تعود إلى عدم التزام عدد من حكومات الدول الأعضاء بتطبيق الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب وخرقها لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وإلى تهاون الدول الأعضاء في مساءلة هذه الحكومات الراعية للإرهاب».
وأضاف العرسان : «إن الأمثلة كثيرة في هذا المجال ويكفي أن نلقي الضوء على ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب لندرك خطورة الدور الذي لعبته وتلعبه المراكز الدينية المنتشرة في أنحاء العالم والتي تنفق عليها حكومات دول أعضاء وفي مقدمتها السعودية وقطر مئات الملايين من الدولارات كي تعمل هذه المراكز ومن تحت ذريعة الدعوة الدينية على نشر الفكر الوهابي المتطرف والترويج لكراهية الأديان الأخرى والدعوة إلى الموت والدمار والتخريب والسعي إلى بث الفرقة والخلافات الدينية والطائفية , إلى جانب تورط هذه المراكز في تجنيد آلاف الشباب وإرسالهم كمقاتلين إرهابيين أجانب إلى سورية للقتال في صفوف تنظيمي “داعش وجبهة النصرة” الإرهابيين والجماعات الإرهابية الأخرى المرتبطة بهما».
وأشار العرسان : إلى أن «سورية دأبت منذ الأشهر الأولى للأزمة على إبلاغ مجلس الأمن وبالأدلة عن تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر بعض دول الجوار إلى سورية , ولا سيما عبر تركيا ولكن المجتمع الدولي استغرق ثلاث سنوات حتى يدرك خطورة هذه المسألة» , لافتاً إلى أن البعض يحاول اليوم التعامل مع ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب من خلال منظور محدود يتعلق بخطر عودة هؤلاء الإرهابيين إلى البلاد التي جاؤوا منها.
وقال العرسان : «إن مضمون الرسالة واضح وبكل بساطة فحكومات الدول التي دعمت الإرهاب في سورية كانت تعتبر دماء السوريين رخيصة وترى أن حضارة آلاف السنين في سورية لا قيمة لها وأن حاضر ومستقبل بلد بأكمله هو لعبة سياسية للمقامرة فيها أما الخط الأحمر الآن فهو أن يعود هؤلاء الإرهابيون من حيث أتوا لينشروا إرهابهم في أوروبا وفي كل أنحاء العالم , وليرتد السحر على صاحبه ولكن وبكل أسف فإن من يدفع الثمن من جديد هم الأبرياء في لندن ومانشستر وبروكسل وباريس ونيس ونيويورك وبوسطن دون أن تمتلك حكومات بعض الدول الشجاعة لتعترف بأخطاء سياساتها المتمثلة في التهاون مع الإرهاب الذي اجتاح سورية والعراق وفي التحالف مع حكومات التطرف والإرهاب في كلٍ من السعودية وقطر وتركيا».
وتابع العرسان : «يكفي أن نتابع جميعاً اليوم ما تشهده بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت من تحريض على الكراهية والتطرف والعنف وتجنيد للإرهابيين وتوجيه للتعليمات لخلاياهم المنتشرة في العالم , فذلك يجب أن يدفعنا إلى مساءلة حكومات وجهات بعينها عن دورها في التساهل مع هذه الظواهر الخطيرة تحت ذريعة حق الإنسان في التواصل وفي التعبير ولو على حساب البشرية جمعاء في أن تعيش بأمن وسلام , وإن مراجعة ما تملكه التنظيمات الإرهابية من أموال ومصادر تمويل تكفي من أجل مطالبة حكومات بعض الدول الالتزام بقطع وتجفيف موارد تمويل التنظيمات الإرهابية المتأتية من الدعم المباشر الذي تقدمه هذه الحكومات نفسها أو من الدعم غير المباشر الناجم عن تورط ذات الحكومات في تعاملات مصرفية وصفقات تجارية غير شرعية بالنفط والغاز والآثار مع الجماعات الإرهابية ولاسيما “داعش وجبهة النصرة”».
وأعرب العرسان عن دعم وفد سورية لتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة في مجال تعزيز قدرة المنظمة الدولية على مكافحة الإرهاب باعتباره يشكل اليوم الخطر الأول الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين ويعرقل خطط التنمية والتطوير على الأصعدة الوطنية ويقف في وجه الوصول إلى تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030.
واعتبر العرسان أن تعيين السفير «فلاديمير إيفانوفيتش فورونكوف» كوكيل جديد للأمين العام وكرئيس لمكتب مكافحة الإرهاب هو خطوة مهمة في طريق تنفيذ إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب , معرباً عن ثقته بأن «فورنكوف» سيسعى إلى تكريس الالتزام بأركان إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وبقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وإلى إعلاء مبادئ الميثاق وقواعد العمل في المنظمة الدولية ولاسيما ما يتعلق بالمساواة في السيادة والحقوق بين الدول الأعضاء وبرفض المعايير المزدوجة والنأي بالنفس عن الضغوط والاستقطابات السياسية والمالية.